نتائج الانتخابات الرئاسية.. فاز فيها الإصلاحيون لكن الأصوليين مازالوا الرقم الأصعب

مرة أخرى يبرهن الجناح الأصولي لنظام حكم الجمهورية الإسلامية انضباطاً واضحاً، وحرصاً على احترام نتائج أيّ استحقاق سياسي.. انضباط عكسه الأصوليون هذه المرة في ردود فعلهم إزاء الإعلان عن فوز مرشح تحالف القوى الإصلاحية والمعتدلة حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية.

القوى الأصولية ماتزال تشكل رقماً هاماً وصعباً وماتزال تهيمن على العديد من المواقع الهامة للنظام
المرشح الخاسر إبراهيم رئيسي وإن كان قد تقدم بشكوى إلى مجلس صيانة الدستور تتعلق بحصول مخالفات خلال العملية الانتخابية كما قال، إلا أنه بارك للرئيس روحاني فوزه في الانتخابات.. وفي موقف مشابه لحليفه المنسحب قاليباف، هنأ رئيس بلدية طهران الرئيس روحاني فوزه هذا، واعتبر في بيان له أن السباق الانتخابي قد انتهى، وأن مرحلة العمل وتلبية مطالب الطبقات الفقيرة من الشعب قد بدأت. هذان الموقفان لرئيسي وقاليباف يعكسان دون شك إقراراً من الرجلين بالنتائج النهائية للانتخابات، وعدم رغبتهما في إثارة أية اعتراضات خارج إطار القانون.. 

واللافت أن القوى الأصولية التي لها اليد الطولى في المؤسسات الأمنية للبلاد كأجهزة الشرطة والحرس الثوري والتعبئة الشعبية "الباسيج " قد تركت عشرات آلاف الشباب والشابات المؤيدين للرئيس روحاني يعبرون عن فرحهم وسط العاصمة الإيرانية طهران كما يشاؤون في احتفالات صاخبة وغير مسبوقة، بدأت منذ عصر السبت بعد الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية، ولم تنتهِ إلا عند ساعات الصباح الأولى ليوم الأحد، وتجاوزت هذه الاحتفالات بعض الأحيان حسب شهود عيان حدود ما تسمح به القوانين الإيرانية، لكنها انتهت دون أي رد فعل من شأنه أن يفسد على المحتفلين فرحتهم بفوز مرشحهم الرئيس روحاني. 


ولعل مايزيد من أهمية الفوز الذي حققه تحالف قوى الاعتدال والإصلاح في الانتخابات الرئاسية تزامنه مع فوز كاسح آخر حققوه في المجالس البلدية في المدن والمحافظات الإيرانية، لاسيّما العاصمة طهران، حيث فازت قائمة هذا التحالف بكافة مقاعد المجلس البلدي لطهران الواحد والعشرين، لتتكرر تجربة الانتخابات البرلمانية في شباط/فبراير من العام الماضي عندما حصد الإصلاحيون كافة المقاعد البرلمانية الثلاثين الخاصة بطهران، وتصدّر محسن هاشمي رفسنجاني نجل الراحل رئيس هيئة تشخيص مصلحة النظام قائمة الفائزين بمقاعد المجلس البلدي لطهران بحصوله على أكثر من  1.7 ملايين صوت، ومن المتوقع وفقاً لمراقبين انتخاب محسن هاشمي كعمدة جديد لطهران محل قاليباف الذي احتفظ بهذا المنصب طيلة الاثني عشر  عاماً الماضية.

ورغم نجاح القوى الإصلاحية والمعتدلة خلال الأعوام القليلة الماضية في فرض هيمنتها على السلطة التنفيذية وأرجحيتها تحت قبة البرلمان، والعديد من المجالس البلدية في إيران، إلا أن القوى الأصولية ماتزال تشكل رقماً هاماً وصعباً بل هي الرقم الأصعب في الحياة السياسية الإيرانية، فهذه القوى التي ماتزال تهيمن على العديد من المواقع الهامة للنظام حتى وإن خسرت الموقع الرئاسي لدورتين متتاليتين إلا أن خسارتها هذه كانت مشرّفة كما يصفها بعض المتابعين للشأن الإيراني، ففي انتخابات عام 2013، 2017 حصل مرشحو الأصوليين على أكثر من 40 بالمئة من الأصوات، وهذا يعني أن جمهورهم سيظل يشكّل رقماً صعباً وكبيراً في أي انتخابات قادمة، وسيكون بمقدورهم العودة إلى الواجهة الأمامية للسلطتين التنفيذية والتشريعية وكل مواقعهم التي فقدوها متى ما عملوا على مراجعة تجربتهم السابقة وشَخصوا نقاط ضعفهم وقوتهم، ومتى مانجحوا في فك شفرة الشريحة الرمادية الكبيرة التي ثبت أنها باتت تشكّل بيضة القبّان في أي سباق انتخابي تشهده الساحة الإيرانية بين  الأصوليين والإصلاحيين.