كيف تصبحون أثرياء؟

ما إن نطرق ذلك الباب حتى تتقدَّم آلة الدفع، طالبةً منا القليل من المساهمة.

  • كيف تصبحون أثرياء؟
    ما إن نطرق ذلك الباب حتى تتقدَّم آلة الدفع، طالبةً منا القليل من المساهمة

نصادف في حياتنا اليوميّة العديد من الأشخاص والمواقع الإلكترونية والكتب التي تقدّم معلومات وخططاً وحلولاً عن كيفيَّة جمع المال، وكيفيَّة الوصول إلى الثراء السَّعيد على اختلاف أشكاله. إنَّه المشروع الأكثر إثارة لجميع غرائزنا التي تحثّنا على البقاء، ومن السهل جداً استغلال تلك الغرائز.

وقد أصبح البشر مبدعين في طرق إنتاج هذه السلع، ما جعلها تحتلّ المركز الأول في السلع الوهمية، في ظلِّ هروب معظم بني البشر من الواقع إلى الراحة الوهمية التي تشبع غرائزهم المادية.

أكاد أجزم أنّ الشَّخص الذي ظهر على شاشة حاسوبي، ليطلعني على سرّ ثرائه، ظهر لك أيضاً. ربما تختلف ملابسه وتسمياته، لكن هدفه دائماً هو أنت وأنا على حدٍّ سواء. إننا أهداف مشرعة لتلك الشخصيات التي تؤدي دور السارق المبدع؛ صاحب النظرة العصرية المتمكّنة إلى جميع قوانين الحياة والطبيعة.

تجذبنا تلك الشخصيات بتعابيرها الساحرة وأسلوبها البراق، حتى نكاد نصاب بالعمى لشدة بريقها، ونسعى إلى تطبيق كلّ ما يُملى علينا، حتى نكاد نصل إلى الباب الأخير في هذا الدهليز العظيم؛ باب يخفي خلفه أسرار السعادة التي تحمَّسنا لها.

 وما إن نطرق ذلك الباب حتى تتقدَّم آلة الدفع، طالبةً منا القليل من المساهمة، فإن كنت من الأغبياء الذين يساهمون في تقدّم تلك الشخصيات وتطورها، ستجد لاحقاً كلاماً فارغاً عن أسرار الثراء والسّعادة الملحقة بها. 

تدَّعي تلك الشَّخصيات أنها تدعمك وتعلمك كيف تطوّر نفسك وذاتك، وصولاً إلى غايات شتى. إن تلك الشخصيات في مجملها لا تريد لك أن تصل إلى القمة، فهي تعطيك من العلم ما يقرّبك إليها، ويجعلك أسير رحلتها، لكن من دون أن تسمح لأفكارك بالتجرؤ عليها وتخطّيها، سواء كان بالمعرفة أو المال أو النفوذ.

يدرك أصحاب العلم والدّيانات السماويّة والأرضيّة القيمة الاستثنائية لمبدأ العطاء، وهو العطاء الَّذي لا يبغي مقابل، ويكون مجالاً لارتقاء النفس نحو نسخة أفضل من المجموعات البشريَّة. 

إنَّ هذا العطاء هو الَّذي يوصلنا إلى الثراء المادّي والمعنويّ، فالكون سيردّ عطاءنا مضاعفاً، إذا ما تعمَّقنا في أسراره وقوانينه الثابتة، وأدركنا قيمة العقل المطلق الذي نحمله في رؤوسنا.

في هذا العالم، يوجد معلّمون مزيّفون وأساتذة مزيّفون أكثر عدداً من النجوم الموجودة في الكون المرئيّ، وكلٌّ يبيع الهوى على هواه، فلا تخلط بين الأشخاص الأنانيين الّذين يعملون بدافع السّلطة والمعلّمين الحقيقيين، فالمعلّم الصّادق لا يوجّه انتباهك إليه، ولا يتوقّع طاعةً مطلقةً أو إعجاباً تاماً منك، بل يكون موجوداً لمساعدتك على تقدير نفسك داخلياً واحترامها، لما فيها من عقل وإبداع. إن المعلمين الحقيقيين شفافون كالبلور؛ يعبر نور الكون من خلالهم.