"سجل اختفاء": خيبة أمل في "سلام أوسلو"

أول أفلام المخرج الفلسطيني إيليا سليمان الطويلة: "سجل اختفاء" – عام 1996 – كانت في إثر عودته إلى فلسطين من إقامة لسنوات في نيويورك، وفي ذهنه أن سلاماً ما حل بعد توقيع إتفاقية أوسلو عام 1993، لكنه اختفى تماماً وبات مطلوباً العثور عليه.

  • سجل إختفاء:  الملصق
    سجل اختفاء: الملصق

المخرج إيليا سليمان أراد أن يقول منذ بداية فيلم: "سجّل اختفاء"، أن لا سلام حصل ولا شيء تغير في الأراضي المحتلة بعد 3 سنوات على إتفاقية أوسلو، فـ "إسرائيل" تعمل على إخفاء المظاهر الفلسطينية لتقول للفلسطيني إن الأرض ليست له، وبالمقابل يؤكد الفلسطيني في كل وقت أنه مواطن في أرضه ولن يتمكن أحد من إزاحته عنها فإمّا يعيش فوقها حراً أو يُدفن في ترابها شهيداً، ولن يتركها أبداً.

  • لقطة من الفيلم
    لقطة من الفيلم

سليمان الذي يطرح هذه الفكرة في فيلمه يتنقل بين الناصرة والقدس، باحثاً عن إشارة واحدة إيجابية تؤشر على السلام ولا يجده، وكذلك هي الحال مع أفراد عائلته وأقاربه، كلهم عندهم حالة الإحباط نفسها مما توقعوه ولم يعثروا عليه إطلاقاً في يومياتهم، إنها ببساطة خيبة أمل في السلام الموعود.

ويستطيع المخرج في أكثر من محطة سابقة وخصوصاً في حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة حالياً أن يطمئن إلى حسن إستنتاجه في الفيلم: "إسرائيل" لم ترد السلام يوماً وهي لا تعرف سوى لغة الحرب والقتل.

  • سجل إختفاء: وجه المخرج على ملصق بالإنكليزية
    "سجل اختفاء": وجه المخرج على ملصق بالإنكليزية

نعم كان الفيلم رسالة عدم تصديق لكذبة أوسلو، ساقها المخرج سليمان مع مواطن سخرية عرفناها لاحقاً في أسلوب أفلامه، تتناول حيثيات الواقع المغاير لكل ما انتظره البعض،  وظهرت العلامات السلبية في كل تفاصيل ونواحي الحياة للفلسطينيين.

وهو ما أكده سليمان في الشريطين التاليين: يد إلهية، والزمن الباقي، حيث شكلت الأشرطة الثلاثة ما بات يعرف بثلاثية سليمان السينمائية.

  • الكاتب والمخرج والممثل الفلسطيني إيليا سليمان
    الكاتب والمخرج والممثل الفلسطيني إيليا سليمان

مع إيليا في الفيلم: نظيرة سليمان، فؤاد سليمان، علي سليمان، جولييت مزاوي، فواز العليقي، ليونيد أليكسينكو، نوال أبو كرتونة، محمد أبو خميس، وبسام أبو نصار.

هم أسرة الفيلم الرئيسية والمطعمة بملامح صغيرة لكنها معبّرة مثل البالون الذي عليه صورة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات والذي يعبر دون قدرة الحواجز العسكرية "الإسرائيلية" على منعه. وهو من ضمن الرسائل التي اعتدنا عليها في مضامين ورمزيات ما يقدمه سليمان في أفلامه.

"سجل إختفاء"، وكأنه منشور سياسي يعترض على إتفاقية هشة لم تفد الفلسطينيين في شيء، لأن الممارسات القمعية واللا إنسانية التي يقوم بها "جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل وبعد الإتفاق، تؤكد المؤكد أن هذا العدو لا يؤمن جانبه، ولا يفهم إلا لغة القوة المعتمدة حالياً في قتاله على أكثر من جبهة.