حملات للتحذير من حرب وشيكة على لبنان: من نقل الخبر إلى دس السم في الدسم

على الولايات المتحدة ومن خلفها "إسرائيل" تلقّف الرسائل الجيوستراتيجية وقراءة تبعاتها بكل ما تحمله من معانٍ بأن أي حماقة في لبنان ستكون تبعاتها مزلزلة وفوق كل تقدير أو حسبان.

  • من فيديو
    من فيديو "هذا ما رجع به الهدهد" الذي نشره حزب الله قبل أيام

بدأت بعض الأبواق الإعلامية المشبوهة في الإعلام التقليدي أو البديل بالترويج لحرب إسرائيلية وشيكة على لبنان. هذه الحملات تجاوزت بكثير نقل الأخبار والتصريحات من هنا وهناك إلى الانخراط في الإعلان عن مخططات وسيناريوهات محتملة على غرار مشاركة الولايات المتحدة في الحرب بضربة مباغتة وغير ذلك من الأكاذيب التي يعرف القاصي والداني أنها تدخل في إطار الحرب النفسية، بحثاً عن تحقيق إرباك ما أو بعثرة الأوراق من خلال بث السم في الدسم، لعلَّ ذلك يؤزم الوضع في الداخل اللبناني ويضعف جبهة المقاومة.

يخبرنا التاريخ القريب أن مطار بغداد سنة 2003 سقط إعلامياً قبل أن يسقط فعلياً، والدور الذي أداه الإعلام العميل يسّر للقوات الأميركية وحلفائها سقوط بغداد في التاسع من أبريل/نيسان.

لذلك، وجب التحذير والتذكير بأن الأخبار في وقت الأزمات تُستقى من مصادرها لا من وكلاء الأعداء، وأن أهل الميدان الذين يواجهون العدو هم أصدق من يتحدث عن سير المعارك والأهداف المحققة. 

ولعل "طوفان الأقصى" برهن لكل متابع أن ظهور أبي عبيدة أصدق تعبيراً وأشد تاثيراً من ظهور كابينت الحرب في مؤتمراته اليومية التي لم تسوق إلا للأكاذيب، ولم تقدم إلا تبريرات واهية على ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية ما زال القانون الدولي يحتاج إلى سنوات لتأكيدها في ظل نظام دولي يعاني عدالة عرجاء، أو لنقل يعيش أزمة عدالة لن يصلح حالها إلا بسقوط النظام العالمي أحادي القطب الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية.

إن أرادت الولايات المتحدة وقاعدتها العسكرية المتقدمة في المنطقة التي تسمى "إسرائيل" إعلان الحرب على لبنان، فلا أعتقد أنَّ الأمر سيكون مفاجئاً للمقاومة اللبنانية ومحور المقاومة ككل في المنطقة، فما عاد به "الهدهد" من صور دقيقة لمواقع استراتيجية حساسة في فلسطين المحتلة، وما أعلنه سماحة السيد حسن نصر الله من أن الحرب ستكون "بلا ضوابط ولا قواعد ولا سقف" يشيان بأن الاستعداد للحرب هو أمر واقع منذ أمد طويل، وهو لدى المقاومة عمل يومي وثقافة عيش ومنهج حياة تقوم على معاني الصبر والجلد والتضحية، استعداداً لردع أي عدوان محتمل في أي مكان وأي زمان، من عدو يتربص باستقرار كل المنطقة، ويحلم بأن يقيم دولة "إسرائيل" الكبرى بعد إبادة أهل الأرض، والسطو على الجغرافيا والتاريخ وكل الموروث الحضاري لحساب شعب لقيط لا حضارة له.

ولعل ذلك يشي بأن المقاومة استعدت للحرب، وأعدت للعدو ما استطاعت من قوة، حتى يكون سيناريو يوم القيامة الذي توعدت به المقاومة "إسرائيل" إنجازاً عسكرياً مكتمل الأركان يغير خارطة المنطقة برمتها، ونصراً يحرر الأراضي المغتصبة ويمحو الكيان من الوجود.

على الولايات المتحدة ومن خلفها "إسرائيل" تلقّف الرسائل الجيوستراتيجية وقراءة تبعاتها بكل ما تحمله من معانٍ بأن أي حماقة في لبنان ستكون تبعاتها مزلزلة وفوق كل تقدير أو حسبان، فتلويح إيران بتدخل كل محور المقاومة في حال الاعتداء على لبنان ليس مجرد تحذير يأتي في حرب كلامية بقدر كونه رسالة مضمونة الوصول لمن يهمه الأمر.

كما أن إعلان بوتين استعداده لتزويد خصوم أميركا وأوروبا بمنظومة صاروخية دقيقة ومتطورة، رداً على تزويد أوكرانيا بصواريخ متطورة قادرة على ضرب العمق الروسي، هو أيضاً ليس إنذاراً كاذباً، فالمقاومة التي تمتلك منظومة صواريخ متطورة قادرة على إعادة دولة العدو إلى العصر الحجري لديها مقاومون بواسل خبروا حقيقة الميدان، وحاربوا الإرهاب التكفيري، وتدربوا على مختلف الأسلحة المتطورة، ما يعني أن "الجيش" الإسرائيلي الذي دخل معظم جنوده إلى القطاع المحاصر كقوات خاصة ليتحول من نجح منهم في مغادرة القطاع إلى ذوي احتياجات خاصة برجل مبتورة أو يد مقطوعة لن يستطيع أن يهزم محور المقاومة باستدعاء جنود الاحتياط أو عدد من المتطوعين من الحريديم، فمن تقف ثقافتهم عن الحروب والأسلحة عند مشاهدتهم أفلام هوليوود ليسوا كمن خبروا الميدان وفنون القتال، وإن غداً لناظره لقريب.

أذكّر في الختام بقول سماحة السيد حسن نصر الله: "إذا فرضت علينا الحرب، فإن إسرائيل هي من يجب أن يخاف"، لأقول لجمهور المقاومة: ثقوا بأن زمن الهزائم ولى، ونحن نتطلع إلى ساعة التحرير. وبين هذا وذاك طريق نضال طويل يستدعي الثباث والصبر والكفاح والإعراض عن الإنصات إلى كل دسائس العدو عبر منصات الإعلام العميل.