أوراق مقاومة.. سياسة الردع عبر الرموز: المواجهة والمطلوب

ماذا يعني إذا كان بن غفير وزيراً ورموز اليمين وزراء؟ لا شيء، فهذا الأمر لا يعنينا. نحن لا نناضل من أجل تحسين شروط حياة، بل نقاتل من أجل تحرير وطن تم استعماره.

  • أوراق مقاومة.. سياسة الردع عبر الرموز: المواجهة والمطلوب
    أوراق مقاومة.. سياسة الردع عبر الرموز: المواجهة والمطلوب

هل نواجه مشروعاً استعمارياً صهيونياً، توسعياً إحلالياً مرجعيته الشاملة الأيديولوجية الصهيونية، أم أننا نرفض أن نحدّد موقعنا منه بناءً على من يقود هذا المشروع؟

سواء قاده بن غفير أو لابيد أو نتنياهو أو غيرهم، إنه المشروع ذاته والأهداف ذاتها، مشروع لم يرتق كل الاستعماريين بعد إلى مستوى توحشه وعنصريته وخطورته على الإنسان والأرض والقيم والذاكرة والثقافة، إنه مشروع وأيديولوجية وسياقات استعمارية أنتجت رموزاً عنصرية استعمارية قاتلة، من جابوتنسكي وبيغن وبن غوريون ورابين وبيرتس وبن غفير وسموتريش وغانتس والكثير منهم. نصوص هذا المشروع وسياسته تنتج هذه الرموز وينتجها، فهذا مشروع اقتلاع لكل الآخر الفلسطيني ومحوه وإلغائه، بكل الأشكال ومختلف الطرق والسبل، وما زال لم يحقق أهدافه كاملة، لأن الشعب الفلسطيني بنضاله ومقاومته قائم ويواجه. 

السؤال الأساس الذي يطرح هل نحن نواجه ونقاوم مشروعاً أم رموزه، وهل نحدد موقعنا منه بناءً على من يقوده؛ يسار صهيوني أم يمين؟ وما الفرق الجوهري وماذا يعني إذا كان بن غفير وزيراً ورموز اليمين وزراء؟ لا شيء، فهذا الأمر لا يعنينا، فنحن لا نناضل من أجل تحسين شروط حياة واتفاقيات سلام اقتصادي، بل نقاتل من أجل تحرير وطن تم استعماره، وطرد جزء من شعبه واقتلاعهم منه وتشرديهم.

هدفنا يحدد كيف نرى التغيير الحاصل على صعيد النخب السياسية داخل هذا المجتمع الصهيوني، لذا، يجب أن لا نقع في فخ محاولة الردع الذي تحاول منظومة الاستعمار الصهيوني تقديمه، بأن قدوم رموز اليمين سوف يجعل الأوضاع أكثر صعوبة، وبالتالي علينا أن نحاول الجلوس بصمت في الصف وأن لا نقاوم أو نحتج أو نعترض حتى تمر هذه المرحلة بما فيها، أي ردعنا بهوس اليمين الذي لا تختلف عنصريته عن عنصرية الآخرين، الفارق هو أنه يعبّر عنها علناً، بينما هم يقومون بها فعلاً، يريدون ردعنا ويسقطون اعتباراتهم على الشعب الفلسطيني وقضيته، على مدار 100 عام، تآمر عليها من تآمر وباعها من باع وحاول من حاول ضدها، وما زال الشعب الفلسطيني على أرضه صامداً.

إن وجود هذه الحكومة الإسرائيلية اليمينية يجب أن نستغله كفلسطينيين لرفع وتيرة المقاومة على الأرض، وهذا يعني مواجهة الاستيطان بشكل أوسع وأشمل، وعدم الاكتفاء برد الفعل على أفعال المنظومة الاستعمارية من توسع للاستيطان، بل المبادرة الفاعلة إلى إنتاج نقاط اشتباك جادة، وفي هذا الإطار نطرح بعض الأفكار لمناقشتها والمبادرة إلى تنفيذها ومنها: 

أولاً: حصار المستوطنات من خلال الشروع في العمل على فكرة استصلاح الأراضي المحيطة بها وزراعتها بشكل شامل ومتزامن بمشاركة شعبية واسعة، وذلك عبر إطلاق أسبوعي ليوم الأرض كواجب وطني. 

ثانياً: إعادة تفعيل مشروع باب الشمس، والقرى الشبابية المتحركة في مناطق متعددة لتكن بؤر مواجهة.

ثالثاً: الإعداد لمشروع فلسطين تُحَاصِر ولا تُحَاصَر والعمل على كسر كل حصار تتعرض له قرية ومخيم ومدينة، كما تم مؤخراً في نابلس وجنين، وذلك من خلال قطع الطرق المؤدية إلى المستوطنات ومحاصرتها والتوجه نحوها ليلاً ونهاراً، على قاعدة أن كسر حصار الموقع يتم مكانياً وموقعياً (بمعنى أنني أواجه حصار نابلس وأنا في بيت لحم من خلال إغلاق الطرق أو التوجّه نحو المستوطنة).

رابعاً: المواقع التي تم إخلاؤها، كما حدث في مستوطنة حومش قرب برقة، الإعداد لتصعيد هذه المواجهة بهذه النقاط سلفاً وعدم الانتظار، سيعودون لها.

خامساً: تعميم فكرة صفارات الإنذار، كما حدث في جنين، عندما تم اكتشاف وحدات خاصة، لتشمل كل القرى وأماكن وجود المستوطنين والمدن والمخيمات لدى اقتحام "الجيش"، وجعل الصفارة تمثل حالة استنفار.

سادساً: التركيز عبر وسائل الإعلام المقاوم وشبكات التواصل الاجتماعي على فكرة أننا نناضل لتحرير الأرض والإنسان، لا لتحسين شروط الحياة، لذلك لا يهمنا من يكون على رأس هذه المنظومة الاستعمارية ولا يردعنا بل يحفزنا.

إن مهمة المقاومة اليومية الشاملة التعبير عن الوحدة الوطنية الشعبية على الأرض لتقوية عودها ووسائل مقاومتها وتتجاوز بذلك كل تفصيل، وتمارس وحدة مطلوبة لتخطي حالة التصدي السياسي الرسمي وسقفه المحدود.

من لا يرى فرقاً بين المجتمع الصهيوني وبين من يقوده هو شعب يرى هدفه أولاً ويعرف عدوه جيداً.