الضحك والمشاعر الإيجابية والرياضة.. أساليب فعاّلة ضد كورونا

ثبت أن الابتسام يهاجم الخلايا السرطانية، فالمستشفى الصيني في قوانغتشو أدرج علاج الابتسامة في بروتوكول مكافحة السرطان.

  • الضحك والمشاعر الإيجابية والرياضة.. أساليب فعاّلة ضد كورونا
    التمارين الرياضية تساهم في تخفيف الطاقة السلبية

مع توقف الحظر المنزلي في معظم الدول التي فرضته، يُطرح السؤال: كيف نحافظ على صحتنا ونضمن تجنّب أخطار عودة تفشي موجة ثانية للفيروس التاجي وغيره من فيروسات قاتلة قادمة يتم التبشير بها والتحذير منها؟ هل بردّ الفعل الذي يرتكز على الخوف من نتائجه على الصحة، وزيادة القلق والتوتر، وما يرافق ذلك من عوارض وتداعيات سلبية، أو هناك فعل مواجهة آخر، عبر أخذ زمام أمورنا الصحّية بيدنا، باتباع وسائط تعتمد على الوقاية التي هي خير من قنطار علاج؟

علماء وخبراء وأطباء كثر خرجوا منذ زمن عن سلطة شركات الأدوية والطب الكلاسيكي، ونزعوا إلى اكتشاف ما هو خارج النطاق المتداول. هذه العلاجات لا تعتمد إجمالاً على الأدوية والمضادات الحيوية، إلا في المراحل المتأخرة والحرجة (مثال بروتوكولات سابين فرانكو وديديه راوول وغيرها)، والتي يفضل تجنّبها كلما كان ذلك ممكناً، لكونها تقضي على البكتيريا، لا تلك الضّارة فقط في الأمعاء، بل أيضاً الجيّدة والمفيدة، والتي يكون المريض بأمسّ الحاجة لها في أوضاع كهذه. 

كل ذلك كي لا ننتظر العلاج السحري الذي لن يكون، أو اللقاح الذي سيمر وقت طويل قبل التوصل إليه، لو قبلنا جدلاً بأن اللقاحات تنجي من الإصابة بالفيروس، لكونها تتطوّر من موسم إلى آخر، حتى في حالة كوفيد 19، فلم يمر من الوقت إلا القليل ليجد المختصون أنه تطور وتواجد بأشكال عدة، إلى جانب أن اللقاح قد يحمل الشر المستطير، ويتسبب بالكثير من الوفيات، على غرار ما حدث في بلدان أفريقية وآسيوية (أشرت إليها في مقالي الذي نشرته "الميادين نت" في 20 نيسان/أبريل الماضي).

هذه الوسائط الأخرى لجأ إليها باحثون ومختصون في مرحلة الوقاية و/أو بداية الإصابة، بالاستناد إلى تجربة طويلة في الميدان، منها العلاج بالأوزون، الذي يعتمد على مبدأ تجديد الدم بالأوكسجين المكثف وتخليصه من عناصر الأكسدة، وهو ممنوع في فرنسا، لكنه استخدم في بلدان أوروبية أخرى، كإيطاليا وإسبانيا إضافة إلى الصين وأميركا.

كما تم اللجوء إليه في سيراليون في العام 2014 ضد فيروس إيبولا، وأعطى نتائج جيدة. ففي حالة كوفيد 19، لوحظ في حالات متقدمة نقص الأكسجة في الخلايا، واستشعار أكبر لأوكسيد الكربون. وعندما ينخفض، تتشبّع الخلايا في الجسم بالأوكسجين إلى ما دون 75%، وتتعرض أعضاء أساسية للخطر، كما القلب والدماغ.

وحيث يستهدف الفيروس التاجي المستحدث بشكل خاص بكتيريا بريفوتيللا التي تستعمر الأمعاء، كان التحذير بالتنبه إلى أنواع الفطريات والبكتيريا الموجودة بشكل طبيعي في الأمعاء، كي لا تزيد النسبة الضارة منها على المفيدة. 

ومن المعلوم أن الميكربيوم أو مجموعة الفطريات والبكتيريا الموجودة في الأمعاء، والتي يفوق تعدادها عدد خلايا الجسم، تقوم بوظائف عدة في الهضم والاستفادة من خلاصات الطعام وتحويلها إلى الدم. كما لها علاقة مباشرة بمعظم الأمراض التي يعاني منها الإنسان، ومنها مرض البركنسون، كما أثبتت ذلك آخر دراسة بالموضوع. وعليها تبنى آمال مستقبلية لمعالجة الأمراض التي نعاني منها اليوم.

المعركة ضد كورونا تحتاج إذاً إلى تقوية الفلورا المعوية، لزيادة مقاومة المناعة عند البشر، حيث إن 80% من الخلايا المناعية موجودة في الميكروبيوم، و75% من الأجسام المضادة التي تدافع عن الجهاز التنفسي ضد الفيروسات، تنشأ في الغشاء المخاطي المعوي. 

وقد أظهرت دراسة صينية نشرت في شباط/فبراير 2020 أن كبرى المستشفيات الجامعية في الصين لجأت إلى مكملات البروبيوتيك عندما لاحظت هبوطاً في نوع معين من البيفيدوباكتيريا، توخياً لتعزيز المناعة وتجنب مخاطر العدوى والانتقال بين الأشخاص. 

من ناحية أخرى، أكدت دراسات سريرية بشرية الأهمية الشديدة لبعض الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية الأساسيّة، وشددت على ضرورة استعمالها اليومي، منها الفيتامين D، لأهميته العالية في الوقاية من خطر الإصابة بالتهابات تنفسية حادة.

وللوقاية من كوفيد 19، يجب أخذ هذا الفيتامين على شكل مكملات غذائية، لكونه يقضي على البروتين CD26 الموجود على مدخل الخلايا، والذي يسهل اختراق الفيروس لها. 

بناء على ذلك، دعت دراسة إيرلندية إلى تأمين هذا الفيتامين للجسم الطبي لوقايته من الإصابة بالفيروس، كما للمصابين، لتخفيف وطأة الإصابة. أما في الحالات العادية، فنصف ساعة يومية من التعرض للشمس قد تكون كافية لتخزينه في الصيف. أما في فصل الشتاء، فيبقى من الضروري تناوله يومياً كمكمّل.

ولا ننسى فيتامين C، الذي أحياناً ما يتم اللجوء إلى جرعات قوية منه على شكل حقنات في الوريد، كذلك الزنك والسلنيوم و(NAC) واليود (المهم جداً للغدة الدرقية التي هي البوابة للتكيف النفسي والحيوي والعضوي والفكري، وبالتالي الحصانة). ولمحاربة الفيروسات وتقوية المناعة، هناك من يضيف فيتامين E وأوميغا 3.

بروتوكول ماريك لجأ إلى هذه العلاجات في حال المعالجة، لا الوقاية فقط، حيث يستعمل لعدة أيام فيتامينات مركزة تحقن في الوريد، كالفيتامين C وB1، إضافة إلى الهيدروكورتيزون. أما للوقاية، فقد استعمل جان فيليب لابريز مزيجاً من فيتاميناتC وD، إضافة إلى الزنك والسلنيوم والمغنزيوم والكرستين. وهذه الوصفات اعتمدت في أميركا وغيرها، وأعطت نتائج جيدة. 

كذلك، برزت المستخلصات النباتية والزيوت الأساسية المعترف بها من قبل العلم، والمصادق عليها بالاستخدام التقليدي، والتي تساعد على الحد من مخاطر العدوى وزيادة القدرة المناعية للأشخاص المعرضين لاحتمال الإصابة بالفيروسات التاجية. ففي كلّ الأزمنة، كان التداوي بالأعشاب والمنتجات الطبيعية ملاذ البشر، على غرار إكليل الجبل والغار والبقدونس والنعناع والصعتر المعروف كمقوٍ للمناعة ومضاد لالتهابات الحنجرة والجهاز التنفسي. 

لكن في عصرنا الحديث، تعدّت سطوة الشركات العابرة للحدود، بما فيها شركات الأدوية، كل الحدود والحس السليم، وبنوع خاص في بعض البلدان الأوروبية.

ففي فرنسا، تمنع اللائحة 1924/2006 مصنعي المنتجات الطبيعية وبائعيها من تقديم "ادعاءات علاجية" على منتجاتهم.

 المختبر أو الموزع الذي يورد هذه المعلومات الضرورية للصحة، قد يواجه غرامات كبيرة، وحتى عقوبة السجن. إنها قوانين قاتلة للحرية الشخصية، على الرغم من الدراسات العديدة في أرجاء العالم التي تؤكد جدوى استعمالاتها، بما فيه على الفيروس المستجد؛ شغلنا الشاغل اليوم. 

من جهة أخرى، ورغم تراجع خصوبة التربة، واستعمال الكيماويات للمزروعات، وانخفاض نسبة الفيتامينات والمعادن والعناصر الغذائية المهمة نتيجة ذلك، يبقى الطعام وحسن اختيار عناصره وطريقة تجهيزه وطهوه من المسائل التي يتم إيلاؤها أهمية عالية. 

ولطعام حوض البحر المتوسط سمعة جيدة، لتضمّنه نسباً مرتفعة من مضادات الأكسدة، باعتماده على الخضار والفاكهة الطازجة والقليل من اللحوم، وخصوصاً الحمراء، واستهلاك أكبر للأسماك وحيوانات البحر، كما الاعتماد على البيض وزيت الزيتون والإكثار من البصل والثوم.

 
طبعاً، التخفيف من كلّ ما يحتوي على السكريات، من الحلويات إلى السكريات المتخفية في الأطعمة الجاهزة، يساعد على الاحتفاظ بالكريات البيضاء الضرورية لمواجهة الالتهابات، والتي يزيد من عددها فيتامين A.

ومن المهم جداً اللجوء ما أمكن إلى المكسرات بكل أنواعها، لكن غير المملحة إن أمكن، كي لا يزيد الملح من ضغط الدم وإشكاليات أخرى. 

ولإعادة التوازن إلى الجهاز العصبي وتقوية المناعة، يُنصح أيضاً بتحسين شروط النوم وإيلائه الاهتمام المستوجب والزمن الكافي، من دون اللجوء إلى كل ما هو كيميائي للمساعدة، لكون مساوئ الدواء أكثر من محاسنه، فما يساعد على النوم يساعد أيضاً على التمتّع بالحياة.

وكثيرة هي طرائق الاسترخاء التي تحفّز المناعة، اعتماداً على تقنيات التدليك واليقظة الواعية والتأمل واليوغا والتاي تشي والتنويم المغناطيسي والعلاج بالموسيقى والكتابة التعبيرية. وكما تحسّن من قوة التركيز وحاسة الحدس والذاكرة والقدرات الإبداعية، فإنها تخفّف من الألم والتوتر والقلق والاكتئاب والأرق والصدمات النفسية. 

إلى جانب التمارين الرياضية التي تبقى، ولو بالحد الأدنى، من الأساسيات الحياتية، علينا إذاً أن نتخفّف من أحمال مشاعرنا وما تتضمّنه من خوف وقلق وتوتر وغضب وحسد وحقد وكل ما هو سلبي تجاه الآخر، والذي ينعكس بالضرورة سلباً على ذواتنا.

إن تخزين هذه المشاعر واجترارها من حين إلى آخر يعود بضرر كبير على النفس، بينما العمل على الذات لنزع طاقتها السلبية، بالتعرف إلى النوازع والمشاعر السلبية، ومعرفة كيفية توجيهها وتحرير النفس منها، بتحويلها إلى صفح وسكينة وتفهم، إن لم يكن تعاطفاً ومحبة، فيه ما يقوي طاقتنا الإيجابية ويعزز من المناعة الشخصية في مواجهة نوائب الدهر. 

أما التدرب على الابتسام والضحك، حتى في غياب ما يدفع إلى ذلك، ففيه تحفيز لمضادات الاكتئاب الطبيعية وتقوية لجهاز المناعة. وفي ذلك ما يقلل من هرمونات التوتر وضغط الدم، ويحمي من أمراض القلب، ويحسن عموماً الصحة، بزيادة إفراز الدوبامين والسيروتونين. 

وحيث ثبت أن الابتسام يهاجم الخلايا السرطانية، فالمستشفى الصيني في قوانغتشو أدرج علاج الابتسامة في بروتوكول مكافحة السرطان، فاضحكوا ما استطعتم لتطيلوا أعماركم، ولا تنسوا أن الدنيا فانية، فمن التراب وإلى التراب نعود.

 

أعلنت منظمة الصحة العالمية في 31 كانون الأول/ديسمبر 2019 تسجيل إصابات بمرض الالتهاب الرئوي (كورونا) في مدينة ووهان الصينية، ولاحقاً بدأ الفيروس باجتياح البلاد مع تسجيل حالات عدة في دول أخرى حول العالم.