معلومات إضافية عن المتحور "أوميكرون"

تبيَّن أخيراً أنَّ 50% من الأعراض لدى المصابين بمتحور "أوميكرون" ليست إلا أعراضاً مشابهة بـ"لفحة البرد". وما تبقى من الأعراض عند الآخرين يتشابه مع أعراض "كوفيد 19" الناتجة من المتحورات الأخرى.

  • تُبيّن كلّ المعلومات المتوفرة حالياً أنّ
    تُبيّن كلّ المعلومات المتوفرة حالياً أنّ "أوميكرون" أقل ضراوة مما سبقه من متغيرات

يوجد 33 تحوراً في بروتين "سبايك" الفيروسي في "أوميكرون". يتضمّن 29 حامضاً أمينياً بُدلوا، وفُقد 3 منهم، وأُضيف آخر. حدثت أغلب هذه التغيرات في منطقة الالتحام الفيروسي (بايدنق دومين)، إذ تضاعفت سرعة دخول الفيروس في الخلايا البشرية عدّة مرات مقارنة بما كان يحصل سابقاً. وهناك تغيّران في النيكليوكبسيد أديا إلى تكاثر الفيروس بسرعة في الخلية المصابة. هذا ما أشارت إليه الدراسات الصينية لمعهد بكين لعلم الأحياء الدقيقة وعلم الأوبئة.

تُبيّن كلّ المعلومات المتوفرة حالياً أنّ "أوميكرون" أقل ضراوة مما سبقه من متغيرات. هذا ما أدلى به الكثير من الباحثين في جنوب أفريقيا، وأيضاً المنظمة الأوروبية للأدوية. وبعكس ما أعلنته سابقاً، أكدت إدارة الصحة البريطانية، معتمدة على الأبحاث والإحصائيات الطبية الحديثة، أنَّ 40 - 70% من المصابين بمتحور "أوميكرون" وبعكس المصابين بالمتحورات الأخرى، لن يكونوا بحاجة إلى العلاج في المستشفى. إضافة إلى ما سبق، إنّ نسبة قليلة من المصابين بهذا المتحور تحتاج إلى العناية المكثفة. 

وفي الأسبوع الأخير من العام 2021، نُشرت نتائج جزئية لعدة أبحاث بخصوص "أوميكرون". وقد بيّنت أبحاث جرت في هونغ كونغ أنَّ هذا المتغير يتكاثر أقل مما كان متوقعاً في الرئتين، وأكَّدت دراسة بريطانية هذا الأمر، بينما أكّد الباحث البلجيكي يوهان نيتس، معتمداً على التجارب التي قام بها على الهامستر، أنّ إحدى طفرات هذا المتغير تحول دون قدرته على الاستعانة بأحد الأنزيمات التي تمكّنه من دخول خلايا الرئتين السفليتين. والجدير بالذكر أنَّ متحوّر "أوميكرون" يستعمل طرقاً أخرى للدّخول إلى خلايا الجهاز التنفسي العلوي، المفقودة جزئياً في القسم السفلي.   

وحول ما إذا كان هذا المتحور يلتفّ على المناعة المكتسبة الناتجة من تلقي اللقاح أو الإصابة بالفيروس، سواء كانت مناعة الأجسام المضادة أو مناعة الخلايا التائية، تبيّن أنّ هناك ارتفاعاً ملحوظاً في الأجسام المضادة في الأسابيع العشرة الأولى من تلقي الجرعة الثالثة من لقاح "فايزر"، ومنها ما يعمل ضد "أوميكرون". وبعد هذه المدة، تبدأ الأجسام المضادة بالهبوط تدريجياً، ولكن مناعة الخلايا التائية تبقى فعالة، وتحول غالباً دون دخول المصاب إلى المستشفى أو العناية المكثفة، ولو أصيب الإنسان بهذا المتحور الجديد.

مؤخراً، زوَّدني الدكتور نايل ريان، الاختصاصي في العناية المكثفة في أحد مستشفيات بلجيكا، بمعلومات طبية إحصائية نشرت في قنوات التواصل الاجتماعي (قيوم روزير)، في 12 كانون الأول/ديسمبر 2021، تبيّن أنّ نسبة المصابين بفيروس كورونا غير الملقحين مقارنة مع عدد المصابين الملقّحين الذين يحتاجون إلى دخول المستشفى، أتت على الشكل الآتي: 

-        بين 20 - 30 عاماً: 15 مرّة أكثر عند غير الملقحين.

-        بين 40 - 59 عاماً: 25 مرّة أكثر عند غير الملقحين.

-        بين 60 - 79 عاماً: 30 مرّة أكثر عند غير الملقحين.

-        أكبر من 80 عاماً: 29 مرّة أكثر عند غير الملقحين.

لهذا، علينا تلقّي اللقاح لنهيئ أنفسنا، في حالة انتشار المتحورات الجديدة، لتفادي الاكتظاظ في المستشفيات وغرف الإنعاش.

ومؤخراً، بينت الدراسات التي أجريت في بريطانيا وجنوب أفريقيا أن جرعتين من لقاح "أسترازينيكا" لا تُمكّنان من الحماية ضد "أوميكرون"، وأن جرعتين من "فايزر" تحميان لبضعة أسابيع ضد العدوى به، وأن 3 جرعات تحمي بنسبة 72% خلال الأشهر الثلاثة الأولى (92% ضد دلتا)، ولكن، وكما ذكرت أعلاه، هناك حماية عالية من الحالات الصعبة.  

ولنقلل من انتشار الفيروس، وحتى لا نُجبَر على التطعيم باستمرار، على اللقاح الجديد أن يحتوي تركيبة "أوميكرون" النووية. وسيكون هذا اللقاح جاهزاً خلال شهر آذار/مارس المقبل. 

 والسؤال الَّذي يطرح نفسه: إذا كانت هذه التركيبة اللقاحية تحتوي على تسلسل "أوميكرون" النووي، هل ستكون فعالة تجاه المتحوّرات السابقة، مثل ألفا أو بتا أو دلتا وغيرها، أو المتحورات القادمة؟

إنَّ بعض اللقاحات، كما ذُكر أعلاه، وليس جميعها، يعمل بأقل فعالية ضد المتحورات الأخرى، وهو ما سيحدث مع أيّ لقاح لا يحتوي على أكبر كمية من الجزيئيات المسبّبة لإنتاج الأجسام المضادة الفعالة والمشتركة لدى جميع المتغيرات. ومن ناحية بيوتكنولوجية، لا يوجد مانع من أن يحتوي اللقاح الجديد أكثر من متحور.

تبيَّن أخيراً أنَّ 50% من الأعراض لدى المصابين بمتحور "أوميكرون" ليست إلا أعراضاً مشابهة بـ"لفحة البرد". وما تبقى من الأعراض عند الآخرين يتشابه مع أعراض "كوفيد 19" الناتجة من المتحورات الأخرى، لكن ليس بشكل تام. 

وقد أكّدت دراسات بريطانية ما خلصت إليه بيانات سابقة لأطباء وعلماء وباحثين من جنوب أفريقيا، بأنّ فقدان حاسة الشم والذوق هو أقل الأعراض حدوثاً نتيجة الإصابة بمتحور "أوميكرون"، بينما الشعور بالتعب هو أكثرها شيوعاً عند المصابين به. 

وأشار المركز الهولندي للبيئة والصحة العامة إلى أن الأعراض الناتجة من الإصابة بمتحور "أوميكرون" تظهر عند البعض بعد 3 أيام، وليس بعد 5 أيام، كما هو الحال عند الإصابة بالمتحورات الأخرى. 

وفي هذا الخصوص، يقول الأستاذ وعالم الفيروسات الدكتور مارك فان رانست في جريدة "لاست نيوز" الفلمنكية إنَّنا غير معتادين على مثل هذا التنوع والتغير في الأعراض عند الفيروسات، ما يبيّن الوجوه العديدة والمفاجآت المستمرة لدى متحورات "كوفيد 19".

وفي الختام، من السّابق لأوانه أن ندلي بأنَّ هذا المتحور السريع الانتشار، والذي يبدو أنه الأقل ضراوة، هو الّذي سيخلص البشرية من وباء "كوفيد 19" أو سيُبشر ببداية النهاية. فلندع الأيام القادمة تُخبرنا عن مفاجآت جديدة، وربما تقدّم لنا متحوراً آخر أسرع انتشاراً، وفي الوقت نفسه عديم الضراوة.

أعلنت منظمة الصحة العالمية في 31 كانون الأول/ديسمبر 2019 تسجيل إصابات بمرض الالتهاب الرئوي (كورونا) في مدينة ووهان الصينية، ولاحقاً بدأ الفيروس باجتياح البلاد مع تسجيل حالات عدة في دول أخرى حول العالم.