ما دور الحركة الصهيونية خلال الهولوكوست؟

يتحدّث "غرينستين" عمّا يسمّيه "العرقلة الصهيونية للنجدة التي وفّرتها أكثر من حكومة أوروبية لإيواء اليهود وحمايتهم، وذلك بهدف إخضاعهم للترانسفير إلى فلسطين".

  • الحركة الصهيونية خلال الهولوكوست تسليح الذاكرة لخدمة الدولة والأمّة
    الحركة الصهيونية خلال الهولوكوست تسليح الذاكرة لخدمة الدولة والأمّة

يكشف الكتاب مخطط استثمار الصهيونية للهولوكوست في سبيل إنشاء الكيان المغتصب على حساب الفلسطينيين وبلدهم، ويقدّم سجلاً تاريخيّاً موثّقاً حول موقف الحركة الصهيونيّة وسياساتها في هذا الصدد منذ فترة ما بين الحربين العالميتَين، ويفضح حجم التوظيف السياسيّ من قبل القادة الصهاينة لعذابات الأوروبيين من مسيحيين ويهود خلال الحرب العالميّة، وتعاون قادتهم مع النازيّة لمصلحة تدعيم المشروع الغربيّ بإنشاء دولة يهوديّة في فلسطين، وفقاً لادّعاءات ومزاعم دينيّة مسيحيّة متطرّفة ومزوّرة وعلى حساب سكان المنطقة وحقوقهم البديهية في بلدهم. كذلك يُضيء على الاتفاقيات التي عُقدت بين الصهاينة وألمانيا النازية لنقل اليهود الألمان إلى فلسطين وليس إلى أيّ مكان آخر. 

يُعتبر الكتاب أدقّ سجل تاريخيّ موثّق حول موقف الحركة الصهيونيّة وسياساتها. ولا شك أن قراءته ضروريّة لفهم السياق التاريخي والإمبرياليّ لسرديّة الهولوكوست كما تطرحها "دولة" الاحتلال اليوم، وتستعيدها الأذرع الصهيونيّة عبر العالم كغطاء أخلاقيّ لمحاربة كل تشكيك في شرعيّتها أو انتقاد لسياساتها في التطهير العرقيّ والفصل العنصري والاستيطان الممنهج.

وللعلم فالكاتب "توني غرينستين" هو ابن حاخام يهودي أرثوذكسي، عُرف كناشط يساري منذ بواكير عمره في ميادين التضامن مع فلسطين، ومناهضاً بلا هوادة للصهيونية. ومن موقعه هذا عمل على توثيق أحداث تلك المرحلة المظلمة، ليقدّمها نقيضاً للرواية الملفّقة التي تبنّاها الثلاثي الإسرائيلي ـــــ الأميركي ـــــ الألمانيّ. 

استغلال النازية

يتحدث "غرينستين" في مقدّمة كتابه الذي جاء في ثلاثة أجزاء، موضحاً جوهر موقفه من البداية: "هذا الكتاب هو ردّ على تأريخ صهيوني استثمر الهولوكوست لنزع معاداة الصهيونية من التاريخ ونقلها إلى حالة الاستثمار، باستخدام قيم الأخلاق وجرائم النازية لمصلحتهم". فهم جهدوا في "استغلال جرائم النظام النازي كدعاية ناجحة لأفكارهم العنصرية، ونفّذوا بهذه الطريقة، وفي ظلّ عداء العالم للنازية، أبشع عملية ابتزاز عبر التاريخ لا تزال مستمرة حتى اليوم"... بعد أن "حوّلوا الهولوكوست إلى صناعة ناجحة ورابحة لجني الأموال واستجلاب الدعم السياسي وتثبيت الكيان الصهيوني في فلسطين".

يمثّل الكتاب إضافة قيّمة إلى ترسانة محاربة الصهيونية، ويقدّم جهداً موضوعياً في سبيل إسقاط فكرتها المشوّهة عن العالم والإنسان. وفي غمار ملاحقته للأحداث، يعرض الكاتب المزيد من الدلائل الموثّقة على احتقار الصهيونية فعلياً لليهود غير السائرين في ركاب أفكارهم المتشدّدة، ليستخدموها في ما بعد كأداة لمصلحتهم الخاصة في استباحة فلسطين، متحالفين في ذلك مع الشيطان إن اقتضى الأمر.

اشتغل "غرينستين" على كتابه لسنوات عديدة. وعندما رآه قد اكتمل وبات جاهزاً للنشر، فوجئ بالوضع المزري لدور النشر البريطانية التي رفضت نشره، إذ لم يجرؤ أي تاجر كتب بريطانيّ أو أميركي على نشر ما يناهض السرديات الرائجة للحركة الصهيونيّة. لذا اضطر الكاتب إلى نشره بنفسه وعلى حسابه قائلاً إن هدفه الأول هو كسر حاجز الصمت.

كشف "غرينستين" كيف ضغط "حاييم وايزمان" زعيم المنظّمة الصهيونية في حينه (ولاحقاً أوّل رئيس لإسرائيل) على وزير المستعمرات البريطاني "السير مالكوم مكدونالد" لرفض دخول الأطفال الألمان اليهود الهاربين مما سمّوه "الاضطهاد النازي"، إلى بريطانيا، وتوجيههم إلى فلسطين. وفي هذا الصدد ينقل عن بن غوريون قوله (1938): "إذا كنت أعرف أنه سيكون من الممكن إنقاذ جميع الأطفال اليهود في ألمانيا من خلال إحضارهم إلى إنكلترا، ونصفهم فقط عن طريق نقلهم إلى فلسطين، فسأختار البديل الثاني، لأننا يجب أن نفكّر ليس فقط بحياة هؤلاء الأطفال، ولكن بالأهم: تاريخ شعب إسرائيل".

وفي فصل مميّز من الكتاب تحدّث "غرينستين" عمّا يسمّيه "العرقلة الصهيونية للنجدة التي وفّرتها أكثر من حكومة أوروبية لإيواء اليهود وحمايتهم، وذلك بهدف إخضاعهم للترانسفير إلى فلسطين".

"احتقار ضحايا الهولوكوست"!

يؤكد "غرينستين" أن "ماركة الهولوكوست ببساطة لم تكن رائجة في البداية، ولم يأتِ زعماء الحركة الصهيونية على ذكرها في مراسلاتهم البينية. بل اتُّهم بالشيوعية كلّ مَن يتحدث بشأنها ـــ في أزمنة الخوف المكارثيّ في الخمسينيات ــــ لأنها لم تتوافق بداية مع المصالح الإمبريالية الأميركيّة في تأسيس دولة يهوديّة في فلسطين.

يقول: "من الغريب أنه حتى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، لم تكن الحركة الصهيونيّة معنيّة بما اصطُلح على تسميته حينئذ بالهولوكوست، واعتبرت ضحايا النازية من اليهود "عاراً على التاريخ اليهوديّ، فقد نظر الصهاينة إلى ضحايا الهولوكوست اليهود على أنهم نموذج لكل ما هو سيّئ في يهود الشتات، حتى أنه بالكاد جرى الحديث عنهم في مناهج تدريس التاريخ في الدولة التي أسّستها الصهيونيّة في فلسطين". 

إلا أنّ موقف اليهود الصهاينة من الهولوكوست تغيّر وانقلب بعد أن انتبهوا إلى القوّة الدعائيّة الهائلة التي توفّرها (على اعتبارهم أنها إبادة نازية مأساوية لليهود دون سواهم)، فاعتمدوها كسلاح ثقيل في تصرّف الإمبريالية التي كانوا خنجرها السام في العالم.. وعملوا على تدوير الضحايا الأوروبيين في سبيل تدعيم تحصينات مخطط إقامة "إسرائيل" في قلب الشرق، وجعل ذلك درعاً لإقصاء كلّ من يعادي مخطط إقامتها في فلسطين. 

يكشف الكاتب أن الهولوكوست لم تكتسب أهمية جدّية في الدعاية الإسرائيلية أو الصهيونية إلا بعد محاكمة أدولف أيخمان في عام 1961، الذي اختُطف من الأرجنتين واقتيد إلى الكيان العبري حيث أُعدم. كانت عمليّة الاختطاف والمحاكمة أقرب إلى مسرحيّة صورية نُفّذت بعناية لأغراض البروباغندا. ربما لم يكن أيخمان بريئاً، وقد يتحمّل قدراً من المسؤولية عن جانب من الهولوكوست، لكنّ القضاة الإسرائيليين تصرّفوا كما لو أنهم يحمّلونه المسؤولية الكاملة عن الهولوكوست، كي يُبرّئوا ضمنياً أدولف هتلر والقيادات النازية العليا. وينقل الكاتب عن الصحافي الإسرائيلي "توم سيغف" قوله إنّ تلك المحاكمة لم تكن تتعلّق بأيخمان، بقدر ما كانت مهمة للدولة العبريّة، وذلك من أجل محو فضيحة الزعيم الصهيوني "رودولف كاشتنر" التي كُشفت (خلال المداولات القضائيّة لمحاكمة مالكيل غروينوالد)، والتي تُثبت تآمر قيادات الحركة الصهيونيّة مع النازيين. وهذا ما أثبته قولٌ منقول عن بن غوريون نفسه: "من مصلحتنا استخدام هتلر لبناء دولتنا".

معاداة السامية

مضى "غرينستين" يشرح ببلاغة ومن خلال استعراض الأحداث، كيف "اختطف اليهود الصهيونيون مصطلح معاداة السامية (القروسطيّ) للخلط بينه وبين معاداة السامية التي هي ظاهرة حداثيّة بامتياز". وخلص إلى كشف كيف عملت الصهيونية مع كل الأطراف، بمن فيهم النازيون أنفسهم، على توظيف عذابات أوروبا كي يقنعوا ضحاياها (والذين اعتبروهم يهوداً من باب أول)، أن طريق النجاة الوحيد المفتوح أمام العالم الغربي ينتهي في تهجير اليهود إلى القدس، وجعلوا من معاداة السامية تهمة معلّبة جاهزة يُلقونها في وجه كلّ معارضة لما ترتكبه "إسرائيل" من جرائم بحق الفلسطينيين والعرب.

وينقل عن يهودي آخر هو "هانرل ريدنثال" رئيس اتحاد الصهاينة الألمان، قوله: "كان الغستابو يعمل كل ما في وسعه لتشجيع الهجرة باتجاه فلسطين. وغالباً ما كنّا كيهود نتلقّى المساعدة عندما نحتاجها من الحكومات الأوروبية الأخرى، بهدف تشجيع الهجرة إلى الشرق هرباً من وجه النازية. كنّا نرفض اللجوء إلى أي دولة في الغرب ونطالب بمساعدتنا فقط على الهجرة إلى فلسطين". 

ومن أجل توضيح مجريات روايته بما يتوافق مع المسيرة الحقيقية للأحداث، عمل الكاتب على تحديث حكاية الهولوكوست المنتشرة في بريطانيا وكل الغرب، ونجح في تقديم المنظور الواقعي الأكثر دقّة وشمولية لها، مُضيئاً على واقع التوافق العقائدي الصهيوني مع الفاشية الأوروبية. 

تقع أهميّة الكتاب في أنه أشبه بمدوّنة تاريخيّة لا جدال بشأنها، أغنتها معرفة "غرينستين" الموسوعيّة بموضوعه وقدرته على حسن اختيار الوثائق المناسبة. وهذا منح الكتاب مصداقية لا غبار عليها. وفي الإطار العام الواسع اكتسب الكتاب أهميّة استثنائيّة كأداة لفهم منهجيات العدو الصهيونيّ وتفكيك ادّعاءاته ودحض حججه، وأيضاً تعرية كلّ المبادرات الداعية للتطبيع مع الكيان الشاذ والقبول بمشاريع وضعتها دولة من المستوطنين الغزاة.

تحدّث في السياق عن وقائع معروفة يهتم الصهاينة بطمسها، مثل اتفاقية الهافارا – التي عُقدت بين الصهاينة وألمانيا النازية لنقل اليهود الألمان إلى فلسطين – وخيانة "ريزسو كاسزيتنر"، أحد الزعماء الصهيونيين الهنغاريين الذي عمل على تسليم الجالية اليهودية الهنغارية البالغ عددها نصف مليون شخص لمعسكرات الموت النازية، مقابل المرور الآمن له ومجموعة صغيرة من الأثرياء اليهود الذين سُمح لهم بالانتقال للاستيطان في فلسطين.

فصّل الكاتب "بروتوكولات أوشويتز" وقدّمها كأدلة في محاكمات نورمبيرغ، وهي تضمّنت أوّل إفادة لشاهدي عيان يهوديين هما "رودولف فيربا" و"ألفريد ويتزلر" من داخل أحد أسوأ معسكرات الاعتقال النازية. فقد حذّرا من "التجهيزات التي كانت قائمة على قدم وساق للتخلّص من آخر جالية يهودية متبقيّة في القسم الأوروبي الواقع تحت الاحتلال النازي، وتوجيه اليهود غير الناشطين صهيونياً إلى معسكرات الاعتقال".

يقول: "كان ذلك من سوء حظ اليهود الذين تزعّمهم في ذلك الوقت الصهيوني "ريزسو كاسزيتنر" الذي لمع نجمه وأصبح مسؤولاً حكومياً رفيع المستوى، ومرشّحاً برلمانياً للحزب الإسرائيلي الحاكم "ماباي". كان الرجل من أبرز الصهاينة الذين نسّقوا مع النازيين حيث عمل على تسليم يهود هنغاريا غير الصهاينة إلى معسكرات الاعتقال. وحين كُشف دوره طرده الحزب من صفوفه لدوره في التغطية على المذابح، من أجل حماية مفاوضاته مع الزعيم النازي "أدولف أيخمان". ومن أجل طمس واقع لعبته السوداء قام أحد أعضاء الشرطة السرية "الشين بت" بقتله كي لا يخضع للمحاكمة ويقدّم اعترافاته.

ويتابع قائلاً: "بهذه الطريقة جرى طمس "بروتوكولات أوشويتز" وشطبها من التأريخ الصهيوني، فنُشرت مذكّرات فيربا في العام 1963 بمعظم اللغات باستثناء اللغة العبرية.

وينقل "غرينستاين" عن "ديفيد بن غوريون"، أول رئيس وزراء إسرائيلي، قوله: "لديّ شعور حقيقيّ بالاشمئزاز من الحياة اليهودية في الشتات، ومن ذلك التناقض الصارخ بين الأمة السليمة المتحدرة من اليهود الذين يتجمّعون في أرض إسرائيل، وذلك العجز المشوّه للكتلة الجبانة من اليهود الذين بقوا في أوروبا ليتم ذبحهم".

من الجليّ لأي باحث رصين أنّ الحركة الصهيونية رفضت أيّ حلّ لمسألة الهاربين اليهود، لا يتعلّق بترحيلهم إلى فلسطين، إذ إنه في حال قبول دول أخرى مثل بريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة هؤلاء اللاجئين اليهود من ألمانيا أو بولندا، لن يعود ثمّة داعٍ لوجود دولة يهودية في فلسطين. لذلك بذلت الأذرع الصهيونيّة جهوداً هائلة لدى حكومات الغرب طوال فترة الحكم النازي لمنع قبول اللاجئين اليهود عندها، واعتبرت "مؤتمر إيفيان" الذي دعا إليه الرئيس الأميركيّ "فرانكلين روزفلت" في العام 1938 لمناقشة أوضاع اللاجئين اليهود، بمثابة تهديد حاسم للمشروع الصهيوني.

وبصراحة مباشرة يقول الكاتب: "ترّأس الجاليات اليهودية في أوروبا خلال الحرب أعضاء من الحركة الصهيونية ممن تعاونوا مع الحكومات التي هيمن عليها النازيون، في جمع الذهب والأثاث من منازل اليهود الفارين. لذلك، فإن مشاعر معظم الجماهير اليهودية تجاه الصهاينة والفكرة الصهيونية كانت سلبيّة، واعتبروا الصهاينة خونة لأهلهم وجنوداً لمشروع إمبريالي ليس يهودياً أصلاً، بل هو نتاج مطابخ المصنع الاستعماري الصليبيّ المتطرّف في الفضاء الإنغلو ساكسونيّ. ولقد حاول بعض الناشطين الأوروبيين اليهود الذين هربوا لاحقاً إلى "إسرائيل"، فضح تلك الممارسات الخيانية لقادة الحركة الصهيونيّة، إلا أن أصواتهم كُتمت وزوّرت مذكّراتهم المنشورة، وأخفيت خطاباتهم العلنية من الأرشيف.

فالدولة العبريّة طرحت نفسها بوصفها حارسة للذاكرة اليهوديّة المرتبطة بالهولوكوست، وعملت ماكينة دعايتها بلا توقّف لإظهار الحركة الصهيونيّة كأنّها كانت تحاول إنقاذ يهود أوروبا من النازيّة. لكنّ "غرينستين" رأى أنّ ذلك كان محض تزوير، لا بل قلباً تامّاً للحقائق. لذلك حاصره الناشرون ورفضوا التعامل مع الكاتب كما رفضوا نشر كتابه.

نجح الكاتب في تبيان نظرة النازية إلى اليهود الذين تقبّلوا الاندماج في أي دولة غربية، كأعداء لها، ونظرت في المقابل إلى اليهود الصهاينة كمتعاونين وحلفاء. وبينما زعم الصهاينة محاربة اليهود بنشاط ضد النازية، فهم في الواقع تعاونوا مع النازية والفاشية ونسّقوا الجهود في سبيل استباحتهم لفلسطين.

وكما هو الحال الآن فقد خلطوا بين معاداة السامية ومعاداة المشروع الاستعماري، حيث إنّ تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست(IHRA)  لمعاداة السامية لا يسمح بانتقاد الكيان الصهيوني، ولا سيما عند مقارنة سياساته بسياسات النازية. ومع ذلك، يلاحظ "غرينستين" أن الإسرائيليين أنفسهم لاحظوا التشابه. 

خاتمة

ما يميّز هذا الكتاب، هو كاتبه بالذات؛ فهو يهودي اختار الانحياز إلى الحقيقة وإلى صدق التاريخ ونزاهة الضمير والعقل، متخذاً منذ البداية موقفاً مناهضاً للصهيونية رافضاً إغواءها الذي عمّ أغلب اليهود.

شرح الكتاب كيف "استشهدت الزعامة النازية بالمصادر الصهيونية لتصديق ادعائها بأن اليهود لا يمكنهم الاندماج"، مُستعيناً بقول المؤرخ الإسرائيلي "ادوين بلاك" إنه "لم يكن من السهل على اليهود الألمان تفنيد الادعاءات النازية عندما تقوم مجموعة من بني جلدتنا بنشر إدانات متطابقة ليجعلوا من الصهيونية أداة بيد المعادين للسامية".

كذلك شرح الكاتب كيف أنه بالنسبة للحركة الصهيونية كان اليهود في أوروبا وضحايا الهولوكوست بالتحديد ينقسمون إلى قسمين، قسم مؤهّل ليأخذ دوراً في المشروع الصهيوني، وقسم آخر سيكون عائقاً ولا بدّ من التخلّص منه بأي ثمن. ولهذا تعاون قادة الصهاينة مع النازيين وعقدوا الصفقات مقابل الحصول على حقّهم بالهجرة إلى فلسطين وليس إلى أيّ بلد آخر.

الحقيقة أن كتاب "غرينستين" صفع الإجماع اليهودي والتكميم الفكري الذي فرضته الصهيونية في حربها المستعرة للاستيلاء على اليهودية وعلى فلسطين في آن معاً. مشكّلاً صدمة للصهيونية ولداعميها الإمبرياليين والمغيّبين الآخرين الذين استولت على أفكارهم لصالح مشروعها.