قراءة في أبعاد اللعبة الدولية من سوريا إلى أوكرانيا

إلى أي مدى سينجح ترامب في تمرير سياسة الانفتاح على روسيا؟ والسؤال الأهم بالنسبة إلينا في الجنوب العالمي فهو: إلى أي مدى ستبتلع روسيا الطعم؟

  • اللعبة الدولية أكبر من أوكرانيا بكثير!
    اللعبة الدولية أكبر من أوكرانيا بكثير!

تداول محللون كثر، بعيد الانهيار الكبير في سوريا، فكرة إجراء روسيا مقايضة بين أوكرانيا وسوريا، تتخلى بموجبها عن دعم الثانية في مقابل تسوية بشروطها في الأولى. وما يعزز تلك الفرضية طيفٌ من المؤشرات والدلائل، التي أظهرت تواطؤاً روسياً في عملية "تغيير النظام" في دمشق، في 8/12/2024، والتي سبق التطرق إليها في مادة "لماذا حدث الانهيار الكبير في سوريا؟".

لكنّ المقايضة الروسية على سوريا، على عكس ما يذهب إليه أولئك المحللون، لا يمكن أن تكون جرت مع الإدارة الأميركية التي يتربع بايدن، ومن خلفه الدولة العميقة في الولايات المتحدة، على رأسها، وكلاهما مُعادٍ بشدة لروسيا، وكانا يبذلان أقصى الجهود، مالياً وسياسياً وعسكرياً، لدعم نظام زيلينسكي حتى الرمق الأخير، بل جرت المقايضة الروسية، وفق رأيي المتواضع، على مستوى إقليمي، مع نظام إردوغان من جهة، والعدو الصهيوني من جهةٍ أخرى. وهي مقايضة جاءت تتويجاً للضغط الروسي المتواصل على الرئيس بشار الأسد كي يلتقي أردوغان، من دون انسحاب تركي من الشمال السوري، وكي يعقد معاهدة "سلام" مع العدو الصهيوني برعاية روسية.

كانت مقاومة الرئيس الأسد للضغوط الروسية، ورفضه التنازل عن سيادة سوريا، في الحالتين، سبب تخلي روسيا عنه في لحظة النهاية، وعلى مدى سنوات من قبلها، أولاً عندما رفضت روسيا المساهمة في حل أزمة مشتقات الطاقة في سوريا المحاصَرة من فائضها النفطي والغازي العميم، وخصوصاً بعد دخول "قانون قيصر" الأميركي موضع التنفيذ سنة 2020، وثانياً عندما نسقت مع العدو الصهيوني في الساحة السورية، وخصوصاً في جنوبيها، وعندما حرمت سوريا حتى من إمكان استخدام منظومة "أس-300" في مواجهة الغارات "الإسرائيلية" المتصاعدة، في عز الحملة الروسية المحمومة لتسويق منظومة "أس-400" دولياً، ومنه لتركيا، ولو بقروض روسية سخية بشروط مخفّفة.

نقول إن تخلي روسيا عن الرئيس الأسد، بعد استخدام سوريا منصةً لتعزيز حضورها إقليمياً، والذي كان قيمة مهملة قبل 30/9/2015، كان أحد العوامل الرئيسة التي سهلت "تغيير النظام"، ولا نقول إنه العامل الرئيس الوحيد. 

التقط تلك النقطة الرئيسُ المنتخب ترامب، عشية ذلك التغيير، مغرّداً في منصة "تروث سوشال" في 8/12/2024، وقال إن الأسد رحل لأن روسيا لم تعد معنية بحمايته، وعزا ذلك إلى انشغالها بحرب أوكرانيا، داعياً إلى وقف إطلاق نار ومفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في التغريدة ذاتها، فيما يبدو أنه محاولة للحاق بتطورات المشهد السوري.

لو كان ترامب صانع الحدث السوري، في صفقة مع بوتين، لما فسره بضعف روسيا وخسائرها في أوكرانيا، والتي زعم أنها بلغت 600 ألف جندي بين قتيل وجريح في المنشور ذاته، مع العلم بأن الضغوط الروسية على سوريا للتنازل إزاء النظام التركي والكيان الصهيوني سبقت العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا بكثير.

أكد ترامب بعد ذلك فكرة سيطرة تركيا على الميدان السوري، في تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام في مؤتمر صحافي عقده في مقر إقامته في فلوريدا، في 16/12/2024، قائلاً إن ما جرى في سوريا يمثل "عملية استيلاء غير ودية قامت بها تركيا، من دون ضياع كثير من الأرواح"، مضيفاً أن إردوغان "شخص ذكي جداً"، ينسجم هو معه، أي أن المكسب لتركيا، لا للولايات المتحدة.

لم يكن ترامب، كرئيس منتخب في لحظة "تغيير النظام" في سوريا، على وشك أن يستلم الحكم رسمياً حتى 20/1/2025. ولو أخذنا اتفاق وقف إطلاق النار في غزة نموذجاً عمّا يمكن أن يفعله ترامب، قبيل استلامه سدة الرئاسة، وهو اتفاق فُرض بإشراف مباشر من ستيفن ويتكوف، مبعوث ترامب، في يوم سبت، ودخل حيز التنفيذ قبل يومٍ واحدٍ فقط من تنصيب ترامب رئيساً، كي لا يُنسَب الفضل فيه إلى إدارة بايدن، وكي يكون الجو هادئاً في حفل تنصيبه، لأخّر ترامب عملية "تغيير النظام" في سوريا شهراً واحداً على الأقل، لو قُيض له ذلك، ولرأينا ويتكوف في روسيا قبيل 8/12/2024. وكان ترامب، لو نظرنا ملياً إلى طبيعته الاستعراضية، يتمنى لو استطاع أن ينسُب "فضل" إطاحة الرئيس الأسد إلى نفسه، كما فعل رئيس وزراء كيان الاحتلال الصهيوني نتنياهو في فيديو من حِفاف الجولان المحتل.

إن بقاء القواعد الروسية في سوريا، بعد استيلاء النظام التركي "غير الودي" على سوريا، وبروز دور روسي محتمل في المشروع الصهيوني لإقامة محميات طائفية وعرقية في سوريا لامركزية، من بوابه "حماية العلويين في الساحل"، يُظهر هوية الجهات التي تنازلت لها روسيا في سوريا، ولو بذريعة الانشغال بالحرب الأوكرانية.

أما أوكرانيا، فمركز ثقل الصراع فيها دولي، لا إقليمي شرق أوروبي فحسب، وهو ميدان أوسع من سعي روسيا لكسب نظام إردوغان والكيان الصهيوني إلى صف روسيا عبر المقايضة على الورقة السورية، بعد توظيفها حتى النهاية كرافعة جغرافية - سياسية لمد النفوذ الروسي إقليمياً. فالورقة الأوكرانية تحدد موازين القوى الدولية، لأنها تمثل استنزافاً مباشراً لروسيا، وبالتالي فهي أهم كثيراً، أميركياً وروسياً، من الورقة السورية.

يتصل الشأن الأوكراني، إذا جرت الرياح في أشرعة سفن صفقة ترامب - بوتين بشأنه كما يشتهيان، بانكشاف أوروبا أمنياً أولاً، ولاسيما أوروبا الغربية، بما تمثله من وزن، اقتصادياً وسياسياً، يزداد تضاؤلاً وتهميشاً في العالم بمقدار تناغم روسيا والولايات المتحدة.

كما يتصل الشأن الأوكراني بقيمة "حلف الناتو" كتحالف عسكري عُقد سنة 1949 بين أوروبا الغربية وأميركا الشمالية في مواجهة روسيا ثانياً، وكأساس للهيمنة الغربية عالمياً. 

ويتصل الشأن الأوكراني، ثالثاً، بالصراع الأيديولوجي المحتدم، ضمن الغرب الجماعي ذاته، وعلى المسرح الدولي، بين قوى العولمة المأزومة بنيوياً من جهة، وبين المد الصاعد المناهض لها، والذي يتخذ صورة دول مركزية مستقلة، أو صورة حركات تحرر، كل منها لأسبابه.

يناهض تيار ترامب العولمة باسم الحرس القديم للدولة الإمبريالية، بالمعنى الكلاسيكي للإمبريالية، كما ورد في كتاب لينين "الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية". وهو تيار يحلم باستعادة "المجد المفقود" للولايات المتحدة بُعيد الحرب العالمية الثانية، وبإعادة إحياء المنظومة الدولية التي تتربع "أميركا" على رأسها، بصفتها دولة قومية مستقلة مهيمنة، محددة المعالم، يحكمها رأس مال قومي الهوية والانتماء، لا بصفتها مشاعاً معولماً لرأس المال المالي الدولي المنفلت من قيود الجغرافيا والهوية.

ولا تناهض روسيا والصين العولمة الاقتصادية تحديداً من حيث المبدأ، وإنما تسعيان حثيثاً للمشاركة فيها، وجني ما تعدانه ثمراتها، لكنْ بصفتهما دولتين قوميتين مستقلتين صاعدتين، استفادتا من وزنيهما اقتصادياً في ظل العولمة من أجل تعزيز حضورهما الجغرافي-السياسي دولياً، وأخذ مكانتيهما تحت الشمس في هذا العالم، بتلك الصفة المستقلة، بدلاً من السماح لرأس المال الدولي أن يفكك مجتمعيهما والجغرافيا السياسية لكلا البلدين تحت لافتة العولمة.

ثمة فارق كبير طبعاً بين المهيمن والصاعد، وتكمن مصلحة الأمة العربية وكل شعوب الأرض في تعددية الأقطاب الدولية، لا في أحاديتها، كما حدث بعد انهيار الاتحاد السوفياتي سنة 1991. وثمة فوارق أخرى بين طبيعة الدولة في الولايات المتحدة من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، كثيراً ما تغيب عمن يضع كل القوى العظمى في سلة واحدة، ومنها دور الدولة في الاقتصاد، ووزن القطاع العام فيه، ومدى الحساسية إزاء "الحس الاجتماعي"، في مقابل "الحس الفردي"، في إدارة الشؤون العامة، والأهم، مدى اندماج النخبة الحاكمة في الحركة الصهيونية العالمية طبعاً، والتي تمثل نفوذاً يهودياً عالمياً لا يقتصر على احتلال فلسطين، وهي النقطة التي يغفل عنها كثيرون من مناهضي الصهيونية.

لكل شعوب الأرض مصلحة، إذاً، في التخلص من الهيمنة الأميركية، لكنّ ذلك لا يعني القبول بأن تقامر القوى الصاعدة المناهضة لتلك الهيمنة على مصالحنا الوطنية والقومية الى مائدة الصفقات الدولية عندما تجد أن من مصلحتها التفاهم مع الغرب الجماعي في هذه الساحة أو تلك.

وليكن واضحاً أن المقياس هو فلسطين، والذي ثبت، بمعمودية الدم والموقف السياسي، أن الخط الفاصل بين الحق والباطل، فلسطينياً وعربياً وإسلامياً وأممياً، هو الموقف من حق الكيان الصهيوني في الوجود، من الساحة الفلسطينية إلى إيران إلى كوريا الشمالية إلى غيرها.

في جميع الأحوال، ينهج ترامب نهجاً مغايراً جداً عن نهج إدارة بايدن في مسألة أوكرانيا، لأنه يرى ضرورة شق التحالف الروسي - الصيني في إطار منظومة "بريكس". وهنا، تكمن كل استراتيجيته التي تميزه من استراتيجية إدارة بايدن، والتي عملت على شق "بريكس" عبر التركيز على استقطاب الهند، وتسعير صراعها مع الصين، وعبر التقرب إلى البرازيل وجنوب إفريقيا، وعرض مبادرات تُبعِد دول الجنوب العالمي عن "بريكس"، في حين نظرت إلى روسيا والصين بصفتهما نظامين عدوين ومتشابهين في بعدهما عن "الديموقراطية الليبرالية".

ويصعب فهم استراتيجية ترامب في أوكرانيا، وسعيه الحثيث للتقارب مع روسيا، من دون الانطلاق من خطته بشأن إبعاد روسيا عن الصين أولاً، ثم عن "الدول المارقة"، مثل كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا، والتي تعززت علاقاتها بروسيا والصين على خلفية التصعيد الأميركي ضدهما في ظل إدارة بايدن.

لا يخفي ترامب خطته تلك، بل تحدث عنها على المكشوف، كما هي عادته، في مقابلة متلفزة أجراها مع الصحافي الأميركي المعروف تاكر كارلسون في 31/10/2024، أي قبل موعد الانتخابات الرئاسية بأيام. وقال ترامب في تلك المقابلة إن إدارة بايدن أخطأت في دفع روسيا والصين معاً، وإن فصل القوتين سيكون من أولويات إدارته، و"سأضطر إلى فصلهما، وأعتقد أنني أستطيع فعل ذلك".

يُذكَر أن المبعوث الأميركي الخاص إلى أوكرانيا، كيث كيلوغ، وكان مبعوثاً إلى روسيا وأوكرانيا سابقاً، صرح في 21/2/2025 بأن الولايات المتحدة ستحاول "كسر تحالفات بوتين".

وفي مؤتمر صحافي لوزير الخارجية الأميركية، مارك روبيو، في 24/2/2025، بدأ بسؤال عن مفاجأة ممارسة الولايات المتحدة حق النقض في مجلس الأمن ضد مشروع قرار أوروبي يدين "غزو روسيا لأوكرانيا"، توسع روبيو في الحديث عن ضرورة تعزيز العلاقات بروسيا، التي أوشكت على التحول إلى شريك صغير للصين دولياً في مواجهة الولايات المتحدة، قائلاً إنه لا يعرف إذا كان في الإمكان "فصل روسيا تماماً عن الصين"، لكن ترك الأمور على حالها سيقود إلى تحالف قوتين كبيرتين نوويتين في مواجهة الولايات المتحدة، في حين تحتاج الولايات المتحدة إلى تركيز انتباهها على المنافسة الاقتصادية، والمواجهة المحتملة، مع الصين.

بالعودة إلى مقابلة ترامب وتاكر كارلسون: "كطالب في مادة التاريخ، وهو حالي، إذ شاهدت كل شيء، فإن أول شيء تتعلمه هو أنك لا تريد لروسيا والصين أن تتحدا".

تشير وسائل إعلام أميركية، وبرز هذا الأمر في الأسئلة الموجهة إلى وزير الخارجية روبيو أيضاً في مؤتمره الصحافي في 24/2/2025، بحسب نصه المنشور في موقع وزارة الخارجية الأميركية، فإن المقصود بالتاريخ والتعلم منه هو خطوة نيكسون - كيسنجر في التقارب مع الصين، والتي بدأت بزيارة سرية للصين أجراها كيسنجر سنة 1971، وكان مستشاراً للأمن القومي في عهد الرئيس الأسبق نيكسون، في سياق تفكيك المعسكر الاشتراكي في إبان الحرب الباردة.

أما الآن، فإن صعود الصين يُعَدّ خطراً أكبر، اقتصادياً وتكنولوجياً، على هيمنة الولايات المتحدة. لذلك، لا بد من أن يجري التقارب مع بوتين في روسيا على حساب الصين، بدلاً من العكس. ولا بأس من التضحية بالورقة الأوكرانية، أميركياً، من أجل تحقيق هذا الغرض. وتنص التسريبات عن "خطة السلام" التي جرى التحدث عنها بين بوتين وترامب في المحادثة الهاتفية بينها في شباط/فبراير الفائت، والتي استمرت ساعة ونصف ساعة، على إقرار أوكرانيا بالأراضي التي أخذتها روسيا (وهي أراضٍ روسية في الأساس)، وبانسحابها من سائر منطقة كورسك الروسية، وببقائها محادية، وغير منتمية إلى "حلف الناتو".

تبع ذلك عقد اتفاقين بين موسكو وكييف، برعاية أميركية، لوقف استهداف منشآت الطاقة في أوكرانيا وروسيا، ولتأمين حرية الملاحة في البحر الأسود، كممر رئيس لصادرات الطاقة والمنتوجات الزراعية والأسمدة.

وافقت واشنطن، بموجب مبادرة البحر الأسود، على رفع القيود عن تصدير الحبوب والأسمدة الروسية عالمياً، ومن ذلك إعادة ربط البنك الزراعي الروسي مع شبكة "سويفت" لتحويل الأموال، الأمر الذي يؤشر على بداية تفكيك العقوبات على روسيا. لكنّ مقر "سويفت" في بلجيكا، والأوروبيين، والدولة العميقة الأميركية، يناهضون خطوات التقارب مع روسيا.

في المقابل، يشدد ترامب الإجراءات المتعلقة بالصين، ومن ذلك رفع الرسوم الجمركية إلى 20% على معظم الواردات الصينية، وحظر التعامل مع عشرات شركات التكنولوجيا الصينية، والسعي للاستيلاء على تطبيق "تيك توك" الصيني.

ويضع ترامب الصين نصب عينيه فيما يشبه حرباً اقتصادية، هدفها، من وجهة نظره، إنهاء الاعتماد الأميركي على الصادرات الصينية في جميع المجالات الحرجة، ومنها الإلكترونيات والصلب والأدوية، ومواجهة الصين وتخفيف العجز التجاري المهول معها، والذي بلغ أكثر من 295 مليار دولار سنة 2024. ويتهم ترامب الصين بسرقة حقوق الملكية الفكرية، والتلاعب بعملتها (هبوطاً) لتخفيض أسعار صادراتها دولياً، وبدعم صادراتها، وبالتجسس الصناعي.

نرى ترامب، كذلك، يشدد العقوبات على صادرات النفط وغيرها، الإيرانية والفنزويلية. ومؤخراً فرض رسوماً على واردات أي دولة إلى الولايات المتحدة، بقيمة 25%، إذا اشترت نفطاً فنزويلياً، والمقصود بذلك هو الصين طبعاً. كذلك فرضت الولايات المتحدة عقوبات على محطة ومصفاة نفط صينية لتداولها نفطاً إيرانياً.

يأتي ذلك في سياق ممارسة الضغط الأقصى على إيران، لكن أيضاً في سياق يفسح المجال بصورة أكبر لصادرات الطاقة الروسية، كما لاحظت كاتبة في "فزغلياد" الروسية، في مقالة بعنوان "ترامب يتخلص من منافسي النفط الروسي"، نشر موقع "روسيا اليوم" ملخصاً عنها في 28/3/2025. وتشير تلك المقالة إلى أن تشديد العقوبات الأميركية على النفط الإيراني والنفط الفنزويلي سوف يرفع سعر النفط عالمياً، ومنه الروسي، لكنه سوف يفسح مجالاً أكبر للنفط الروسي في سوق النفط الصينية بالذات، بما أن الصين هي الزبون الأكبر للنفط المعاقَب دولياً.

يبقى السؤال: إلى أي مدى سينجح ترامب في تمرير سياسة الانفتاح على روسيا في ظل معارضة الدولة العميقة وقوى العولمة دولياً؟ أما السؤال الأهم بالنسبة إلينا في الجنوب العالمي فهو: إلى أي مدى ستبتلع روسيا الطعم؟ وما التنازلات التي قد تقدمها في علاقاتها بمن وقفوا معها في الأزمة الأوكرانية من أجل رفع العقوبات الأميركية عنها؟ وهل يمكن الوثوق بمن يمد الحبال إلى الصين ليحاصر روسيا، كي يكسب الحرب الباردة، عندما يمد الحبال اليوم إلى روسيا ليحاصر الصين وغيرها، كي يكسب حرب المحافظة على الأحادية القطبية؟ 

اللعبة الدولية هنا أكبر من أوكرانيا بكثير، فإذا تعززت العلاقات بين موسكو وواشنطن، فإن أيام زيلينسكي تصبح معدودة، كما أن ذلك سيقلص حيز المناورة واللعب على الحبال أمام إردوغان، وربما ينعكس على سوريا بزيادة فرص تحقق المشروع الصهيوني فيها.