الإمارات تنفق أكثر من 22 مليون دولار لتطوير تقنية تلقيح السحب

تعمل الإمارات على تطوير تقنية تلقيح السحب للاستمطار لتأمين مستقبلها المائي ومواجهة التغير المناخي. مديرة برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار تتحدث عن هذا المشروع، فكم تبلغ تكلفة استراتيجية التكيف مع تغير المناخ سنوياً.

  • الإمارات تنفق أكثر من 22 مليون دولار لتطوير تقنية تلقيح السحب ومواجهة المناخ
    الإمارات تنفق أكثر من 22 مليون دولار لتطوير تقنية تلقيح السحب ومواجهة المناخ

ذكر تقرير خاص بصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أنّ سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة تعمل على تطوير تقنية الاستمطار السحابي (تلقيح السحب) لتأمين مستقبلها المائي، بسبب قلة الأمطار التي تشهدها مختلف دول العالم، ولمكافحة التغير المناخي.

وجاء في التقرير: أينما تتشكل سحابة مظلمة فوق الجبال القاحلة في الإمارات يقف طيار على أهبة الاستعداد للقفز في طائرة مروحية وإطلاق الملح على التشكيل الرقيق.. كل ذلك على أمل أن يهطل المطر. وتكلف هذه العملية، التي يطلق عليها اسم تلقيح السحب، الدولة الخليجية القاحلة ملايين الدولارات سنوياً لتعزيز إمدادات المياه العذبة.

جدول حول تأثيرات "تلقيح السحب"

تُثير هذه التقنية - التي تُضاف فيها كلوريد البوتاسيوم إلى السحابة لتحفيز تكوّن قطرات المطر - جدلاً واسعاً، إذ يُلقي بعض النقاد باللوم عليها في تفاقم الظواهر الجوية المتطرفة. ومع ذلك، يتزايد استخدام تلقيح السحب في العديد من الدول التي تُكافح للتكيف مع تغيّر المناخ.

يقول أوريستيس مورفين، الخبير الأول في إدارة مخاطر الموارد المائية والبنية التحتية في مبادرة المناخ والمياه - وهي منظمة غير ربحية مقرها في ولاية أريزونا الأميركية - : "يُنظر إلى تلقيح السحب باعتباره أداة محتملة إضافية لتعزيز إمدادات المياه"، مضيفاً أنّ "هذه العملية تُستخدم أيضاً للتخفيف من الأحداث الجوية المتطرفة" - على سبيل المثال، لتقليل قوة العواصف البردية في الولايات المتحدة وكندا.

المزروعي: تلقيح السحب جزء من استراتيجية لمواجهة تغير المناخ

وفي السياق، تقول علياء المزروعي، مديرة برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار، إنّ تلقيح السحب بالنسبة لدولة الإمارات  هو جزء من "استراتيجية التكيف لمواجهة تغير المناخ".

كما أطلقت المملكة العربية السعودية برنامجاً لتلقيح السحب عام 2022، بهدف زيادة هطول الأمطار والغطاء النباتي.

لطالما عانت الإمارات من ندرة المياه. منذ أوائل القرن الحادي والعشرين، سعت السلطات الإماراتية إلى زيادة هطول الأمطار من خلال تحفيز السحب لإطلاق المزيد من المياه. واليوم، يضم برنامج الإمارات للاستمطار عشرة طيارين وأربع طائرات من طراز (بيتشكرافت كينج إير سي 90)، والتي تقول المزروعي إنها جاهزة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. 

وتضيف المزروعي: "كلما أتيحت لنا الفرصة للقيام بذلك، ومهما كانت حالة الطقس، وكلما توفرت لدينا السحب المناسبة للقيام بذلك، فإننا عادة لا نفوت أي فرصة".

المزروعي: أكثر من 22 مليون دولار أميركي لتحسين تقنية تلقيح السحب

وبحسب تقرير "فايننشال تايمز" تبلغ تكلفة ساعة الطيران 8000 دولار أميركي، ويُجري البرنامج 1100 ساعة طيران سنوياً في المتوسط، أي ما يعادل حوالى 9 ملايين دولار أميركي. ورغم أنّ هذا يبدو مكلفاً، تُجادل المزروعي بأنّ "تكلفة المتر المكعب الإضافي من المياه أقل من تكلفة تحلية المياه".

كما أشارت المزروعي إلى أنّ "السلطات الإماراتية موّلت منحاً بحثية بقيمة 22.5 مليون دولار أميركي، لتحسين تقنية تلقيح السحب".

وتتابع مديرة برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار: "في الإمارات تحلق طائرة فوق قاعدة سحابة حمل حراري - سحابة تتكون من هواء دافئ صاعد - تُختار بناءً على كتلتها المائية وقوة التيار الصاعد. يُعد هذا التيار الصاعد بالغ الأهمية لأنه يحمل العوامل الجوية التي تطلقها الطائرة. هذه العوامل هي جزيئات ملحية، تُحفّز بخار الماء في السحابة على الاندماج لتكوين قطرات مطر".

وأوضحت أنّ "المطر قد يبدأ بالهطول خلال 15 دقيقة تقريباً، إلّا أنّ نجاحه غير مضمون".

وبحسب العلماء المرتبطين ببرنامج تعزيز الأمطار، فإنّ هذه التقنية لها تأثير: فقد وجدت دراسة تمت مراجعتها من قبل النظراء في عام 2021 أنّ هطول الأمطار في المناطق المستهدفة بالتلقيح السحابي زاد بنسبة 23% في المتوسط، في حين أن العواصف التي تم تلقيحها ولدت حجماً أكبر بنسبة 159%.

تلقيح السحب يؤمن  84 إلى 419 مليون متر مكعب من المياه سنوياً

وفي دراسة أجريت عام 2023، قدّر علماء في المركز الوطني للأرصاد الجوية في الإمارات أنّ برنامج تلقيح السحب في البلاد يمكن أن يعزز أحجام المياه القابلة للحصاد بما يتراوح بين 84 مليون و419 مليون متر مكعب سنوياً.

ومع ذلك، يُحذّر الباحثون من تفاوت النتائج وصعوبة قياس المكاسب بدقة. ويقول مورفين: "ليس عائد الاستثمار دقيقاً تماماً".

وتواجه تقنية تلقيح السحب منتقدين، بما في ذلك أولئك الذين يشعرون بالقلق بشأن تأثير المواد الكيميائية المستخدمة في تلقيح السحب على البيئة، وفق التقرير، حتى أنّ البعض ألقى باللوم في العاصفة المدمرة التي ضربت الإمارات العام الماضي على تلقيح السحب، على الرغم من أنّ المركز الوطني للأرصاد الجوية نفى إجراء أي نشاط تلقيح.

فيما قال علماء آخرون إنّ "تغير المناخ والتوسع الحضري هما السببان الأكثر ترجيحاً لهطول الأمطار القياسية".

ومن جهتهم، يجادل المؤيدون بأنّ "المفاهيم الخاطئة تُطمس جدوى تلقيح السحب".

ويختم مورفين: "على الرغم من عدم دقتها في بعض السياقات، إلّا أنّ تقنية تلقيح السحب أداة قابلة للاستخدام وقد أثبتت فعاليتها".

اقرأ أيضاً: "بعيداً عن الهدف".. تقرير أممي: العالم ما زال يتّجه نحو تفاقم مخاطر تغيّر المناخ

اخترنا لك