موفق محادين يقرأ الصراع الدولي في ضوء النظريات الجيوسياسية

الدكتور موفق محادين يقرأ التحولات العالمية من زاويةٍ فكريةٍ نظريةٍ، وذلك خلال محاضرةٍ ألقاها في مقرّ الجمعية الفلسفية الأردنية، تحت عنوان "الأيديولوجيات في صراع الاستراتيجيات".

  • الدكتور موفق محادين
    الدكتور موفق محادين

قرأ الدكتور موفق محادين التحولات العالمية من زاويةٍ فكريةٍ نظريةٍ، في محاضرةٍ ألقاها مساء الثلاثاء في مقرّ الجمعية الفلسفية الأردنية تحت عنوان "الأيديولوجيات في صراع الاستراتيجيات".

واسترجع محادين تعريفات الأيديولوجيا التي نظّرت لها الحضارة اليونانية بوصفها علم الأفكار، مروراً بالفلسفة الأوروبية لدى أبرز رموزها مثل نيتشه الذي اعتبرها سلاح الضعفاء، أو فرانسيس بيكون الذي تعامل معها كتصوراتٍ ذهنيةٍ مرتبطةٍ بأربعة أوهام، حدَّدها في الكهف والقبيلة والسوق والمسرح، بينما لم تتوافق التنظيرات الماركسية حول الأيديولوجية باعتبارها مضادَّة للعلم، أو بارتباطها بمصالح وطبقات متصارعة حول الهيمنة.

وتوقّف محادين عند رؤى الفلاسفة العرب تجاه الأيديولوجيا، حيث اعتبرها محمد عابد الجابري كقراءة لزمان المستقبل والعلم كمقاربة للحاضر، فيما رأى عبد الله العروي الفكر مغايراً للواقع، لكنه شديد الصلة به.

وفيما يتعلّق بدور الأيديولوجيات في صراع الاستراتيجيات العالمية، تحدَّث عن الأزمة البنوية الخانقة التي تعيشها الإمبريالية اليوم، والتي اعتبر أنّها قد تطيح بها خلال العقود المنظورة، موضحاً أنَّ "العامل الحاسم في هذا السياق يتمثل في الثورة المعلوماتية، حيث تتقدم الرأسمالية دوماً مع الثورة العلمية والتي تؤدي إلى إخراج ملايين العمال من سوق العمل".

كما تناول عوامل أخرى تتعلّق بالتركيب العضوي لرأس المال النقدي، وتقسيم العمل، وعودة الجيوبولتيك كعاملٍ مهمٍّ في النزاع والصراعات الدولية، مستعرضاً أهم النظريات في هذا الإطار ومنها: نظرية "العود الأبدي" من خلال الهروب إلى الوراء بفعل الأزمات المتتالية.

وتطرق محادين أيضاً إلى الأدبيات السياسية المتصلة بنهاية التاريخ وموت الإنسان، بالعودة إلى تنظيرات نيتشه وهوبز، مبيّناً أنَّ "الحديث عن النهايات هو أقرب إلى الحديث عن المابعديات، التي أتت كمحاكمة للثورة الصناعية لصالح الرأسمالية الحديثة".

وأشار محادين إلى نهاية السرديات الكبرى التي تأسَّست منذ معاهدة وستفاليا في أوروبا عام 1648، وفي مقدمتها الإنسان الفرد والعقل والحداثة، وكذلك المجتمع السياسي والمدني، التي جرى العمل على تفكيكها من خلال جملة السياسات التي عملت عليها الرأسمالية منذ بدايات القرن العشرين.

وخُتمت المحاضرة بالحديث عن مساحة الاشتباك بين الأيديولوجيات في الصراع الجاري في أوراسيا، التي تشكّل جوهر التنظيرات الجيوسياسية، والتي طرحها زبيغنيو بريجنسكي في عددٍ من مؤلّفاته، كما تناولها هالفورد جون ماكندر، ونيكولاس سبيكمان، وألفريد ثاير ماهان، وفريدريك راتزل، وصامويل هنتنغتون وغيرهم.