كريستيانو رونالدو.. تمريرة حاسمة لـ"إسرائيل"!

نتطلّع إلى الصورةِ على أنها اعتيادٌ طبيعي من لاعبي كرة القدم، لكنها تحمل في مضمونها رسالةً سياسيةً أبعد من مجرد مصافحة عابرة وتشابُك أيدٍ بين إسرائيل كاتس وكريستيانو رونالدو.

  • كريستيانو رونالدو.. تمريرة حاسمة لـ"إسرائيل"!
    كريستيانو رونالدو.. تمريرة حاسمة لـ"إسرائيل"!

 

يشكّل اللاعب كريستيانو رونالدو مصدر قوّة لأيّ فريق ينضمّ إليه وملاذاً آمِناً لعشّاقه أينما حلَّ وارتحل. لكن ها هو اليوم يهدي تمريرة حاسِمة لـ"إسرائيل" لتسجيل هدف بنكهةٍ سياسية رياضية، مانحاً إياها شارةً جديدةً بشرعيّتها الدولية، الممنوحةِ لها تدريجاً منذ عام 1948 بدعمٍ أميركيٍ وأوروبي وبكلِّ أسف عربيّ.

رونالدو الذي عُرِف في دعمه لضحايا الاحتلال الإسرائيلي وتقديم الدعم المادي والإنساني كرسالةٍ إنسانيةٍ لكلِّ لاعب يُنصِّبُ نفسه مُلهماً له، لم يتوان عن التقاطِ صورة تجمعه مع وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس، وعن إهدائه قميصه الشخصي الخاص بفريق يوفينتوس الإيطالي.

وإْن بدا هذا السلوك عادياً لأيّ لاعب أجنبي، إلا أن تبعاته ومعانيه تعني الكثير لـ"إسرائيل" التي تحاول اكتساب شرعيّة من هذه المظاهر التي تروِّج لها وتسوّقها بكلِّ قوَّةٍ إعلامية.

ومن غير المُستبعَد أن يحضر رونالدو يوماً إلى الأراضي المحتلة  ويلعب في ملاعبها، ما يزيدُ من حجم الكسب الجماهيري لها، لاسيما وأن "إسرائيل" تُنافِس رياضياً في كأس الأمم الأوروبية وفي تصفيات الإتحاد الأوروبي لكأس العالم. من هذا المنطلق ربما تلتقي "إسرائيل" مع البرتغال التي يقود رونالدو منتخبها، إلا أن كيان الاحتلال سيسعى عل الأرجح إلى استثمار هذه اللقاءات والمناسبات ومحاولة إيجاد شرعية في هذه الصوَر والمظاهر.

إن المراقب للسياسةِ الإسرائيلية على الصعيد الخارجي، يجد بأنّها تمتلك كلَّ القطاعات التي تمنحها الضوء الأخضر للتعامُل مع الدول الأوروبية والعربية، خاصةً في المجال التكنولوجي والعسكري. واليوم تسعى "إسرائيل" لأن تستثمر في القطاع الرياضي.

وكان رونالدو دان في 12 من تموز/يوليو عام 2014، العدوان الإسرائيلي على غزَّة، وأعرب عن تضامنه الكامل مع ضحايا الحرب الإسرائيلية في ذاك العام، كما قدّم الدعم المادي لآلاف الأُسَر الفلسطينية المنكوبة جرّاء الحرب، وهناك مَن قال بأنه تبرَّع في قيمة كرته الذهبية لصالح المُحاصرين في القطاع.

لكن في 8 كانون أول/ديسمبر من هذا الشهر انتشرت صورةً له مع كاتس في إيطاليا، فهل يعني ذلك أن اللاعب الأسطورة يرحَّب بالتقاط الصور مع كل من يطلب منه ذلك من دون التفرقة أو النظرِ للمبادئ؟ وماذا يعني أن يصافح اليد نفسها التي أيّدت قرار قصف وقتل الفلسطينيين في قطاع غزَّة؟ ومن المعروف أن كاتس ينتمي إلى كتلة اليمين المُتطرّفة الداعِمة لقتل وتهجير الفلسطينيين في سبيل إقامة دولتهم على كامل الأرض المحتلة.

هذا الدور لم يقتصر للأمانة على رونالدو وحده. إذ سبق أن شارك ليونيل ميسي في مباراة وديةً أمام منتخب "إسرائيل" في 9 تموز/يونيو عام 2019، مؤكداً بذلك مسار بلاده الرياضي مع "إسرائيل". إذ لعبت الأرجنتين أربع مباريات مع "إسرائيل" بدأت في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، ولاقت استهجاناً واسعاً من الفلسطينيين على مواقع التواصل الإجتماعي في السنوات الأخيرة. وينظر قطاع من هؤلاء الفلسطينيين إلى الرياضة باعتبارها مُتنفّساً، لكنها باتت مسمومةً في ظلِّ تغيّر ملامح لاعبي كرة القدم ومشاهيرها، وما يستتبع ذلك من احتمال تغير مواقف هؤلاء المشاهير من إيمانهم بعدالة القضية الفلسطينية، إلى الوقوع في فخ دبلوماسية الاحتلال وسعيه إلى تغيير صورته النمطية المعروف عنها بالإجرام عالمياً.

"إسرائيل" ككيانٍ استيطاني استعماري مرتبط بالتقل والتهجير في أوساط جزء كبير من شعوب العالم الحر، باتت تهذّب نفسها وتلمّع صورتها على الصعيديّن الدولي والإقليمي. إذ عزَّزت نفسها كمُصَدِّرٍ للتنكولوجيا عالمياً وللمعدّات العسكرية والصناعية، وأخيراً تجد نفسها سفيراً رياضياً من خلال العديد من المشاريع واستقطاب المنتخبات من أجل اللعب في ملاعبها.

وما صورة كاتس وزير خارجيتها مع رونالدو إلا تعبير عن هذا التوجّه. جاءت الصورة كمعطف دافئ بالنسبة إلى كاتس فنشرها في الشارع الإسرائيلي ليُعزِّز من رصيده الدبلوماسي، بعدما جعل العديد من الدول تغيّر استراتيجيتها ومسارها في تأييد القضية الفلسطينية.

نتطلّع إلى الصورةِ على أنها اعتيادٌ طبيعي من لاعبي كرة القدم، لكنها تحمل في مضمونها رسالةً سياسيةً تتعدى كونها مجرد مصافحة عابرة وتشابُك أيدٍ بين كاتس ورونالدو.