"يد إلهية" إبن الأرض أدرى بها ويعرف كيف يستعيدها

المخرج الفلسطيني إيليا سليمان في ثاني أفلامه: "يد إلهية"، يحدد النهج السينمائي الرمزي في التعاطي مع القضية الفلسطينية والذي تحول إلى أسلوب خاص به ميّز كل أفلامه لاحقاً، ما أكسبه احتراماً في المنابر العالمية تًرجم جوائز وتنويهات ودروع تقدير.

  • من فيلم
    من فيلم "يد إلهية"

"يقول الكثير في أفلامه من خلال الصورة بينما الحوارات قليلة ونادرة لأن السينما مشهدية وهي الأقدر على توصيل الرسائل المطلوبة إلى العناوين مهما كثرت أو بعدت" هذا الكلام النقدي قاله كاتب فرنسي عن سينما الكاتب والمخرج الفلسطيني إيليا سليمان، إلى حد أن هناك رأياً آخر يقربه في طريقة تفكيره وفلسفته من وودي آلن.

في: يد إلهية – divine intervention – يطرح المخرج الكاتب والممثل دائماً في غالبية أفلامه المعاناة الفلسطينية اليومية والدائمة من القهر والذل عند الحواجز الإسرائيلية التي تتعمد عرقلة وتأخير أعمال وشؤون الفلسطينيين خلال تنقلهم في أرضهم وبين ناسهم لكن بقيود إسرائيلية محكمة، لذا استحدث مشهداً لبالون عليه صورة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يطير في فضاء فلسطين متخطياً العوائق والحواجز الإسرائيلية لتصل الصورة إلى كل شبر من أرضها.

وفي كل مشهد تقريباً من الشريط هناك رسالة ما تقول للإسرائيلي إنه في أرض ليست له، هو الغريب المحتل بينما الأصل هم الفلسطينيون أصحاب وأبناء الأرض.

ومن المشاهد المعبّرة جداً في الشريط عندما تقدمت سائحة أجنبية من شرطي في مدينة القدس وسألته كيف تستطيع الوصول إلى كنيسة القبر المقدس – المعروفة بإسم: holy sepulehre-  فارتبك لأنه لا يعرف العنوان ثم استدرك وقصد سيارة الشرطة وأتى من داخلها برجل فلسطيني معصوب العينين الذي وبسهولة كاملة بادر المرأة ودلها على طريقين يوصلانها إلى الكنيسة.

  • مشهد من الفيلم عند حاجز إسرائيلي في فلسطين
    مشهد من الفيلم عند "حاجز إسرائيلي" في فلسطين

هذه الواقعة تؤكد للمشاهد أن الشرطي غريب عن المكان، عن الأرض، بينما المعتقل الفلسطيني المعصوب العينين يحفظ جميع المواقع في القدس عن ظهر قلب، بدليل إعطائه طريقين للسائحة كي تبلغ الموقع الذي تسأل عنه.

ولا يبتعد سليمان في شريطه عن ذاكرته الشخصية عن تجاربه وما مر به وما شاهده وعايشه لذا فإن في الفيلم جزءاً من ذاكرة المخرج الذي سعد كثيراً عام 2002 عندما منحه مهرجان كان السينمائي الدولي جائزة لجنة التحكيم ، إضافة إلى جائزة سكرين العالمية من مهرجان السينما الأوروبية لفيلم غير أوروبي.

الفيلم ومدته 92 دقيقة لعب أدواره الرئيسية إلى جانب سليمان: سلوى تاكاري، منشة تري، ديفيد بيل، ميشيل بيكولي، وأوليفييه سيا.