تركيا: طقس بارد.. انتخابات حامية

أمران متوافران بكثرة في العاصمة التركية أنقرة، البرد والفعاليات الانتخابية. أما البرد فهذا وقته هنا إنما توقيت الانتخابات فهذا لم يكن ليخطر ببال أحد هنا قبل السابع من حزيران/ يونيو الماضي. انتخابات ينقسم الأتراك حولها بين من يريدها لإنهاء تفرد العدالة والتنمية بالحكم وأنصار الأخير الذين يريدون تغيير صورة برلمان يونيو.

يتطلع الأتراك إلى التغيير في الانتخابات كل من زاويته
كان الأتراك يفترضون أنهم سيحظون ببرلمان جديد بعد تصويتهم في مختلف محافظات البلاد. لكن خياراتهم السياسية آنذاك وإتيانهم بحزب جديد هو حزب الشعوب الديموقراطي إلى الندوة البرلمانية قلب الطاولة على حزب العدالة والتنمية الحاكم. وبنتيجة التصويت خسر الحزب الذي تفرد بتأليف الحكومات التركية منذ العام 2002 الأغلبية التي كان ينشدها. أمر له تبعات دستورية. قرر رئيس البلاد رجب طيب أردوغان والذي يناديه الأتراك "طيب" أن يتجاوز الدستور الذي يحتم تكليف زعيم ثاني أكبر كلتة برلمانية بتأليف الحكومة ودعا إلى انتخابات مبكرة. 


ها هو موعد الانتخابات يقترب ومعه تزداد آمال الأتراك بالتغيير. منهم من يريد تغييراً ينهي تفرد حزب واحد بالحكم ومنهم من ينشد تغيير صورة برلمان حزيران ليعود حزب الإخوان المسلمين إلى البرلمان بأغلبية مطلقة. 
أنقرة تنام وتصحو على وقع الحملات الانتخابية في شوارعها. مهرجانات خطابية، تجمعات ذات طابع فلكلوري، ومحطات للأحزاب المشاركة في الانتخابات في الساحات والشوارع الرئيسية لتوزيع البرامج الانتخابية والتواصل بشكل مباشر مع الناس. هذا بالإضافة إلى الإعلانات الضخمة التي تحمل شعارات الأحزاب ووجوه المرشحين. 


وحده حزب الشعوب الديموقراطي يحرص على إبقاء فعالياته الانتخابية في أماكن مغلقة. فبعد تفجيري سوروج وأنقرة اللذان استهدفا تجمعات لمناصريه وبعد إحراق مقره الرئيس في أنقرة، يسيطر الهاجس الأمني على أنشطة الحزب وتحركات أعضائه ومناصريه.


ليس الطقس وحده الذي تغير في تركيا بين السابع من حزيران/ يونيو ومطلع تشرين الثاني/ نوفمبر. داخلياً باتت مواجهة التهديدات الأمنية أكثر إلحاحاً بعد تفجيرين حصدا حياة العشرات.
كذلك انهارت عملية السلام مع الكرد وعادت الاشتباكات بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني في وقت تعاني فيه حرية التعبير في هذا البلد الذي لطالما تغنى أبناؤه بتقاليده الديموقراطية.
أما على مستوى السياسة الخارجية فسياسة صفر مشاكل انقلبت إلى سياسة تدخل في شؤون دول الجيران ولا سيما سوريا. يضاف إلى ذلك الخلاف مع مصر بعد حكم محمد مرسي وتعثر انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي وعدم وضوح القرار في ما يخص الانضمام إلى التحالف ضد داعش. 


أمور عدة تغيرت لعل أبرزها ازدياد رغبة الأتراك في المشاركة في صنع القرار السياسي في بلادهم. إذ يتوقع أن يشارك نحو 55 مليون شخص في الانتخابات أي ما تتعدى نسبته 86%.
يوم الأحد ستزدحم شوارع أنقرة بالبرد والمرشحين للانتخابات والأهم بالناخبين الذين ستحدد أصواتهم شكل تركيا الجديد.