مفاوضات فيينا تتجاوز أزمة منشأة كرج بنجاح

تزعم بعض الأطراف أنّ التفاوض مع إيران بات أكثر تعقيداً بسبب مواقف الحكومة الإيرانية المتشددة، إلا أنَّ اتفاق طهران والوكالة يثبت عكس ذلك تماماً.

  • وجّهت إيران عبر اتفاقها مع الوكالة الدولية اليوم رسالة جديدة إلى الأطراف الأخرى
    وجّهت إيران عبر اتفاقها مع الوكالة الدولية اليوم رسالة جديدة إلى الأطراف الأخرى

"اتفاق جيّد". هكذا وصف زير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الصفقة الجديدة التي تمَّ التوصل إليها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. هو اتفاق تقول إيران إنّه يمنع حصول سوء فهم مع الوكالة الدوليّة، ويسمح لها بتغيير الكاميرات في منشأة "تسا" المخصّصة للأبحاث وتطوير أجهزة الطرد المركزي الحديثة في كرج.

تقول المصادر الإيرانيّة إنَّ هذا الاتفاق يأتي بعد حصول أمرين مهمين للغاية؛ الأوّل هو استكمال الجزء الرئيسي من التحقيقات القضائية - الأمنية المرتبطة بالكاميرات المتضررة، والأمر الآخر هو موافقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إدانة العمل التخريبي الإسرائيلي في منشأة كرج، والموافقة على الفحص التقنيّ للكاميرات من قبل خبراء إيرانيين قبل تركيبها.

استخدام الأوراق الرابحة في التوقيت المناسب

هذا الاتفاق ليس عادياً، ولا يمكن التقليل من شأنه أبداً، فقد حاول رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رفائيل غروسي الحصول عليه خلال زيارتين متتاليتين إلى طهران وسلسلة لقاءات عقدها مع المسؤولين الإيرانيين، إلا أنَّ إيران، وبسبب خبرتها وحنكتها في التفاوض، فضَّلت استخدام هذه الورقة الرابحة أثناء محادثات فيينا، وليس قبلها.

وجّهت إيران عبر اتفاقها مع الوكالة الدولية رسالة جديدة إلى الأطراف الأخرى، تثبت فيها حسن نياتها وجدّيتها في الوصول إلى اتفاق عادل في فيينا، وسحبت ورقة الضّغط المسماة "عدم التعاون الايراني مع الوكالة الدولية" من أيدي بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة، كما أكدت مرة أخرى أنَّها تمتلك برنامجاً نووياً سلمياً، ولا حاجة لإخفاء أي تفاصيل مرتبطة به عن المجتمع الدولي.

تزعم بعض الأطراف أنّ التفاوض مع إيران بات أكثر تعقيداً بسبب مواقف الحكومة الإيرانية المتشددة، إلا أنَّ اتفاق طهران والوكالة يثبت عكس ذلك تماماً، كما أنَّ تقديم الفريق التفاوضي الإيراني مسودتين تتعلقان برفع العقوبات والإجراءات النووية الإيرانية، وعدم تقديم الأطراف الأوروبية أي مسودة أو مقترحات خلال الأيام الماضية، يدلّ بشكل واضح على أنَّ الطرف الآخر هو الذي يؤخّر سير المفاوضات، وليست إيران.

الاتفاق لم يتجاوز الخطوط الحمر للبرلمان

تؤكّد حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أنّها بهذا الاتفاق لم تخالف قانون مجلس الشورى الاستراتيجي الخاص بإلغاء العقوبات، والذي ينصّ على إيقاف التنفيذ الطوعي للبروتوكول الإضافي، فهي لم تسمح للوكالة بالحصول على المشاهد والصور التي سجّلتها خلال الفترة الماضية، بل ستبقى بحوزة إيران ما دام لم يتم الوصول إلى اتفاق يلبّي المطالب الإيرانية.

"مكاسب من دون تنازلات"

إنَّها مناورة ذكيّة تُحسب لمصلحة الفريق التفاوضي الإيراني الجديد في فيينا، فقد أزالت طهران بموجبها قلق الوكالة الدولية المتعلّق بضرورة مراقبة ما يجري في منشأة كرج وتسجيله، وبالتالي دفعت المحادثات الثنائية التي تجريها مع الوكالة الدولية قدماً، ولم توصلها إلى طريق مسدودة.

كما لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار أنَّ هذا الاتفاق أبرمته إيران من دون تقديم أيّ تنازلات في فيينا، لأنَّ السماح بتبديل الكاميرات لا يعني أنَّ الوكالة الدولية ستتمكّن من الوصول إلى تسجيلات الكاميرات الجديدة، بل ستبقى هذه التسجيلات بحوزة إيران إلى أجل غير مسمى.

من المتوقّع أن يكون لاتفاق إيران والوكالة الدولية أثر إيجابيّ في المفاوضات الجارية في فيينا، ولا سيّما أنَّه جاء بعد موافقة مجموعة 1+4 على دراسة المسودتين الإيرانيتين ومناقشتهما، إلا أنَّ البعض يرى أنَّ هذه الآثار الإيجابية قد لا تستمرّ طويلاً، بسبب التوقعات التي تشير إلى رفض الترويكا الأوروبية وأميركا قسماً من البنود التي جاءت في المسودتين اللتين قدمتهما طهران، ولا سيما في ما يتعلّق بطلب إيران رفع العقوبات التي لا علاقة لها بالبرنامج النووي.