عيد الأضحى المُبارك في الجزائر وغلاء أسعار الأضاحي

الشيء الآخر الذي ساهم في تأزّم الوضع هو ظاهرة تهريب المواشي نحو البلدان المجاورة وخاصة تونس والمغرب أو حتى ليبيا، وبيعها بأسعار مُضاعَفة وأحياناً بالعملة الصعبة، فعمليات التهريب نحو الحدود والتي تديرها عصابات مختّصة ولها امتدادات خارج حدود البلاد، وكذلك إقبال أصحاب المسالخ الخاصة على شراء كميات كبيرة من رؤوس الماشية من أجل إعادة بيعها للأحباب والمعارف عند اقتراب أيام عيد الأضحى المبارك وبأسعار خيالية في بعض الأحيان

ظاهرة تهريب المواشي نحو البلدان المجاورة ساهمت في تأزّم الوضع
يعرف عيد الأضحى هذا العام على غِرار الأعوام الفارِطة ارتفاعاً جنونياً في أسعار الأضاحي، رغم أن الوزارة الوصيّة والمُتمثّلة في وزارة الفلاحة والموارد المالية والصيد البحري في الكثير من التصريحات الرسمية قالت:بأنَّ أسعار الأضاحي ستكون في مُتناول الجميع وهذا ما يُكذّبه الواقع المادي حيث جولة بين أسواق الماشية المُنتشرة في مختلف ربوع الوطن تكشف لنا الحقائق التي تغيب عن الجهات الوصيّة. إذ يعمد تجار الجملة وخاصة في المدن الداخلية كمدن الأغواط أو الجلفة على رفع سعر الأضاحي وذلك لعدّة أسباب موضوعية برأيهم، ومنها ارتفاع أسعار الأعلاف وكذلك نقص المراعي وقلّتها، ضف إلى ذلك المصاريف الباهظة التي يتكبّدها هؤلاء للاعتناء برؤوس ماشيتهم لسنوات وتكاليف نقل الماشية.... الخ.


كل هذه العوامل بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، تجعل من عيد الأضحى فرصة ذهبية للموالين والسَّماسرة والتجار وخاصة في المدن الكبرى على غِرار العاصمة أو قسنطينة أو وهران لجني أموال طائلة ربما تغنيهم عن ممارسة أيّ نشاط تجاري مُربِح طيلة العام، وسط صمت رهيب أمام ظاهرة غلاء أسعار الأضاحي والابتزاز الذي يخضع له المواطنون وخاصة من أصحاب الدَّخل الضعيف والمحدود، أو أرباب الأسر والعائلات الجزائرية الذين يجدون أنفسهم أمام نارين، من جهة نار الدخول الاجتماعي والمدرسي الذي يتزامن مع عيد الأضحى المبارك وكذلك غلاء أسعار رؤوس الماشية بمختلف أنواعها، ولا يجد هؤلاء أمام هذا الوضع وخاصة لإسعاد أطفالهم إلا اللجوء للاستدانة من الأقارب أو الأصحاب أو الجيران وإثقال كواهلهم المالية بالديون.

 

والشيء الآخر الذي ساهم في تأزّم الوضع هو ظاهرة تهريب المواشي نحو البلدان المجاورة وخاصة تونس والمغرب أو حتى ليبيا، وبيعها بأسعار مُضاعَفة وأحياناً بالعملة الصعبة، فعمليات التهريب نحو الحدود والتي تديرها عصابات مختّصة ولها امتدادات خارج حدود البلاد، وكذلك إقبال أصحاب المسالخ الخاصة على شراء كميات كبيرة من رؤوس الماشية من أجل إعادة بيعها للأحباب والمعارف عند اقتراب أيام عيد الأضحى المبارك وبأسعار خيالية في بعض الأحيان، أو لأصحاب محلات بيع اللحوم بالتجزئة وهي التجارة التي جعلت الكثير من الجزائريين يحوّلون نشاطاتهم التجارية ويغتنمون هذه الأيام لجني أكبر قدر ممكن من الأموال، حتىَّ ولو كان ذلك على حساب آلام الكثير من الأسر ومعاناتهم، فسوق اللحوم تعرف ارتفاعاً ملحوظاً في أثمانها في عيد الأضحى المُبارك وسط محدودية في الطلب نتيجة الإقبال الكبير على اقتناء اللحوم الحمراء خاصة ومختلف أجزاء الأضحية التي يفضّل الكثيرون شراءها مذبوحة من أماكن مخصّصة لذلك.
 تجاوز سعر الأضاحي في المتوسّط 40 أو 50 ألف دينار جزائري لرأس الماشية الواحد (الكبش بالأخص)، وهو مبلغ يتجاوز القدرة الشرائية لعموم الجزائريين لأن الراتب الشهري في المتوسّط حوالى 35 ألف دينار شهري لكثير من الطبقات المتوسّطة، وهناك مَن راتبهم أدنى من ذلك بكثير، غياب الرقابة و فِرَق مكافحة الغشّ وكذلك فِرَق صحية لمعاينة الماشية والاطلاع على أحوالها الصحية في العديد من أسواق ونقاط بيع الماشية، وتواطؤ بعض المسؤولين مع تجار الماشية والتغاضي عن أسعار مواشيهم التي يراها الكثير من المواطنين غير مبرّرة، والأسواق الفوضوية للماشية والتي لا تحوز التراخيص اللازمة، وعدم وجود أسعار موحّدة للماشية حسب مواصفات ومعايير جودة معينة، والأمراض التي تصيب هذه الماشية ولا يعرف مَن يشتريها عنها شيئاً حتىَّ يحين موعد ذبحها. 
كل هذه العوامل وغيرها تجعل من عيد الأضحى لهذه السنة عيداً يراه الكثيرون مُجرّد أيام دينية لا تحمل في طيّاتها معاني الرحمة والأخوّة والمودّة التي كانت  سائدة في السنوات الفارطة وخاصة أنَّ رقعة الفقر قد توسّعت وزادت بشكل مُخيف هذه السنة.