"3 آيات في الوحدة": فانتازيا التصالح مع الذات رغم ثقل الأزمات

يسود الصمت كثيراً في سياق العرض المسرحي التجريبي: "3 آيات في الوحدة"، على خشبة مسرح المدينة، إخراج ومشاركة في التمثيل وكتابة النص مع عمر أبي عازار، للفنانة مايا زبيب، ومساهمة أجنبية في تصميم الرقص – مع لي سيرل، وفي صياغة الموسيقى – مع بن فروست –  فكانا شعلة العرض خصوصاً حضور سيرل ممثلاً يؤدي دور الزاحف بطيئاً على بطنه ثم الذي يتشكل في حركات إيمائية معبرة ودافئة في توصيلها المعاني المقصودة من التعبير عن الوحدة.

المسرحية تفرض نهجاً مبتكراً في فهم معنى العزلة. إنها ببساطة شديدة أخذ فرصة ذهبية في الجلوس إلى الذات بما يعني أن هناك طرفين في الجلسة. بما يؤكد مشاركة آخر في هذه الوحدة : أنت ونفسك إثنان في كيان واحد هو أنت، ومن هذا المنطلق تتشكل أطر في الديكور والحركة البطيئة والصمت الطويل وحضور الموسيقى التصويرية ثم الإظلام الكامل وكأنما يتم قلب الصفحة تمهيداً لفتح أخرى مختلفة، وصولاً إلى الممثلين على الخشبة تقودهم مايا بحضورها: لمياء أبي عازار، جنيد سري الدين، و لي سيرل – أثبت طواعية لافتة في التحكم بحركة جسمه -.

يتم استرجاع اللحظات المؤثرة في الأزمات التي تتعاقب بكثرة على لبنان، من مشاعر الأم الثكلى، أو المرأة التي فقدت عزيزاً، أو الرجل الذي خسر عائلته وبقي وحيداً، أو الأزمات اليومية من صغيرة وكبيرة، إلى ما نسمعه من تلاوين الأخبار في العالم وكلها إشارات إلى إحباط وسقوط وملامح هاوية في أي لحظة، كل هذه التداعيات تتدفق على مخيلة الوحدة التي نسعى لجعلها بر أمان وليس ساحة صراع، ويكون الحل بالركون إلى الآخر فينا لحلحلة الإشكالات دفعة واحدة في عملية طرد إستراتيجية متقنة.

ديكور المسرحية بسيط جداً حتى ليكاد يتلاشى حضوره في عملية إفساح في المجال لتشكيلات آدمية من العناصر التمثيلية على الخشبة، فالمطلوب تراكيب متحركة ترسم معالم تقلب الأمزجة وتفاوت القدرة على الصبر بين شخص وآخر، وهو ما طرح التساؤل حول معنى كثرة الصمت والعتمة وبطء الحركة في السياق ليأتي الجواب من المناخ العام للموضوع قيد المعالجة: إنها الوحدة التي تفرض هذا الإيقاع الذي ينهج مسار التأمل والمراقبة والتفكر أكثر.

"3 آيات في الوحدة"، مسرحية خاصة جداً في كل تفاصيلها وقد وجدها بعض الرواد نخبوية، ووصفها آخرون بـ غير المفهومة، وقال البعض إنها تنويعة مختلفة يجب التبحر في الأفكار التي طرحتها، لكنها أولاً وأخيراً أسلوب تعبير عن واقع سلبي متقلب مزعج وقاتل لو تصاعدت وتيرته.