الصين ومواجهة "كوفيد - 19".. ما الذي اكتسبته؟

يمكن القول إن ما اكتسبته الصين خلال مكافحة الوباء في السنوات الثلاث الماضية هو الوقت. كسبت الصين الوقت، فكسبت زمام المبادرة وميزة وثقة في مكافحة الوباء.

  • الصين ومواجهة
    الصين ومواجهة "كوفيد - 19".. ما الذي اكتسبته؟

اعتباراً من 8 كانون الثاني/يناير 2023، لن يُطلب من القادمين إلى الصين سوى إظهار نتيجة سلبية لاختبار الحمض النووي الذي أُجري قبل أقل من 48 ساعة من السفر، ولن تكون هناك حاجة للمسافرين إلى تقديم طلب للحصول على رمز صحي من السفارات والقنصليات الصينية، جاء هذا ضمن سلسلة إجراءات تخفيف القيود المفروضة على الوافدين التي أصدرتها الصين مؤخراً.

قامت الصين بتحسين تدابير الاستجابة لـ كوفيد-19 واستكمالها، ما يعني أن مكافحة الوباء في الصين ستكون أكثر علمية ومستهدفة وفعالة في المستقبل، كما تعني أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم سيستأنف الحياة والإنتاج الطبيعيين بشكل تدريجي، وستتعافى الحيوية الاقتصادية بقوة.

في بداية انتشار فيروس كورونا الجديد قبل ثلاث سنوات، لم نكن نعرف آنذاك شيئاً عن الفيروس الذي اجتاح العالم بشكل مفاجئ، وكان معدل الوفيات بسبب الفيروس الأصلي مرتفعاً نسبياً، وكان هناك نقص في الأدوية والرعاية الطبية والمعدات على مستوى العالم... أودى كوفيد-19 بحياة ما يقرب من 15 مليون شخص في جميع أنحاء العالم في العامين الأولين لانتشار الوباء، وذلك حسبما جاء في تقرير صدر عن منظمة الصحة العالمية في أيار/مايو 2022.

بذلت الصين، خلال السنوات الثلاث الماضية، جهوداً كبيرة لمكافحة الوباء، إذ تعاملت بشكل فعال مع تداعيات خمس موجات من الوباء العالمي، ونجحت في معالجة أكثر من مئة عدوى جماعية داخل البلاد. لذا، ظلت نسبة الإصابة والحالات الخطيرة والوفيات في الصين في أدنى مستوى في العالم.

وخلال تلك السنوات الثلاث، أصبحت لدينا مجموعات اختبار للحمض النووي (بي سي آر) ولقاحات وأدوية مضادة لفيروس كورونا الجديد، كما ازدادت الموارد الطبية وارتفع وعي الناس بالصحة، وتعززت ثقتهم في مكافحة الوباء. تظهر أحدث البيانات أن معدل التطعيم الكامل في الصين يتجاوز 90%. كل ما سبق، يمنح الصين الثقة لمواجهة متحور أوميكرون بشكل مباشر، ويضع أساساً متيناً لتحسين تدابير الاستجابة.

يمكن القول إن ما اكتسبته الصين خلال مكافحة الوباء في السنوات الثلاث الماضية هو الوقت. كسبت الصين الوقت، فكسبت زمام المبادرة وميزة وثقة في مكافحة الوباء.

يمكن استكمال ما ورد أعلاه بمجموعة من البيانات. وفقاً لتقرير صادر عن المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، بلغ متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة 78.83 عاماً في 2019، ثم تراجع في 2020 إلى 77 عاماً، و76.08 عاماً في 2021. بينما ارتفع متوسط العمر المتوقع في الصين بشكل مطرد في السنوات الثلاث الماضية، حيث وصل إلى 77.93 عاماً في 2020 و78.2 عاماً في 2021، بغض النظر عن الفجوة الكبيرة بين الصين والدول المتقدمة في الموارد الطبية للفرد ومستوى التكنولوجيا الطبية.

إن تحسين تدابير الاستجابة لـ كوفيد-19 لا يعني تجاهله تماماً

لنأخذ بكين كمثال، أصدرت بكين مؤخراً خطة لأعمال الوقاية والسيطرة على كوفيد-19، تقتضي بأن ترقب بكين اتجاه الوباء ودرجة انتشاره، من خلال إنشاء أنظمة مراقبة وإنذار مبكر شاملة ومتعددة القنوات والمصادر. وسيتم تقييم المخاطر في وقتها، وتنفيذ إجراءات الاستجابة المناسبة بشكل ديناميكي على أساس النظر بشكل شامل إلى عوامل مثل درجة انتشار الوباء وشدته ونسبة شغل الموارد الطبية.

على صعيد العلاج، هناك 1263 عيادة حمى تعمل الآن في بكين. ومن أجل تلبية احتياجات المواطنين من العلاج الطبي، تم توفير خدمات الرعاية الطبية عبر الإنترنت، وإنشاء عيادات تعاونية وغيرها. يذكر أن عدد زيارات عيادة الحمى انخفض تدريجياً من 73 ألف زيارة في 15 كانون الأول/ديسمبر 2022 إلى 12 ألفاً في 4 كانون الثاني/ يناير 2023.

أما فيما يتعلق بإمدادات الأدوية، فيعمل عدد من مصنّعي الأدوية بكل طاقتهم لتوسيع الإنتاج وتلبية الطلبات. مثلاً، كثف مصنع لإنتاج الأدوية في شمال شرقي الصين قوة إنتاج خافضات الحرارة ووسع خطوط إنتاجه من ثلاثة إلى ستة، ما يرفع متوسط الإنتاج اليومي إلى مئة ألف علبة. بينما شغلت شركة شينخوا لإنتاج الأدوية، وهي شركة محلية كبرى لتصنيع المواد الخام للأيبوبروفين في مقاطعة شاندونغ شرقي الصين، خطي إنتاج بشكل عاجل، ويعمل أكثر من 100 موظف في ثلاث نوبات لضمان الإنتاج على مدار الساعة.

منذ كانون الأول/ ديسمبر 2022، ومع إصدار وتطبيق سلسلة من السياسات المحسنة لمكافحة كوفيد-19، تظهر الأسواق في كثير من المدن الصينية علامات الانتعاش، فيما أصبحت حيوية الانتعاش للاقتصاد آخذة في الظهور باستمرار، حيث بدأت عملية استئناف العمل والإنتاج بشكل منظم، وافتتحت مشاريع كبرى بشكل مكثف، واستمر حماس المواطنين للاستهلاك في الارتفاع.

على سبيل المثال، تعدّ عطلة رأس السنة الجديدة 2023 أول عطلة طويلة بعد تحسين تدابير الاستجابة لـ كوفيد-19. شهدت الصين نحو 52.7 مليون زيارة سياحية محلية خلال عطلة العام الجديد التي استمرت ثلاثة أيام، بزيادة 0.44 % على أساس سنوي، وهو ما يشكل 42.8% من الحجم المسجل في الفترة نفسها من عام 2019؛ ووصلت عائدات السياحة المتحققة خلال العطلة إلى أكثر من 26.5 مليار يوان (نحو 3.8 مليارات دولار أميركي)، بزيادة 4 % عن الفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يشكل 35.1% من الفترة نفسها من عام 2019.

في الوقت الذي تساهم التدابير المعدلة الصينية لمكافحة الوباء في إنعاش الاقتصاد المحلي، تضخ أيضاً ثقة جديدة في تعافي الاقتصاد العالمي.

على سبيل المثال، أضاف خبر عودة السياح الصينيين التدريجية ثقة إلى الانتعاش الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، وخاصة دول جنوب شرق آسيا التي تشكل السياحة دعامة أساسية لها. وأعربت هيئات حكومية وصناعات السياحة في عدد من الدول عن الترحيب بعودة "الأصدقاء الصينيين القدامى".

قبل انتشار المرض، استقبلت تايلاند نحو 40 مليون سائح أجنبي في عام 2019، كان السياح الصينيون يمثلون ما يقرب من ثلثهم. قال وزير المالية التايلاندي اركوم تيرمبيتاياباسيث مؤخراً إنه على الرغم من أن الاقتصاد العالمي يواجه ضغوطاً هبوطية، فمن المتوقع أن تعزز العوامل المواتية مثل الاستئناف المنظم لسفر الصينيين إلى الخارج هدف النمو الاقتصادي لتايلاند البالغ 3.8% هذا العام.

أعلنت منظمة الصحة العالمية في 31 كانون الأول/ديسمبر 2019 تسجيل إصابات بمرض الالتهاب الرئوي (كورونا) في مدينة ووهان الصينية، ولاحقاً بدأ الفيروس باجتياح البلاد مع تسجيل حالات عدة في دول أخرى حول العالم.