هل تقود المفاوضات بين إيران والغرب إلى اتفاق نووي جديد قبل انتهاء عهد بايدن؟

انتهجت إيران سياسات حكيمة في هذه الفترة وجعلتها في اندماج مع وساطة تاريخية من سلطنة عُمان ودولة قطر اللتين تثق بهما.

  • الاتفاق النووي.
    الاتفاق النووي.

منذ أن فضّ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الاتفاق النووي المبرم بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 2018، طبّقت إيران سياسة متّزنة ومرنة فيها كثير من التعاطي الإيجابي مع هذا الملف.

وقد أعلنت أخيراً أنها تلقّت رسائل مهمة من دول صديقة بشأن رغبتها في أن تقوم بدور الوساطة بين الطرفين، على أمل التوقيع على اتفاق تاريخي بين الجانبين قبل نهاية عهد الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، وترشّح الرئيس السابق دونالد ترامب مرة أخرى لانتخابات الرئاسة التي ستُجرى على الأغلب في تشرين الثاني/نوفمبر من العام المقبل.

وتسعى إيران وحلفاؤها في الوقت الحالي إلى إيجاد سبل وطرق جديدة للتفاهم بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية من خلال العمل على ملفات أخرى لها علاقة بالعلاقات بين الطرفين، كالإفراج عن بعض السجناء الأميركيين في إيران في مقابل الإفراج عن السجناء الإيرانيين والسماح بالإفراج عن بعض المبالغ الإيرانية التي تعرضت للتجميد، شرط أن تُصرف على المواد التموينية الرئيسة التي يحتاج إليها الشعب الإيراني، مثل المواد الغذائية والدواء، والمواد الأساسية والأولية، مثل مواد البناء وقطع الغيار وغيرها مما لا يندرج ضمن المواد المحظور على إيران استيرادها من الخارج أو شراؤها من أي جهة من الجهات.

وقد انتهجت إيران سياسات حكيمة في هذه الفترة وجعلتها في اندماج مع وساطة تاريخية من سلطنة عُمان ودولة قطر اللتين تثق بهما، نظراً إلى علاقتها القوية بهما بعدما أثبتتا قدرتهما على التفاوض بطريقة مهنية واحترافية كبيرة.

واستطاعت من خلالهما أن تخوض ملف الأسرى بكل سهولة، وتتخطى حاجز انعدام الثقة مع الولايات المتحدة الأميركية بعدما كادت الأخيرة تقع في شباك "إسرائيل" التي حاولت، وما زالت تحاول، تشويه سمعة إيران عبر سلسلة من السيناريوهات المموهة والمشتبه فيها، والتي لا علاقة لها بالواقع، ومن خلال حشد الرأي العام العالمي وتأليبه عليها.

ولكن إيران تُثبت كل مرة أنها دولة ديمقراطية تتعامل مع الأحداث بكل حرفية، وتسعى إلى التعاون والحوار باعتباره مساراً وحيداً لحل المشكلات العالقة، ولا سيما بينها وبين جيرانها.

في ظل هذه السياسة المرنة التي اتبعتها حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، والتي يقودها وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان، توسعت علاقات إيران بجيرانها المختلفة معهم، مثل المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية وبعض الدول الأخرى.

وخصوصاً مع توتر الأوضاع والأزمة الاقتصادية العالمية، وأصبحت هناك لقاءات سعودية إيرانية متعددة، وزيارات متبادلة على أوسع نطاق، ولقاءات مصرية إيرانية جديدة، فانتفت ألقاب الطاغوت والدولة الراعية للإرهاب، وأصبح هناك تفاهم وتناغم.

وربما نشهد في المستقبل القريب زيارات على أعلى مستوى لمسؤولين سعوديين إلى إيران أو مسؤولين إيرانيين كبار إلى السعودية أو تبادل لزيارات كبار المسؤولين بين مصر وإيران لتخفيف التوتر في المنطقة والبحث عن سبل للتعاون الاقتصادي وإنعاش الحركة في المنطقة بعدما شهدت أزمات متتالية لم يسبق لها مثيل.

أمام جميع هذه المعطيات، تبقى أمام إيران فسحة من الأمل وفرصة من العمل من أجل عقد اتفاق نووي تاريخي ومهم للغاية مع الغرب في إطار من الشفافية الكاملة والمفاوضات المكثفة المباشرة وغير المباشرة في أي مكان في العالم، سواء في أوروبا، كما كان في فيينا، أو في الشرق الأوسط أو في إحدى دول الخليج العربي، مثل دولة قطر أو سلطنة عُمان، في الفترة القصيرة جدّاً المتبقية من عهد الرئيس الأميركي جو بايدن قبل التغيير الذي قد يطرأ على الإدارة الأميركية، وخصوصاً إذا فاز دونالد ترامب مرة أخرى في انتخابات الرئاسة المقبلة، وكل الاحتمالات واردة في الشأن.

لكن إذا سارع الطرفان إلى تكثيف المفاوضات والحوار، واتفقا في النهاية على أن يعقدا اتفاقاً نووياً جديداً قوياً وصارماً ومحدّداً وواضحاً لا يمكن لمَنْ بعدَ بايدن من الرؤساء الجمهوريين أن ينقضوه أو أن يفضّوه لأي سبب من الأسباب. عندئذ، تكون إيران قد انتصرت فعلاً وحقَّقت مبتغاها، وتكون أميركا قد اطمأنت إلى البرنامج النووي الإيراني، وتكون "إسرائيل" قد خسرت معركتها إلى الأبد.