ماذا لو استهدف الطيران السوري السويداء... بدلاً من "الاردني"؟

المناطق السورية كانت ولا تزال عرضة للاستهداف الصهيوني قبل الحرب على غزة وبعدها أيضاً، وهذه دلالة على أهمية دور دمشق في محور المقاومة، بصرف النظر عن كل "التحليلات الصحافية السخيفة". 

  • سوريا والحرب على غزة.
    سوريا والحرب على غزة.

لا ريب في أن المنطقة مقبلة على مرحلةٍ جديدةٍ بعد انتهاء الحرب على غزة. لا يمكن من الآن وضع تصورٍ لهذه المرحلة، لكن لا ريب في أن لا مكان لأي طرفٍ ضعيفٍ في هذه المنطقة إلى طاولة المفاوضات التي قد تجلس إليها القوى المؤثرة في المنطقة عينها، كي ترسم مستقبلها. ومن البديهي أن الأطراف الضعفاء فيها سيكونون على الطاولة المذكورة، لا إليها.

لذا، تركّز السلطات السورية على تحصين الوضع الداخلي في البلاد، بعد الترهل الذي أصاب مؤسسات الدولة، من جراء الحرب الكونية على سوريا، وخصوصاً الشق الاقتصادي منها، وهو أبشع صورها، بل أفظعها على الإطلاق، والذي يهدف إلى تجويع الشعب السوري، في محاولاتٍ متكررةٍ لتأليبه على قيادته، ناهيك بالتلاعب بسعر صرف الدولار الأميركي والعملات الأجنبية في مقابل العملة الوطنية، من جراء الحصار الخارجي من جهةٍ، والمضاربة و"تجارة العملة" غير الشرعية في الداخل من جهةٍ أخرى.

لا ريب في أن كل هذه الممارسات العدوانية والسلوك الشاذ، تساهم في إنهاك الاقتصاد السوري، وتجويع السوريين، وإضعاف الدولة السورية، ودورها في الداخل والعالم العربي والمنطقة ككل. إذاً لا بد من تحصين الوضع السوري الداخلي أولاً، قبل اقتراب عقد أي تسويةٍ مرتقبة لإنهاء الصراع في المنطقة، التي ستشمل حتماً الأوضاع في سوريا ولبنان وفلسطين.

لذا، تمضي دمشق في خطّين متوازيين. على الصعيد الخارجي، تعزز علاقاتها الثنائية بالدول العربية، وخصوصاً تلك التي قطعت علاقاتها الرسمية والدبلوماسية بسوريا، بعد الحرب الكونية التي شنت عليها في منتصف آذار/مارس 2011 من ناحية. كذلك تسلك دمشق سياسة تصفير المشاكل مع الدول المحيطة بالبلاد السورية من ناحيةٍ أخرى، طبعاً باستثناء الكيان الإسرائيلي المغتصب.

وعلى الرغم من الكلام "الإعلامي" التشكيكي في الموقف السوري بشأن الحرب على غزة، وخصوصاً بعض هذا الكلام الذي يتحدث عن "التزام سوريا الحياد في هذه الحرب"، وهنا الواقع الميداني هو خير من يدحض هذا الكلام الكاذب. فالمدن السورية وقطاع غزة ليست هي المدن العربية الوحيدة المستهدفة باستمرار من العدو الإسرائيلي، فالمناطق السورية كانت ولا تزال عرضة للاستهداف الصهيوني قبل الحرب على غزة وبعدها أيضاً، وهذه دلالة على أهمية دور دمشق في محور المقاومة، بصرف النظر عن كل "التحليلات الصحافية السخيفة". 

وهنا يُطرح هذا السؤال بكل موضوعيةٍ وواقعيةٍ: "لولا صمود سوريا في الحرب الكونية، كيف كان حال حزب الله وحركة حماس ومختلف فصائل محور المقاومة التي تتصدى راهناً للعدو الإسرائيلي، على الأقل من الناحية اللوجستية، لو فُرض نظام سياسي تابع للغرب في دمشق"؟  

أمّا على الصعيد الداخلي، فتقوم السلطات السورية بورشةٍ إصلاحاتٍ كاملةٍ في مختلف مؤسسات الدولة، بدأتها بإجراء تبديلاتٍ في الأجهزة الأمنية، على أن يعقبها تغيير واسع في الأجهزة الإدارية، وقبل كل ذلك، "بدأت الأجهزة الأمنية والقضائية حملة لمكافحة الفساد، ومساءلة الفاسدين"، بحسب تأكيد معلوماتٍ موثوق بها.

غير أن معلومات أخرى تلفت إلى أن "الملاحقات، التي تقوم بها السلطات السورية المختصة، لتوقيف بعض المرتكبين، لا تزال في إطار روتيني عادي، ولم ترتق إلى مستوى حملةٍ لمكافحة الفساد. فهذا الأمر يتطلب تغيير "منظومةٍ كاملةٍ" متحكمة في مؤسسات الدولة، بالتضامن والتكافل مع "تجار الأزمات"، برأي مصادر معارضة.  

وفي السياق، تأتي عملية مكافحة المخدرات في الداخل السوري، وتهريبها إلى الخارج، وخصوصاً دول "الطوق السوري" والخليج، وهذا ما أدى إلى فتور في العلاقة بين دمشق وعمّان مؤخراً، بعد استهداف الطيران الحربي الأردني تجمعاتٍ مدنيةً في ريف محافظة السويداء الجنوبي، في إطار مكافحة تهريب المخدرات، بحسب البيانات الرسمية الأردنية.

وهنا يُطرح هذا السؤال: "ماذا لو شن الطيران الحربي السوري غاراتٍ على مناطق سكنية في السويداء وريفها، بسبب ما لها من "حساسية في التركيبة الديمغرافية" في سوريا، وكيف ستكون ردود الأفعال الدولية، والغربية بصورة خاصة، لو كان الطيران السوري استهدف "جبل العرب" بدلًا من الطيران الأردني"؟  حتماً، لكان تم تحريك الرأي العام العالمي ضد دمشق.

وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن الوضع عند الحدود السورية - الأردنية "محكوم" فيما توافق عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في "اجتماع هلنسكي"، في تموز/يوليو 2018، في شأن عودة الجيش السوري إلى خطوط وقف اتفاق إطلاق النار لعام 1974؛ أي أن انتشار الجيش غير متاح راهناً في المناطق السورية المحاذية لفلسطين والأردن والعراق أيضاً من جهة مثلث التنف الحدودي، حيث توجد قاعدة للاحتلال الأميركي.