لم أنجح حتى في الغرق

يبدو أنّ غربتي لم تكن إلا رسائل بلا كلمات. 

  • (فنسنت فان غوخ)
    (فنسنت فان غوخ)

اليوم قرَّرتُ أن أبدو أكثر جدية 

فلم أحفل بالصباح 

ولم أرفع ستائر القلب لتدبَّ الشمس بين نبضتين 

ولم أغنِّ ليمتلئ القلب بالظل أكثر 
تسابقني خطاي إلى ما لستُ أقصد

جرّبتُ أن أبدو شبيهاً بمن يطعمون الحلم قوت يومهم 
ليطمع بالمزيد 
لكن لم يعد لي من الابتسامات ما يكفي مسرحي 
ليغدو الدور أكثر سوداوية
حتى محاولاتي مع الحزن لم تنجح 

فالحزن أضيق من سماءٍ لا تُمطر إلا ليلاً أسود 

جرّبتُ ألف حيلة مع الموج ولم أنجح حتى في الغرق
وكأنّني عبثٌ يحار في أبعاده المترامية 
ظلٌ يوّسع خطوه كي لا يتوه مع الغياب 
ماءٌ تعرّى من حقيقة كونه لون السماء
ويدٌ تلوِّح للغد الآتي 
انتظرني قد أذنت لي الحياة 

أنا لا أحارب وحيداً ولكنّي ألقى الموت وحدي
فالموت لا يشترك به إلا من تنفّس الحياة
وكنتُ أطمح أن أحيا لأحيا 

كل ما حاولتُ أن أفهم 
لماذا يلقي لي الليل بقايا الأمل 
أقتنع بأنّي لم أكن سوى رهاناً للحياة
تخسرني عاشقاً وتربح بي كضحية 

يبدو أنّ غربتي لم تكن إلا 
رسائل بلا كلمات 
فلا أسطري تحمل عبئي 
ولا حتى الفراغ يعترف بي ظلاً بين الكلمات 

يعيدني الزمن لألامس حدود البداية 
بداية نطقي وكأنّي جريمة هذا الكون
وصوتي ليس سوى عبث الموج في متاهات حنجرتي

كل محاولاتي لإنقاذ ما تبقى مني
نداء بلا صدى وسؤال تمرد على احتمالات الإجابة