علماء يكتشفون كيمياء غريبة تحت أكبر رواسب الليثيوم على الأرض قد تعيد صياغة تعدينه

علماء يكتشفون أنّ جزءاً كبيراً من الليثيوم في العالم يوجد في مياه مالحة ذات تركيب كيميائي مختلف عن تركيب المياه المالحة الطبيعية مثل المحيطات معروف باسم "بورن".. هذا الاكتشاف قد يعيد صياغة تعدين الليثيوم!

  • علماء يكتشفون كيمياء غريبة تحت أكبر رواسب الليثيوم على الأرض قد يعيد صياغة تعدينه
    علماء يكتشفون كيمياء غريبة تحت أكبر رواسب الليثيوم على الأرض قد تعيد صياغة تعدينه

اكتشفت دراسة جديدة أنّ المحاليل الملحية الغنية بالليثيوم تتميّز بتركيب كيميائي يهيمن عليه البورون (ملح)، وهو ما يختلف اختلافاً جوهرياً عن المياه المالحة التقليدية.

وجاء في الدراسة: "يوجد جزء كبير من الليثيوم في العالم في مياه مالحة ذات تركيب كيميائي مختلف عن تركيب المياه المالحة الطبيعية الأخرى، مثل المحيطات"، مشيرةً إلى أنّ هذا الاكتشاف "قد يعيد صياغة مستقبل تعدين الليثيوم ويحسّن كيفية إدارة مياه الصرف الناتجة عن عمليات الاستخراج".

وبحسب الدراسة، "يؤدي الليثيوم دوراً حيوياً في دعم ثورة الطاقة المتجدّدة، ويأتي نحو 40% من إمداداته العالمية من المسطّحات الملحية الضخمة، المعروفة باسم (سالار)، الواقعة في قمة جبال الأنديز بأميركا الجنوبية، وعبر هضبة التبت في آسيا".

وأوضحت أنه في هذه المناطق النائية القاحلة "لا يستخرج الليثيوم من الصخور، بل يُذاب في برك جوفية من المياه شديدة الملوحة المعروفة باسم "المحلول الملحي"، المخبّأة أسفل قشرة رواسب الملح المتلألئة"، وفقاً لما نشرت وسائل إعلام عن نتائج الدراسة.

وقال أفنر فينجوش - الأستاذ المتميّز في جودة البيئة ورئيس قسم علوم الأرض والمناخ في كلية نيكولاس للبيئة بجامعة "ديوك"، الذي أشرف على البحث: "اكتشفنا أنّ البورون يحدّد الرقم الهيدروجيني للمحاليل الملحية في هذه المناطق بشكل شبه كامل، على عكس مياه البحر والمياه المالحة الشائعة الأخرى"، مضيفاّ: "هذا مشهد جيوكيميائي مختلف تماماً، أشبه بدراسة كوكب خارج كوكب الأرض".

وبيّن فينجوش أنّ "الرقم الهيدروجيني للمحلول يمثّل مقياساً لمدى حمضيته أو قلويته، وفي معظم المياه الطبيعية، تتحكّم التفاعلات الكيميائية التي تتضمّن جزيئاً يسمى الكربونات بشكل أساسي في قدرة المحلول على التحكّم في تغيّرات الرقم الهيدروجيني، وهو مقياس يعرف باسم القلوية".

لكنّ فريق جامعة "ديوك" اكتشف سيناريو مختلفاً تماماً في سالار دي أويوني، وهو حوض ملحي عملاق يقع على هضبة بوليفية، حيث يوجد أكبر رواسب الليثيوم الملحية المعروفة في العالم تحت الأرض.

وحلّل الباحثون درجة الحموضة (pH) والتركيب الكيميائي للمحاليل الملحية والأملاح المرتبطة بعملية تعدين تجريبية في سالار دي أويوني، واكتشفوا أنّ مستويات الرقم الهيدروجيني (pH) في عيّنات المحلول الملحي الطبيعي من سالار كانت تتراوح حول مستوى الحياد. وفي المقابل، كانت عيّنات المحلول الملحي من برك التبخير شديدة الحموضة.

كما أظهرت النمذجة الحاسوبية أنّ "التركيزات العالية من البورون كانت العامل الرئيسي في ارتفاع درجة الحموضة في كلتا الحالتين"، وأنّ "المحاليل الملحية الطبيعية تحديداً تحتوي على مستويات عالية من البورون بأشكال مختلفة، بما في ذلك جزيء حمض البوريك ومركبات تسمى "البورات" والتي يتحكّم توزيعها النسبي في درجة الحموضة، حيث يزيد التبخّر في البرك من التركيز الكلي للبورون ويحفّز تحلّل حمض البوريك، مولدا أيونات الهيدروجين التي تخفض درجة الحموضة".

من جهته، قال الباحث الرئيسي في الدراسة وطالب الدكتوراه في مختبر فينجوش، جوردون ويليامز: "من خلال سلسلة من التفاعلات الجيوكيميائية، تنخفض قلوية الكربونات في المحلول الملحي من سالار دي أويوني، بينما تسود قلوية البورون".

وأشار فينجوش إلى أنّ "الفريق جمع بيانات من أكثر من 300 تحليل لمحلول ملحي غني بالليثيوم من أحواض ملحية مختلفة، بما في ذلك في تشيلي والأرجنتين وبوليفيا، المعروفة مجتمعة باسم مثلّث الليثيوم، وهضبة التبت، وقد أظهرت النمذجة أنّ البورون كان له التأثير الأكبر على القلوية، وبالتالي على الرقم الهيدروجيني، في معظم تلك المحاليل الملحية أيضاً".

وبحسب ويليامز: "فبالإضافة إلى البيانات الجديدة التي أنشأناها، قمنا بتجميع قاعدة بيانات جيوكيميائية لمحاليل الليثيوم الملحية من جميع أنحاء العالم، ووجدنا باستمرار أنّ البورون غالباً ما يكون المكون السائد في قلوية المحلول الملحي، ويتحكّم في الرقم الهيدروجيني للمحلول الملحي، مما يعزز النتائج من سالار دي أويوني في بوليفيا".

وفقاً للباحثين، يُعدّ هذا البحث الأول الذي يظهر دور البورون في التحكّم في التغيرات الكيميائية التي تحدث أثناء تبخّر محلول الليثيوم الملحي في أحواض الملح، مشيرين إلى أنّ هذه النتائج قد تثري تقنيات تعدين الليثيوم المستقبلية، حيث يستكشف المشغّلون سبلاً لاستخراج الليثيوم بكفاءة أكبر وإدارة مياه الصرف الصحي بأمان.

اقرأ أيضاً: اكتشاف احتياطيات جديدة من الليثيوم في الولايات المتحدة والصين

اخترنا لك