"عالم البحار": مهرجان لافت في طرابلس
الصالات في مركز "جمعية العزم- بيت الفن" ازدحمت بأشكال وأصناف متنوّعة من الأعمال، والإبداعات والأنشطة المواكبة، وأيضاً بورش عمل عمّا يتعلّق بالحياة البحرية، ومتفرّعاتها، توزّعت على 3 أيام في ظلّ حركة ناشطة زاخمة غير مسبوقة.
-
مجسّم سفينة بكامل عدّتها يتصدّر مدخل المهرجان
في عشق أهالي الميناء بمدينة طرابلس اللبنانية للبحر، غصّت صالات مركز "جمعية العزم- بيت الفن" بالإبداعات المتعلّقة بالبحر في مهرجان "عالم البحار".
المهرجان أقامته الجمعية بالتعاون مع وزارة الزراعة اللبنانية، حيث شارك الوزير نزار هاني في افتتاحه مع رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، بمشاركة "لجنة رعاية البيئة" في طرابلس، ومنظمات عالمية تعنى بشؤون البيئة، والزراعة، والحياة البرية والبحرية والطيور وسواها من مواضيع ذات صلة.
كلّ ما في الصالات بطبقتي المركز، ومدخله، وردهاته، ازدحم بأشكال وأصناف متنوّعة من الأعمال، والإبداعات والأنشطة المواكبة، وأيضاً بورش عمل عمّا يتعلّق بالحياة البحرية، ومتفرّعاتها، توزّعت على 3 أيام في ظلّ حركة ناشطة زاخمة غير مسبوقة.
لقاء تدريبي ومسابقة بحرية
أول ما يتبادر إلى الذهن في الكلام عن البحر، هي الأسماك كمأكولات طيبة ومفيدة، من دون أن تطغى على بقية الأنشطة والمبادرات، وحول السمك كطعام، أقيم لقاء تدريبي تحت عنوان "أسرار اختيار السمك ومهارات الطهي"، إضافة إلى "كنز البحر على المائدة" وذلك مع متخصصين في الطبخ والتغذية.
وفي سياق السمك كطعام، أقيمت منصتان حملتا الخبرة والتراث الميناوي العريق في تصنيع السمك، لزياد الديك وفادي السنيور، قدّما نماذج متنوّعة من المصنوعات التي تضمّنت الصبيدج، والقريدس، والكالامار البروفنسال، وكوكتيل ثمار البحر، والسمكة الحرّة، وسواها من الأطعمة.
-
خلال حفل الافتتاح ويبدو هاني وميقاتي
وخصصت مسابقة تحت عنوان "البحر.. حياة وجمال واستدامة" هدفت إلى إبراز جمال الحياة البحرية، والحفاظ عليها من خلال الإبداع الفني والتعبير الحرّ.
معرض بحري شامل ومتنوّع
احتلّ المعرض المساحة الأكبر من صالات المركز، وردهاته، والبداية عند المدخل الخارجي بمجسّم ضخم لسفينة فينيقية، مع أشرعتها، ومجاذيفها، بإنارة جميلة، لافتة. يمنة المدخل عرض لتراكيب سفن بأشكال مختلفة نسبة إلى الحضارة التي انتمت السفينة إليها كالفينيقية واليونانية والمصرية وسواها.
ثمّ عرْضٌ لمعدّات بحرية مثل الحسكات، والمجاذيف، والشباك وسواها مع الشركة المتخصصة بها "بالكو"، فحوضٌ إلكتروني لأسماك الزينة، تجري فيه عروض أصناف السمك الحيّ كأنها تسبح في المياه كما في الأحواض العادية تماماً.
إلى صالة العرض العلوية وفي باحتها لوحات فنية للفنانين بلال الحلوة وعمران ياسين ومهى الجماس، وطارق معركش، وآخرين، وفي الصالة، عرضت الهاوية رندة الخطيب أشغالاً يدوية من شكّ الإبر والكروشيه لكن كلّ الأشكال عناصر تتعلق بالبحر.
مجسّم أخطبوط مع تشكيلات بحرية
تصدّر الصالة مجسّم لأخطبوط، مع تشكيلات بحرية من أصناف الشبك، وصنانير الصيد وسواها غطّت كلّ جدار الصالة.
خارج الصالة، تقع الباحة الكبيرة التي تحوّلت إلى بحر من الممارسات المتنوّعة، البداية منصة عرضت فيها المربية إلفيرا فغالي سرتان كتابها المخصّص للأطفال عن الحياة البحرية عبر قصة السلاحف، وحول الرواية، صنعت أشكالأ يدوية مختلفة من العناصر البحرية خصوصاً السلاحف.
بعدها منصّات لسفن متنوّعة من طراز مختلف بحسب تاريخ الصنع، وهويته الوطنية، ثمّ سلسلة منصات ترفيهية، وألعاب متعلّقة بالبحر مثل التحدّي، والرسم على الوجه، وأشغال يدوية، ومنصة إفقع واربح، ومجسّمات لصدفة البحر وأصناف الأسماك. فمنصة "Crea Chou لصناعة الحلويات و"الكيك" على شكل أسماك، وحيوانات بحرية مزدانة بألوان سكرية مختلفة.
"مائدة المحبة" تضمّنت أشغالاً يدوية من السُبحات المصنوعة من أصداف البحر الصغيرة، وأشغالاً أخرى خصصت لدعم مراكز ذوي الحاجات الخاصة، والمكفوفين.
في صالة جانبية إلى جانب الباحة، قدّم المصوّر المحترف سامر حلواني مجموعة من الصور البحرية الاحترافية عالية الجودة، احتلت واجهة المدخل وفيها تنوّع بيولوجي، وفني لافت.
دور هامّ للجنة رعاية البيئة
تعتبر لجنة رعاية البيئة أول هيئة تعنى بشؤون البيئة في الميناء، خصوصاً البحر، وشاركت في عدة مبادرات أبرزها منشورات توعوية على فرز النفايات في وقت تتعرّض فيه المدينة لمخاطر المكبّ الذي تحوّل جبلاً على كتف البحر بين الميناء وبساتين المدينة.
بعض المنشورات تناولت البيئة البحرية وكيفيّة الحفاظ على سلامتها، مع تنبيه من مخاطر الإساءة للبيئة البحرية.
من منشوراتها أيضاً تاريخية نشوء المحميات البحرية في لبنان، وأولها مع محميّة جزر النخل التي كان للّجنة الباع الطويل في تشكّلها، وتحدّثت المنشورات عن المحميّات كأمكنة آمنة للجوء الطيور المهاجرة، والمهدّدة بالانقراض، كذلك لحياة البحر والأسماك والسلاحف والدلافين، وما هو منها معرّض للانقراض.
وشملت حملة اللجنة انتهاكات موائل الكائنات البحرية، مع حملة على طير الكروان الرفيع المنقار المهدّد، وحملة عن أشجار المسك والغار وأهميتهما.
ورش عمل وندوات
شهدت أيام المهرجان ورش عمل وندوات ولقاءات حافلة، منها لقاءان مع مسؤولين من وزارة الزراعة، واحد عن "استدامة قطاع الصيد البحري"، والثاني عن "تعزيز قطاع السمك عبر التعاونيات الزراعية".
وتناول مدير "محمية جزر النخل" سامر فتفت "الملوّثات البحرية وأهمية المحميّات"، ومع شادي عنداري المتخصص بالحياة البرية "استدامة الموارد البحرية ورفاهية الصيد".
مدير مختبرات غرفة التجارة والصناعة في طرابلس الدكتور خالد العمري تحدّث عن أهمية دور المختبرات في مراقبة الجودة، وفحوصات مياه البحر في مختبر الغرفة، كما تناول المهندس جورج سليمان أهمية الملّاحات اللبنانية، وخصائص الملح اللبناني من البحر.
تدريب على السباحة والغوص
وبدأ اليوم الأخير للمهرجان بتدريب على السباحة والغوص مع المدرب إسماعيل الديلاتي، مع أوقات ممتعة للأطفال، ومأكولات سمك طوال النهار، وتلاوة قصة السلاحف مع إلفير فغالي سرتان من خلال كتابها المخصص للأطفال.
إلى جانب أمسية شعرية جرت في الطبقة السفلى من المركز، قدّم الغطاس كريستيان فرنسيس عرضاً للباخرة "فيكتوريا" من سلاح البحرية البريطانية، وكانت أضخم سفينة في عصرها أواخر القرن التاسع عشر بلغ طولها 300 متر، وقد غرقت بخطأ ارتكبه ربّانها في مياه الميناء في دقائق قليلة سنة 1893، وبات حطامها في قعر البحر موضوع اهتمام الغطّاسين الذين ما فتئوا منذ ذلك الحين، يرتادونها، ويخرجون منها المخلّفات.
وفي الأمسية الأخيرة للمهرجان، جرى عرض فيلم أرنست همنغواي "الشيخ والبحر"، ذلك الشيخ العجوز الذي تحدّى الشيخوخة، وصارع لاصطياد سمكة ضخمة، لكنه عاد إلى البر وقد تناهشته الأسماك.
وختام المهرجان أمسية فنية غنائية مع أكاديمية رجب للفنون.