"الملكية وأسبابها في الفقه الإسلامي"، محور "مجلة الاجتهاد والتجديد"

على الرغم من تعرُّض الفقه الوضعي إلى أسباب الملكية بَيْدَ أنّه لم نعثر على صعيد الفقه الإسلامي على نظريةٍ توازي نظريتنا في تحديد أسباب الملكية، وحَصْرها، وتقسيمها.

  • العدد 56 من مجلة
    العدد 56 من مجلة "الاجتهاد والتجديد".

صدر العدد (56) من مجلة الاجتهاد والتجديد، وتضمن عدداً من الدراسات، الدراسة الأولى بعنوان "المِلْكيّة وأسبابها في الفقه الإسلاميّ، عرْضٌ وتحليل / القسم الأوّل"، للكاتب د. الشيخ خالد الغفوري الحسني، رأى فيها أنّ المِلْكية من الأمور المهمّة التي يقوم عليها النشاط الاقتصادي بشكلٍ مباشر أو غير مباشر.

وتتصدّى هذه الدراسة للإجابة عن السؤال التالي: ما هي العناوين الكلّية لأسباب المِلْكية في الفقه الإسلاميّ؟

وننبِّه على عدّة أمور:

الأمر  الأوّل: إنّ المِلْكية المبحوث عنها هنا هي المِلْكية الاعتبارية، دون الحقيقية والتكوينية.

الأمر الثاني: إنّ المِلْكية المبحوث عنها هنا هي المِلْكية الخاصّة، فلا يُراد بحث المِلْكية العامّة، كمِلْكية الدولة، ومِلْكية الأُمّة.

الأمر الثالث: إنّ المِلْكية المُعيّنة والمُشاعة داخلةٌ في البحث.

الأمر الرابع: إنّ مِلْكية الأشياء الحقيقية، وكذا الحُكمية (= المِلْكية المعنوية)، كلّها داخلةٌ في مسؤولية البحث، وثبوت المِلْكية المعنوية يقتضي بحثاً مستقلاًّ، ولكنْ على فرض ثبوتها لا تأبى هذه الدراسة من شمولها.

وخلاصةُ هذه المقالة: إنّه على الرغم من تعرُّض الفقه الوضعي إلى أسباب الملكية بَيْدَ أنّه لم نعثر على صعيد الفقه الإسلامي على نظريةٍ توازي نظريتنا في تحديد أسباب الملكية، وحَصْرها، وتقسيمها، سوى ما يلي:

1ـ نظريّة المحقّق الإيرواني في ذكره لسببين: الحيازة؛ وما يعود إليها.

2ـ ما ورد في مجلّة الأحكام العَدْلية في الاقتصار على ذكر ثلاثة أسباب فقط.

3ـ نظريّة الشهيد الصدر في التوسُّع العقلائيّ في الحيازة.

4ـ تقسيم المحقِّق الخوئي وتنويعه للملكية، لا تحديد أسباب الملكية وتقسيم الأسباب. وبين البحثين بَوْنٌ.

فيما توفَّرت هذه الدراسة الحاضرة على بحث ودراسة كلِّ ذلك وزيادة، وبيان نقاط القوّة والخَلَل في كلٍّ منها مفصَّلاً، وتقديم اقتراحاتٍ في هذا المجال.

الدراسة الثانية بعنوان "السُّنَّة ودلالاتها في القرآن الكريم والحديث النبويّ الشريف"، للكاتب الشيخ محمد عافي الخراساني. تقوم هذه المقالة بدراسة المعنى الذي استُعملت فيه كلمة «السُّنّة»، في الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة؛ حيث إن فريقاً من اللغويّين والمفسِّرين أشاروا إلى أن معناها هو الطريقة الحسنة المحمودة، مع أنه يختلف كثيراً عما هو المأنوس في الذهن العامّ من دلالتها على مطلق السيرة والطريقة. والخلاصة: عدمُ وجود شاهدٍ في القرآن الكريم يثبت أن «السُّنّة» تستعمل في مصداقٍ قبيح للطريقة أيضاً، وبالتالي لا يمكن إثبات المعنى العامّ للكلمة عبر الاستعمالات القرآنية بشكلٍ جليّ؛ لأن عدداً منها ظاهرٌ في المصاديق الجيّدة للطريقة، وهناك بعضٌ آخر مردَّدٌ بين المصاديق الحَسَنة والسيئة. غير أن معنى «السُّنّة» في الحديث النبوي الشريف هو مطلق الطريقة، وإنْ كان هناك إشكالاتٌ في الاستشهاد ببعض الأحاديث التي ذُكرَتْ، لكنّ كثيراً من الشواهد المذكورة صالحةٌ أيضاً للاستئناس والتأييد، على أقلّ تقديرٍ.

الدراسة الثالثة: "الغِيبة، بين الاختصاص بالمؤمن والشمول لمطلق الإنسان" للكاتب الشيخ يوسف الصانعي؛ المترجم: حسن مطر الهاشمي. بعد الدراسة الدقيقة والمتأنِّية، والنظرة الجديدة إلى الآيات والروايات، بعيداً عن العصبيّات والمركوزات الذهنية، نصل إلى نتيجةٍ مفادها: إن أدلّة حرمة الغيبة تشمل جميع الناس. وإن الأدلّة التي تقصر حرمة الغيبة على الشيعة الإمامية الاثني عشرية فقط غيرُ تامّةٍ. وعلى هذا الأساس فإن غيبةَ جميع الناس ـ الأعمّ من الشيعة وغير الشيعة، والمسلمين وغير المسلمين، بل الكفّار أيضاً ما دام اعتقادهم عن قصورٍ وجهلٍ ـ حرامٌ. 

الدراسة الرابعة: "الموقف الشرعي من غِيبة غير الشيعيّ، تطوُّر الرؤية الفقهيّة عند السيد الخميني"، للكتاب علي محمديان ود. محمد رضا علمي سولا ود. محمد تقي فخلعي؛ ترجمها حسن الخرس. يسعى بعض الأفراد لتشويه صورة السيد الخميني، وتضعيف التعاليم النقية للمدرسة الشيعية بالتَّبَع؛ وذلك عن طريق إبراز جزءٍ من عبارات السيد الخميني من بعض كتبه الفقهية في جواز غيبة المخالفين، واختصاص حرمة الغيبة بالمؤمنين بالمعنى الأخصّ.

ويستنتج الباحث هاهنا، بعد مطالعة مجمل آراء السيد الخميني، أنّه وإنْ كان في آرائه الأولى قبل عصر انتصار الثورة الإسلامية قد اعتبر قيد «الإيمان» في حرمة الغيبة، إلاّ أنّ الأدلة التي عرضها هو وبعض الفقهاء لم تكن تامّةً، ولا يمكن اعتبار هذا الرأي وجهة نظرٍ لعموم المذهب الشيعي الإماميّ، ومطابقاً لسيرة أهل البيت، ونظراً نهائيّاً له في المسألة؛ فإنّ تحليل  آرائه بعد انتصار الثورة، وفي مرحلة قيادته للمجتمع الإسلاميّ، يشير إلى أنّه قائلٌ بحرمة الغيبة لجميع المسلمين. وبناءً على هذا إذا كان الكلام الأخير لأيّ شخص هو الرأي النهائيّ له فيجب حينئذٍ اعتبار الرأي النهائيّ للسيد الخميني في مسألة الغيبة هو حرمتُها بنحوٍ عامّ لجميع الأفراد.

الدراسة الخامسة: «الآخر» في المنظومة الفكريّة لتوما الأكويني، تأمّلاتٌ وملاحظات، للكتاب الشيخ حيدر حبّ الله  ود. أحمد رضا مفتاح ود. السيد أبو الحسن نوّاب.

يعتبر الموقف من الآخر ونهج التعامل معه العمادَ الرئيس للعلاقات بين الأديان، ولا يمكن تنظيم هذه العلاقات من دون وضع رؤيةٍ تفهم الآخر، وتحدّد معايير التعامل معه، وفقاً لأصول معقولة ومبرّرة منطقيّاً وأخلاقيّاً. وقد درس المفكِّرون واللاهوتيّون المسيحيون ـ وخاصّة في العصر الحديث ـ هذا الموضوع على نطاقٍ واسع. وقد ارتأَتْ هذه المقالة أن تدرس رؤيةَ لاهوتيٍّ كبير من فلاسفة اللاهوت المسيحي في ما يُسمّى بالعصر الوسيط، وهو القدّيس توما الأكويني، لتنظر في منهجه في التعامل مع الآخر والحكم عليه، سواء كان هذا الآخر خارجَ الدائرة الإيمانيّة المسيحيّة (الكفر) أم من داخلها (البدعة ـ الهرطقة..)؛ ولتعرف ميول الأكويني في العلاقة مع الآخر ضمن ثنائيّات: الوصل والقطع؛ السلب والإيجاب؛ القبول والرفض؛ الاستيعاب والطرد.

تقوم إشكاليّة دراسة الآخر على فَهْم الذات؛ لأنّ فَهْم الآخر لا يكون إلاّ من خلال إجراء مقارنات مع الذات؛ بهدف بناء علاقةٍ معه أو قطيعة؛ وكذلك بهدف تحديد المسافة بين الذات وبينه، وأيُّ خطأٍ فادح في فَهْم الذات ووَعْيها يؤدّي إلى الوقوع في أخطاء تجاه بناء العلاقة مع الآخر وفَهْمه. والتحدّي الكبير هنا هو: هل كان الأكويني يحمل ذاتاً متضخِّمةً حتّى يتعامل مع التيّارات الفكريّة الداخليّة من الهراطقة والمبتدعة والمرتدّين بهذه الطريقة القاسية في بعض الأحيان أو لا؟ وهل كان مستخفّاً بها محتقراً لها إلى هذا الحدّ أو لا؟

وكتحدٍّ كبير أمام الأكويني هو في مدى تحديده لهويّة الذات؛ فبطريقة تعامله مع المرتدّ والمبتدع قلَّص الأكويني من مساحة الذات، وزاد من شروطها، وهو بهذا يُشظّي الذات المسيحيّة، ورُبَما لا يقوم بإنقاذها كما تخيَّلَ، بمعنى أنّ تعامله مع الارتداد والبدعة بأقسى من تعامله مع الكفر الأصلي ـ اليهود والوثنيّين ـ بحَسَب تعبيره ـ يدلّ على حجم خوفه من التيارات الداخليّة، ويكشف عن أنّه سعى لإخراجها من الذات المسيحيّة بهدف حماية العقيدة والإيمان المسيحيّين. وهذا معنى أنّ الخوف على الذات كلّما ارتفع ازداد مستوى العنف في العلاقة مع الآخر، وهذه هي مشكلة التكفير في الأديان؛ لأنّها تقلِّص حجم الذات عمليّاً، في الوقت الذي تتوهَّم فيه أنّها بذلك تقوّيها، وهنا يقع التصادم بين إرادة خلوص الدين من الشوائب وإرادة احتفاظه بقوّته وسَعَته. فكتاب (الخلاصة اللاهوتيّة) يكشف عن مساحة اطّلاع الأكويني على الآخر المسلم، على سبيل المثال؛ إذ يبدو واضحاً أنّ معلوماته مبتسرةٌ ومنقوصة، وأنّه لم يتعرَّف على الآخر المسلم من زاوية اللاهوت الإسلامي، بل تعرَّف عليه عبر فلاسفة المسلمين فحَسْب، كما يؤكِّد ذلك المفكِّر اللاهوتي المعاصر هانس كونغ. ورغم أنّ الحروب الصليبيّة كانت قد وقعت والتجارات والعلاقات قد بدأت بالفعل بين الشرق والغرب، لكنّ الأكويني ـ وهو يرسم خارطة تصوُّراته عن الآخر ـ لم يحصل لديه بوضوحٍ أيُّ تأثيرٍ يُذْكَر لصورة هذه العلاقة وهذا الانفتاح بين الشرق والغرب، إلاّ عبر التراث الفلسفيّ، وليس الدينيّ. وهذا يعني أنّ مرجعيّات معرفة الآخر المسلم عند الأكويني كانت ضيّقةً، فضلاً عن مرجعيّات معرفته بالآخر في الشرق عموماً.

إنّ التوماويّة الجديدة بحاجةٍ إلى تعديل الكثير من أفكار توما الأكويني في موضوع العلاقة مع الآخر. وقد خطَتْ خطواتٍ كبيرة في هذا الصدد خلال القرن الماضي، وهي بحاجةٍ في الوقت عينه إلى أن تستلهم من أفكار الأكويني العديد من عناصر التسامح التي رأيناها. وكما قال الدكتور روان ويليامز ـ رئيس أساقفة الكنيسة الأنغليكانيّة في إنكلترا، وهو يحاول أن يوجِّه خطابه للأصوليّة المسيحيّة، مستيعناً بخطاب تيم وينتر الذي وجَّهه للراديكاليّين المسلمين، حيث قال: هل نسي الله أن يكون رؤوفاً؟!

الدراسة السادسة: "البحث اللّغويّ عند علماء أصول الفقه، تطبيقاتٌ فقهيّة عمليّة" للكاتب د. الشيخ علي منتش. 

الدراسة السابعة: "وباء كورونا، وحكم الإجراءات الوقائية منه"، للكاتب الشيخ علي نذر.

الدراسة الثامنة: "عالم الذرّ في المدرسة الكلاميّة الإماميّة في بغداد، قراءةٌ نقديّة"، للكاتب: الشيخ سعيد نورا.

الدراسة التاسعة: "مقبولة عمر بن حنظلة، قراءةٌ نقديّة شاملة"، للكاتبين د. سعيد نظري توكُّلي وفاطمة سادات مرتضوي.

الدراسة العاشرة: "مستقبل العالمين العربيّ والإسلاميّ في ضوء المتغيِّرات الجارية بالمنطقة والعالم (إحياء الهوية ومشترك الأنسنة نموذجاً)"، للكاتب بدر بن سالم بن حمدان العبري.

الدراسة الحادية عشرة: "منهج شريعتي في تناول المسألة الدينيّة، المعالم والاستراتيجيا"، للكاتب الشيخ حسن بدران.

في قراءات الكتب، قراءة لكتاب "وسائل الشيعة" ومظاهر الاختصار العامّة، عرضٌ وتحليل، للشيخ محمد عباس دهيني.