الرئيس بري في ذكرى تغييب الصدر: اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد!
رئيس حركة أمل في الذكرى السابعة والأربعين على تغييب مؤسسها، أراد التذكير بعواقب ونتائج نزعة البعض إلى إحياء الماضي المقيت والمؤلم.
-
بري وضع الجميع أمام مسؤولياتهم (أرشيف).
في لحظة مفصلية من تاريخ لبنان الحديث، وفي واحدة من أكثر اللحظات المصيرية والحساسة بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان على الإطلاق، وبكثير من الهدوء والوضوح والصراحة، وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري، خطابًا بالغ الأهمية، ربطاً بالعناوين التي تطرقت إليها الكلمة المتلفزة والمتعلقة بما سبق الخطاب من تطورات تتصل بلبنان الكيان والهوية، ولا سيما بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان في أيلول/سبتمبر2024. وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلى ما يلي:
وضع بري الجميع أمام مسؤولياتهم، لناحية خطورة ما يمارسه البعض في لبنان منذ السابع والعشرين من تشرين الثاني 2024، من تعزيز لخطاب الكراهية لشريك في الوطن (الطائفة الشيعية) بما هي طائفة "مؤسسة للكيان اللبناني"، سواء بالحملات الإعلامية العدائية، أم من خلال التحريض على قرارات وإجراءات – غير محسوبة – للتغيير في موازين القوى في الداخل اللبناني على نحو إلغائي لشطب هذا المكوّن من المعادلة السياسية، ما يشكل خطرًا لا على فئة من اللبنانيين فحسب، بل على لبنان الكيان والهوية.
الرد على كل أوهام وأحلام البعض، الحالمين بزرع بذور الفتنة بين حركة أمل وحزب الله، من بوابة مقاربة الملفات الداخلية، ما يؤكد أن الثنائي الوطني لديه تقارب يصل حدّ التماهي، لناحية تحديد الأولويات وفي مقدمتها حماية السلم الأهلي والوحدة بين اللبنانيين، والتعاون والتفاعل البنّاء فيما خص الاستحقاقات المؤسسية وبناء الدولة.
تأكيد الرفض التام والكامل للهجوم على سلاح المقاومة. وعليه، يجب على الذين يريدون النيل من هذا السلاح، تارة من خلال نزع الشرعية عنه عبر شيطنته، وتشريع نزعه بقرارات حكومية مبتورة، تفتقد إلى الميثاقية والشرعية، وأخرى عبر التهديد والاستقواء بالخارج، يجب عليهم أخذ العلم أن جميع هذه المحاولات لم تمسّ بحقيقة وجوهر أهداف ووظيفة هذا السلاح، الذي "حرّر الأرض والإنسان وصان الكرامة والسيادة الوطنية".
الانفتاح على الحوار والنقاش بين اللبنانيين حول مصير سلاح المقاومة كبديل عن الحوار اللبناني – الأميركي (الإسرائيلي)، لإيجاد استراتيجية دفاعية وطنية، يعطي فرصة لجميع القوى السياسية، للخروج من عنق الزجاجة التي دخل فيها لبنان، عبر قراري الحكومة في الخامس والسابع من شهر آب/أغسطس الماضي، ولا سيّما وأنّ الرد الإسرائيلي على الورقة الأميركية، والذي جاء على شكل المزيد من الاعتداءات والاحتلال للأراضي اللبنانية، يساعد في النزول عن الشجرة، لما فيه مصلحة للبنان.
الإشارة إلى خطورة الورقة الأميركية، نابع من كونها تشكّل تجاوزًا لاتفاق 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، وتُعطي "إسرائيل" في السلم ما لم تستطع الحصول عليه في الحرب، هذا في جانب، وتحرّض على اقتتال اللبنانيين بعضهم مع بعض في جانب آخر. من هنا، أتى تحذير بري من خطورة زجّ مؤسسة الجيش اللبناني في مهب رياح الفتنة، كونها المؤسسة "الجامعة لآمال اللبنانيين"، فضلًا عن كون الاقتتال بين الجيش وأي فئة من اللبنانيين هو خدمة للعدو الإسرائيلي.
في الوقت الذي تنصهر فيه فئة من اللبنانيين بالمخطط الأميركي – الإسرائيلي للبنان والمنطقة، من حيث تعلم هذه الفئة مخاطر وعواقب الانجرار في هذا المشروع أم لا، جاء تذكير بري بما صرّح به رئيس حكومة العدو حول "إسرائيل الكبرى"، ورئيس أركانه بعدم نية الانسحاب من النقاط التي احتلتها "إسرائيل" من جنوب لبنان، بمخاطر المخططات الجهنمية التي ترسم للمنطقة، لتحذير الجميع من عواقب هذا المشروع على لبنان بكل أطيافه ومناطقه. هذا فضلًا عن كونه حجّة على جميع اللبنانيين بشكل عام، وعلى "السياديين" الذين لا يُفارقون الفضاء الإعلامي والشاشات والصحف بالتنظير في الدفاع عن السيادة واستعادة الدولة لهيبتها بشكل خاص.
ثمة خلاصة يمكن استنتاجها من الخطاب، بأن رئيس حركة أمل في الذكرى السابعة والأربعين على تغييب مؤسسها، أراد التذكير بعواقب ونتائج نزعة البعض إلى إحياء الماضي المقيت والمؤلم، لا على فئة بعينها فحسب، بل على جميع اللبنانيين ولبنان بأسره، وذلك لمآرب خاصة وضيقة، يدفع رئيس المجلس النيابي للسعي بكل ما أوتي من خبرة وحنكة سياسية، شهد له بها الخصم والصديق، لدفع الكأس المرّة عن لبنان واللبنانيين، على قاعدة "اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد!".