منتجو زيت الزيتون يبحثون عن حلول لمواجهة تغير المناخ
يمكن لهذا الوضع أن يؤثر على الإنتاج العالمي للزيتون على المدى الطويل. ويقول الباحث في معهد الزيتون اليوناني يورغوس كوبوريس "نحن أمام وضع دقيق"، يدفع باتجاه "تغيير طريقة تعاملنا مع الأشجار والتربة".
يضاعف منتجو زيت الزيتون جهودهم لتطوير حلول في مواجهة الاحترار المناخي الذي يؤثر على المحاصيل ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار، بالتواصل مع مجتمع العلماء، بما يشمل تحسين الري واختيار أصناف جديدة ونقل المزروعات إلى مواقع أكثر مقاومة لتبعات تغيّر المناخ.
وقال المدير التنفيذي للمجلس الدولي للزيتون خايمي ليلو بمناسبة المؤتمر العالمي الأول لزيت الزيتون الذي عُقد هذا الأسبوع في مدريد بمشاركة 300 جهة مختلفة، إن "تغيّر المناخ أصبح حقيقة واقعة، وعلينا أن نتكيّف معه".
📊🫒 Producción de aceite de oliva por país
— Alvaro Señán (@alvarosenan) June 29, 2024
📊🫒 Olive oil production by country pic.twitter.com/T0Fq8RNWqG
"واقع" مؤلم للقطاع برمّته، إذ يواجه منذ عامين انخفاضاً في الإنتاج على نطاق غير مسبوق، على خلفية موجات الحر والجفاف الشديد في الدول المنتجة الرئيسية، مثل إسبانيا واليونان وإيطاليا.
وبحسب المجلس الوطني للزيتون، انخفض الإنتاج العالمي من 3,42 ملايين طن في 2021-2022 إلى 2,57 مليون طن في 2022-2023، وهو انخفاض بنحو الربع. وبالنظر إلى البيانات التي أرسلتها الدول الأعضاء في المنظّمة البالغ عددها 37 دولة، فمن المتوقّع أن يشهد الإنتاج تراجعاً جديداً في 2023-2024 إلى 2,41 مليون طن.
⚠️ مدريد | الجفاف يضرب إنتاج زيت الزيتون في إسبانيا التي توفر نحو 40% من الإنتاج العالمي، مما يهدد بإرتفاع أسعار زيت الزيتون عالميا بسبب الجفاف.
— الخط الأخضر (@GreenKuwait) March 24, 2023
…
تشير تقديرات رسمية صادرة عن المفوضية الأوروبية إلى احتمال تراجع إنتاج زيت الزيتون في إسبانيا، أكبر دولة منتجة في العالم، هذا العام… pic.twitter.com/mZDFp4JYh1
وقد أدّى هذا الوضع إلى ارتفاع كبير في الأسعار، بنسبة تراوحت بين 50% إلى 70%، بحسب الأصناف المعنية خلال العام الماضي. وفي إسبانيا، التي توفّر نصف زيت الزيتون في العالم، تضاعفت الأسعار ثلاث مرات منذ بداية عام 2021، ما أثار استياء المستهلكين.
سيناريوهات صعبة
بالتوازي، أكد رئيس المنظّمة المهنية لزيت الزيتون في إسبانيا بيدرو باراتو أن "التوتر في الأسواق وارتفاع الأسعار يشكّلان اختباراً دقيقاً للغاية لقطاعنا"، وأوضح "لم نشهد هذا الوضع من قبل".
وقال "يجب أن نستعد لسيناريوهات متزايدة التعقيد تسمح لنا بمواجهة أزمة المناخ"، مشبّهاً الوضع الذي يعيشه مزارعو الزيتون بـ"الاضطرابات" التي شهدها القطاع المصرفي خلال الأزمة المالية 2008.
وفي الواقع، فإنّ التوقّعات في هذا المجال ليست مشجّعة للغاية.
Texas olive production was a bust in 2023, but olive growers are back in game for 2024 and 2025. Texas agricultural statistics show that back in 2020, there were 200 olive producers growing on 3,500 acres. What are the prospects for 2025 and beyond? @ForagingandFarming pic.twitter.com/IbJbIT4mOJ
— Robin Bacon (@ForagingFarming) June 29, 2024
ففي الوقت الراهن، أكثر من 90% من إنتاج زيت الزيتون في العالم يأتي من حوض البحر الأبيض المتوسط. ومع ذلك، وفق الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ، فإن هذه المنطقة التي توصف بأنها "نقطة ساخنة" لتغيّر المناخ، تشهد احتراراً بنسبة 20% أسرع من المعدل العالمي.
تأثير على الإنتاج العالمي
ويمكن لهذا الوضع أن يؤثر على الإنتاج العالمي على المدى الطويل. ويقول الباحث في معهد الزيتون اليوناني يورغوس كوبوريس "نحن أمام وضع دقيق"، يدفع باتجاه "تغيير طريقة تعاملنا مع الأشجار والتربة".
ويوضح خايمي ليلو أن "شجرة الزيتون هي واحدة من النباتات التي تتكيّف بشكل أفضل مع المناخ الجاف. لكنّها في حالات الجفاف الشديد، تنشّط آليات لحماية نفسها وتتوقّف عن الإنتاج. وللحصول على الزيتون، ثمّة حاجة إلى حد أدنى من الماء".
ومن بين الحلول التي طُرحت خلال المؤتمر في مدريد، البحث الجيني: فمنذ سنوات يجرى اختبار مئات الأصناف من أشجار الزيتون من أجل تحديد الأنواع الأكثر تكيّفاً مع تغيّر المناخ، استناداً بشكل خاصّ إلى تاريخ إزهارها.
ويكمن الهدف من ذلك في تحديد "أصناف تحتاج لساعات أقل من البرد في الشتاء وتكون أكثر مقاومة للضغط الناجم عن نقص المياه في أوقات رئيسية معيّنة" من العام، مثل الربيع، على ما يوضح خوان أنطونيو بولو، المسؤول عن المسائل التكنولوجية في المجلس الدولي للزيتون.
ارتفاع اسعار زيت الزيتون في الاسواق التركية بنسبة 75% في شهر واحد ، يذكر ان اسعار زيت الزيتون سجلت اعلى سعر لها في التاريخ يوم امس في البورصات العالمية مع تراجع انتاج الزيتون ب 20% عالميا pic.twitter.com/3rJPqg3gRN
— Dr.Mokhles Nazer مخلص الناظر (@Dr_MokhlesNazer) August 30, 2023
المجال الرئيسي الآخر الذي يعمل عليه العلماء يتعلّق بالري، إذ يرغب القطاع في تطويره من خلال تخزين مياه الأمطار، وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي أو تحلية مياه البحر، مع تحسين "كفاءتها".
ويعني ذلك التخلّي عن "الري السطحي" وتعميم "أنظمة التنقيط"، التي تنقل المياه "مباشرة إلى جذور الأشجار" وتتيح تجنّب الهدر، بحسب كوستاس خارتزولاكيس، من معهد الزيتون اليوناني.
وللتكيّف مع الوضع المناخي الجديد، يُنظر أيضاً في مقاربة ثالثة أكثر جذرية تتمثّل في التخلي عن الإنتاج في مناطق يمكن أن تصبح غير مناسبة لأنها صحراوية جداً، وتطويره في مناطق أخرى.
هذه الظاهرة "بدأت بالفعل"، ولو على نطاق محدود، مع ظهور "مزارع جديدة" في مناطق كانت حتى الآن غريبة عن زراعة أشجار الزيتون، وفق خايمي ليلو، الذي يقول إنه "متفائل" بالمستقبل، على الرغم من التحديات التي يواجهها القطاع.
ويعد ليلو بأنه "بفضل التعاون الدولي، سنتمكّن شيئاً فشيئاً من إيجاد الحلول".