كل الطرق تؤدّي إلى دمشق

في عصر الامبراطورية الرومانية ، كان ثمة مثلٌ متداولٌ لدى عامة الناس يقول : " كل الطُرق تؤدّي إلى روما " .

الحل النهائي سيكون سورياً سورياً وأن كل الطُرق تؤدّي إلى دمشق .
في عصر الامبراطورية الرومانية ، كان ثمة مثلٌ متداولٌ لدى عامة الناس يقول : "كل الطُرق تؤدّي إلى روما".

هذا على سبيل المعنى العام، أما من الناحية السياسية فقد كانت روما عاصمة القرار السياسي العالمي في ذلك التاريخ كما هي واشنطن ، طبعاً مع الأخذ بعين الاعتبار أن العالم اليوم لم يعد أحادي القطبية ، في ظلّ صعود كل من روسيا والصين .

ويبدو أن المُعارضة السورية لم تقتنع أنّ حل الأزمة في سوريا سيكون سورياً سورياً حتى بعد تصريح وزير خارجية الولايات المتحدة ريكس تيرلسون المُدوّي في أنقرة خلال المؤتمر الصحافي الذي جمعه مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في أنقرة بعد مباحثات مُكثّفة مع الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، ورئيس وزرائه بن علي يلدريم، و أوغلو نفسه .

تصريحات تيلرسون أصابت المُعارضة السورية في مقتل ، كما يُقال فخرجت التصريحات المُتناقِضة والمُرتبِكة من الائتلاف السوري المُعارض والهيئة العُليا للتفاوض تُفسِّر التصريح بحسب تمنيّاتها على الرغم من أن الرجل صرَّح بملء فمه أمام وسائل الإعلام!

تيرلسون الذي أكّد "أن الشعب السوري هو الذي سيُقرّر مُستقبل الرئيس بشّار الأسد على المدى البعيد" . أكّد المثل القائل أن كل الطُرق تؤدِّي إلى روما ، وروما اليوم هي دمشق ، على اعتبار أن الإدارة الأميركية هي الداعِم الأكبر للمجموعات الإرهابيّة ، وعبارة تيرلسون لم تَرِد مُطلقاً من قبل على لسان أيّ مسؤول أميركي أو أوروبي سابق ، ما جعل هذه المعارضة تزداد تخبّطاً يوماً بعد آخر ، ليكون أيّ تحرك للمعارضة السورية في ظلّ رفع الغطاء الأميركي عنها جعجعة بلا طحن ، كما يقول المثل الدارِج .

ومن هنا يمكن القول: إن ما يُسمَّى بالمُعارضة السورية ستضطر إلى تغيير سياستها والقبول بالحلول المطروحة التي تُملى عليها من عواصم القرار وفي مُقدّمها واشنطن ومَن يدور في فلكها من دول غربية واقليمية .

البعض ذهب إلى أبعد من ذلك بالقول إن المُعارضة السورية وخصوصاً الائتلاف السوري المُعارض  والهيئة العُليا للمفاوضات وفصائل ما يُسمّى بالجيش الحر يصعب عليهم النزول بسهولة عن الشجرة العالية التي صعدوا عليها بسبب علاقات بعضهم مع  العدو الإسرائيلي، ومُجاهرة البعض بذلك ، كالعصابات المُسلّحة في المنطقة الجنوبية التي تتلقّى العِلاج في مستشفيات الاحتلال .

الموضوع الأهم أنّ المُعارضة السورية ليست مُعارضة واحدة، وإنما مُعارضات لا شيء يجمعها سوى الفوضى والكره للنظام ، ومن هنا فإنّ ما سيوحّدها يوماً هو تخلّي الدول الداعمة لها في لحظة من اللحظات ، ليكون أمامها خياران إما أن تسلك الطريق إلى دمشق كما يفعل داعموها في عواصم القرار ، وإما الخروج من العملية السياسية السورية القادمة ، والخياران أخرهما مرُ .

روسيا تحاول بكلّ ما أوتيت من عزيمة أن تجمع ما بين الحكومة السورية وفصائل المُعارضة اقتناعاً منها أنّ الحلّ السياسي النهائي للأزمة السورية سيكون في دمشق ، على عكس الدول الغربية وبعض الدول العربية التي كانت ولازالت تقدّم السلاح للمجموعات الإرهابية سعياً منها لإطالة أمد الحرب.

صحيح أن مدينتي جنيف والأستانة شهدتا الكثير من المؤتمرات والجولات لحل الأزمة السورية ، لكن بعض المُراقبين يرى أن هذا الحراك محكومٌ عليه بالفشل ، والسبب أنّ كل من ذهب إلى جنيف والأستانة لا يمتلك القدرة على وقف القتال ، فالقرار النهائي بيد الدول الداعمة لهذه المُعارضات والمجموعات المُسلّحة ، ومن تابع هجوم المجموعات المُسلّحة الأخير على دمشق وريف حماة تأكّد أن القرار لم يكن قرار المُعارضة لوحدها .

المطلوب اليوم وبعد تصريحات تيلرسون وادّعاء الإدارة الأميركية تركيزها على مُحاربة الإرهاب عقد لقاء دولي يُحدِّد مَن هم الإرهابيون في سوريا ، ومَن يدعمهم ، وبالتالي وقف كل أشكال الدعم لهذه المجموعات بمختلف مُسمّياتهم سواء كان ذلك بالمال أم بالسلاح، وبغير ذلك لن يتوقّف العدوان المُستمر على سوريا.

وعندها سنجد أنّ الحل النهائي سيكون سورياً سورياً وأن كل الطُرق تؤدّي إلى دمشق .