أفلام خالدة : "حدوتة مصرية": شاهين صوّر قلبه خلال عملية جراحية

رباعية عن السيرة الذاتية للمخرج الراحل يوسف شاهين، إخترنا منها الجزء الثاني بعنوان: حدوتة مصرية، حيث يدخل بكاميراه إلى قلبه محوّلاً إياه إلى قاعة محكمة لكل ما إرتكبه من أخطاء بحق نفسه أولاً.

  • حدوتة مصرية: الملصق
    حدوتة مصرية: الملصق

على عادة المخرج المبدع الراحل (قبل 14 عاماً) يوسف شاهين، في كل أفلامه كان يرصد واقع الحال في مصر ودنيا العرب والعالم، وهذا ما فعله عندما قرر أن يتحدث عن حياته إنساناً وفناناً في رباعية سينمائية رائعة شملت: إسكندرية ليه، حدوتة مصرية، إسكندرية كمان وكمان، وإسكندرية نيويورك.

 اخترنا الجزء الثاني من السيرة: "حدوتة مصرية"، لأننا نعتبرها حدوتة سينمائية مبهرة، جد معبرة، وتُعطي المخرج شاهين علامات إضافية حين تقييمه فنياً لأن ما أبدعه في هذا المصنف متقدّم جداً على معظم ما صوره في حياته وهناك من اعتبره في الشريط يحمل ملامح  ستانلي كوبريك في شريطه الأشهر: 2001 أوديسا الفضاء (1968).

  • نور الشريف جسد المخرج يوسف شاهين شكلاً ومضموناً
    نور الشريف جسد المخرج يوسف شاهين شكلاً ومضموناً

أراد شاهين هنا أن "يفضفض" عن كل ما مرّ به وما عاناه صحياً وشخصياً، وأخذ قلبه باباً مشرعاً فتحه على ما فاض به، وقدّمه للناس بكل ما عاناه، وما واجهه، وما أقدم عليه عن وعي، أو عن قلة إدراك ولم يوفق، قال شاهين بصدق ونوجه إلى مشاهديه على أنهم أهله وناسه.

ونضيف إلى هذه الإيجابية" الكاستنغ" الذي فاز به الفيلم وفي الطليعة الفنان المتمكن نور الشريف في شخصية شاهين نفسه الذي إختار لنفسه إسم يحيى شكري مراد على الشاشة، لقد ظهر نور في صورة طبق الأصل عن شاهين، أو لنقل إن مخرجنا إستطاع تحويله إلى صورة طبق الأصل والروح عنه.

  • لقطة من الفيلم تحمع نور، رجاء حسين، ومحمد منير
    لقطة من الفيلم تحمع نور، رجاء حسين، ومحمد منير

وهذا الكلام يسري فنياً على الفنانة يسرا في دور آمال، الذي اعتذرت عنه الفنانة سعاد حسني من دون ذكر الأسباب، وهي في مكانها كما دور الأم (سهير البابلي) والأخت (ماجدة الخطيب)، كما أن الشريط تعامل لأول مرة مع المطرب محمد منير كممثل، وبات شاهين يتعامل معه في أفلام لاحقة على أنه رمز للمواطن المصري صوتاً وصورة.

قال شاهين كل شيء حتى عن أدق خصوصياته، وكان جريئاً وغير عابئ، وأكثر ما كان لافتاً في سياق الاعترافات الأمور الصحية المتعلقة بقلبه الذي كان سبباً في وفاته قبل 14 عاماً، فهو تحمّل همّ ذويه من النساء، كما عانى من الرقابات على نصوصه وأفلامه إلى حد أنه في إحدى دورات مهرجان كان السينمائي الدولي أثنى على جهاز الرقابة في مصر لأنه كان جريئاً في قبول نص أحد أفلامه دون أي تعديل ولأول مرة في حياته المهنية.

ومن الضروري الإشارة إلى حضور أحد إكتشافات شاهين: محسن محيي الدين، جسد دور يحيى (يعني شاهين) قي شبابه الأول، قبل أن يقف بطلاً مطلقاً أمام الفنانة داليدا في: اليوم السادس.