منتجو زيت الزيتون يبحثون عن حلول لمواجهة تغير المناخ

يمكن لهذا الوضع أن يؤثر على الإنتاج العالمي للزيتون على المدى الطويل. ويقول الباحث في معهد الزيتون اليوناني يورغوس كوبوريس "نحن أمام وضع دقيق"، يدفع باتجاه "تغيير طريقة تعاملنا مع الأشجار والتربة".

  • منتجو زيت الزيتون يبحثون عن حلول لمواجهة تغير المناخ
    من المتوقّع أن يشهد الإنتاج تراجعاً جديداً في 2023-2024 إلى 2,41 مليون طن

 يضاعف منتجو زيت الزيتون جهودهم لتطوير حلول في مواجهة الاحترار المناخي الذي يؤثر على المحاصيل ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار، بالتواصل مع مجتمع العلماء، بما يشمل تحسين الري واختيار أصناف جديدة ونقل المزروعات إلى مواقع أكثر مقاومة لتبعات تغيّر المناخ. 

وقال المدير التنفيذي للمجلس الدولي للزيتون خايمي ليلو بمناسبة المؤتمر العالمي الأول لزيت الزيتون الذي عُقد هذا الأسبوع في مدريد بمشاركة 300 جهة مختلفة، إن "تغيّر المناخ أصبح حقيقة واقعة، وعلينا أن نتكيّف معه".

"واقع" مؤلم للقطاع برمّته، إذ يواجه منذ عامين انخفاضاً في الإنتاج على نطاق غير مسبوق، على خلفية موجات الحر والجفاف الشديد في الدول المنتجة الرئيسية، مثل إسبانيا واليونان وإيطاليا.

وبحسب المجلس الوطني للزيتون، انخفض الإنتاج العالمي من 3,42 ملايين طن في 2021-2022 إلى 2,57 مليون طن في 2022-2023، وهو انخفاض بنحو الربع. وبالنظر إلى البيانات التي أرسلتها الدول الأعضاء في المنظّمة البالغ عددها 37 دولة، فمن المتوقّع أن يشهد الإنتاج تراجعاً جديداً في 2023-2024 إلى 2,41 مليون طن.

وقد أدّى هذا الوضع إلى ارتفاع كبير في الأسعار، بنسبة تراوحت بين 50% إلى 70%، بحسب الأصناف المعنية خلال العام الماضي. وفي إسبانيا، التي توفّر نصف زيت الزيتون في العالم، تضاعفت الأسعار ثلاث مرات منذ بداية عام 2021، ما أثار استياء المستهلكين.

 سيناريوهات صعبة

بالتوازي، أكد رئيس المنظّمة المهنية لزيت الزيتون في إسبانيا بيدرو باراتو أن "التوتر في الأسواق وارتفاع الأسعار يشكّلان اختباراً دقيقاً للغاية لقطاعنا"، وأوضح "لم نشهد هذا الوضع من قبل".
وقال "يجب أن نستعد لسيناريوهات متزايدة التعقيد تسمح لنا بمواجهة أزمة المناخ"، مشبّهاً الوضع الذي يعيشه مزارعو الزيتون بـ"الاضطرابات" التي شهدها القطاع المصرفي خلال الأزمة المالية 2008.
وفي الواقع، فإنّ التوقّعات في هذا المجال ليست مشجّعة للغاية.

ففي الوقت الراهن، أكثر من 90% من إنتاج زيت الزيتون في العالم يأتي من حوض البحر الأبيض المتوسط. ومع ذلك، وفق الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ، فإن هذه المنطقة التي توصف بأنها "نقطة ساخنة" لتغيّر المناخ، تشهد احتراراً بنسبة 20% أسرع من المعدل العالمي.

تأثير على الإنتاج العالمي

ويمكن لهذا الوضع أن يؤثر على الإنتاج العالمي على المدى الطويل. ويقول الباحث في معهد الزيتون اليوناني يورغوس كوبوريس "نحن أمام وضع دقيق"، يدفع باتجاه "تغيير طريقة تعاملنا مع الأشجار والتربة".
ويوضح خايمي ليلو أن "شجرة الزيتون هي واحدة من النباتات التي تتكيّف بشكل أفضل مع المناخ الجاف. لكنّها في حالات الجفاف الشديد، تنشّط آليات لحماية نفسها وتتوقّف عن الإنتاج. وللحصول على الزيتون، ثمّة حاجة إلى حد أدنى من الماء".

ومن بين الحلول التي طُرحت خلال المؤتمر في مدريد، البحث الجيني: فمنذ سنوات يجرى اختبار مئات الأصناف من أشجار الزيتون من أجل تحديد الأنواع الأكثر تكيّفاً مع تغيّر المناخ، استناداً بشكل خاصّ إلى تاريخ إزهارها.
ويكمن الهدف من ذلك في تحديد "أصناف تحتاج لساعات أقل من البرد في الشتاء وتكون أكثر مقاومة للضغط الناجم عن نقص المياه في أوقات رئيسية معيّنة" من العام، مثل الربيع، على ما يوضح خوان أنطونيو بولو، المسؤول عن المسائل التكنولوجية في المجلس الدولي للزيتون.


المجال الرئيسي الآخر الذي يعمل عليه العلماء يتعلّق بالري، إذ يرغب القطاع في تطويره من خلال تخزين مياه الأمطار، وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي أو تحلية مياه البحر، مع تحسين "كفاءتها".
ويعني ذلك التخلّي عن "الري السطحي" وتعميم "أنظمة التنقيط"، التي تنقل المياه "مباشرة إلى جذور الأشجار" وتتيح تجنّب الهدر، بحسب كوستاس خارتزولاكيس، من معهد الزيتون اليوناني.
وللتكيّف مع الوضع المناخي الجديد، يُنظر أيضاً في مقاربة ثالثة أكثر جذرية تتمثّل في التخلي عن الإنتاج في مناطق يمكن أن تصبح غير مناسبة لأنها صحراوية جداً، وتطويره في مناطق أخرى.
هذه الظاهرة "بدأت بالفعل"، ولو على نطاق محدود، مع ظهور "مزارع جديدة" في مناطق كانت حتى الآن غريبة عن زراعة أشجار الزيتون، وفق خايمي ليلو، الذي يقول إنه "متفائل" بالمستقبل، على الرغم من التحديات التي يواجهها القطاع.
ويعد ليلو بأنه "بفضل التعاون الدولي، سنتمكّن شيئاً فشيئاً من إيجاد الحلول".