أوراق مقاومِة.. المبادرة الثورية رافعة التغيير

تحتاج فلسطين إلى تشكيل نواة قيادية ترتقي في مستوياتها واستعداداتها إلى مستوى من التحدي يضعها أمام ضرورة صوغ برنامج مهماته وطنية ومقاومة.

  • أوراق مقاومِة.. المبادرة الثورية رافعة التغيير 
    أوراق مقاومِة.. المبادرة الثورية رافعة التغيير 

المواجهة الجارية على أرض فلسطين، في الوقت الراهن، رافعتها الثورية وبشائرها في جنين ونابلس وغزة والداخل المحتل عام 48، والقدس وخارج الوطن، وتجلياتها عبر مبادرات ثورية كما مارسها الشهيد عدي التميمي وغيره، مبادرات متقدمة تضحوية ناقدة ومعبرة وكاشفة عما نستطيع القيام به، ونافية لوهن الانتظار ومتجاوزة لحال التلقي السلبي، هذه الحالة المشتبكة بأشكالها المتعددة التي تنضج شروط توافر فرصة جادة للتحرك.

فالفرصة لا يجري انتظارها، بل يُعمل لإنضاج شروط وعوامل تشكلّها، ثم التقاطها، فعلى الرغم من الحالة القائمة وطنياً، والحاجة إلى تطويرها والارتقاء بها فإن الوضع الراهن تميّزه عدة سمات على مستوى الوطن وأبرزها: 

أولاً: نتاج حالة شعبية ناهضة تمثل حاضنة داعمة ومشاركة في الفعل المقاوم.

ثانياً: غياب أو تغييب البرنامج الوطني واستراتيجيات العمل والإبقاء على حال الاستقواء على الواقع بالشعار وضعف دور القوى الوطنية الفاعلة.

ثالثاً: حال الانقسام وما ترتب عليها من نتائج، واستمرار هذا الانقسام وتحوله إلى مشهد طبيعي غير مرفوض كما يجب ومبرّر من أطرافه ومستغل وموظّف من أطراف أخرى لتبرير غياب الفعل.

رابعاً: ضرب النموذج المتشكل عبر سياسة الاغتيال والاعتقال ومحاولة التشويه والضغط اليومي من إغلاق واقتحامات متكررة.

خامساً: ضعف فعل النخب الوطنية الفلسطينية غير الحاسمة والمترددة والمنتظرة وعدم توافر الاستعدادية لدى جزء كبير منها، على الرغم من دعم جزء منها للحالة القائمة من بعيد.

سادساً: استمرار الرهان على المجتمع الدولي، والتوجّه إليه في مقابل إهمال عامل الفعل الذاتي المقاوم.

سابعاً: منظومة استعمارية صهيونية تعمل في إطار مشروع تطهير عرقي واضح ومتدرج وتتقدم به على الأرض في اتجاهات متعددة.

ثامناً: حاضنة قومية ضعيفة وإقليمية محدودة.

تاسعاً: ثقافة المقاومة ووعيها الثوري وحضورها المحدود والمحدد. 

عاشراً: الاكتفاء بالدعوة إلى الصمود من دون إضافة البعد الفاعل لها عبر المشاركة الجماعية في أشكال المقاومة.

إن هذه السمات يمكن قراءتها بجانب أخرى تشكل الصورة لواقعنا الراهن بتداخلاته المتعددة التي تعني أن ما يمثّله المقاومون والمقاومات على الأرض عبّر عن حالة من الغضب لم تجد ترجماتها سياسياً وتنظيماً، وهذا يعني أن مبادرة الفعل الثوري على الأرض وما يتجسّد من حالة مقاومة تحتاج إلى اكتمال تأثيرها وفعلها، مبادرة ثورية جادة سياسياً وتنظيماً تقع على عاتق قوى المقاومة، وكادرها مقاومون ومقاومات أصحاب التجربة، ومن يمتلكون الاستعدادية النضالية العالية بحيث يقع على عاتق نواة صلبة أن تتصدى لمجموعة من المهمات أبرزها: 

أولاً: تشكيل قيادة وطنية شبابية مبادرة مشتبكة تمتلك القدرة على العمل والبناء وتجسيد قوة المثال.

ثانياً: صوغ برنامج مواجهة نضالي يومي شامل.

ثالثاً: التقاط اللحظة المتشكلة، والعمل لتحقيق وحدة شعبية على الأرض وممارسة مقاومة شاملة على قاعدة المقاومة الشاملة. 

إن هذه المهمات تحتاج إلى النواة الوطنية الميدانية للتصدي لها، وهذا ما يستدعي المبادرة إلى تشكيلها بحيث تصبح القيادة الميدانية نموذجاً وطنياً، وتشكيلها والمبادرة لها بحد نفسه مهمة ليس باليسيرة ولاب المسهلة، وهذا يعني أننا نحتاج إلى تشكيل نواة قيادية ترتقي في مستوياتها واستعداداتها إلى مستوى من التحدي يضعها أمام ضرورة صوغ برنامج مهمات وطني ومقاوم، ومن عناصرها المهمة النقاط التالية: 

أولاً: بناء اللجان الشعبية المقاومة في مختلف المواقع استناداً إلى تجربة الانتفاضة الأولى ومتطلبات الظرف الراهن، مهماتها ليست الدفاع والحماية وحسب بل خوض الاشتباك على مختلف المحاور ومنظومة الاستعمار الصهيوني.

ثانياً: كسر حال الروتين اليومي والاستقرار والأمن الشخصي في المجتمع الصهيوني، وهذا عبر النضال والمواجهة اليومية بأشكالها المتعددة.

ثالثاً: توسيع دائرة الاشتباك وتحدي جغرافيا الاستعمار، وما يحاول فرضه من حال حصار وتمييز بين فلسطيني 48 و67 في القدس أو غزة، فالساحة واحدة ساحة الوطن المحتل والاشتباك مع منظومة الاستعمار يجب أن يكون شاملاً داخل الوطن وخارجه.

رابعاً: العمل لتأسيس حال مجابهة يومية شاملة متمردة على قوانين وسياسيات منظومة الاستعمار الصهيوني بمقاومة الاعتقال ورفض الانصياع لمطالب وأوامر المقابلات فضلاً عن المقاطعة وغيرها من أنواع المواجهة اليومية.

خامساً: العمل لنشر ثقافة المقاومة بتشكيل المنتديات الجماهرية التي تقيم فعالياتها في ميادين وساحات القرى والمدن والمخيمات على نطاق الاشتباك والمواجهة وتعمل بالتناغم لنشر ثقافة المقاومة.

سادساً: إعادة بناء الأطر الجماهيرية المقاومة من مختلف القطاعات المدعومة شعبياً بعيداً من الدعم الخارجي المشروط.

سابعاً: تعزيز دور الحركة الطلابية وفعلها، وتحويل الحيز الأكاديمي إلى جزء من حال الاشتباك، وهذا عبر تحويل المحاضرات اليومية (مرة أسبوعياً) إلى مواقع الاشتباك ونقاطه.

ثامناً: حماية ودعم مشروع الفعل المقاومة الثوري العنيف، وهذا عبر مواجهة كل اقتحام لقوات منظومة الاستعمار في المدن والقرى والمخيمات، وجعل كل دهم محطة اشتباك.

تاسعاً: رفع وتيرة المقاطعة على المستوى الفلسطيني لمنتجات المنظومة الاستعمارية الصهيونية، ودعم دور وفعل حركة المقاومة.

إن هذه المهمات ممكن أن تكون في إطار برنامج مقاوم يومي شامل، ولكن يبقى أساسها تشكيل نواة قيادية ميدانية شبابية فاعلة صادقة وأمينة، وهذا يتحقق في حال توافر المبادرين والمبادرات الثوريين الحقيقيين.