"Znetwork": كيف تُعيد الإمارات تصدير الأسلحة إلى السودان؟

لا يمكن أن يكون هناك سلام في السودان بينما تواصل الإمارات العربية المتحدة تأجيج الصراع، وتزويد ميليشيا بالسلاح وهي تقوم بفظائع لا تُوصف.

0:00
  • "Znetwork": كيف تُعيد الإمارات تصدير الأسلحة إلى السودان؟

موقع "Znetwork" ينشر تقريراً يتناول تورط دولة الإمارات في دعم ميليشيا "قوات الدعم السريع" في السودان، ودورها في تأجيج الحرب الأهلية السودانية عبر إمداد الميليشيا بالسلاح والمعدات العسكرية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، رغم حظر الأسلحة الدولي المفروض على السودان ودارفور.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:

قبل أيام ارتكبت ميليشيا "قوات الدعم السريع" مذبحةً شنيعةً في مدينة الفاشر السودانية، حيث قتلت الآلاف في يوم واحد، من ضمنهم مرضى في المستشفى، ونساء وأطفال قتلوا بالرصاص. وتُوضّح صور الأقمار الاصطناعية أنَّ الميليشيا تستعدُّ لدفن جماعي لإخفاء جريمتها. وقد وقعت هذه المجزرة بالفعل برعاية دولة الإمارات ودعمها الذي لا هوادة فيه في السعي لتحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية في السودان.

ومن المثير للقلق أنَّ الإمارات منخرطة في إعادة تصدير الأسلحة التي اشترتها رسمياً لميليشيا "قوات الدعم السريع"، ما يتسبَّب في أضرار جسيمة وإطالة أمد الحرب ومعاناة السودانيين.

لقد اندلعت الحرب في السودان في نيسان/أبريل 2023، بين الجيش الوطني السوداني والميليشيا المذكورة، ما أدَّى إلى كارثة إنسانية أودت بحياة الآلاف ونزوح الملايين من منازلهم، إضافة إلى أزمة مجاعة تلوح في الأفق في أجزاء مختلفة من البلاد. وقد ظهرت "قوات الدعم السريع" في عام 2013، كمحاولة للحكومة السودانية لتغيير اسم ميليشيا "الجنجويد" سيئة السُمعة. وما قُدّم كقوة لمكافحة التمرد في دارفور وجنوب كردفان سرعان ما تطوَّر إلى شيء أكثر قتامة. وبحلول عام 2017، منح المشرّعون السودانيون "قوات الدعم السريع" وضعاً قانونياً أضفى الشرعية فعلياً على الوحشية.

ومنذ ذلك الحين، اُتُّهمت الميليشيا بارتكاب أبشع انتهاكات حقوق الإنسان في تاريخ السودان الحديث، من حرق القرى، وإعدام المدنيين، واغتصاب النساء، وإسكات الصحافيين، كما لم تسلم المستشفيات والمساجد والمدارس من الاعتداءات التي تركت نُدوباً عميقةً في المجتمع السوداني.

في نيسان/أبريل الماضي، كشف تقرير استقصائي أنَّ مجموعة "غولدن الدولية"، وهي شركة إماراتية معروفة، نقلت أسلحة إلى مناطق تخضع لحظر دولي، واشترت ذخيرةً بلغاريةً، ثم زوَّدت بها ميليشيا "الدعم السريع" في السودان عبر ليبيا. وجرى اعتراض هذه الشحنة من قبل مجموعة عسكرية متحالفة مع القوات المسلحة السودانية قبل وصولها إلى وجهتها النهائية. كما يجري تزويد الميليشيا بطائرات مسيرة صينية عبر تشاد. وفي بعض الحالات، تقدّم الإمارات قانونياً أسلحة لتشاد مثل أنظمة الدفاع الجوي، والتي تُهرَّب لاحقاً إلى السودان عبر طرق سرّية.

ومؤخراً، عُثر على مُعدّات عسكرية مصنوعة في المملكة المتحدة، بيعت في الأصل للإمارات، مثل الأسلحة الصغيرة وأنظمة الاستهداف في ساحات القتال في السودان. كما كُشف عن أنَّ شركةً كنديةً صدّرت 30 مركبةً مدرَّعةً من الإمارات إلى الميليشيا. وانتهت بنادق صنعتها شركة كندية أخرى، بيعت أوَّلاً للإمارات، في أيدي مقاتلي "الدعم السريع".

وقد وضعت هذه التسريبات دولاً أخرى، مثل السويد التي تبيع الأسلحة لدولة الإمارات، تحت رقابة عامَّة، ما أجبر وزير خارجيَّتها على القول إنَّ أي أسلحة سويدية بيعت للإمارات لم تصل إلى السودان، وهو ادّعاء يحتاج بالفعل إلى التحقُّق من طرف مُستقلّ.

لقد غيَّر تدفُّق الأسلحة والذخائر بشكل جذري ديناميّات الحرب في السودان. مثلاً، منح تدفُّق الطائرات المسيرة وأنظمة الدفاع الجوي على وجه الخصوص، الميليشيا تفوُّقاً قاتلاً، ما أتاح لها تحدّي الجيش الوطني وإطالة أمد الصراع الذي دمَّر بالفعل حياة ملايين الأشخاص. فالأمر لا يتعلَّقُ فقط بسلاسل الإمداد، بل هو مسألة تمكين المعاناة الجماعية.

ومن خلال تزويد الميليشيا بالأسلحة تنتهك الإمارات عدَّة قوانين دولية، مثل حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على دارفور، والذي مُدّد منذ نحو شهرين. كما أنَّها تخرق حظر الأسلحة الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على السودان، والذي لا يزال سارياً منذ عام 1994، ويُشكّل في المقام الأول انتهاكاً لاتّفاقيات الاستخدام النهائي.

كذلك، أثارت هذه الانتهاكات الكثير من الاحتجاجات، كما أدانت العديد من الجماعات والمنظَّمات الحقوقية الدولية الإمدادات الإماراتية، من ضمنها دعت "منظَّمة العفو الدولية" إلى التعليق الفوري لجميع إمدادات الأسلحة البريطانية إلى الإمارات، وحثَّ النوّاب الإنكليز من جميع الأحزاب الحكومة على مراجعة مبيعات الأسلحة إلى الإمارات، وأصدرت منظَّمة "كنديون من أجل العدالة والسلام في الشرق الأوسط"، بياناً تطلب فيه من كندا وقف جميع صادرات الأسلحة إلى الإمارات. زيادة على ذلك، طالبت الحملة ضدَّ تجارة الأسلحة بوقف تصدير الأسلحة الغربية عموماً إلى الإمارات.

يجب على مجالس نواب الدول التي تعمل كنقاط رئيسية لاستيراد الإمارات للأسلحة محاسبة حكوماتها والمطالبة باتّخاذ إجراءات حاسمة. يجب على المجتمع المدني من الناشطين والجماعات الحقوقية والمواطنين الملتزمين، تكثيف الضغط وتسليط الضوء بلا هوادة على هذه التجارة الخطيرة. ولا يمكن أن يكون هناك سلام في السودان بينما تواصل الإمارات العربية المتحدة تأجيج الصراع، وتزويد ميليشيا بالسلاح وهي تقوم بفظائع لا تُوصف.

نقله إلى العربية: حسين قطايا.

منتصف نيسان/أبريل 2023 تندلع مواجهات عنيفة في الخرطوم وعدة مدن سودانية، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وتفشل الوساطات في التوصل لهدنة بين الطرفين.