حين يولد الأمل في مهد الفقد

يوماً ما، قريباً كان أو بعيداً، سواء شهدته أم لم أشهده... سينال شعبي حريته.

  • (أ ف ب)
    (أ ف ب)

هل قابلت في موطنك شخصاً كان تاريخ ميلاده هو ذاته تاريخ وفاة والده؟ وسنة ميلاده هي نفسها سنة ترمّل أمه؟ وكان ذلك أيضاً بداية معاناة جديدة تكون بمنزلة حرب لا تنتهي؟ 

هل صادفت في موطنك حكاية أخ سمّى ابنه على اسم شقيقه الشهيد، ثم استُشهد الطفل الذي حمل اسم عمّه بعد ذلك بعام فقط؟ 

هل سمعت في موطنك عن امرأة أنجبت أنثى، لكنها وُلدت يتيمة؟ والدها كان يعلم أنه سيرزق بطفل ذات يوم، لكن الحياة سُرقت منه قبل أن يعرف جنسه؟ 

من المرجح أنك لم تعش كل ما سبق.

كل ما ذكرتُه ليس سوى مقتطفات من آلاف القصص الإنسانية التي حدثت – وتحدث – في موطني، فلسطين، ذلك الوطن الذي تغنّى به الشعراء، وقالوا عنه "أرض السلام والزيتون"، لكن أين السلام؟ بلدي سلّمه الانتداب للاستعمار، كأن أبناءه لا يستحقون يوماً أن يتنفسوا الحرية، ويتحرروا من قيود المآسي والوداع، كأنهم لا يستحقون أن تبتسم لهم الحياة.

لكن، سيأتي اليوم الذي ستضحك فيه الشمس والحجارة، وسينهمر الحُكم المستقل علينا. حينها، سيكون اليوم يومنا، والقرار قرارنا، والأرض أرضنا. 

"إذا الشَّعْبُ يومًا أرادَ الحياةَ
فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القَدَرْ"

يقول أبو القاسم الشابي. يوماً ما، قريباً كان أو بعيداً، سواء شهدته أم لم أشهده... سينال شعبي حريته. فهو الشعب الذي يستحق الحرية هو الذي دفع أبطاله أنفسهم وأبناءهم من أجلها. هم وحدهم الذين لم يفارقهم الفقد والوداع.
هم وحدهم كان فيهم رجل عاش الأبوة 5 ساعات فقط، ثم حلّقت روحه إلى الواهب، ليشكره بنفسه على نعمته. 

هم وحدهم الذين فيهم نساءٌ يتحملن دور الأم والأب، يقاومن، ينجبن، ثم يأخذ الوطن أطفالهن. هم وحدهم الشعب الذي لم تكتمل له فرحة، وفي سماء أرضهم تحلق أطياف الشياطين، وتحرق بنيرانها الأفراح، وتغرقهم برمادها.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

اخترنا لك