مرتبطة بـ "إسرائيل".. هل يرفض إبراهيم نصر الله جائزة "نيوستاد"؟

فلسطينيون يدعون إبراهيم نصر الله إلى رفض "جائزة نيوستاد العالمية للآداب" بدعوة ارتباطها بكيان الاحتلال. فما هي حقيقة هذا الارتباط؟ وهل يعتذر صاحب "أعراس آمنة" عن قبول الجائزة؟

بعد عامين على إلغاء تكريم الكاتبة الفلسطينية، عدنية شبلي، في "معرض فرانكفورت الدولي للكتاب"، بسبب الجدل الدائر حول روايتها "تفصيل ثانوي"، واتهام الرواية بمعاداة السامية، تكرّم جائزة أدبية أخرى في بلد يتفوّق على ألمانيا في دعمه لكيان الاحتلال، وهو الولايات المتحدة الأميركية، كاتباً فلسطينياً عُرِفَ بمواقفه المبدئية من قضية بلده ومناهضته للاحتلال، هو إبراهيم نصر الله. 

حدثان يرى كثيرون في المقارنة بينهما تطوّراً إيجابياً على صعيد نظرة العالم إلى الحقّ الفلسطيني بعد حرب الإبادة التي شنّتها "إسرائيل" ضدّ قطاع غزّة، وانتصاراً للأدب الفلسطيني.

لكن، في مقابل الاحتفاء العربي الكبير بالفوز المستحقّ لنصر الله بــ "جائزة نيوستاد العالمية للآداب" عن مجمل أعماله، خرجت أصوات تدعوه إلى رفض الجائزة على خلفية ارتباطها بكيان الاحتلال، فما هي حقيقة هذا الارتباط؟ وهل ينجح أصحاب هذه الدعوات في إقناع صاحب "أعراس آمنة" بالاعتذار عن قبول الجائزة؟

جهاد الرنتيسي: ارفضها وكن فخرنا!

  • إبراهيم نصر الله
    إبراهيم نصر الله

"عتبنا على إبراهيم (نصر الله)، والعتب على قدر المحبّة. تكوّنت نظرتي إليك هناك في البلاد القصيّة، شاعر مناضل قريب من (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين)، التنظيم الأقرب إلى الروح.. زادَ احترامي لك مع معرفتي بالوسط الثقافي في البلد ونمط العلاقات فيه، رأيت فيك النموذج العصامي الذي صنع نفسه ولم يصنعه أحد.. تمنينا عند إعلان الجائزة أن يتكرّر عندنا النموذج النبيل الذي مثّله الكبير صنع الله إبراهيم.. ما زال بإمكانك فعلها أيها العزيز وإلقاء القفاز في وجوههم.. عشمنا فيك أن تنتشل المثقّف الفلسطيني من صورة الانتهازي الرخيص التي حازها بجدارة.. ارفضها وكن فخرنا، ولا تغرّك بيانات الإشادة المتهافتة".

هذه مقتطفات من منشور طويل على شكل رسالة علنية وجّهها الناقد والروائي الفلسطيني، جهاد الرنتيسي، إلى إبراهيم نصر الله، ذكّره فيه بإجهاز المركز الاستعماري الجديد على أهمّ رموز ثقافة المقاومة، من غسان كنفاني إلى ناجي العلي، وأنّ الثقافة التي يريد هؤلاء التحاور معها هي ثقافة الانحطاط التي لم يكن نصر الله جزءاً منها يوماً.

مأخذ الرنتيسي الأساس على الجائزة يتمثّل في رعايتها من قبل جامعة أوكلاهوما التي تنظّم "حملات ضد الطلبة الذين ناصروا أهلنا وهم تحت نيران حرب الإبادة، في زمن المكارثية الجديدة حيث يلاحق نشطاء التواصل الاجتماعي لمجرّد مناصرتهم حقّ الشعب الفلسطيني في الأمن وتقرير المصير"، معتبراً أنّ منحها لمبدع فلسطيني يأتي في وقت مريب ما زالت فيه أشلاء الغزيين تحت الأنقاض ودماؤهم لم تجفّ، بعد حرب إبادة لا يمكن تجاهل الدور الأميركي فيها من حيث الدعم العسكري والغطاء السياسي.

تحسين الخطيب: إسرائيلية خدمت في "جيش" الاحتلال بين المحكّمين!

  • دعوات لـ

من جانبه، انضمّ الشاعر والمترجم الفلسطيني، تحسين الخطيب، بدايةً إلى ركب المحتفلين بفوز إبراهيم نصر الله عبر حسابه الشخصي على موقع "فيسبوك"، بوصفه فلسطينياً فاز بجائزة عالمية مرموقة تموّلها عائلة يهودية أميركية عريقة، مع ما يحمله الأمر من دلالات.

لكنّ الخطيب عاد وأشار في منشور لاحق إلى حصيلة بحثه عن الجائزة وأعضاء لجنة التحكيم فيها، مؤكداً أنّ من بينهم الكاتبة الإسرائيلية، مايا آراد، والتي لا تزال تحمل الجنسية الإسرائيلية، وهي التي وُلِدَت في مستوطنة "ريشون لتسيون"، وعاشت في كيبوتس "ناحل عوز"، وخدمت في "جيش" الاحتلال، متسائلاً إن كان إبراهيم نصر الله يعرف هذه المعلومات. 

ويؤكد الخطيب أنّ منشوره ليس اتهاماً لأحد ولا تقليلاً من شأن الجائزة ولا من شأن الفائز بها، بل مجرّد عرض للتفاصيل المتعلّقة بالجائزة، كما وردت على الموقع الرسمي لها.

عادل الأسطة يستذكر سحر خليفة

  • الروائية الفلسطينية سحر خليفة
    الروائية الفلسطينية سحر خليفة

أما الناقد الفلسطيني، عادل الأسطة، فلم يتناول قضية حصول إبراهيم نصر الله على جائزة "نيوستاد" بصورة مباشرة، مكتفياً بالتلميح، من خلال التذكير بموقف الروائية الفلسطينية، سحر خليفة، التي رفضت عام 2011 تسلّم جائزة "سيمون دو بوفوار لتحرير النساء" لاشتراكها مع كاتبة إسرائيلية غير معروفة.

وزعمت هيئة الجائزة يومها أنّ اشتراك كاتبتين فلسطينية وإسرائيلية بالجائزة هو "لتعزيز فرص السلام"، بينما كتبت خليفة في رسالة اعتذارها: "نصف الجائزة يعني نصف اعتراف وتقدير. هذا يعني أنكم لا تعترفون بي ولا تقدّرونني ككاتبة وناشطة نسوية ذات انتشار واسع عربياً وعالمياً، إلا إذا نلت الدعم والمباركة من الجانب الإسرائيلي".

واستغربت خليفة حينها طريقة الأوروبيين في إظهار الدعم والتقدير للمبدعين الفلسطينيين، من حيث تعمّد تقاسم الجوائز بين مبدع فلسطيني كبير وإسرائيلي أقلّ منه إنتاجاً وكفاءة، كما حصل من قبل مع محمود درويش الذي رفض عرضاً لتقاسم جائزة نوبل مناصفةً مع شاعر إسرائيلي. 

هل يستجيب نصر الله ويلقي القفاز؟

في حديث مع "الميادين الثقافية" يؤكّد الرنتيسي أنه ليس في وارد فتح الباب أمام معارك جانبية، لكنه يراهن على كون صاحب "زمن الخيول البيضاء" مبدع من لون آخر وخامة مختلفة تستحقّ الرهان عليها حتى اللحظة الأخيرة، متوقّعاً ألا يخيّب صاحب "الملهاة الفلسطينية" ظنّه، وأن يركل الجائزة ويلقي القفاز في وجوه أصحابها. فهل يفعلها نصر الله؟

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

اخترنا لك