اختلافٌ جوهري في الحروب القادمة

لقد اختلفت استراتيجيات الدولة في الحروب عمّا كانت عليه في السابق، فهناك دولٌ عديدة ومنظمات ومجموعات مسلحة باتت استراتيجيّتها في الحروب تعتمد على المسيّرات.

  • اختلافٌ جوهري في الحروب القادمة 
    نظراً لصغر حجمها ورخص سعرها ومفعولها القوي، الكلّ يستطيع امتلاك المسيّرات بسهولةٍ ويُسر

ما شهده العالم هذه الفترة من اضطراباتٍ سياسية وعسكرية، يعكس اختلافاتٍ جوهرية في المعارك والمواجهات، فالحروب الآن انقسمت إلى قسمين رئيسيين: حربٌ بيولوجية وحربٌ سيبرانية. هذا الوضع الجديد جعل معظم دول العالم تغيّر استراتيجيتها الحربية، من حيث التجهيز والإعداد والتكتيك.

الهجوم السيبراني الأخير على الولايات المتحدة الأميركية جعلها تهتزّ من الداخل بعد عمليات الاختراق الأخيرة لمواقع حسّاسة في الولايات المتحدة الأميركية، وبدأت كالعادة ترمي بأخطائها على دولةٍ أخرى مثل روسيا أو إيران وغيرها، وتقوم باتهامهما بهذا التجاوز الذي لا يُعتبر الأوّل في العالم، إذ سبق وحصلت حالاتٌ مماثلة في بعض الدول، لكن هذا الخرق هو الأكبر كما جاء في وسائل الإعلام العالمية والأميركية.

هذه الاستراتيجية الجديدة في الحروب لا تقلّ أهميةً عن تلك التي تتوعّد بها دولٌ مثل إيران أو المقاومة لامتلاكها صواريخ قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى. وفي الوقت ذاته، هذه الصواريخ دقيقةٌ ومجرّبة، فعندما تهدّد دولةٌ عظمى مثل الولايات المتحدة الأميركية دولةً أخرى، تكون على قناعةٍ تامة بأنه لا يوجد ردٌّ من قِبل هذه الدولة، فتقوم بتطبيق هذه الاستراتيجية الحربية على باقي دول العالم.

لكن في العقد الماضي تحديداً، اختلفت تلك النظرية تماماً، فتكافؤ القوى بين الدول أصبح بمستوى واحد، لا يهمّ التفوّق في العديد أو العِداد، بقدر التكنولوجيا التي تمتلكها تلك الدولة، سواءً كانت قوةٌ صاروخية أو نووية أو سيبرانية، فالبعد الجغرافي لا أهمية له بوجود صواريخ بعيدة المدى، واختراقاتٍ تطال مواقع إلكترونية حساسة ومهمة، بالطريقة التي حصلت مؤخراً في أميركا.

العالم ينتظر أن يقوم ترامب قُبيل تسليم السلطة بعملٍ عسكريٍّ ما ضد دولةٍ ما، لكي يردّ اعتباره أمام ناخبيه، بعد الفشل الذي حصده خلال فترة حكمه التي استمرت أربع سنوات، شهد خلالها الكثير من الهزائم سواءً في الداخل أو في الخارج، بدءاً من ضربة عين الأسد في العراق من قِبل إيران، أو لدى زيارته العراق سراً، أو عند اندلاع الاضطرابات الداخلية أو التفرقة العنصرية التي ظهرت إلى السطح هذه الفترة، بشكلٍ لم يسبق له مثيل داخل الولايات المتحدة الأميركية.

لقد اختلفت استراتيجيات الدولة في الحروب عمّا كانت عليه في السابق، فهناك دولٌ عديدة ومنظمات ومجموعات مسلحة باتت استراتيجيّتها في الحروب تعتمد على المسيّرات، فالطائرة المسيّرة تُغني تماماً عن أيّ عمليةٍ انتحارية أو إطلاق صواريخ أو مواجهة جيشٍ مقابل جيش. إنها طائراتٌ رخيصة الثمن، مفعولها قويٌّ وخطير، وهناك من قام بتجربتها وقد حقّقت نجاحاً باهراً. ونظراً لصغر حجمها ورخص سعرها ومفعولها القوي، الكلّ يستطيع أن يمتلكها بسهولةٍ ويُسر.

في حال اندلعت أيّ حربٍ هذه الفترة أو في السنوات القادمة، ستعتمد استراتيجية الحروب على حربٍ سيبرانية أو صواريخ دقيقة أو طائراتٍ مسيّرة، وهذا ما جعل دولٌ عظمى تغيّر في أساليبها الحربية وتُعيد هيكلة عساكرها بطريقةٍ تتناسب مع حيثيّات الحروب القادمة في حال حصولها.