لبنان: الاستحقاقات التي تنتظر الحكومة.. تحديات وملفات حساسة
يتعيّن على الحكومة اللبنانية الجديدة أن تسعى إلى إجراء التعيينات اللازمة على أسس من الكفاءة والشفافية، وأن تبتعد عن المحاصصة السياسية التي قد تضرّ بجودة العمل الإداري.
-
تواجه الحكومة سلسلة من الاستحقاقات التي ستشكّل بداية جديدة للمرحلة المقبلة.
تواجه الحكومة الأولى للعهد الجديد سلسلة من الاستحقاقات المهمة التي ستشكّل بداية جديدة للمرحلة المقبلة في تاريخ لبنان. هذه التحدّيات تتطلّب حكمة وإدارة فعّالة من أجل الوصول إلى حلول مجدية تؤثّر بشكل إيجابي على مستقبل البلاد. فما هي الاستحقاقات التي تنتظر هذه الحكومة؟ وكيف يمكن التعامل معها بجدّية؟
1. التعيينات الإدارية في مراكز الفئة الأولى وتثبيت الفئات الثانية والثالثة:
من أبرز الملفات التي تواجه الحكومة هو ملف التعيينات في المراكز الإدارية العليا في الدولة. فعدد كبير من المراكز في الفئة الأولى لا تزال شاغرة وتمّ تعيين موظفين من أجل تسيير المرفق العامّ بالوكالة، مما يؤثّر على سير العمل في العديد من المؤسسات.
يتعيّن على الحكومة الجديدة أن تسعى إلى إجراء التعيينات اللازمة على أسس من الكفاءة والشفافية، وأن تبتعد عن المحاصصة السياسية التي قد تضرّ بجودة العمل الإداري.
كما أنّ ملف تثبيت الموظفين في الفئات الثانية والثالثة يمثّل تحدّياً آخر، إذ يجب إيجاد حلول عملية لتمكين هؤلاء الموظفين من الاستفادة من حقوقهم في التثبيت بعدما عملوا لسنوات في تسيير مراكز بالوكالة، وبالتالي تعزيز استقرار القوى العاملة في القطاع العامّ.
2. تعيينات الأجهزة الأمنية:
تعيينات الأجهزة الأمنية تعدّ من الملفات الحسّاسة التي ينبغي على الحكومة أن تعالجها بعناية فائقة. فالأجهزة الأمنية تؤدّي دوراً محورياً في الحفاظ على استقرار البلاد وأمن المواطنين.
يجب أن تتمّ التعيينات في هذه الأجهزة بناءً على معايير الكفاءة والاحترافية، بعيداً عن التدخّلات السياسية ولكن مع مراعاة ما نصّ عليه اتفاق الطائف. وهذا يشمل تحديد القيادة الجديدة في الجيش وقوى الأمن الداخلي وأجهزة الاستخبارات، حيث يتطلّب الأمر الاستماع إلى المعنيين والخبراء في هذا المجال لضمان أفضل الاختيارات.
3. إعادة إعداد مشروع الموازنة:
من الأهمية بمكان أن تقوم الحكومة الجديدة بإعادة إعداد مشروع الموازنة العامّة للدولة بعد خروج الدولة من حرب كبيرة أتت بأعباء كبيرة على موازنة الدولة.
هذا المشروع يتطلّب مقاربة اقتصادية جديدة تأخذ بعين الاعتبار احتياجات المواطن اللبناني، مع تأكيد مكافحة الفساد وتفعيل المؤسسات المالية. إنّ الموازنة هي أداة حيوية لضبط الأوضاع المالية في البلاد، ويجب أن تتضمّن مشاريع تهدف إلى تحفيز الاقتصاد الوطني، مع الحفاظ على الحدّ الأدنى من الخدمات العامّة.
4. تنظيم الانتخابات البلدية:
من التحدّيات الأخرى التي تتطلّب تدخّل الحكومة الجديدة هو تنظيم الانتخابات البلدية في لبنان. فهي تشكّل أحد جوانب الديمقراطية المحلية وتساهم في تطوير المدن والبلدات من خلال تجديد الهيئات البلدية. الحكومة بحاجة إلى وضع آلية دقيقة لتنظيم هذه الانتخابات، سواء من خلال تحديث السجلات الانتخابية أو ضمان توافر الظروف المناسبة لتسهيل العملية الانتخابية للمواطنين.
5. إعداد قانون انتخابي عصريّ للنيابة:
أحد الملفات التي طالما كانت في قلب الجدل السياسي في لبنان هو قانون الانتخابات النيابية. حكومة العهد الجديدة مطالبة بوضع تصوّر قانون انتخابي عصريّ يعكس مبدأ العيش المشترك في المجتمع اللبناني ويحفظ حقوق جميع المواطنين، ويراعي تطلّعات الشعب اللبناني في الحصول على نظام انتخابي عادل وشفّاف. يشمل هذا أيضاً إجراء استشارات مع مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية للاتفاق على الأسس التي يجب أن يقوم عليها هذا القانون.
6. تنظيم الانتخابات النيابية:
بالإضافة إلى الانتخابات البلدية، يجب على الحكومة الجديدة أن تبدأ العمل على تنظيم الانتخابات النيابية. إذ يتعيّن وضع الأطر والضوابط اللازمة لضمان إجراء انتخابات نيابية حرّة ونزيهة. وهذا يتطلّب الاستعداد اللوجستي والتنظيمي، بما في ذلك تحديث اللوائح الانتخابية وتوفير البنية التحتية المناسبة لضمان شفافية الانتخابات.
7. إعادة إعمار ما دمّره العدوان الإسرائيلي:
من أكثر الملفات تحدّياً هي عملية إعادة إعمار المناطق التي دمّرها العدوان الإسرائيلي. لا شكّ أنّ هذه المهمة ستكون ضخمة، لكن ينبغي على الحكومة أن تضع خطة شاملة تتضمّن إعادة إعمار البنية التحتية، السكنية، والخدمية. يجب أن تكون هذه العملية مدعومة بالموارد المالية المطلوبة، سواء عبر التعاون مع المجتمع الدولي والهيئات المانحة أو من خلال تفعيل برامج محلية تعزّز قدرة المواطنين على بناء وطنهم من جديد.
إنّ الاستحقاقات التي تنتظر الحكومة الأولى للعهد الجديد هي استحقاقات معقّدة ومترابطة، تتطلّب قيادة حكيمة ورؤية شاملة للمستقبل.
من خلال معالجة هذه الملفات الشائكة بعناية، ستتمكّن الحكومة من إعادة بناء الثقة بين المواطنين والدولة، وتدشين مرحلة جديدة من الإصلاحات والتنمية التي يتطلّع إليها الشعب اللبناني.