"لن يحرّركم نتنياهو".. عبد الكريم سروش: حبيبتي إيران

من مكان إقامته في الولايات المتحدة، يعيب المفكّر الإيراني المثير للجدل، عبد الكريم سروش، على معارضين إيرانيين تأييدهم للعدوان الإسرائيلي. ماذا قال؟

بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على إيران، والحملات التضامنيّة الشعبيّة على مواقع التواصل مع الضربات الإيرانية في عمق كيان الاحتلال الإسرائيلي، انتشر على مواقع التواصل مقطعٌ مصوّر للمفكّر الإيراني، عبد الكريم سروش (1945)، يشجب فيه موقف بعض المعارضين الإيرانيين المقيمين خارج إيران، الذين أعربوا عن فرحهم بما يحصل، انطلاقاً من أملهم في سقوط النظام في بلدهم.. على ما وعدهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. 

سروش المفكّر المثير للجدل في الأوساط الإيرانية والإسلاميّة، بما قدّمه من نظريّاتٍ وآراء في الوحي والشريعة وصفت على أنّها إشكاليّة، انتقد المعارضين الذين اختاروا الاصطفاف حول العدوان الصهيوني من خلال احتفائهم بالضربات الإسرائيليّة، بينما دماء أبناء وطنهم من الشهداء الإيرانيّين، المدنيين والعلماء والقادة، تسقط كلّ يومٍ بلا ذنب، على مرأى من العالم. 

وعلى الرغم من أنّ سروش يعيش في الولايات المتحدة، غير أنّه قدّم نموذجاً للإيراني الذي لم تؤثّر هجرته إلى الغرب على تشكّل وعيه الوطني وملامح شعوره بالانتماء. ولا شكّ أنّ الحياة في الغرب، لها تأثيراتها الملموسة في صياغة الرأي أو إعادة صياغته، من خلال دوّامات الماكنة الإعلاميّة ودهاليزها التي تخضع للإرادة الغربية، وهو ما نراه لدى بعض المعارضين المقيمين في الخارج، حيث تتّسع الهوّة بينهم وبين الحقيقة، على أرض الوطن.

غير أنّ سروش ليس وحده في هذا الموقف، فمنذ بداية العدوان على إيران، خرجت رموزٌ إعلاميّةٌ وفكريّةٌ وفنيّةٌ عديدةٌ لتدين الإجرام الإسرائيلي، داعيةً إلى وحدة الصفّ واللُّحمة الوطنية الشعبيّة بين الإيرانيين. وهو دأبُ هذا الشعب، الذي طالما شعر بالاعتداد بتاريخه الحضاريّ الممتدّ على آلاف السنين، ممّا دعا البعض إلى اتّهام الشعب الإيراني بالقوميّة أو العنصريّة. ولعلّها قوميّةٌ تفي بالمطلوب عند الاستحقاق. 

هذه المواقف المؤيّدة لنهج النظام في إيران، من قبل أفرادٍ لم يكونوا من عشّاق هذا النظام الهائمين، تدعو إلى التأمّل من جديد، في ماهية الإرادة الشعبية الوطنيّة، التي لا تنفكّ العقيدة والإيمان أن تكونا من مكوّناتها العصريّة، ولا سيّما بعد انتصار الثورة الإسلاميّة. 

 
 
 
 
 
View this post on Instagram
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by HAMIDREZA FATHI / حمیدرضا فتحی (@hamidrzfathi)

هكذا اختار سروش أن يصف هذه الاصطفافات المعارضة بالبعيدة كلّ البعد عن الثقافة وحرية الفكر، فيقول في مقطع فيديو انتشر يوم أمس الاثنين على مواقع التواصل إنّ: "أكثر ما يؤلم، عندما نرى مجموعةً من المرتزقة، لا يحملون من هويّتهم الإيرانية إلا اسمها،  بينما هم إسرائيليّون في الحقيقة، يحتفلون بينما الناس في عزاء. يعربون عن بهجتهم، ظنّاً منهم أنّ هؤلاء المجرمين المغتصبين، قادرون على وهب الحريّة للإيرانيّين، وأنّهم قادرون على إيجاد وطنٍ آمنٍ لنا، وأنّ بإمكانهم أن يكونوا رسل السلام والأمن لنا. هم لا يعلمون أن لا أحد أقرب إليهم من أبناء الوطن. ولا يمكن لأيّ أجنبيٍّ أن يحلّ محلّ ابن جلدتهم. ولا يمكن لمن لا يشاركنا اللغة والدين أن يحتلّ مكان إخواننا في اللغة والدين". 

ويضيف "إننا في الواقع، نواجه أزمةً تاريخيّةً كبرى، وأعلم أنّ الكثيرين يعارضون الحكومة، ربّما بسبب الخيبة أو الإحباط من بعض السياسات، لكن هذا لا يعني أن يتمسّكوا براية العدوّ، وأن يفرحوا لظفره وإنجازاته، وينسوا شعبهم، وأن يتوهّموا بأنّ الغرباء أقرب إليهم من شعبهم".  

وتابع صاحب "أرحب من الأيديولوجيا"، "على أيّ حال، نحن ندين هذه الجرائم، وهذه الاعتداءات وهذه المجازر، وهذه الإبادات. ونتقدّم بالعزاء لشعب إيران، ونشاركهم الحداد، على ما قدّموه ويقدّمونه من الشهداء، ونفتخر بأنّ في إيران رجالاً يمضون على طريق الشهادة والتضحية، وهم يدافعون بوجودهم وإيمانهم عن أرضهم ووطنهم ودينهم".

اليوم، يمثّل سروش، المثقّف الكلّي والمفكّر المعاصر، الذي يؤمن بأنّ بناء الوعي الجديد يبدأ باستدعاء الأفكار والأشكلة عليها، من زاوية نظر مجرّدة، منعاً للاستلاب المعرفي أمام هالة الأفكار الواردة، الذي تسعى إليه العولمة الثقافية في بلادنا. ولعلّها أفكاره حول التعدّديّة الدينيّة، زوّدته بالمقدرة على رؤية حقّانيّة نظامٍ قدّم أطروحةً لدولةٍ حديثةٍ ترعب الكيان الإسرائيلي، من دون أحكام وتصوّرات مسبقة. 

يذكر أنّ عبد الكريم سروش، مفكّر وفيلسوف إيراني معاصر من مواليد طهران، ويُعدّ من أبرز روّاد الفكر الديني الإصلاحي. تميّز بفصلٍ واضح بين الدين كمقدّس والمعرفة الدينية كنتاج بشري قابل للنقد والتطوّر. 

دعا إلى التوفيق بين الإسلام والحداثة، وشدّد على أولوية الحرية في الإيمان. من أبرز أعماله كتاب " القبض والبسط في الشريعة" و"التراث والعلمانية"، و"العقل والحرية"، ويُدرّس حالياً في جامعات مثل هارفارد وبرينستون.

"إسرائيل" تشن عدواناً على الجمهورية الإسلامية في إيران فجر الجمعة 13 حزيران/يونيو يستهدف منشآت نووية وقادة عسكريين، إيران ترد بإطلاق مئات المسيرات والصواريخ التي تستهدف مطارات الاحتلال ومنشآته العسكرية.

اخترنا لك