وقائع "الفجر الدامي" بأقلام إسرائيلية

على إثر كلمة السيد نصر الله، قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" إن "ما قاله (السيد نصر الله) صحيح، وما لم تقُلْه إدارة الحرب الإسرائيلية قاله نصر الله بنفسه.

  • "حزب الله انتصر".

بعيداً عن الإعلام المقاومي والإلياذات الملتهبة بالحماسة في التغطية والمتابعة لمواجهات فجر الانتقام للقائد السيد فؤاد شكر، الأحد الماضي، وخلافاً كذلك لكل ما جاءت به "معلومات" الطرف الآخر وتعليقات بعض سياسييه وإعلامهم المضاد، والذي نزلوا به في الداخل والخارج بلا هوادة، ربما يكون من الأصوب والأقرب إلى الواقع عرض التعليقات والصراخ مما اجتاح منصات الإعلام العبري المعادي وشاشاته، في مستوياتها كافة، لاستبيان الصورة الواقعية لذلك الفجر الاستثنائي بعيداً عن البروباغندا، وخصوصاً أنها تسللت على الميديا من خلف ظهر الحصار الإعلامي الرسمي في الكيان، وجاءت بألسنة إسرائيلية خالصة في الغالب.

الصحافيون والمحللون الإسرائيليون، ومعهم عدد من الخبراء العسكريين ممن عاشوا مجريات الحدث مباشرة على أرض الواقع، قدّموا صورة مغايرة تماماً عمّا جهدت حكومة الكيان في إعلانه، فكشفوا الوقائع التي تعمّدت مراجعهم السياسية والعسكرية إخفاءها وإبدالها برواياتهم المُختلقة، في سبيل ترميم المعنويات عن طريق التزييف والاختلاق.

ما جرى هو "إخفاق إسرائيلي على الأصعدة كافة... أصاب القيادات بضياع كبير عجزت أمامه طوال 6 ساعات عن السَّيطرة على الوضع، بحيث جاءت الرّوايات الرسمية المتناقضة لتزيد في وقع الهزيمة". 

هذا ما أدلى به المحلّل الإسرائيلي إيدي كوهين لإذاعة "مونت كارلو الدَّوليَّة"، ولفت إلى أنَّ "صواريخ القبة الحديدية الاعتراضيَّة، لحظة إغراق حزب الله إسرائيل بالصواريخ والمسيرات، فعلت فعلها العكسيَّ في كثير من الأماكن. فبدلاً مِن أن تعترض صواريخ حزب الله ومسيّراته، سقط بعضها على أهداف إسرائيليَّة، وسط ذعر كبير تحوَّل إلى هستيريا طالت شمال إسرائيل ووسطها". هذا مع التذكير بأنه قبل يومين فقط من الضربة صرَّح وزير الحرب الأميركي، لويد أوستن، بأنَّ "المظلّة الموجودة فوق إسرائيل لا يمكن لأحد أن يخترقها إلاَّ بصعوبة بالغة". 

وقال المحلّل العسكري الإسرائيلي، يوآف ليمور، كمن يعترف إن "حزب الله هاجم إسرائيل بقوَّة، وكشف الضَّعف الشديد للردع الإسرائيلي... لقد استطاع خرق هذه المظلّة وضغط بشدة على الجبهة الداخلية التي كانت تعيش نشوة تدمير غزَّة". 

وعلى سبيل "التشكيك التوضيحي"، قال محلّل إسرائيلي آخر، هو يوآب شتيرن، إن "كثرة الروايات الإسرائيلية وتناقضها بشأن الضربة كشفا زيف الرواية الإسرائيلية"، بينما أعلن الكاتب اليميني مايراف زونسزين، من بين صرير أسنانه، أن "غالانت يكذب على جنوده وشعبه، ونصر الله يملك صدقيَّة أكبر من الحكومة الإسرائيلية لدى الإسرائيليين أنفسهم". ومن جهته، أوضح المحلّل العسكري يوسي يهوشاع أن "المنشآت الإسرائيلية الاستراتيجية بقيت 6 ساعات في العتمة الأمنية الكاملة، واحتمى قادتها في الملاجئ المحصّنة، وسط حالة ضياع واضح لدى المستوى السياسي". كل هذا بينما كان نتنياهو يُشيع الكذب على عادته صارخاً، من ملاذه تحت الأرض: "دمّرنا كل المسيّرات التي أطلقها حزب الله". 

هستيريا!

جريدة اليمين الاسرائيلي "يديعوت احرونوت" وصفت ردة الفعل الأولى لرأس السلطة في الكيان بأنها جاءت بمثابة "هستيريا أصابت نتنياهو وغالانت معاً. وكان أول شيء فعله غالانت، بطلب من نتنياهو، أن اتَّصَلَ بوزير الدفاع الأميركي لإنقاذه من ورطة الحرب مع حزب الله".

وبينما وصف المحلل الأمني رون بن يشاي وجوه نتنياهو وغالانت وأركان الحرب بعد ضربة حزب الله بأنها "بدت مخزيَّة وبائسة"، عادّاً ذلك "أكبر صورة لانتصار حزب الله"، أضاف المحلل الآخر في الجريدة يؤاف شتيرن قوله إن "شيئاً كبيراً حدث، وواضح أن إسرائيل تخشى أي حرب مفتوحة مع قوة كبيرة، مثل حزب الله".

بدوره، وصف الصحافي تسفي برئيل الضربة بأنها كانت "أشبه بهزَّة أرضيَّة صغيرة"، لافتاً (على مسؤوليته) إلى أن "نتنياهو يعيش كابوس حزب الله كل يوم".

أما القناة الـ"12" فخرجت بملاحظة ذات دلالة بارزة، إذ نشرت أنه "بعد ضربة حزب الله القوية غرقت إسرائيل في "لحظة يأس". لذا، بمجرّد أن أعلن نصر الله أنَّ "ردّ المقاومة على اغتيال فؤاد شكر انتهى، سارع وزير الأمن غالانت ليؤكّد أنَّ "إسرائيل لا تريد حرباً مع حزب الله"، مُضيفاً كأنما لتعزية نفسه أن "الحرب على حزب الله ستأتي في المستقبل البعيد وليس الآن"، بينما أحكم نتنياهو إغلاق باب "الكيريا" وباب الحرب في آن واحد، مُعلناً "نحن ملتزمون قواعد الاشتباك، ولا نريد أن ننزلق إلى الحرب".

وكالة الصحافة الفرنسية وضعت، من جهتها، النقاط على الحروف بالقول: "وفقاً للبروتوكول العسكري الإسرائيلي، فإنه في حال فشل أي ضربة لهدف كبير، يتمُّ عرض الهدف لتأكيد سلامته وفشل الضربة وتطمين الرأي العام.  إلا انه بعد ضربة حزب الله جرى "تعتيم كامل"، وذهب المعنيون إلى تسويق روايات عسكرية وسياسية متناقضة جداً". جرى هذا في حين كتبت "يديعوت أحرونوت" أن "وجوه نتنياهو وغالانت وهليفي اليائسة كشفت حجم الضربة التي وجهها حزب الله وقوّة الفعل الذي أحدثته". 

"حزب الله انتصر"

على إثر كلمة السيد نصر الله، قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" إن "ما قاله (السيد نصر الله) صحيح، وما لم تقُلْه إدارة الحرب الإسرائيلية قاله نصر الله بنفسه.

والضربة التي نفّذها وسط استنفار شبكات الدفاع الأميركية والإسرائيلية مع حلفاء آخرين، جاءت لتؤكّد أنَّ حزب الله انتصر في الحرب، وأنَّ "إسرائيل" تعيش أسوأ لحظات اليأس"، وهو ما أقرّ به نتنياهو وغالانت بطريقة ملتوية.

فما جرى كان "ضربة على الرأس"، وفق تعبير المحلّل العسكري يوسي يهوشاع. وبالتالي، فإن "التفاؤل الكاذب انتهى، وإسرائيل لا تملك إلا الصمت"، بحسب عاموس هاريل، "ثم إنها مُنهَكة، ولا تملك القدرة الآن على "الحرب"، و"الشَّعب الإسرائيلي" الذي عاش "نشوةً غير مسبوقة"، بعد تدمير قطاع غزَّة، يعيش الآن "خيبة أمل صادمة"... والكلام لهاريل نفسه.

وتبقى استنتاجات المُعلّق العسكري الإسرائيلي نوعم أمير: "حزب الله يهاجم بقوَّة، ويرمي بمهارة عالية، ويخوض حربه بطريقة "الخرائط الإسكاتية للقبة الحديدية"، ثمَّ ينقضّ على هدفه بنجاح. وقدرته على الوصول إلى أهدافه عالية جداً". وأضاف أن "غالانت يعاني عقدة حزب الله"!! ليُكمل المحلّل الإسرائيلي آفي أشكنازي، ويقول إن "الجيش يخشى حرباً مفتوحة مع حزب الله، وحزب الله كابوس حقيقي لإسرائيل".