"أبواب البحر المتوسط": معرض تفاعلي بين شرق المتوسط وإسبانيا

التشكيلي اللبناني رينالدو الصايغ يقدم مجموعة من الأعمال الفنية، التي تعبر عن تعاطف لا يزال يستمدّ جذوره من السرّ الحاضن لتلاقي الحضارتين العربية الإسلامية والإسبانية في الاندلس.

  • أبواب وشبابيك
    أبواب وشبابيك

قدّم الفنان التشكيلي اللبناني رينالدو الصايغ مجموعة من الأعمال الفنية التشكيلية المتنقّلة على أشرعة "معهد سرفنتيس" الاسباني، لتعرض في أكثر من مركز فني لبناني، منها في المعهد في بيروت، وفي "فيلا باراديسو" بالبترون، وفي جمعية العزم الثقافية - بيت الفن في طرابلس اللبنانية، حيث يندرج في إطار احتفالية "طرابلس عاصمة للثقافة العربية".

عنوان الأعمال "أبواب البحر الأبيض المتوسط" بين إسبانيا ولبنان، تعاطف لا يزال يستمدّ جذوره من السرّ الحاضن لتلاقي الحضارتين العربية الإسلامية والإسبانية في الاندلس.

ويحتوي المعرض على مجموعة من اللوحات الفنية الدامجة لمجموعة أحداث وروايات ومظاهر في كل منها، تحت عنوان محدّد، لتشكل كل واحدة منها ما يشبه معلقات العرب الشاعرية. 

وسهّل فهم مقاصد المعرض، وأبعاد عنوانه، شروح للفنان لكل عمل، رافقت اللوحات في سيرورتها الاستعراضية، فكانت "الأبواب والنوافذ" مدخل المعرض، وهو، بحسب الفنان، أول عمل مكتمل لهذا العرض، ذاكراً أن "كل شيء يحتاج إلى نقطة انطلاق، وهذه المقدمة تسلط الضوء على التصاميم والأشكال المعمارية لبعض الأبواب والنوافذ الموجودة في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط، من شرق المتوسط حتى إسبانيا".

ومن بين الأعمال مخطوطة مستعربية (Arabismos)، وهي لوحة "سكرابل" (scrabble) تحتوي على كلمات إسبانية من أصل عربي. توجد على كل جانب من لوحة "سكرابل" مشاهد مختلفة من الرسومات المستعربة التي يعتمد معظمها على الجزء الأخير من الكتاب المقدس، وصراع الفناء، وبعض المشاهد الفنية المدمجة. 

  • لوحة الأمين
    لوحة الأمين

ثم عن عهد الملك فيليبي الثاني، ملك اسبانيا، عندما كان المسلمون في الاندلس ممنوعين من التحدث بالعربية من خلال نصّ مدجن مرسوم فوق لوحة السكرابل، والأسفل بيت لسعيد عقل مكتوب بما اعتبره اللغة اللبنانية: "الحلوة الغفي عزندها الصغير، وضلّت تغني والدني حدا تطير، والرياح تدوزن وتارا".

ثم لوحة "الأمين" وهي مقارنة مدينة توليدو الاسبانية كموطن لثلاث ديانات: اليهودية، والمسيحية والإسلام في لبنان، موطن لأكثر من 18 مجموعة دينية مختلفة، وكانت واجهة كاتدرائية سانتا إغليسيا بريمادا دي توليدو مصدر إلهام للّوحة ممثلةً السمات المعمارية للأبواب والمحفوظات، وسواها، مشيرةً إلى أهمية الحفاظ على المساواة والتفاهم والتسامح من أجل تعزيز الوحدة والمحبة بين جميع الجماعات الدينية محلياً ودولياً.

وكذلك لوحة "الحرب الأهلية" التي تظهر هول أعداد الذين قتلوا خلال 50 عاماً من عدم الاستقرار السياسي في لبنان. كان مصدر الإلهام لهذا العمل هو الباب الرئيسي للسفارة الاسبانية في لبنان، قصر الشهاب في بعبدا. أصيب هذا المبنى بقذائف مرتين خلال الحرب، وما رافقه من مأساة. الزهور في المزهريات تمثل الأطراف المتقاتلة. عناوين الصحف تسلط الضوء على بعض الاحداث.  "لا حرب" هي الرسالة الواضحة المعبر عنها في هذه اللوحة. 

  • لوحة جبران النبي
    لوحة جبران النبي

ثم لوحة "الغزوات" المستوحاة من أحد الأبواب ذات القوس المنحوت، والذي يعتبر من أهم بصمات الفن الإسلامي من قصر الحمراء في غرناطة، كان مصدر إلهام لهذه اللوحة، تشكلت على الباب من الأسفل إلى الأعلى شخصيات شهيرة، وأحداث، وقلاع، ورموز دينية، ومصنوعات يدوية من فترات تاريخية مختلفة بمثابة سجل زمني لغزوات المنطقة منذ القدم.

إضافة إلى لوحة "اللغة الأم". في هذه اللوحة من الأبواب الوردية المتوهجة التي تظهر المعلمة، يتم خلط الأساطير والحقائق معاً، لتتبع توسع الأبجدية الفينيقية مترافقاً مع اسطورة قدموس لاحقاً أخته أوروب التي اختطفها زيوس، وهكذا وصلت اللغة إلى حوض البحر الأبيض المتوسط الغربي. ولزراعة الزيتون المتوسطية حصة في اللوحة.

ثو لوحة "الموارنة": في عام 2008، بعد لقائه خوان كارلوس الأول ملك اسبانيا، أقام البطريرك الماروني نصر الله صفير قداساً إلهياً في كاتدرائية سانتا ماريا ريال دي لا المودينا في مدريد. اللوحة تستلهم الباب الرئيسي للكاتدرائية مع أشكال دينية، والمشاهد الأخرى هي من قنوبين في وادي قاديشا، وبلدة حصرون ودير مار قزحيا وغيرها من الأماكن المقدسة المارونية.

ثم لوحة "الموسيقى والرقص" وفيها راقص الفلامنغو يرقص وعازف العود الذي يعزف أمام باب مغلق، هما صورتان شخصيتان تظهران مشاعر الفنان المختلفة، وفي الوقت نفسه، والباب المغلق تعبير عن العجز لأن يصبح الفنان راقص فلامنغو أو عازف عود.

وننتثل إلى لوحة "الهجرة بعد بيكاسو": ولد بابلو بيكاسو في مالاغا، وهي مدينة بنيت على مستوطنات فينيقية. هذه اللوحة المخصصة للفنان بيكاسو ولفنه تدور حول موضوع الهجرة. "باب تحطم مفتوحاً أمام البحر الأزرق المبتلع والسماء الزرقاء". 

ثم لوحة "جبران النبي": في العديد من البلدان، يتم الاحتفال بيوم 23 نيسان/إبريل باعتباره "اليوم العالمي للكتاب". وفي إسبانيا يتزامن ذلك مع التاريخ المفترض لوفاة ميغيل سرفانتس عام 1616، والذي يتم الاحتفال بكتابتاته في ذلك اليوم. اشتهر سرفانتس برواية دون كيشوت. كما يحتفل لبنان بيوم الكتاب العالمي ويبقى كتاب جبران، "النبي"، من أهم الكتب التي اشتهرت عالمياً. تمت ترجمة "النبي" إلى الاسبانية وتتضمن هذه اللوحة المخصصة للنبي رسوماً توضيحية لأغلفة الطبعات الاسبانية من الرواية، إضافة إلى تجليات وقائع أخرى متعددة تظهرها اللوحة.

  • لوحة الموسيقى والرقص
    لوحة الموسيقى والرقص

وكذلك لوحة "طريق الحرير" حيث أطول وأقدم طريق تجاري على الاطلاق، طريق الحرير. بدأ في الصين ووصل إلى إسبانيا، وبشكل أكثر تحديداً إلى الأسواق التجارية مثل سوق فالنسيا المعروف باسم La lonja de la Seda. كما ترك طريق الحرير آثاره في جميع أنحاء لبنان. وبعد إغلاق الطريق من قبل العثمانيين، ولم تعد التقنيات سراً، بدأت زراعة أشجار التوت، وصناعة وتجارة الحرير في لبنان وانتشرت في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط.

ثم كونسيرتو "لي بيروت": ألهمت مقطوعة خواكين رودريغو الموسيقية الشهيرة Concierto de Aranjuez في القرن العشرين الشاعر جوزيف حرب لكتابة ما أصبح ترنيمة عندما غنتها فيروز، وأصبحت شعبية ومرتبطة بكل مأساة وكارثة في لبنان. النوتات الموجودة في خلفية هذه اللوحة مأخوذة من الورقة الموسيقية للقطعة.