حساسية ملف أمن الخليج من المنظور الإيراني

يكمن الخلاف بين إيران ودول الخليج الأخرى، فيما يخص مسألة الأمن، في وجود عددٍ من القواعد العسكرية الأميركية.

  • حساسية ملف أمن الخليج من المنظور الإيراني
    حساسية ملف أمن الخليج من المنظور الإيراني

وجّه اللواء باقري رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة رسالة تحذيرية إلى دول المنطقة تتعلق بالتعاون مع النظام الصهيوني على صفحته الشخصية، وقال سردار باقري في رسالته "إن عضوية النظام الصهيوني في القيادة المركزية الأميركية ستجعل مرافق التجسس (بما فيها العملياتية) التابعة لأميركا وحلفائها متاحة للنظام الصهيوني المغتصب، وهذا سيزيد من التهديد لبلدنا الحبيب".

وجرى نقل الرسالة عبر وزارة الخارجية إلى الدول المضيفة للجيش الأميركي. ومما قاله رئيس الأركان الإيراني "نحن نستعد ونحذّر.. نصيحتنا الدائمة والودية لدول الجوار هي الأخوّة والتعاون لترسيخ أمن المنطقة من قبل دولنا، وعدم الاعتماد على الأجانب". وبالتدقيق، فإنّ رسالة اللواء باقري بما فيها من مضامين وعبارات ذات دلالة، لم تأتِ من فراغ، إذ لها جذور أيديولوجية، ولم تأتِ لأسباب أمنية وسياسية فقط، ولم يكن تصرّفه فردياً بل عبّر عن موقف الدولة الإيرانية ككل، ولقد كان لرسالته دوافع تاريخية، وواقع وجودي يمس أمن إيران ووجودها، ويحول دون تطور علاقتها الخارجية بمحيطها بما ينعكس سلباً على جميع المجالات.

 وبالعودة إلى الرسالة، فإنّ عبارة الدول (المضيفة للجيش الأميركي) التي استخدمها اللواء باقري تسلط الضوء على أحد أهم الخلاقات والملفات العالقة بين إيران من جهة، ودول مجلس التعاون الخليجي من جهة أخرى، ألا وهو مسألة أمن الخليج، حيث تقف هذه القضية الشائكة، إضافة إلى قضايا أخرى تحول دون الوصل إلى توافق وتنسيق بين الطرفين الإيراني والخليجي.

وفعلاً، هذا مثير لقلق إيران لأن منشآت التجسس (وحتى العملياتية) لأميركا وحلفائها ستكون تحت تصرف الكيان الصهيوني الغاصب، ولكن هذا لن يمر مرور الكرام! وسيقابله الجانب الإيراني بتوسيع وجوده، وتعميق الدوريات الجوية والبحرية، وتعميق النخب الاستخبارية، والقيام بعمليات بحرية مختلفة، وتدريبات صاروخية ومناورات على الطائرات المسيرة.. بحسب وكالة تسنيم الإيرانية.

يكمن الخلاف بين إيران ودول الخليج الأخرى، فيما يخص مسألة الأمن، في وجود عددٍ من القواعد العسكرية الأميركية في دول الخليج التي ترى الأميركي شريكاً وحليفاً سياسياً وعسكرياً موثوقاً به، يضمن لها الحماية والتقدّم في عالم يحكمه إلى اليوم القطب الواحد، ما يزعج إيران لإدراكها حقيقة الهدف الأميركي من وجودها في منطقة الخليج كتأمين معابر للنفط مثلاً.

ومن بين القواعد الأميركية في الكويت قاعدة معسكر الدوحة التي تعد أهم القواعد الأميركية في الكويت، وهي تقع شمال غربي مدينة الكويت العاصمة، على بعد 60 كيلومتراً من الحدود العراقية، وتضم أكثر من 10 آلاف فرد من الجنود ومشاة البحرية، وألف دبابة، وأقساماً للطائرات المقاتلة والمروحيات، وتضم الكويت معسكرات أخرى تابعة للقاعدة الأميركية، منها قاعدة "علي السالم" الجوية التي تشتمل على الفرقة الجوية رقم 386، إضافة إلى معسكر التدريب فرجينيا.

ومهما كانت آراء دول الخليج ومواقفها الرافضة للرؤية الإيرانية، فإنّها لا تستطيع منع المشاركة الإيرانية في أمن الخليج لاعتبارات سياسة وأمنية، ولأنّ الموقع الجغرافي لها يفرض نفسه بحكم التجاور بينها، إضافة إلى الثقل الاستراتيجي الذي تمثّله إيران في منطقة الشرق الأوسط على جميع النواحي.

 وخلاصة القول إنّ الخلاف حول أمن الخليج بين الطرفين الإيراني والخليجي ناجم عن تقدير اعتبارات المصلحة والأمن القومي للطرفين، لقد كانت هذه الاعتبارات المنطلق الذي جعل دول الخليج تقيم علاقات متعددة الجوانب بالولايات المتحدة الأميركية، وهي السبب في السماح بإقامة القواعد العسكرية الأميركية على أراضيها، وبالنسبة إلى إيران، فقد كانت اعتبارات حماية الأمن القومي، وما زالت سبب الرفض الإيراني للوجود الأميركي في منطقة الخليج.