ما هي قصة خلافات يوسف الشاهد؟

في صورة مواصلة دعم النهضة للشاهد سيحصل رئيس الحكومة مجدداً على الثقة، لكن لا أحد يضمن مواصلة دعم النهضة للشاهد فهي بذلك ستخسر حليفها الباجي قاىد السبسي المتمترس خلف المعسكر المناهض للشاهد رغم عدم اعلانه ذلك صراحة. لا يختلف اثنان في أن السبسي وابنه لن يترددا في الاجهاز على الشاهد متى رفعت النهضة يدها عنه.

بدأها الشاهد ببضعة نواب وهاهي كتلته اليوم تضم ثلاثة وأربعين نائباً آخرهم ثمانية ندائيين اجتمع بهم وأعلنوا التحاقهم بكتلته

لم تكن غالبية التونسيين تعرف يوسف الشاهد كثيراً رغم كونه كان عضواً في حكومة الحبيب الصيد أنذاك قبل أن تقرر الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج اقالة الصيد ليصعد اسم يوسف الشاهد كبديل له. سرعان ما حظي بثقة الأحزاب الكبرى والمنظمات الوطنية الفاعلة.

الشاهد الذي بدأ مسيرته السياسية كناشط و كأحد كوادر الحزب الجمهوري ذو التوجه الاجتماعي الديمقراطي سرعان ما ذهب إلى سفينة حزب نداء تونس الذي تأسس حديثاً تحت قيادة الباجي قائد السبسي.اتفق المتابعون للشأن التونسي انذاك على أن اختيار السبسي لشخصية يوسف الشاهد كان من أجل ضمان تبعية قصر القصبة الحكومي إلى قصر قرطاج الرئاسي عبر تعيين شخصية مضمونة الولاء وغير طامحة سياسياً. ولتكريس حلم السبسي في تحويل النظام السياسي التونسي من نظام برلماني إلى نظام شبه رئاسي تكون فيه لرئيس الدولة سلطات واسعة، لكن الشاهد وهو المهندس الشاب سرعان ما صنع محيطاً ضيقاً من المستشارين ورجال الظل الذين عملوا على صياغة خطوات مشروعه السياسي الطموح.

ألاّ يكون مجرد رقم من أرقام رؤساء الحكومات الذين تداولوا على حكم تونس منذ 2011 وعددهم كثير، اشتمت قيادات نداء تونس وفي مقدمتهم المدير التنفيذي حافظ قائد السبسي نجل الرئيس النزعة التمردية ليوسف الشاهد وقيل وقتها أن قيادات من النداء عملت على تأجيج الاحتجاجات الاجتماعية شتاء 2018 للاطاحة بالشاهد.

سرعان ما سنحت الفرصة للندائيين الراغبين بالتخلص من يوسف الشاهد عندما دعا الرئيس السبسي موقّعي وثيقة قرطاج إلى حوار جديد للبحث في كيفية الخروج من الأزمة الشاملة التي تعيشها البلاد، على طاولة الحوار أصدح نداء تونس والاتحاد العام التونسي للشغل بضرورة اقالة الحكومة. كل الحكومة بما فيها رئيسها مقابل رفض حركة النهضة لذلك وبقوة ضرورة المحافظة على الاستقرار القطرة التي أفاضت كأس الخلاف بين الشاهد و المير التنفيذي لحزبه كانت عندما خرج رئيس الحكومة في خطاب للشعب ويقول لهم أن سبب الأزمة الندائية والتونسية عموماً هو نجل الرئيس. قالها الشاهد ولم يأبه لارتداد الصدى بل انصرف إلى عقد جلسات سرية لتكوين كتلة مساندة له تتكون نواتها الصلبة من نواب ندائيين غاضبين على تفرد نجل الرئيس بالقرار داخل الحزب.

بدأها الشاهد ببضعة نواب وهاهي كتلته اليوم تضم ثلاثة وأربعين نائباً آخرهم ثمانية ندائيين اجتمع بهم وأعلنوا التحاقهم بكتلته. طموحات الشاهد أصبحت واضحة اذا وتحول من موقع المدافع عن نفسه من ظلم نجل الرئيس إلى فاعل في الساحة السياسية. لم تملك قيادة النداء حينها أي سلاح للرد على تصرفات الشاهد سوى تجميد عضويته بالحزب ولكن بعد أن أصبح للرجل حزام سياسي يحميه من إمكانية استعمال الرئيس الباجي قاىد السبسي للفصل 99 من الدستور واجباره على طلب تجديد الثقة من البرلمان.

في صورة مواصلة دعم النهضة للشاهد سيحصل رئيس الحكومة مجدداً على الثقة، لكن لا أحد يضمن مواصلة دعم النهضة للشاهد فهي بذلك ستخسر حليفها الباجي قاىد السبسي المتمترس خلف المعسكر المناهض للشاهد رغم عدم اعلانه ذلك صراحة. لا يختلف اثنان في أن السبسي وابنه لن يترددا في الاجهاز على الشاهد متى رفعت النهضة يدها عنه. لكن هناك توجه في تونس يتوقع أن يكون الشاهد مرشحاً للنهضة في رئاسيات الفين وتسعة عش2019 أصحاب هذا التوجه يبررونه بتقدم الرئيس السبسي في السن وتراجع ثقة التونسيين فيه حسب استطلاعات الرأي وهو ما يدعم فرضية بحث النهضة عن حليف علماني جديد تتقاسم معه السلطة ويقيها مصير الاسلاميين في المنطقة.

وأمام تشرذم حزب نداء تونس ومصيره المجهول فقد يكون الشاهد وحزبه الجديد الذي قد يعلن عن تأسيسه قريباً حليفاً جديداً للنهضة بلغة الانتصارات السياسية فان يوسف الشاهد يقوم حالياً بتسجيل أهداف عدة مستغلا وجوده على رأس الحكومة.

أهداف يعرف أنها ستقيه من سخونة المعركة الانتخابية المقبلة، فالرجل أصبح أيقونة لمكافحة الفساد في البلاد رغم الاختلاف حول جدوى وفاعلية الحرب التي قرر شنها على الفساد في البلاد، وهو الذي لا يفوت أي مناسبة لتجديد اجراءاته لفائدة الفئات الفقيرة، يبدو أن الشاهد بصدد قضم أراض جديدة وبصدد تكوين نوايا تصويت لفائدته فاستطلاعات الرأي لا تكذب هذا الواقع قد يتخلى الشاهد عن رئاسة الحكومة اذا ما اصرت النهضة على شرطها بالتزامه عدم الترشح إلى الانتخابات المقبلة ولكن ذلك لن يكون إلا بعد أن يسجل مزيداً من الأهداف السياسية يعدل الشاهد منظاره الآن نحو الاتحاد العام التونسي للشغل الغاضب من رئيس الحكومة وسياساته الاقتصادية ونيته بيع المؤسسات العامة رغم أن هناك من يعتبر أن غضب الاتحاد الحقيقي من الشاهد يعود إلى عدم تشريك المنظمة النقابية في اتخاذ القرارات كما كانت تفعل مع الحكومات الضعيفة بل أن الشاهد أغلق الباب في وقت من الأوقات في وجه اتحاد الشغل وأعلن مضيه في اصلاحات اقتصادية يراها ضرورية ويعتبرها اتحاد الشغل تبعية للراسمالية العالمية وصناديق الاقراض الدولية ولأن اللاعب السياسي الجيد لا يجب أن يقبل بوجود خصمين قويين في نفس الوقت فقد عاد الشاهد مؤخراً لمحاولة ترضية اتحاد الشغل وظهر مع أمينه العام نورالدين الطبوبي يتبادل المصافحات والابتسامات العريضة، ليس سهلاً أن ينجح الشاهد في ترضية المنظمة النقابية العريقة ولكن في سبيل مشروعه السياسي فقد يقبل ببعض التنازلات.