اقتراع المغتربين: 8 نواب من 'القوات' مهددون بالخروج و15% من النتائج على المحك!"
يتحوّل القانون الانتخابي من نص قانوني إلى معركة وجود... ومن مادة تنظيمية إلى مادة خلاف تهدد التوازنات السياسية بأكملها، وتحدد هوية لبنان لسنوات خمس على الاقل.
-
كيف يتحوّل القانون الانتخابي من نص قانوني إلى معركة وجود.
في خضمّ الجدل السياسي المستعر حول قانون الانتخابات النيابية، تقف البلاد أمام مفترق دستوري حساس، حيث تتقاطع النصوص القانونية النافذة مع الحسابات الحزبية الباردة، في معركة مفتوحة على أصوات المغتربين.
فالقانون الانتخابي اللبناني الحالي، الصادر بموجب القانون الرقم 44/2017، ينصّ بوضوح في المادة 122 على انتخاب 6 نواب من اللبنانيين غير المقيمين، يجري اختيارهم على أساس القارات الست، ويُضافون إلى عدد أعضاء مجلس النواب الحالي البالغ 128 نائباً، ليُصبح العدد الإجمالي للمجلس 134 نائبًا. هؤلاء النواب الستة يُنتخبون ضمن دائرة انتخابية خاصة تُعرف بـ"الدائرة 16".
لكن هذا النصّ الذي مضى على إقراره أكثر من سبع سنوات، لم يُطبّق حتى الآن، حيث جُمّد العمل بانتخاب نواب الاغتراب في دورتي 2018 و2022، لصالح إبقاء حق الاقتراع للمغتربين ضمن دوائرهم الأصلية في لبنان، أي لانتخاب 128 نائباً ، مع العلم أن القانون يعتبر نافذاً و يجب على الحكومة إصدار مراسيمه التطبيقية.
اليوم، يتجدد الصراع بين من يُطالب بتطبيق النص كما هو، وبين من يريد تعديله.
حزب "القوات اللبنانية"، الذي يحظى بتأييد واسع في الاغتراب، يرفض السير بانتخاب النواب الستة الجدد، ويطالب بالإبقاء على آلية الاقتراع المعتمدة في الدورة السابقة. فبالنسبة إليه، أصوات الاغتراب تمثّل رافعة انتخابية حقيقية، خصوصاً في الدوائر التي تعاني فيها من ضعف حلفائها أو من تقدم خصومها. وبحسب التقديرات، فإن تعديل القانون كما تقترح "القوات" سيمنحها أفضلية يمكن أن تحافظ عبرها على عدد مقاعدها وربما تزيدها.
في المقابل، تتمسك قوى كبرى كـ"حركة أمل" و"حزب الله" و"التيار الوطني الحر" بتطبيق القانون النافذ كما هو، أي بانتخاب 6 نواب جدد من خارج لبنان. وهي تعتبر أن ما يُطلب هو ضرب لمبدأ المساواة في التمثيل وخرقٌ فاضح لنص دستوري واضح. كما أن هذه القوى ترى أن "القوات" لا تسعى إلى تعزيز تمثيل الاغتراب، بل إلى استغلاله لمصلحتها الحزبية.
المهلة الحاسمة تقترب
يُنتظر أن تُقفل مهلة تسجيل اقتراع المغتربين في السفارات خلال الأيام العشرة الأولى من شهر تشرين الثاني المقبل. ووفق القانون، فإن من يسجّل اسمه للاقتراع في الخارج، لا يمكنه التصويت في لبنان. هنا تكمن المفارقة: فقرار التسجيل أو عدمه، بات أداة سياسية بأيدي القوى المختلفة.
وفي هذا السياق، تشير التقديرات إلى أن تعديل القانون وفق طرح "القوات اللبنانية" سيُحدث تغييراً في نتائج الانتخابات المقبلة بنسبة 15 إلى 20%، وهو ما يجعل المعركة حول القانون مصيرية لكثير من القوى. أما إذا لم يُعدّل القانون، واستُكمل تسجيل المغتربين للتصويت في الدائرة 16 فقط، فإن ثمانية نواب حاليين من كتلة "القوات" سيواجهون خطر خسارة مقاعدهم، بفعل غياب الصوت الاغترابي الذي ساعدهم سابقًا في الدخول إلى الندوة البرلمانية.
وفي انتظار أن تحسم الحكومة أمرها وتحدّد كيفية تطبيق القانون، تتحوّل هذه الأسابيع إلى فترة مراقبة حذرة، حيث ستنتظر قيادة "القوات اللبنانية" حتى اللحظة الأخيرة لإصدار التعليمات إلى قواعدها في الخارج: التسجيل أو الامتناع، من أجل تأمين تمويل لعمليات النقل أثناء اليوم الانتخابي من أجل الاقتراع داخل دوائرهم الانتخابية.
هكذا يتحوّل القانون الانتخابي من نص قانوني إلى معركة وجود... ومن مادة تنظيمية إلى مادة خلاف تهدد التوازنات السياسية بأكملها، وتحدد هوية لبنان لسنوات خمس على الأقل.