من معرض "أرضي": لا قوة تجبرنا على الرحيل

"أرضي" يشكّل "رافعة"  للاقتصاد اللبناني.. وقد تستقي قصصاً نادرة وفريدة عن المونة والنكهات المختلفة، وربما تصل إلى تعلّم حرفةٍ ما، أو على الأقل التعرّف إلى شرائح واسعة من المجتمع اللبناني.

  • من معرض
    من معرض "أرضي": لا قوة تجبرنا على الرحيل

عاد معرض "أرضي" في الضاحية الجنوبية لبيروت بحلّته الجميلة المليئة بالألوان والأصناف والروائح العطرة، ولم يقتصر على عرض المواد الغذائية والمونة والحلوى المنزلية فقط، بل أفرد مساحات للألوان والإبداع مع  اللوحات والرسومات التي تشدّك وتأخذ من وقتك، فضلاً عن الذهب والإكسسوارات، ولن ننسى الصابون والشمع وعقد الخرز التي تزيّن أيادي المارة من صغارٍ وكبار.

الأسعار  في المعرض الممتد على مساحة 4000 متر مربع منطقية وبمتناول الجميع، حيث لم يقتصر دوره على بيع المنتجات على اختلافها، بل قام أيضاً بزرع البسمة على وجوه كل من قصده، وأفرد مساحات للثقافة والإطلاع وللأطفال،  وفق مقولة "أمل رغم الألم".

لك أن لا تبتاع، ولكنك ستتعرّف إلى، لا بل ستتذوّق،  المنتجات الموجودة وستعرف منشأ زراعتها وتحضيرها، وربما تقصد أصحاب المشاريع الصغيرة في قراهم وبلداتهم لتصبح زبوناً دائماً لهم، وهذا من النقاط الإيجابية التي يوفّرها المعرض.

فزدّ على ذلك فإن "أرضي" يشكّل "رافعة"  للاقتصاد اللبناني... وقد تستقي قصصاً نادرة وفريدة عن المونة والنكهات المختلفة، وربما تصل إلى تعلّم حرفةٍ ما، أو على الأقل التعرّف إلى شرائح واسعة من المجتمع اللبناني فالمعرض المتنوّع الشامل لا يقتصر على البيع والشراء فقط، بل يتخلله أيضاً العديد من النشاطات الفنية والثقافية بالتعاون مع جمعية "إبداع"، كما تقام سحوبات "التومبولا" يومياً.

افتتاح برعاية وزير الثقافة

وفتح معرض "أرضي" في الضاحية الجنوبية لبيروت، أبوابه لليوم الثالث على التوالي، أمام زوّاره الذين تجاوز عددهم 30 ألفاً، برعاية وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى ممثّلاً بالإعلامي روني ألفا الذي أعلن إطلاق المنصة التدريبية الإلكترونية "شتله وحرفه".

وقال: "نجتمع هذا المساء حول شَتلَةٍ وحِرفَة. والشتلةُ نباتٌ وحجرٌ وإنسانٌ وأرضٌ مقاوِمَةٌ كما الحِرفَةُ بوابَةٌ للصمودِ والبقاءِ ولمواجهةِ الحياةِ بِصُروفِها ومصاريفِها. وما أنتم أيها الإخوةُ والأخوات  إلا منصَّةَ العبور إلى هذا الصمود المجتمعي الذي لا يقل أهمية عن صمود ومقاومة حماة الثغور على الحدود".

  • من معرض
    مشهد  بانورامي من معرض "أرضي"

وتابع: "نكبر بمبادرتكم ونعتبرها صمام أمانٍ لآلاف المواطنين الذين يواجهون البطالة الدائمة أو المؤقتة، أو الذين يعيلون عائلاتهم أو أنفسهم ما يتيح لهم الاستقلالية وإعادة بناء الذات الواثقة وترميم المعنويات التي كادت تقضي عليها الأزمة بعد ضربِها للبنان منذ أكثر من خمس سنوات.

ألفا: درب الحرية يشقّه الشهداء وخصوصاً من كان منهم على طريق القدس

وما يجعل من فخرنا مضاعفاً هو حبّكم للأرض ومن فيها، لأن الأرض من دون شعبها قفر وصحراء، والأرض هي العرض والشرفُ والكرامةُ بمن فيها، ولذلك كان هدفكم تعزيز بشرها وحجرها ورفدها بالخبرة والعلم والتقنيات والوسائل الحديثة والحضارة الرقمية بما يدعم المهارات ويقوّي من شكيمة المواطنين والمواطنات في بلداتهم، ويجذّرهم في أماكن وجودهم، ويخفف من وطأة الهجرة الداخلية باتجاه العاصمة المكتظة والتي تندر فرص العمل فيها، بهذه المعايير أنتم مقاومون من الدرجة الأولى.

مقاومون بأسلحة دمار شامل ضد العدو الذي يتربص بنا لأن أكثر ما يخيفه أيها الإخوة أن يبقى اللبناني في أرضه يسوّر بيته ويهتم بحقله ويكثر من ذريَّته، خصوصاً على حدودنا مع فلسطين المحتلة حيث تسطِّر المقاومة الفلسطينية مؤازرة بالمقاومة في لبنان والمحور إنجازات سيكتب عنها التاريخ على أنها صانعة التاريخ".

أضاف: "ثقوا أيها الإخوة أن درب الحرية يشقُّه الشهداء، وخصوصاً من كان منهم على طريق القدس، القدس مدينة المدائن التي اتّحدت فيها المسيحية والإسلام حتى لكأَنَّكم ترون مقاومين ولدوا على دين الله وسنَّة رسوله ومقاومين آخرين ولدوا في أجران المعمودية لأن المقاومةَ دين وضميرُ الإنسانية جمعاء.

وسأل: "ولكن لماذا نرحل إذا كانت هذه أرضنا؟ ولماذا يرحل الفلسطينيون إذا كانت فلسطين أرضَهم؟ وهل نجح التتار والهمج في غزَّةَ في ليِّ ذراع غزّاويٍ واحد؟ ألم يُقَل أهل غزة إنهم سيخلدون للنوم في بيوتهم المهدّمة وإنهم لن يرحلوا؟ وأي قوة في العالم يمكنها أن تدفع بصاحب الأرض إلى الرحيل إلا بالموت والشهادة؟".

وختم ألفا: "عانى الفلسطينيون عذاب التشريد والموت والاضطهاد ولن يعيدوا الكرة وقد رفدهم الله بكل أسباب البَأس والقوة لينتصروا على الباغي والطاغي، وقد انتصروا بعد أن حوّلوه إلى سخرية ومسخرة بين الأمم يتندّر عليه الناس على هواتفهم النقالة وعلى منصات التواصل الاجتماعي. 

وكان لتكريم الإعلاميين في سوق أرضي وقعه الخاص والمميّز، حيث تمّ تكريم ما يزيد عن 20 إعلامياً بهدف دعمهم وتشجيع أقلامهم الحرة، في حضور  النائب إيهاب حمادة ومدير سوق أرضي الدكتور علي زعيتر ، إضافة إلى المسؤول الإعلامي لمؤسسة "جهاد البناء" عادل أحمد.

وأثنى النائب حمادة على "أهمية الإعلام والجهود التي يبذلها الإعلاميون في إيصال صوت الحق، خاصة في هذه الأوقات التي أصبح فيها التضليل الإعلامي طاغياً أكثر من إيصال الحقيقة"، ثم تحدّث مدير السوق الدكتور زعيتر مشيداً بدور الإعلامي الحرّ.

وفي نهاية الحفل شكر  أحمد للإعلاميين حضورهم وتغطيتهم لفعاليات السوق، مختتماً الحفل بجولة في أرجائه، ثم بسحب التومبولا بحضور إعلاميين.