حل لغز السحابة الغبارية الغامضة حول القمر

لطالما حيّرت ظاهرة السحابة الغبارية الغامضة حول القمر العلماء لسنوات، لكنّ دراسة حديثة تقول إنها كشفت أخيراً عن سرّ هذا التشكّل الغريب.. ما هي هذه السحابة؟

0:00
  • حل لغز السحابة الغبارية الغامضة حول القمر
    حلّ لغز السحابة الغبارية الغامضة حول القمر

تحيط بالقمر سحابة غريبة من الغبار تتحرّك معه في كلّ مكان، وتتميّز بشكل غير متناظر (غير متساو)، كما تتركّز دائماً نحو الجانب المواجه للشمس.

ولطالما حيّرت هذه الظاهرة العلماء لسنوات، لكنّ دراسة حديثة تقول إنها كشفت أخيراً عن سرّ هذا التشكّل الغريب.

يعود أصل هذه السحابة إلى طبقة الغبار والصخور المفكّكة التي تغطي معظم سطح القمر، والمعروفة باسم "الريغوليث".

وتتشكّل هذه الطبقة نتيجة القصف المستمر الذي يتعرّض له القمر من نيازك دقيقة، وهي شظايا صغيرة ناتجة عن اصطدامات الكويكبات والمذنّبات.

وبينما تحترق هذه النيازك في الغلاف الجوي للأرض مكوّنة "النجوم المتساقطة"، فإنّ القمر يفتقر لهذا الدرع الواقي، ما يعرّضه لاصطدام عدة أطنان من هذه النيازك يومياً، ما يؤدّي إلى تفتيت الصخور إلى غبار ناعم.

ولا تقتصر تأثيرات هذه الاصطدامات على تكوين الغبار فحسب، بل إنها تدفع بهذا الغبار إلى الارتفاع. ففي عام 2015، اكتشف العلماء أنّ هذا الغبار يشكّل سحابة هائلة تمتد لمئات الأميال فوق سطح القمر. ورغم أنّ هذه السحابة غير مرئية للعين المجردة وفقاً للباحث سيباستيان فيركيرك من وكالة الفضاء الفرنسية، فإنها تمثّل ظاهرة فريدة.

ويوضح فيركيرك أنّ كثافة السحابة ضئيلة جداً، حيث لا تتجاوز 0.004 جسيم لكلّ متر مكعب، أي ما يعادل أربع حبيبات غبار فقط في مساحة صومعة حبوب. لكنّ الغريب في الأمر هو عدم تناظرها، حيث يتركّز الغبار بشكل أكبر فوق الجانب النهاري للقمر، وتصل ذروة كثافتها بالقرب من خط الفجر الفاصل (ذلك الحاجز الواضح بين النور والظلام على سطح القمر).

وبينما كان العلماء يعزون سابقاً عدم التناظر هذا إلى مسارات اصطدام النيازك، لفت انتباه فيركيرك عامل آخر مهم، وهو الفارق الهائل في درجات الحرارة بين جانبي القمر. فبينما تصل الحرارة في النهار إلى 112 درجة مئوية، تهبط في الليل إلى 183 درجة تحت الصفر، وهذا الفارق الكبير دفع العلماء للتساؤل عن دوره في تشكّل السحابة.

ولاختبار هذه الفرضيّة، استخدم الفريق الذي ضمّ علماء من جامعات أميركية وأوروبية، نماذج محاكاة حاسوبية متطوّرة. وقاموا بمحاكاة اصطدام نيازك بحجم شعرة الإنسان بغبار القمر في درجتي الحرارة المختلفتين، وتتبّعوا حركة كلّ حبيبة غبار على حدة.

وأظهرت النتائج أنّ الأسطح الأكثر انضغاطاً تنتج كميات أكبر من الغبار، كما اكتشفوا أنّ النيازك النهارية تثير غباراً أكثر بنسبة 6-8% من نظيرتها الليلية. وهذا ما يفسّر سبب تركيز السحابة في الجانب النهاري، حيث تنتج الكميات الأكبر من الغبار، كما أنّ حبيبات الغبار في درجات الحرارة المرتفعة تمتلك طاقة كافية للوصول إلى ارتفاعات أعلى حيث يمكن للأقمار الصناعية رصدها.

ولا تقتصر أهمية هذا الاكتشاف على تفسير هذه الظاهرة فحسب، بل إنها تفتح الباب أمام استخدام سحب الغبار كدلالة على طبيعة أسطح الكواكب والأقمار.

ويطمح الفريق العلمي حالياً لتوسيع نطاق البحث ليشمل أجساماً أخرى في النظام الشمسي، حيث من المتوقّع أن تظهر ظواهر أكثر وضوحاً على كواكب مثل عطارد الذي يتميّز بفوارق حرارية أكبر، ما قد يساهم في فهم أعمق لسلوك الغبار في أنحاء الكون.

اقرأ أيضاً: علماء روس يكتشفون دلائل على وجود حياة محتملة على قمر زحل

اخترنا لك