دراسة جديدة حول التحديات التي تواجه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

تقدم 14 عضواً من مجلس الشيوخ الأميركي بمشروع قانون عام 2023، يعيد تعريف بعض عناوين القضية الفلسطينية، ومن بينها إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني بحصره بمن ولد في فلسطين.

  • دراسة جديدة عن
    دراسة جديدة عن "اللاجئون الفلسطينيون في لبنان"

صدر عن المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات في بيروت ملف بعنوان "اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. في مواجهة التحديات"، من إعداد فتحي الكليب؛ الباحث المتخصص في قضايا اللاجئين الفلسطينيين وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.

تسلط الدراسة الضوء على واقع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في ظل التحديات التي يواجهونها على غير صعيد، وهي تتوزع على 3 أقسام:

يتناول القسم الأول في فقرته الأولى الإطار العام للاستهدافات التي تعرض لها اللاجئون خلال السنوات الأخيرة، فيما تعرض الفقرة الثانية حق العودة والاستهداف السياسي لفلسطينيي لبنان، وتحلل أبرز السياسات والمواقف المحلية والدولية، لجلاء أسبابها وانعكاسها على نضال الشعب الفلسطيني دفاعاً عن حقوقه الوطنية، وخصوصاً حق العودة، وتتضمن الفقرة الثالثة عرضاً لنقاشات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول التقرير الدوري اللبناني وعلاقته باللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم الإنسانية.

فرغم الاعتقاد السائد بأن قضية اللاجئين موضوعة في الأدراج وتعيش حالة سكون منذ سنوات، فإن السياسات والأفعال المباشرة لـ"إسرائيل" والإدارة الأميركية وبعض الدول الأوروبية تؤكد أن مساعي إنهاء هذه القضية لم تتوقف يوماً، وأنها أخذت أشكالاً مختلفة، سواء بصيغة مشاريع سياسية أو من خلال استهداف وكالة الغوث بشكل مباشر، بهدف نزع الشرعية عنها، كما عَبَّرَ عن ذلك أكثر من مسؤول أممي. 

ويمكن تلمّس هذا الاستهداف من خلال ما يلي:

سعي حثيث للعبث بالمكانة القانونية للاجئ الفلسطيني وحصرها بأبناء الجيل الأول في مقابل حرمان أبناء الأجيال اللاحقة منها. وهنا، يمكن فهم خلفيات الإصرار الأميركي على إعطاء تعريف جديد للاجئ، بحصر مكانة اللاجئين في إطار من هُجِّرَ منهم من فلسطين منذ النكبة عام 1948، وإسقاط صفة اللجوء عن الأبناء والأحفاد، بما ينسجم مع الموقف الإسرائيلي بأدق تفاصيله.

ولهذه الغاية، وفي إطار تفعيل قانون كان الكونغرس الأميركي قد أصدره عام 2013، تقدم 14 عضواً من أعضاء مجلس الشيوخ بمشروع قانون عام 2023، يعيد تعريف بعض عناوين القضية الفلسطينية، ومن بينها إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني بحصره بمن ولد في فلسطين، ما يعني نزع هذا التعريف - وبالتالي المكانة القانونية- عن ملايين اللاجئين، وبما يقود إلى وقف المساهمة المالية الأميركية في موازنة وكالة الغوث تمهيداً لإلغائها، ونقل خدماتها إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

وحتى لو لم تقر هذه المشاريع أو إذا أقرت وجمدت، فسوف تبقى سلاحاً للابتزاز بيد الإدارة الأميركية تلجأ إليه عند الضرورة للضغط على الأونروا وعلى الشعب الفلسطيني لتحقيق مكاسب سياسية متوافقة مع المواقف الإسرائيلية.

في المقابل، يمكن أن نتلمس تطورات إيجابية حدثت خلال السنوات القليلة الماضية، ويمكن البناء عليها في معركة الدفاع عن قضية اللاجئين وحق العودة، منها على سبيل المثال:

1 - تجديد التصويت السنوي في اللجنة الرابعة "لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار" للدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي وافقت بدورها على مجموعة قرارات تدعم قضية اللاجئين الفلسطينيين، ومن ضمنها قرار بتجديد التفويض لوكالة الغوث 3 سنوات جديدة، بغض النظر عن نسب التصويت وانخفاضها بين 2019 و2022 من 170 إلى 157 دولة، نتيجة الضغوط الأميركية على عدد من الدول، وقرار يدعو إلى النظر في زيادة مخصصات الأونروا في الميزانية العادية للأمم المتحدة بشكل تدريجي، وقرار بشأن ممتلكات اللاجئين ينص على حماية الممتلكات التي تركها اللاجئون الفلسطينيون بعد العام 1948.. وجميعها قرارات ذات أهمية كبيرة شكلت دعماً سياسياً مهماً لقضية اللاجئين ولوكالة الغوث.

2 - عقد مجموعة من مؤتمرات الدول المانحة (بروكسل – 11/2021 نيويورك 6/2022 – نيويورك 9/2022) أكدت الدعم السياسي للوكالة. وقد حقق مؤتمر بروكسل خرقاً مهماً، ليس في حجم التعهدات، بل بإعلان عدة دول عن مساهمات مالية لسنتين وأكثر، ما يشكل نقطة البداية في رحلة التمويل المستدام.

3 - تصويت 90 دولة على قرار للجمعية العامة في 1/1/2022 بإحياء ذكرى النكبة بشكل سنوي في القاعة الرئيسية للجمعية، ما يشكل اعترافاً من الأمم المتحدة بالنكبة ونتائجها، ويساهم في دعم الرواية التاريخية الفلسطينية في مواجهة الرواية الصهيونية المدعاة، وهو إنجاز جاء بنتيجة الصمود الفلسطيني التاريخي، غير أن هذا الإنجاز يبقى معرضاً للضياع ما لم يتم تحصينه بسياسة فلسطينية رسمية تتصادم مع المشروع الصهيوني، وبما يوفر مقومات تكريس روايتنا الوطنية وتعزيزها، باعتبارها الرواية الحقيقية التي تقوى وتتعزز بوحدة الشعب ومقاومته.

ويعرض القسم الثاني من الدراسة أبرز الأزمات التي عاشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وتداعياتها على واقعهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، سواء في سياق الأزمة الاقتصادية العامة في لبنان أو الأزمة الخاصة التي تعانيها وكالة الغوث بسبب التضييق على تمويلها وغيرها من الإجراءات.

يتخذ ملف "اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. في مواجهة التحديات" "جائحة كوفيد 19 مدخلاً لمراجعة الأزمات التي تواجه شعبنا الفلسطيني في لبنان، نظراً إلى أهمية ما ترتب عليها من نتائج اقتصادية انعكست على الحالة المعيشية بحدة، ولا يلغي واقع انتهاء الجائحة تأثيرها السلبي الممتد بفعل ما خَلَّفته من مفاعيل".

وفي هذا الإطار، نشير إلى ما يلي:

في مواجهة جائحة كورونا، لجأت دول العالم إلى خيار الإغلاق الذي ترافق مع استراتيجيات دعم اقتصادي تفاوتت تطبيقاتها بين دولة وأخرى. هذا ما فعلته الحكومة اللبنانية بتوفير حزمة مساعدات لمواطنيها، وهذا ما أقرته أيضاً "المفوضية العليا لشؤون اللاجئين" في تعاطيها مع النازحين السوريين.

ومن الطبيعي أن تنعكس إجراءات الإغلاق على العمال الفلسطينيين، الذين يعمل الجزء الأكبر منهم بشكل يومي، وعلى عائلاتهم، ما وضع آلاف العمال أمام مشكلة حقيقية.

وحدهم اللاجئون الفلسطينيون ظلوا بعيدين عن كل أشكال الدعم الاقتصادي والإغاثي. وباستثناء ما قدمته بعض المؤسسات من عناوين دعم هنا وهناك، لا يمكن القول إن هناك جهة رسمية أخذت على عاتقها مهمة توفير دعم إغاثي للاجئين.

أما وكالة الغوث، فقد اقتصرت المساعدات التي قدمتها على تقديم مساعدات نقدية لمرة واحدة عام 2020 بلغت 112 ألفَ ليرة لبنانية للفرد، في إطار مشروع لاقى نقداً واسعاً من اللاجئين نتيجة الفوضى والهدر والفساد الذي شابه، إضافةً إلى تقديم مساعدات نقدية لفئات معينة من اللاجئين، وخصوصاً الأطفال وبعض المرضى وكبار السن، وإطلاق 3 نداءات خاصة بمواجهة الجائحة في مناطق عملياتها الخمس لم تتلقَ منها إلا القليل.

القسم الثالث يرسم التحديات التي يفترض أن تتصدى لها الحالة الفلسطينية في إطار النضال الفلسطيني المشترك.

يقترح التقرير الإقدام على ما يلي:

1 - دعوة وكالة الغوث إلى العمل السريع لزيادة الموازنات، وخصوصاً ما يتعلق منها بالجانب الإغاثي، سواء عبر تمويل خاص أو من خلال التواصل مع منظمات الأمم المتحدة المعنية، بهدف توفير التمويل اللازم لإغاثة المخيمات الفلسطينية وإعلانها مناطق منكوبة بشكل عاجل.

2 - دعوة اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير إلى التفاعل مع الأزمة الراهنة التي تشهدها المخيمات في لبنان باعتبارها تهديداً سياسياً من شأنه أن ينعكس على النسيج الاجتماعي للمجتمع الفلسطيني وتماسكه، واتخاذ الإجراءات التي من شأنها التخفيف من حدة الأزمة، وخصوصاً لجهة السعي لإدخال اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ضمن الفئات المستفيدة من مساعدات التنمية الاجتماعية التي تقدم في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة.

3 - دعوة "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" إلى أن تكون في حالة انعقاد دائم، وأن تنتظم أعمالها، وأن تسعى بشكل مشترك إلى معالجة تداعيات الأزمة اللبنانية، سواء من خلال تأمين مقومات الدعم والإغاثة أو عبر تفعيل أطر العمل المشترك للتصدي لكل ما من شأنه العبث بأمن مخيماتنا واستقرارها ومواجهة كل ما يهددها على المستويات السياسية والاقتصادية.

4 - حثّ القوى والأحزاب والتيارات اللبنانية السياسية والحزبية والشعبية على دعوة الحكومة اللبنانية إلى أن تشمل اللاجئين الفلسطينيين في جميع جهود الإغاثة وتتعاطى معهم على قدم المساواة مع أشقائهم اللبنانيين، وخصوصاً فيما يتعلق باستبدال الدعم بمساعدات نقدية أو بطاقات تمويلية، ودعوة القوى اللبنانية الحليفة والصديقة لشعبنا إلى تعزيز جهود الإغاثة التي تقوم بها لتشمل جميع الفلسطينيين، بعيداً من كل أشكال التمييز.