مِنى

مِنى هي وادٍ تحيط به الجبال يقع في شرقي مكّة على الطريق بين مكة وجبل عَرَفة على بعد 7 كلم شمال شرق المسجد الحرام.

ولمّا قَضَينا مِن مِنىً كلَّ حاجةٍ
ومَسّحَ بالأركانِ مَن هو ماسِحُ
وشُدّتْ على حٌدبِ المَهارى رِحالُنا
ولم يَنظُرِ الغادي الذي هو رائحُ
أخذنا بِأطرافِ الأحاديثِ بَينَنا
وسالَتْ بِأعناقِ المَطِيِّ الأباطِحُ

تُنسب هذه الأبيات إلى كُثَيِّر بن عبد الرحمن الخُزاعي (644 - 723) المعروف بكُثَيّر عَزّةَ نسبة إلى حبيبته عَزّة بنت جميل الضمرية. وهو شاعر مُتَيّم من أهل المدينة عاش في العصر الأُمَوي وكان يتنقّل بين العراق والشام ومصر وموطنه الحجاز.

يصف الشاعر لحظة الفراغ من أداء فريضة الحج والتأهّب لمغادرة مَشعر مِنًى التي يقضي فيها الحجيج يوم التروية عشية الانتقال إلى صعيد  عرفة ويوم عيد الأضحى وأيام التشريق وفيها يُذبَح الهَدي إيذاناً بانتهاء شعائر الحج.

وقد اسالت هذه الأبيات كثيراً من حبر النقاد القدماء الذين أجمعوا على جمالية الصياغة اللفظية فيها واختلفوا على جمالية المعنى. قال بعضهم إن هذه الأبيات رائعة مُعجبة ولكن ليس تحتها كبير معنى، وإنما هو قول الشاعر  لمّا قضينا الحج ومسحنا الأركان وشُدّت رحالُنا على مهازيل الإبل، ولم ينتظر بعضُنا بعضاً جعلنا نتحدّث وتسير بنا الإبل في بطون الأودية. وهو بذلك جرّد الأبيات من جمالية الصورة البديعة التي رسمها الشاعر.

في الجانب الآخر شرح ابن جني (934 - 1002) هذه الأبيات بقوله: إن هؤلاء القوم (أي الشاعر وصحبه) لما تحدّثوا وهم سائرون على المطايا، شغلتهم لذة الحديث عن الإمساك بأزِمّة الإبل فاسترخت عن أيديهم، وكذلك شأن من يشره وتغلبه الشهوة في أمر من الأمور.

ولمّا كان الأمر كذلك وارتخت الأزِمّة عن الأيدي أسرعت المطايا في السير فشبّهت أعناقُها بمرور السيل على وجه الأرض في سرعته. غير أن عبد القادر الجرجاني (1009 - 1078) في كتابه "دلائل الإعجاز" أظهر ما بها من صور أخّاذة وخصوصاً في الشطر الأخير "وسألت بأعناق المَطِيّ الأباطح"، حيث إن السير السهل، الذي يظهر أثرُه في حركة أعناق الإبل، زاد من نشاط الركبان فأخذوا بينهم بأطراف الحديث.

ومِنىً هي وادٍ تحيط به الجبال يقع في شرقي مكّة على الطريق بين مكة وجبل عَرَفة على بعد 7 كلم شمال شرق المسجد الحرام. قال ياقوت الحموي (1178 - 1229)، في معجم البلدان: "مِنىً، بالكسر والتنوين، في درج الوادي الذي ينزل فيه الحاج ويرمي فيه الجِمار من الحرم، سُمّيَ بذلك لِما يمنى به من الدماء، أي يُراق"، وذلك من دماء الأضاحي والهدي في أيام الحج.

وجاء في معجم مقاييس اللغة لابن فارس (941 - 1004) أن اشتقاق مِنًى من أصل صحيح يدلّ على تقدير شيء ونَفاذ القضاء فيه. ومنه قولُهم: منى له الماني، أي قَدّر المُقدّر. 

ومن الشعراء من كان يتقصّد في أيام الحج التغزّل بالنساء و ذكر الحبيبة وما يعانيه من الغرام والأشواق. من ذلك قول قيس بن الحطيم (ت 620):

تراء لنا كالشمسِ تحتَ غَمامةٍ
بدأ حاجِبٌ منها وضنّت بِحاجِبِ
ولم أرَها إلّا ثلاثاً على مِنىً
وعهدي بها عذراءُ ذاتُ ذًوائبِ

وهذا مجنون ليلى قيس بن المُلَوَّح (645 - 688) وقد سمع بعضَهم ينادي امرأة من أهله: يا ليلى، فاصفَرّ لونُه وأنشأ يقول:

وداعٍ دعا إذ نحنُ بِالخَيفِ مِن مِنىً 
فَهَيّجَ أحزانَ الفؤادِ وما يَدري
دعا باسمِ ليلى غَيرَها فكأنّما
أطارِ بِليلى طائراً كان في صدري
دعا باسمِ ليلى أسخنَ اللهُ عَينَه
وليلى بِأرضِ الشامِ في بلدٍ قَفْرُ