نورييل روبيني: لا تقولوا وداعاً لهذا العالم!

يعتبر الخبير الاقتصادي الأميركي نورييل روبيني أن أميركا والصين وقعتا في "فخ ثيوسيديس"، المصطلح الذي يصف التهديد الذي تمثله قوة صاعدة لقوة عظمى كرّست هيمنتها على العالم أو على مناطق حيوية منه.

  • نورييل روبيني: لا تقولوا وداعاً لهذا العالم!

يرى الخبير الاقتصادي الأميركي نورييل روبيني أننا نتجه نحو أسوأ كارثة اقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية ما لم نتحرك للدفاع عن أنفسنا ضد 10 تهديدات كبيرة قصيرة ومتوسطة المدى. ويخلص إلى القول في كتابه "التهديدات الضخمة - MEGAMENACES": "رجاء ... لا تقولوا وداعاً لهذا العالم!".

ويكشف روبيني كيف تتداخل هذه التهديدات فيما بينها وكيف تعزز بعضها البعض. وبعد فحصه لكل تهديد على حدة، ينظر في وجهات النظر الجماعية لمعالجتها. ويقول إنه يجب علينا الآن أن نضع جانباً كل تصوراتنا المسبقة ونبني عالماً مختلفاً.

المؤلف كان مستشاراً في البيت الأبيض، وفي وزارة الخزانة الأميركية، وهو الآن أستاذ الاقتصاد في جامعة نيويورك، والرئيس المؤسس لـــ "مؤسسة روبيني للاقتصادات العالمية".

الكتاب صدر عام 2022، ويتحدث فيه عن 10 كوارث تنتظر البشرية هي: الاستدانة كأمّ لكل الأزمات، سقوط القطاع العام والقطاع الخاص، قنبلة التباطؤ الديموغرافي، فخ المال السهل وحلقة التوسع والركود، الكساد العظيم، نهاية العولمة، الذكاء الاصطناعي، انفجار العملات والاضطراب النقدي، الحرب الباردة الجديدة، وكوكب غير قابل للسكن.

ترجمة الفرنسية للكتاب صدرت عام 2023  عن "دار بوشيه - شاستل"، وتصدرتها مقدمة للمؤلف ألمح فيها الى النتائج الغامضة للحرب في أوكرانيا، تزامناً مع مقالات نشرت في الصحف الغربية لتوضيح أفكاره.

ويرى روبيني أن "الأسنان الطويلة" تحاول الانقضاض على أميركا، من دون أن يكون باستطاعة أحد أن يتكهن بمسار الكرة الأرضية، ما دامت الضبابية تستوطن كل أشياء الحياة، حتى "يبدو الصراع حول قيادة البشرية كأنه صراع حول من يتولى إدارة الجحيم".

فلسفة روبيني السوداوية في الاقتصاد، بالظلال السياسية الحادة، جعلت البعض يطلق عليه لقب Dr. Doom، أي "الدكتور كوارث".

"الإنجيل الأسود" 

لكن روبيني لا يستند في آرائه الى الاستنتاجات الشخصية فقط. أمثلة، ووقائع، وأرقام، تكاد لا تحصى، في كتابه الذي وصفه بول كروغمان (نوبل في الاقتصاد) بـ"الإنجيل الأسود"، وإن كان روبيني "استبقى باباً مفتوحاً للنفاذ منه الى الخلاص".

هذا الخلاص الذي يقتضي بناء رؤية سياسية واقتصادية لواقع كل دولة، لا سيما الدول العظمى، مع التركيز على التنسيق والتعاون بين هذه الدول، من دون أن يعني ذلك تخلي الولايات المتحدة عن دورها الأمامي، كمجمع لكل الحضارات، ولكل الثقافات، كما لكل المعتقدات، ولكل الأجناس، وحتى لكل الأزمنة البشرية، بحسب الكاتب.

يرى روبيني أن "منطق الإمبراطوريات غالباً ما يقود الى اللامنطق، حين يعتبر الأباطرة أن القوة وحدها هي الأساس في التفوق أو في "اختراق الأزمنة"، ومحاولة صناعة تاريخ جديد للأمم، وهو الأمر المستحيل اذا ما أخذنا بالاعتبار تقلبات الأوديسة البشرية".

لكنه في الوقت نفسه يدافع عما يصفه بــ "الظاهرة الأميركية" كـ"ظاهرة كونية". هنا لسنا، "كما يدّعي البعض"، نسخة معاصرة عن الإمبراطورية الرومانية بالعظمة المعمارية، وبعظمة القياصرة، "في أميركا عظمة المؤسسات، وعظمة المصانع والشركات".

لا يتوقف الكاتب فقط أمام ما يسميه "المعجزة التكنولوجية"، كـ"عربة سحرية تنقلنا الى زمن آخر، وربما الى إنسان آخر"، بل أيضاً "ثورة في الأزياء، وفي الأطعمة، وبطبيعة الحال في الأمزجة" ليقول إن العديد من الباحثين في "سوسيولوجيا الحضارات" أغفلوا الإشارة الى "صناعة الأمزجة"، وقد دخلت في سائر الثقافات، ما يعني أن داخل كل ثقافة، مهما كانت مقفلة، ولأسباب أيديولوجية، "ثمة جانب أميركي، وهذا له، تلقائياً، تداعياته إن في صياغة السياسات أو في التركيبة الاقتصادية".

اللحظة النووية

روبيني يحذر من أن "نقتفي أثر الأوروبيين (القدامى) في طريقة تعاملهم مع المجتمعات التي دخلوا إليها". هنا الدخول من خلال التأثير غير المباشر في التشكيل الحضاري لهذه المجتمعات. ولكن، متى دخل الأميركيون الى أي بلد في العالم بدون الأساطيل، وبدون الانقلابات العسكرية، حتى بدون الحروب الأهلية، لتفشل كل تجاربهم في هذا المجال؟ 

روبيني شديد التوجس من اللحظة النووية. لسنا أمام نظرية صمويل هانتنغتون حول صراع الحضارات، وإنما أمام "صدام النهايات". وبالرغم من أن أميركا تقدم نفسها كونها النقيض الفلسفي للعالم القديم، تبدو في خياراتها الاستراتيجية، كما لو أنها تستنسخ، ميكانيكياً، "اللاوعي القديم" الذي "يضج بقعقعة السلاح".

هل الولوج الى النهاية على هذا المستوى من السهولة، حتى يبدو كخيار حتمي؟ روبيني يقول "أجل"، مستعيناً بنظريات بعض علماء النفس الذين تحدثوا عن "ديناميكية اللاوعي" في إدارة الرجال، وفي إدارة الإمبراطوريات.

فخ ثيوسيديس     

روبيني يدق ناقوس الخطر. "التنين لم يعد يتأرجح على خيوط العنكبوت". إنه يحفر في الأرض. حتى في الغرب الأوروبي، وفي المجاهل والمناجم الأفريقية، وحيث "الثروات الأبدية"، وبعدما تعمدت البلدان الأوروبية إبقاء المجتمعات هناك في حال من الفوضى القبلية، أو الفوضى السياسية، ما جعل الدخول الصيني تلقائياً وبعيد المدى.

واعتبر الكاتب أن الولايات المتحدة والصين وقعتا في "فخ ثيوسيديس". المصطلح الذي ابتكره عالم السياسة الأميركي، والأستاذ في جامعة هارفارد، غراهام ت . أليسون، في كتابه "نحو الحرب"، لوصف التهديد الذي تمثله قوة صاعدة لقوة عظمى كرّست هيمنتها على العالم، أو على مناطق حيوية من العالم.

وكان ثيوسيديس، المؤرخ والقائد الإغريقي، قد افترض أن الحرب بين أثينا وإسبارطة حتمية بسبب مخاوف الأخيرة من تنامي قوة الأولى، وهذا هو الوضع حالياً بين واشنطن وبكين.

ثيوسيديس أحصى 16 حالة مماثلة منذ عام 1500م، من بينها 12 حالة، أدت الى الحرب. أما الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي فهي من الحالات التي لم تنتج الحرب، ليس فقط للخشية من الانزلاق الى الصدام النووي، وإنما لأن أهل القرار في واشنطن كانوا يراهنون على فرضية تشرشل حول "التآكل المنهجي في البنية الأيديولوجية، كما في البنية الإثنية، للدولة الشيوعية".

أحياناً كانت العلاقات بين واشنطن وموسكو تصل الى حافة الهاوية. المثال في الأزمة الكوبية (1962) إبان عهد الرئيس الأميركي جون كنيدي والزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف. ولكن "كان لا بد من صفقة في الظل للحيلولة دون الانفجار الكبير (Big Bang) الذي لا يؤدي الى ولادة أخرى للعالم، وإنما الى نهاية أخيرة للعالم".

في هذا السياق، "أقفلت الإمبراطورية الأميركية الإمبراطورية البريطانية على ضفاف السويس (1956)، وبقبضة الرئيس الأميركي دوايت ايزنهاور، بطل الإنزال في النورماندي في حزيران/يونيو 1944. لم تكن القبضة المخملية في أي حال. لكن الإنكليز كانوا قد رأوا ما كان دور أميركا في إنقاذهم خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية".

لقاء مع شي جين بينغ 

التقى روبيني الرئيس الصيني شي جين بينغ في بكين، ليلاحظ، من خلال قراءة دقيقة لكلام الزعيم الصيني، ولا سيما في ما يتعلق برؤيته للعلاقات الدولية في العقود المقبلة، ومن دون التوقف عند بعض المفاهيم الأيديولوجية التي تتلاشى أمام ديناميات السوق، أن الرجل يرى في بلاده كل المواصفات اللازمة لإدارة الكرة الأرضية "بعدما نشر الأميركيون الفوضى، وحتى الحروب في كل مكان".

ولكن، هل يمكن أن يحدث ذلك من دون صدام عسكري، مع ما ينطوي عليه من احتمالات أبوكاليبتية، ومن دون الأخذ بقول كونفوشيوس: "أدرس الماضي بدقة إذا ما أردت أن تتنبأ بالمستقبل"؟ وماذا حين تتعلق المسألة بصناعة المستقبل؟ 

هذا ما يربك روبيني الذي سمع من شي جين بينغ شخصياً تلميحه الى "شيخوخة المجتمعات الغربية، إضافة الى المجتمع الياباني".

هنا الكارثة الأخرى. التباطؤ الديموغرافي، ما يضطر العديد من الدول الى "استيراد كميات أخرى" من البشر، ما قد يؤدي، في وقت من الأوقات، إلى حدوث تغييرات "مروعة" في التشكيل السوسيوثقافي لتلك المجتمعات.

ما الحل؟ "على الدول المعنية أن تقوم بحملات ممنهجة لتغيير الذهنية التي سادت خلال القرن الماضي، وما زالت سارية المفعول حتى الآن. لتكن الأسرة المتوسطة، لا الأسرة الممتدة، كما في العديد من بلدان العالم الثالث"، كما يقول. 

ويلاحظ الكاتب أن الصين "لم تنجح بما فيه الكفاية في تسويق السياسات الخاصة بالتخلي عن أسرة الطفل الواحد، بسبب التغييرات التي حصلت في المسار العام للحياة".

ويضيف أنه: "حتى الآن لا يزال الصينيون بعيدين، إلى حد ما، عن الأزمة. هذا ما يعطيهم الوقت الكافي للمناورة. يظهرون وكأنهم يحفرون الخنادق. في الحقيقة، إنهم يشقون طريق الحرير لاقتناعهم بأن عشرات الدول، وخاصة في آسيا وأفريقيا، وحتى في أوروبا، ستكون بحاجة الى استثمارات عملاقة كي لا تسقط من العربة".

ويقول: "حتى لو تجاوزنا السيناريو الأسوأ، أي السيناريو العسكري، فإن المنافسة الجيوسياسية والجيواقتصادية، لا بد أن تفضيا إلى زعزعة الكثير من المعادلات والقيم والهيكليات القائمة، بحيث أن مفاعيل الحرب الباردة قد لا تقل هولاً عن مفاعيل الحرب الساخنة".

ويرى "أننا عشنا 75 عاماً من الاستقرار، وحتى من الرخاء، نبدو اليوم مهددين بالفوضى التي تتداخل مع سلسلة من الصراعات التي يمكن أن تنفجر في أي مكان في العالم كنتيجة طبيعية للاحتقان في العلاقات بين الإمبراطوريات".

الأرقام تشغل الخبير الاقتصادي الأميركي كثيراً. الإنتاج، وبفعل التشابك بين الأزمات على امتداد القارات الخمس، يتعرض لهزات بنيوية، ليتزامن ذلك مع ارتفاع غير مسبوق في معدلات الاستدانة والتي تجاوزت بكثير ما حدث عشية أزمة عام 2008 (ديون الولايات المتحدة تناهز الـ32 تريليون دولار، ومن دون وجود أية خطة سوى المعالجات الآنية التي تتخللها المواجهات الدورية بين الجمهوريين والديمقراطيين).

هذا ما يضغط على البنوك المركزية التي تجد نفسها أمام الانكماش النقدي كمدخل الى الركود، مع الإشارة الى الدور الذي اضطلع به وباء "كورونا" في الكشف عن الهشاشة في الهيكلية (والرؤية) الاقتصادية. الجائحة التي تركت الكثير من الآثار الكارثية لم تجعل المصانع فقط تتوقف عن العمل، بل الأدمغة أيضاً. رئيس إحدى الشركات قال لروبيني: "فيما نحن، على مدار الساعة، وجهاً لوجه مع الجدران، شعرنا أننا أبدلنا رؤوسنا برؤوس السلاحف"، بعدما كان جورج سوروس يفاخر بـ"رؤوس الآلهة".

هذا الوضع زاده حدة الاختلال في المداخيل، وفي المحافظ المالية، مع إتاحة المجال أمام "صعود الأنظمة الشعبوية، والعدوانية، والرديكالية. وبالتالي اقتحام المشهد الدولي، ما يمكن أن يؤدي الى تقويض المنحى الليبرالي للعديد من الأنظمة الديمقراطية على المستوى السياسي، كما على المستوى الاقتصادي".

وهنا يسأل روبيني: "هل نحن في حقبة مماثلة للعقود الأربعة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أم أنها تشبه الحقبة ما بين عامي 1914 و1945، والتي أنتجت الحربين العالميتين، والأنفلونزا الإسبانية، والانهيار الكبير عام 1929، ناهيك عن الصراعات الاقتصادية والنقدية، تزامناً مع ظهور أنظمة استبدادية في كل من ألمانيا، وإيطاليا، وإسبانيا، واليابان؟".

الاستعداد للأزمة الكبرى

الجواب الذي يقدمه روبيني هو أنه: "علينا أن نستعد للأزمة الكبرى التي تتمثل بالدين التضخمي"، لنستشعر هلعه من التداعي المفاجئ للدولار الذي لا يرى فيه فقط الرمز الأساسي في "التفوق الأميركي" على كل القوى الأخرى، بل هو خط الدفاع الأول عن الأمن الاستراتيجي للولايات المتحدة. من هنا "محاولات الصينيين، والروس، والإيرانيين، الضرب على رأس جورج واشنطن (صورة الرئيس الأميركي الأول على الدولار)".

يعبر روبيني عن خوفه الشديد من العشوائية في مقاربة الكوارث المناخية قائلاً: "لا تدفنوا الأرض مثلما تدفنون موتاكم"، ليلاحظ أن العديد من المفكرين أو المخططين، ولا سيما في الغرب، "يعتقدون أن المستقبل اجترار ميكانيكي للماضي. لكنني، شخصياً من أولئك الذين يعتبرون أن قهقهات التاريخ لا تختلف، أحياناً، عن قهقهات الشيطان". ويطرح صرخة في وجه الدول الصناعية: "لا تجعلوا هذا الكوكب بسحر الجبال، والأودية، والأنهار، يتحول الى جهنم".

في رأي نورييل روبيني فإن ثمة أشياء كثيرة تتغير: "ينبغي أن ندرك ذلك ولو كان علينا تغيير طريقة وعينا للحياة". لا مجال هنا للرهان على الحلول الماورائية. وكتب في مجلة "الكورييه انترناسيونال" الفرنسية يقول: "لن يكون باستطاعتنا، ولن يكون من المنطقي أمام جدلية الأزمنة، أن نستنسخ فرنكلين روزفلت أو أنبياء القرن الثامن عشر" (باعتباره قرن النهضة).

الصين هي هاجس روبيني، كما سائر المفكرين والباحثين الأميركيين، لهذا يقدم نصيحة لرجال الاستبلشمانت: "لا تظنوا أن التنين يمكن أن يأخذ بوصفتكم للديمقراطية". ما لاحظه من الحوار مع شي جين بينغ اقتناعه أن "النموذج الغربي في الديمقراطية بات من الضحالة (في الخيال) والالتباس، فضلاً عن الخداع بحيث يمضي في طريقه "السوي" الى التلاشي".

ويرى في الذكاء الاصطناعي "الضربة القاضية التي توجهها التكنولوجيا الى الحياة". يستند روبيني في ذلك إلى تقرير لمؤسسة ماكنزي ترى فيه أن الذكاء الاصطناعي يحوّل المجتمع أسرع بـ10 مرات تتضاعف 300 مرة في فضاءات ذات صلة، ما يجعل وتيرة التحول أسرع بـ3000 مرة.

ويستعيد المؤلف "نبوءة" فريديريك نيتشه (1844 -1900) حول التغيير الذي ينتظر العالم بعد قرن من الزمان، ليشير إلى التغيير الذي سيحدث في الخارطة الجينية للأخلاق، مع ما يحمله ذلك من آلام نفسية وجسدية للكائن البشري. مثل الكثيرين من المعترضين على "الإيقاع الهستيري للتكنولوجيا"، يدعو إلى "وقف إنتاج ذلك الحيوان الخرافي الذي لا نعلم الى أين يذهب بالبشرية".

ويسأل: "كيف للإنسان أن يكون بغنى عن الإنسان؟ المشكلة لا تحل في إطار دولة ما مهما تكن مؤثرة، أو في إطار مجتمع ما". لا بد من "يقظة ضمير جماعية" تضع الكل تحت سقف واحد من أجل "عقلنة التكنولوجيا"، حتى ولو كان "الثوريون في بعض الدول ذات الأنظمة التوتاليتارية"، يرحبون بقوة بإحلال "أساقفة التكنولوجيا محل أساقفة الأيديولوجيا".

أما عن العولمة فيرى روبيني أنها "في الطريق الى التفكك" و"هذا ستكون له تأثيراته على المسارات الاستراتيجية للقوى العظمى. لكن مع ثورة الاتصالات التي أحدثت ثورة في التعاطي مع المكان والزمان، كيف يمكن العودة الى النظرة التقليدية للحدود؟"، ويوضح "ليس من الواقعي بمكان أن تكون حدودنا الصناعية حدود العالم".

يستعيد روبيني قولاً لمديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا حذرت فيه من "التقاطع الأوركسترالي بين الكوارث"، لتدعو الى "التقاطع الأوركسترالي بين الرؤى"، حتى "لا نضطر الى إطلاق ما يمكن أن نطلق عليها الوصية الحادية عشرة (كإضافة للوصايا العشر): رجاء ... لا تقولوا وداعاً أيها العالم".

المؤلف الذي لا يتخلى عن نظرة التفوق لدى الأميركيين، يرى أن مسلسل الكوارث "الذي ينتظرنا لا يقتصر على دول محددة، أو على مناطق محددة. ذلك النوع من الموت ينتظرنا جميعاً. هل هو الموت اختناقاً أم جوعاً أم داخل "الأتون النووي"؟

يدعونا الكاتب الى قراءة ما يكتبه المختصون حول ما يمكن أن يحصل لنا، إذا زالت غابات الأمازون: "هناك حيث تنتظر تلك الوحوش المجهرية (الجراثيم) من آلاف السنين لتنقض علينا". كما يشدد روبيني على "ضرورة إعادة تشكيل الوعي لا بكوننا نتواجد على هذه الأرض، وإنما بكون مهمتنا، كبشر، أن نبقى على هذه الأرض".