بعد جدل وإحتجاجات حول مصير"مسرح الرشيد".. الكاظمي يحسم: المسرح باق

رئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي يؤكد الإبقاء على "مسرح الرشيد"، وذلك بعد تقاطع معلومات وجدل حول هدم المسرح العريق في بغداد.

  • مسرح الرشيد
    مسرح الرشيد

تقاطعت المعلومات مع الشائعات والإجتهادات حول مصير "مسرح الرشيد" التاريخي في بغداد، بين إصرار على هدمه كما كتب العديد من المثقفين والإعلاميين العراقيين، وبين توضيحات رسمية تؤكد الحفاظ عل المسرح وإبقائه في أيد أمينة.

رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي تدخل في الجدل الدائر وحسم بأن " مسرح الرشيد سيكون ساحة لعمل الفنانين وسندعمهم، وما أثير عن ملكية المسرح هو اجتهاد روتيني من دوائر الدولة، ولا يجب التعاطي مع هكذا حالة من منطلق خلق اليأس والإحباط".

وقال الكاظمي إن:"المعلومات الكاذبة وغير الدقيقة المتداولة أصبحت للأسف هي السائدة، ونتمنى من القضاء أن يأخذ دوره وإجراءاته في الحد من هذه الظواهر، وأتمنى من الجميع أن يكونوا بمستوى المسؤولية والتحديات الراهنة عند نقل المعلومة والتعامل معها".

وتوجه رئيس الحكومة العراقية إلى الفنانين برسالة طمأنة : "مسرح الرشيد باقٍ في أيادٍ أمينة، وطلبت وزيرة الإسكان اليوم نقل ملكية الأرض والمبنى إلى وزارة الثقافة، لكن للأسف كان هناك من يتعاطى مع معلومات غير دقيقة وكاذبة؛ مما خلق احساساً بأن البلد في حالة فوضى".

وكانت "نقابة الفنانين العراقيين" وجهت رسالة إلى الحكومة، تطالبها فيها بالعدول عن قرار تدمير المسرح.

وقال الفنانون في بيانهم: "في الوقت الذي استبشرنا كفنانين ومثقفين عراقيين، ومعنا الأشقاء العرب، بعودة الحياة إلى "مسرح الرشيد" الذي شهدت خشبته أهم العروض والمهرجانات المسرحية العراقية والعربية والدولية، وبينما كنا ننتظر إكمال صروح فنية جديدة، كمدن الثقافة ودار الأوبرا، تفاجأنا بقرار وزارة الإعمار والإسكان بالمطالبة بوضع يدها على هذا الصرح الثقافي العراقي الكبير".

وأضافت النقابة: "إننا كنقابة الفنانين العراقيين، إذ نتفهم التداخل في العمل بين وزارات الدولة العراقية، وبغضّ النظر عن صحة الإجراءات القانونية التي قامت بها وزارة الإعمار والإسكان، نأمل من كل الجهات الحكومية والسياسية، وعلى أعلى المستويات، التدخل الفوري لحسم ملف مسرح الرشيد بما يضمن وضعه الحالي، من خلال نقل ملكيته من وزارة الإعمار والإسكان إلى وزارة الثقافة، وبقاء دائرة السينما والمسرح الجهة المسؤولة عن إدارة ونشاطات المسرح الذي سيشهد خلال العام الحالي نشاطات على مستوى دولي رفيع يليق بمكانة الثقافة العراقية".

وكانت الساحة الثقافية العراقية قد انتفضت للمعلومات التي تحدثت عن نية هدم المسرح الذي يختزن ذاكرة المسرح العراقي ومثقفيه، ونظم فنانون عراقيون وقفة ناشدوا فيها بالحفاظ على المسرح، مهددين بأنهم سيكونون دروعاً بشرية أمام عملية هدمه.

 وكتب الشاعر العراقي ورئيس تحرير "صحيفة الصباح" أحمد عبد الحسين حول الموضوع قائلاً إن: "هناك إصرار غريب على هدم مسرح الرشيد".

وفي شرحه للأزمة أوضح عبد الحسين: "الأرض التي بُني عليها أكبرُ مسرح في الشرق الأوسط آنذاك، خصصتها وزارة الإسكان سنة 1979 لوزارة الإعلام لتكون بناية "مصلحة السينما والمسرح". ويوم أمس عادت دائرة الإسكان العامة لتطالب بها، وتريد استردادها خلال أسبوعين "خالية من الشواغل" بحسب كتاب رسميّ تناقلته الوكالات".

وأضاف: "يجب إفراغ البناية من الشواغل إذن؟ والشواغل هنا في هذه البناية تاريخ حافل بالمنجزالإبداعيّ، أعمال مسرحية ومهرجانات ومؤتمرات شكّلتْ بمجملها جنبة مهمة من جنبات الذاكرة الثقافية للبلد. كل هذه "الشواغل" يجب إزالتها بسبب تناحر مبهم بين الوزارات، أو بسبب جهل المتنفذين بأهمية الثقافة، أو بسبب عدم اهتمامهم بالذاكرة الثقافية للوطن، أو بسبب قراءة طفولية لحمولة تاريخية في اسم المسرح، وكلّها أسباب تستدعي طأطأة الرأس خجلاً وخزياً مما نحن فيه. إلى أيّ درك وصلنا؟ انتظرتْ مؤسسات الدولة كلّ هذه الفترة، تاركة البناية أطلالاً خربة، ثم حين استنهض الفنانون والمتطوعون من محبي الفنّ همّتهم وأزالوا الأنقاض وأعادوا للمسرح هيأته الأولى وصار معدّاً لإقامة الفعاليات، تذكّروا أنّ البناية كانت قبل أكثر من 40 سنة تابعة لجهة أخرى. محالٌ أن تجري هذه الأفاعيل في دولة تحترم اسمها وتاريخها. تتغيّر أنظمة الحكم في الدول لكنّ اللاحق حريص على الإبقاء على ما أُنجز في العهد السابق حتى ولو في سبيل حفظه شاخصاً على عهدٍ تجاوزناه بكثير من الدم والدموع. لكنْ هل تجاوزناه حقاً؟".

يذكر أن "مسرح الرشيد" استعاد نشاطاته في 17 كانون الأول/ديسمبر الماضي، بعد إغلاق دام أكثر من 18 عاماً، حيث قامت وزارة الثقافة، وبجهود ذاتية، بترميم المسرح.

وتم تدشين خشبة المسرح بحفل لفرقة العود للموسيقار مصطفى زاير وسط حضور جماهيري كبير للعوائل البغدادية.

وتعرض مسرح الرشيد للتخريب والسرقة عقب سقوط النظام السابق في عام 2003.

ويعد مسرح الرشيد أهم وأكبر المسارح في بغداد، افتتح عام 1981 بتصميم من شركة فرنسية وأخرى سويسرية، فكانت الشركة السويسرية مسؤولة عن البناء، والفرنسية عن الأجهزة والمعدات، ويضم المبنى قاعات كبيرة للأزياء والأكسسوارات والملابس المخصصة للممثلين، ومعدات خاصة بالحيل المسرحية، والتي تشمل أكثر من 200 من المؤثرات الصوتية والبصرية.

ويتكون مبنى المسرح من 9 طوابق وصالة عرض تتسع لنحو 600 شخص، وتعرض المسرح الذي يقع في جانب الكرخ من بغداد، إلى التدمير أثناء الغزو الأميركي لبغداد عام 2003.