"وش في وش": مجموعة أفلام في فيلم واحد متميز

فيلم "وش في وش" يهبط من كوكب آخر، فهو لا يشبه الأفلام التي تُعرض هذه الأيام، وفي الوقت نفسه يتمتع بنسبة دسم عالية من الأفكار والموضوعات والقضايا تجعله مجموعة أفلام وصلتنا في شريط واحد شديد التميز والخصوصية.

  • وش في وش: ملصق الفيلم
    وش في وش: ملصق الفيلم

بدايةً، ما أصعب تصوير أفلام في مساحة محدودة، مع شخصيات كثيرة لا تتوقف حركتها على مدى ساعتين من العرض، لكن "وش في وش"، نص وإخراج وليد الحلفاوي – عرفنا له عام 2018 شريط: علي بابا – تجاوز هذه العقبة بسلاسة بالغة فلعبت الكاميرا دور الرابط الحيوي للشخصيات بلقطات متلاحقة منعت الإحساس بالكسل في التحرك ضمن رقعة ضيقة تتنوع المشهدية فيها في التنقل بين الغرف والمطبخ والشرفة، مع حوارات رزينة حيناً وشوارعية حين تحتدم المسائل وتتصاعد.

  • أسرة الفيلم في لقطة جامعة
    أسرة الفيلم في لقطة جامعة

يريد الفيلم في خلاصة الأمر من أهل أي زوجين الامتناع عن التدخل في حياتهما إطلاقاً وإلاّ ستكون الانتكاسات متواصلة ولا سبيل لأي حلحلة، بل هناك احتمالات وقوع ضحايا ولأسباب سطحية. واللافت هنا أنّ الفيلم المتكامل العناصر من توزيع الأدوار بشكل مناسب جداً، إلى حركة رشيقة للكاميرا مع حوارات مقتضبة ومعبرة كلها تثمر ألفة بين العمل والمشاهد، في وقت تكون فيه الأمور ضمن كادرات الفيلم تحت السيطرة الكاملة، وبالتالي المخرج هو سيد اللعبة، فكيف إذا كان هو نفسه مبدع النص.

جديد تماماً هذا الشريط، إلى حد أن واقعيته تُصورنا نحن الرواد وكأننا نتلصص على الشقة التي تدور فيها كامل أحداث الفيلم من دون أن ينتبه أحد في الداخل أنهم تحت المراقبة، وهم جميعاً بالمناسبة لا يرقون إلى مستوى النجومية لكنهم في الفيلم كانوا جميعهم من النجوم، كل واحد في دوره وموقعه الفعال.

  • مونولوغ حواري تمثيلي رائع بين السائق والعاملة في منزل أهل الزوجة
    مونولوغ حواري تمثيلي رائع بين السائق والعاملة في منزل أهل الزوجة

الفكرة البسيطة لزوجين محمد ممدوح، وأمينة خليل، على خلاف لأمور روتينية يومية، يحضر أهلهما إلى شقتهما لتبدأ مناظرة بشعة عنوانها كيفية العمل على انفصالهما بالطلاق، وليس على إصلاح ذات البين بينهما والانتباه إلى وحيدهما الذي ما زال طفلاً، وإذ حضر شقيق الزوجة متحدياً ومتوعداً، استعان الزوج بعدد من أصدقائه ليكونوا مستعدين لأي مواجهة. 

هذه الفكرة دخلت في دهاليز مختلفة، وتسببت في فتح قضايا نائمة بين جميع الشخصيات  وبينهم أهل الزوجين، إلى حد أن والد الزوجة – سامي مغاوري – طلق والدتها – أنوشكا، وقس على لك من خلافات تفجرت ونتج عنها خسائر لجميع من ضمتهم جلسة الصلح المفخخة بالطلاق.

وفي وقت لا نستثني أحداً من سحر الأداء وقوة الحضور، نتوقف عند وجهين رائعين لسائق عائلة الزوجة والفتاة العاملة لديه، فهما قدّما أروع مثال على موهبة التمثيل وتركا في الفيلم أثراً طيباً.

  • مخرج وكاتب سيناريو الفيلم وليد الحلفاوي
    مخرج وكاتب سيناريو الفيلم وليد الحلفاوي

الأسماء المشاركة عديدة وبعضها لا نعرف وجوه أصحابها ونلحظ هنا أحمد خالد صالح، بيومي فؤاد، أسماء جلال، محمد شاهين، محمود الليثي، دنيا سامي، سلوى محمد علي، خالد كمال، لطفي لبيب، مصطفى غريب، آنا يسري، وعمر مصطفى.

الشريط شاهدناه في عرض خاص بالصحافة ليل الأربعاء في 30 آب/أغسطس، وهو بصدد افتتاح عروضه في أوستراليا، كندا وأميركا بدءاً من مطلع شهر أيلول/سبتمبر.