دير الزور.. الموقع والمهام

عمدت واشنطن، بعد سيطرة الجيش السوري على دير الزور، إلى تعزيز قواتها العسكرية بمحيط حقول النفط السورية.

  • تمكنت مدينة دير الزور من استعادة شيء من عافيتها خلال السنوات الثلاث الماضية
    تمكنت مدينة دير الزور من استعادة شيء من عافيتها خلال السنوات الثلاث الماضية

منذ إعلان الجيش السوري سيطرته على كامل دير الزور شرق سوريا عام 2017، شهدت المدينة تراجعاً كبيراً في وتيرة العنف والأعمال القتالية التي بقيت محدودة ضمن مناطق ريف دير الزور الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركياً.

تمكنت المدينة من استعادة شيء من عافيتها خلال السنوات الثلاث الماضية، وبدأت رحلتها نحو إعادة الإعمار والاستقرار بالتوازي مع عودة الأهالي إليها، خاصةً وأنّ قوات الجيش السوري نجحت في تأمين مساحاتٍ جغرافية واسعة محيطة بالمدينة.

وبينما كانت دير الزور تداوي جراحاتها الكثيرة، كانت الولايات المتحدة الأميركية تنهب حقول النفط السورية في مناطق شرق الفرات، بتسهيلٍ وتعاونٍ مطلق من قوات سوريا الديمقراطية التي رفضت الانخراط في تفاوضٍ غير مشروط مع الحكومة السورية، وفضّلت الذهاب إلى تحقيق الأهداف الأميركية على الأرض السورية، حتى وصل بها الأمر إلى مرحلة توقيعها اتفاقاتٍ اقتصادية مع شركاتٍ أميركية لاستخراج النفط من الحقول السورية وبيعه.

وعمدت واشنطن، بعد سيطرة الجيش السوري على دير الزور، إلى تعزيز قواتها العسكرية بمحيط حقول النفط السورية، فالثروة النفطيّة هي السبب الرئيسي في بقاء القوات الأميركية وفقاً لما كشفه الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب، وهو الأمر الذي لم يجرؤ أيّ مسؤولٍ أميركيٍّ في السابق على الاعتراف به صراحةً.

وفي المكان الذي سعت فيه القوات الأميركية إلى ثبيت هيمنتها بتعاونٍ مريبٍ من "قسد"، كانت تركيا تبحث عن حصّةٍ لها في شرق الفرات، حيث دخلت في حربٍ على الحدود الجنوبية مع سوريا، زاعمةً رغبتها في إبعاد خطر الفصائل الكردية عن حدودها؛ وهو ما لم يحدث طوال الفترة الماضية، بل على العكس، كانت القوات التركية تمارس الدور الأميركي نفسه، وتواصل ألعابها وتمرّر أهدافها، ولو اضطرّت أحياناً إلى قطع المياه عن مليون مدني في الشمال، وهو ما تعتبره أنقرة شرعياً، إن كان يؤمَّن لها ما تريد.

في موازاة ذلك، كانت القوات السورية تعمل على ترسيخ الاستقرار والأمان في مدينة دير الزور بالتعاون مع حلفائها الذين حضروا بشكلٍ فاعلٍ على الأرض أيضاً، ما شكّل رادعاً للخلايا المسلّحة النائمة المتخفّية في بادية دير الزور، والتي كانت تحاول بين الفينة والأُخرى شنّ عمليات اغتيالٍ أو خطفٍ بحق الأهالي.

وزير الخارجية والمغتربين السوري فيصل المقداد، أكّد في هذا السياق أنّ بلاده حقّقت انتصاراتٍ مشتركة مع الجانب الروسي في الحرب ضد الإرهاب داخل سوريا، وهذا لا يعني أنّ الإرهاب قد انتهى، بل إنّ الحرب ضد الإرهاب مستمرةٌ بشتى الطرق والوسائل، معتبراً أنّ الوجود العسكري الروسي في سوريا ليس مفيداً فحسب، بل ضرورياً.

عادت الهجمات الإرهابية مؤخراً لتضرب الأمان في مدينة دير الزور باستهداف الحافلة المدنية على طريق تدمر- دير الزور، وأدّت إلى استشهاد أكثر من 30 شخصاً من مدنيين وعسكريين، الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات حول الغاية من عودة إحياء الجماعات الإرهابية ومَن المستفيد منها في هذا التوقيت بالذات.

يُشير الكثير من المراقبين بالبنان في منطقة البادية إلى القاعدة العسكرية في التنف، حيث تعمل واشنطن على تدريب المسلحين في تلك المنطقة لشنّ عملياتٍ إرهابية، في محاولةٍ منها لخلط الأوراق داخل سوريا، كما تفعل أميركا تماماً في منطقة الشرق الأوسط برمّتها، عبر خلط الأوراق وتغذية الصراعات وإحياء الحساسيات قُبيل خروج ترامب من السلطة.

وبالرغم من كلّ ذلك، تسعى دير الزور إلى استعادة مكانتها كمدينةٍ استراتيجية قرب الحدود العراقية ،عصيّةً على المخططات الأميركية التي تحاول حصارها بالمجموعات الإرهابية، في محاولةٍ لضرب مكانتها وحضورها الهامّ ؟