الأستاذ جمال فياض
نص الحلقة
<p> </p>
<p>المحور الأول</p>
<p>زاهي وهبي: مساء الخير. عشرُ سنواتٍ ونصف السنة قدّمنا خلالها أكثر من خمسمائة مبدعٍ عربي في شتّى المجالات الأدبيّة والفنيّة من مُختلف الأقطار العربيّة وها قد حان وقتُ استراحةٍ قصيرة نعودُ بعدها ببرنامجٍ وعنوانٍ جديدين، لكن قبل أن نقول إلى اللقاء يُسعِدنا أن نستعرِضَ راهناً المشهد الثقافي والفنّي مع ناقدٍ وصحافيٍّ مُخضرَمٍ أمضى سحابةَ العُمرِ مُتابعاً لكلِّ ما يُنتَجُ ويُنشَرُ ويصدُرُ من أعمالٍ دراميّةٍ وفنيّةٍ بقلمٍ واضحٍ ورأيٍ صريحٍ وحرصٍ على أن يبقى هذا المشهد حيّاً في زمنٍ تموتُ فيه للأسف الكثيرُ من الأشياء الجميلة. "بيتُ القصيد"، بيتُ المبدعين العرب يُرحِّبُ بالناقدِ والصحافيّ الأُستاذ الدكتور "جمال فيّاض"، أهلاً وسهلاً، نوّرت </p>
<p>جمال فيّاض: مساء الخير، هذه من اللحظات السعيدة التي أُسجِّلها في حياتي. أنت تعلم معزّتك وغلاوتك الشخصيّة، لكن تقديري لحضورك الإعلامي، أعتبر وجودي معك هنا شرف لي</p>
<p>زاهي وهبي: نتشرّف، نتشرّف، أهلاً وسهلاً نوّرت. قبل أن نتحدّث في شكلٍ عام، نظرة على تجربتك الشخصيّة وهذا المشوار الطويل في العمل النقدي والإعلامي في مُختلف مجالات الصحافة والإعلام سواء المقروءة والمسموعة والمرئيّة. كيف ترى مشوارك؟ في أيّ عين تنظر إلى هذا المشوار؟ </p>
<p>جمال فيّاض: بصراحة، أعتبر نفسي بعد كل هذا العُمر لم أشتغل في حياتي، لم أمارس مهنة بل مارست هوايتي. كنتُ وما زلتُ وسأظلّ عاشقاً للفن والموسيقى وكبِرت على هذا الحبّ، وفي مرحلة من مراحل حياتي اتّجهت نحو الطب، درست سنة أولى ولم أجِد نفسي فعُدتُ إلى الإعلام وإلى الوسط الفنّي</p>
<p>زاهي وهبي: شاهدتك مؤخّراً في برنامج للعزيز "مروان خوري" مع الأُستاذ "حمد خيري" </p>
<p>جمال فيّاض: نعم </p>
<p>زاهي وهبي: وكنت تّغنّي، تغنّي في شكلٍ صحيح. هل فكّرت في لحظة من اللحظات أن تحترِف الغناء؟ </p>
<p>جمال فيّاض: لا، لم يكن عندي هذا الحُلم، حلمي طوال عُمري أن أسمع وأُقيِّم. منذ صِغري، من عُمر العشر سنوات كنت أقوم بعمليّة تسجيل حوارات مع العائِلة ولا زلت أحتفظ بها على كاسيتات </p>
<p>زاهي وهبي: تلعب دور الصحافي </p>
<p>جمال فيّاض: ألعب دور المذيع المُراسل. في عِرس مثلاً أسأل الحاضرين عن انطباعاتهم وما شابه. مع "مروان" غنّيت لأنّه طلب منّي ويعرِف أنني هاوي غناء وأعزف على العود، طبيعي أن تكون ناقداً فنياً وتجيد العزف على العود وإلّا كيف ستنتقِد؟ طلب منى أن أُجرّب وهذا حدث قبلاً، فغنّيت</p>
<p>زاهي وهبي: هذا الشعور، شعور الهاوي الذي يُرافق الإنسان المُحترِف فعلياً طوال عُمره، كم هو أحد عوامل النجاح؟ أيّ أنّ الإنسان مهما كانت مهنته يظلّ يعتبرها هواية ولا يعتبر أنّه وصلَ للكمال فيها؟ </p>
<p>جمال فيّاض: هي لحظة المُتعة المُستدامة بالنسبة لي، كلّ يوم ثمة شيء جديد، كلّ يوم أسمع وأكتب وأقوم بشيء، أنا أُمارِس هوايتي في النقد وفي الكتابة وفي الاستماع وفي تقييم عمل فنّي سواء كان درامياً أو سينمائياً أو موسيقياً. أشعر بنفسي أمارِس مهنة هي أقرب إلى الهواية والمُتعة، لهذا لا نتعب وأنت أخبر، عندما تصوِّر برنامجاً حتى لو استغرق التصوير عشر ساعات، بالنسبة لك </p>
<p>زاهي وهبي: تستمتع </p>
<p>جمال فيّاض: أجل، وهو ليس أنّك تشتغل في مجهودٍ جسدي وتتعب </p>
<p>زاهي وهبي: هذا الشغف ما مصدره؟ هل كنت تشاهد مذيعين في انبهارٍ واندهاشٍ وحبّ؟ </p>
<p>جمال فيّاض: طبعاً. كنت أقرأ لأساتذة الصحافة إبراهيم الخوري" و"سعيد فريحة" منذ أن كان عمريّ عشر سنوات. كنت أقرأ مجلّة "الشبكة" ولاحقاً مجلّة "ألوان" ووصلت الإيّام إلى أنني وصلت إلى مكاتب "ألوان" وصرت أعمل فيها، طلبوني كي أكتُب فيها وصرت سكرتير تحرير أيضاً مع الأُستاذ "مرعي عبد الله" وهو ما زال موجوداً وحياً </p>
<p>زاهي وهبي: الأُستاذ "مرعي عبد الله" طبعاً</p>
<p>جمال فيّاض: فالقصّة كبُرت معي، ونحن في العائِلة، أعني والدي الله يرحمه صوته جميل وخالتي صوتها جميل، في العائلة ثمة أشياء تتعلّق بالموسيقى والغناء والشعر والزجل</p>
<p>زاهي وهبي: هناك جينات، أو سوسة الفنّ </p>
<p>جمال فيّاض: عمّي "سعيد فيّاض" كتب النشيد الوطني السعودي، كان شاعراً كبيراً الله يرحمه. عمّي "طلعت" أيضاً كان يحفظ عشرات آلاف الأبيات للشاعر "أحمد الصافي النجفي" الذي نشأ عندنا في بيتنا في (أنصار)، هذا جوّنا </p>
<p>زاهي وهبي: على سيرة هذه الأسماء في عالم الصحافة، خصوصاً الصحافة الفنيّة لـ "جورج إبراهيم الخوري" والأُستاذ "مرعي عبد الله"، وطبعاً علم من أعلام الصحافة "سعيد فريحة". اليوم الصحافة الفنيّة في ظلّ التكنولوجيا الحديثة ووسائِل التواصل، وحضرتكَ كتبت مطوّلاً في "زهرة الخليج" وفي "ألوان" وإلى آخره، كيف تجد واقِع وراهِن الصحافة الفنيّة؟ </p>
<p>جمال فيّاض: للأسف الصحافة الفنيّة مع جيلنا الجديد لا تُسِرّ كثيراً. نادراً ما تجد صحافياً شاباً مطّلِعاً كما يجب على الفنون وأُصول الفنون وتاريخ الفنون سواء القريبة أو البعيدة. نحن يكفينا القريبة، أعني منذ عصر الأربعينات نحن نرضى، لكن لا يكون بلا خبرة موسيقية وفنيّة وسينمائيّة سوى منذ عشر سنوات وما يليها، أعني الذاكرة القصيرة، لأنّ هذه الذاكرة لا تبني القُدرة على النقد والتقييم. عندنا مُشكلة في الجيل الجديد أنه يهتمّ أكثر بخصوصيّات المشاهير أكثر من أعمال الفنانين </p>
<p>زاهي وهبي: على سيرة الخصوصيّات، كم مشاكل المشاهير الشخصيّة، ومنهم فنّانون لهم قيمة، كم مشاكلهم الشخصيّة وسأعطي أمثلة، "أمال ماهر"، "شيرين عبد الوهاب" </p>
<p>جمال فيّاض: و"أصالة" </p>
<p>زاهي وهبي: و"أصالة". المشاكل الشخصيّة للفنانين عندما تكون المادّة الأساسيّة للإعلام والصحافة، كم تؤثِّر سلباً على مسيرتهم وعلى قيمتهم الفنيّة؟</p>
<p>جمال فيّاض: ربما إذا الفنان قدّمَ عملاً فنّياً ذا قيمة وحقق جماهيريّة ينسى الناس مشاكله الخاصّة، لكن أن تكون مشاكله الخاصّة هي كلّ قُدرة حضوره أمام الجمهور، هذه المشاكل تذيبه مع الوقت ولا تعود له قيمة في أعينهم. نحن لا ننسى أنّ الصحافة الأجنبيّة والإعلام الأجنبي يتدخلان دائماً في حياة الفنّان الخاصّة، تزوّجَ وطلّقَ وأدمن وما شابه، هذه أشياء نعرِفها، لكن أيضاً كان "ألفيس برسلي" أو "مايكل جاكسون" أو غيرهما يقدّمون أغانٍ وموسيقى تُسيطر على العالم فينسى الناس أخبارهم الشخصيّة. العالم العربي اليوم يُعاني من طغيان السيرة الذاتيّة السلبيّة على الأعمال الفنيّة الجيّدة. أعني، مع "أمّ كلثوم" كانت تحدُث القليل من المشاكل لكن هذا المشاكل لم تكن تطغى على أغنياتها وأعمالها، أو "عبد الحليم" مثلاً </p>
<p>زاهي وهبي: كم المظهر أيضاً يطغى على الجوهر اليوم؟ نحن في عصر الصورة وفي عصر الطلّة، أول ما ننظر إليه هو الشكل واللباس وإلى آخره </p>
<p>جمال فيّاض: صار الفنان Package وليس ميزة </p>
<p>زاهي وهبي: صحيح. ما عاد الصوت لوحده يكفي مثلاً في موضوع الغناء على سبيل المثال </p>
<p>جمال فيّاض: نعم. الزمن تطوّر اليوم، لم يعُد في إمكانك أن تُحضِر فناناً صوته جميل جداً ولكن شكله ليس Charismatic، أعني ليس جذّاباً وليس وسيماً. من زمان كان الفنان يكتفي بقول صوته، عنده موسيقى أو أُغنية يقولها "وديع الصافي" أو "نصري" الله يرحمه، وحتى في العالم العربي "طلال المدّاح" مثلاً، لم يكونوا يعتمدون على شكلِهم وعلى شخصيتهم، "عبد الوهاب" أصلع ويلبس نظّارة، "فريد الأطرش" لم يكن ذاك الشاب الوسيم، ربما "عبد الحليم" إلى حدٍّ ما و"محرّم فؤاد"، إنما الباقون، "عبد العزيز محمود" مثلاً لم يكن وسيماً أما اليوم، فصار الفنان Package، شكل وحضور وهضامه وخفّة دم، وصار الناس يشاهدونه أكثر من أن يرسل أُغنية إلى الإذاعة. علينا أن ننتبه إلى أنه في الخمسينات كانوا يسمعونه في الإذاعة ويشاهدونه في أقصى الحدود في فيلم سينمائي، أما الآن فصاروا يشاهدونه يأكل ويشرب ويصعد إلى الطائرة ويفتح الجريدة </p>
<p>زاهي وهبي: يعني صاحب الموهبة إذا لم يكن يمتلك كاريزما وحضوراً وشكلاً هو اليوم مظلوم مهما فعل </p>
<p>جمال فيّاض: إلّا إذا كانت عنده قدرة وموهبة خارِقة، ألحان وموسيقى وأغانٍ، حينها يبدأ الناس ينتبهون إليه ويركِّزون آذانهم على سماعه وينسون أنّ الصبايا قد تُغرَم به أو الشباب يُغرَمون بها، يجب أن تكون مواهب متفوِّقة وكبيرة جداً </p>
<p>زاهي وهبي: نعم. الجيل السابق من الفنّانين، وكنّا نتحدّث قبل الهواء قي هذا الموضوع، كان مُحاطاً، أعني "أمّ كلثوم"، "عبد الحليم" كانا مُحاطين بكبار المُثقّفين والكُتّاب</p>
<p>جمال فيّاض: صح، هذا دور كبير </p>
<p>زاهي وهبي: نعم، "الرحابنة" في (لبنان) والسيّدة "فيروز" أيضاً كانوا مُحاطين بشعراء كبار </p>
<p>جمال فيّاض: "سعيد عقل" و"رياض شرارة" و"رفيق خوري" </p>
<p>زاهي وهبي: و"طلال حيدر" و"جوزيف حرب" إلى آخره </p>
<p>جمال فيّاض: اليوم الفنان الجديد من الجيل الجديد وما قبله بقليل </p>
<p>زاهي وهبي: منذ منتصف الثمانينات إلى الآن </p>
<p>جمال فيّاض: لا يُعطي أهمية إلى مَن يجالس وماذا سيستفيد منه. أنا أتذكّر أنّ بعض الفنانين في فترة بداياتهم كنت على زمالة معهم، كنا نتحدّث مثلاً عن ماذا قرأت من كتب وعلى ماذا اطّلعت، وأنا كنت في الجامعة وأدرُس وعندي ثقافة عامة أعلى بقليل. فعندما كنا نتجالس كانوا يتكسّبون القليل من المعلومات. أمّا الآن فلم يعودوا يسألون، اليوم السيارة، الساعة، البيت، اشتريت، سافرت، طلعت في طائِرة خاصة، بذلة، حذاء، كرافات، لم يعُد مهتّماً في تعبئة رأسه بقدر ما يهتمّ في كيف يتمكّن من العيش في رفاهية الحياة. هذا يجعل من قدرته على الإبداع وفَهْم سوسيولوجيّة المُجتمع والجمهور تصبح أقل، فلا يعود يدري كيف يُفهِم الناس ويفهَم عليهم فتتحوّل هذه القدرة إلى Rhythmic Monotone لدرجة أنّ الأغاني تصير كلّها تشبه بعضها البعض ويبدأ في الذوبان ثُم يأتي شخص آخر ويأخذ مكانه، وهكذا. زمان، عفواً على الاستطراد</p>
<p>زاهي وهبي: لا، تفضّل</p>
<p>جمال فيّاض: كان إلى جانب "عبد الحليم" "إحسان عبد القدّوس" و"نجيب محفوظ" و"طه حسين"، وكانوا يجتمعون ويتحدّثون، أعني "أمّ كلثوم" عندما تعرّفت على "بليغ حمدي" في أغنية "حبّ إيه" كانوا يسهرون في منزل "عبد الوهاب محمد" مع "محمد فوزي" ومجموعة من المثقّفين و"أنيس منصور" وغيرهم، يأتون ويتجالسون وجاءت "أمّ كلثوم" وصار التعارُف وأخذت منه الأُغنية. اليوم قل لي، أين يوجد فنان يجلِس في مجلس فيه شاعِر وكاتب وصحافي و"مُصطفى أمين" و"علي أمين" وهذه النُخبة من الكتّاب المثقّفين؟ لا يوجد! "عبد الحليم" كان يُطوِّر دائِماً ثقافته من خلال هؤلاء الناس </p>
<p>زاهي وهبي: ربما نجم أـو نجمة من نجوم اليوم يسمعنا الآن ويشاهدنا ويقول لك: " ما لي في هذه المسألة وهذه الشغلة طالما الشهرة مُتحققّة والمكسب المادّي مُتحقّق؟</p>
<p>جمال فيّاض: بالضبط. المال الزائِد أفسدَ الفنّ. اليوم في وجود مَن يدفع، عندما مات "عبد الحليم" أو "أمّ كلثوم" أو "فريد" لم يتركوا ثروات، أقصى شيء تركه "عبد الحليم" سيّارته وكان مسروراً لا أدري مَن اشتراها ربما إبن المُلحِّن "كمال الطويل"، وترك شقّة حوّلوها إلى متحف. "فريد الأطرش" عندما مات كانت شقّته قد اشتراها أحد الأثرياء العرب، مات وكان قد باعها أصلاً. هذه الثروات لم تكن ضمن طموحاتهم، لم تكن حلمهم، كان حلمهم حبّ الناس لهم وأن يذكرهم الزمن وهذا الذي صار </p>
<p>زاهي وهبي: كم غياب هذه النوعيّة من الناس حول الفنانين اليوم وحول نجوم اليوم تجعلهم أيضاً لا يستطيعون التجدّد أحياناً وتصير أعمالهم رغم نجاحهم فيها شيء من التكرار إذا أردنا أن نقول، فيها شيء من المُراوحة في نفس المكان</p>
<p>جمال فيّاض: هناك خطر كبير يُمارَس على الفنّانين، هم يُمارسونه على أنفسهم، وهو وسائِل التواصل الاجتماعي. يأتي المُعجبون ويثنون على هذا الفنّان من دون تفكير</p>
<p>زاهي وهبي: ما أروعك وما أحلاك</p>
<p>جمال فيّاض: وهو لا يقبل أن تقول له: "لا، هذه الأُغنية عاديّة يا فلان، ليس هكذا، هل يمكنك أن تقدِّم أفضل"؟ هو سمِعَ ألف شخص قالوا له برافو، وما عاد يهمّه رأي "جمال فيّاض" أو "زاهي وهبي"، صار يريد رأي الألف معجب غير المعروفين مَن هم، هذا يُخسِّر الفنّان. يجب أن يظلّ يشعُر بحال عدم الرضا لكي يحاول أن يُقدِّم الأفضل، هذا ما يُخسِّره. وسائِل التواصل الاجتماعي خدّاعة وغشّاشة للأسف</p>
<p>زاهي وهبي: حضرتك صديق لعدد كبير من النجوم ومن الفنّانين </p>
<p>جمال فيّاض: نشأنا معاً تقريباً، نعم </p>
<p>زاهي وهبي: هل يتقبّل هؤلاء، مع الاحترام للجميع طبعاً، النقد الحقيقي؟ يسمعون الرأي انطلاقاً من مقولة مفادها "صديقك من صَدقَك </p>
<p>جمال فيّاض: "صديقك مَن صَدَقك وليس مَن صدّقَك" </p>
<p>زاهي وهبي: وليس مَن "صدّقك"؟</p>
<p>جمال فيّاض: اعذرني إذا تحدّثت قليلاً عن نفسي، معي أنا نعم، لماذا؟ لأنّ عندي القليل من المصداقيّة معهم. أنا ممكن أن أكون صديقاً حميماً مع الفنّان، وإذا قدّمَ عملاً لا يعجبني </p>
<p>زاهي وهبي: تكتب رأيك عنه بصراحة </p>
<p>جمال فيّاض: ولو زعِلَ. صار عندهم إحساس بأنني عندما أُثني على عمل معنى ذلك أنه فعلاً يُعجبني ولست أجامل </p>
<p>زاهي وهبي: لا تُجاملهم </p>
<p>جمال فيّاض: فصار يُسَرّ عندما أقول له "حلو"، وربما عندما أقول له "ليس حلواً" يأخذ قولي في عين الاعتبار. هذا شيء يُعزِّز المصداقيّة، في أنّ هذا الذي يتحدّث، بمعنى أنا، يفهم الموسيقى، يعزِف آلة، يعرِف في المقامات، يعرف في طبقات الصوت، بمعنى عنده ثقافة تسمح له أن يقول رأيه وليس أنّه والله من الجمهور العادي والعابر وأحبَّ أن يُعطي رأيه </p>
<p>زاهي وهبي: هل تتناسب الصداقة مع نزاهة النقد؟ </p>
<p>جمال فيّاض: معي تتناسب. سأحكي لك قصّة صارت معي مرّة عندما كنت في (تونس) وكان معي "راغب علامة". اتصل بي "راغب" وقال لي: "منذ زمن لم نُسافر معاً، منذ قبل الزواج، الآن ونحن متزوّجون فلنذهب معاً في سفرة وكأننا أعزبان، مشوار حلو"، فذهبنا. عندما كنّا هناك وضعَ "راغب" صورة لي وله على "تويتر"، فاتصل به أحد الأصدقاء وسأله: "كيف تضع صورة لكما معاً وهو قد كتب عنك مقالاً في "زهرة الخليج"؟ قال لي: أنت كتبت؟ قلت له: لا، فقال لي: " لكن هذا هو المقال وقد أرسله صديقي"، فقلت له: هذا "جمال فيّاض" الصحافي ونحن ما دخْلنا فيه؟ "الآن "جمال فيّاض" هنا صاحبك، لا علاقة له بالناقد. الناقد تتحدّث معه لاحقاً في (بيروت). فضحِكَ واعتبرها نكتة، لكن لها معنى، أنني أنا صاحبك وأتنزّه معك ولا علاقة لي بالصحافي الذي لا يعرِفك، ويقيِّم لك عملك بتجرُّد. هذا الشيء يجعلك تُعزِّز ثقة الآخر بك. أنا لا أُجاملك وأقول لك أن برنامجك حلو. عندما أقول لك أنّ برنامجك حلو ليس لأنك صديقي بل لأنني مُقتنِع، وعندما يكون ليس حلواً أقول لك أنّه ليس حلواً وأنت هكذا تُصدِّق وتكون مرتاحاً أكثر في تلقّي الثناء على العمل </p>
<p>زاهي وهبي: كم طغيان المُجاملات أحياناً في الوسط الفنّي سواء بين الفنانين أنفسهم أو بين الصحافيين والنُقّاد، واليوم نحن نعرِف أنّه صار هناك مثل المنافِع المتبادلة بين الفنّان والناقد، بين الفنان والصحافي، بين النجم والصحافي</p>
<p>جمال فيّاض: عليك أن تكون قوياً قليلاً. مثلاً الآن فترة أعياد ولم أتلقَّ أيّة هديّة لأنّ كلّ الهدايا التي كانت تأتيني كنت أردّها، فاعتادوا ألّا يرسلوا لهذا الفنان هديّة على رأس السنة ولم تعد تصلني هدايا ولا أريد أن تصلني هدايا </p>
<p>زاهي وهبي: لماذا لا تقبل؟ </p>
<p>جمال فيّاض: لأنّ الهديّة معناها أنك تأخذ شيئاً مقابل السكوت عن شيء </p>
<p>زاهي وهبي: أحرجك هذا ربما</p>
<p>جمال فيّاض: كنت أقبل الكارت ولا أقبل الهديّة، يكفيني الكارت كمعايدة لأنّي أريد أن أظلّ حراً، هذا يجعلك أقوى وأشدّ. إنّما في شكلٍ عام، الفنان وأيّ إنسان يحبّ الثناء. إذا كان يُغنّي ونكون نتجالس في سهرة لا يمكنك أن تسمعه وكأنّك تجلس كناقد فقط، ستقول له "الله، يا سلام" لكي يجود أكثر وتُشجِّعه. لكن إذا نشّز لا يُمكنك أن تقول له "الله" على النشاز، على الأقل إذا لم تقل له أنك تُنشِّز تمتعِض وتسكت ولا تقول له "آه" وتسكت. رويداً رويداً يعتاد الفنان أنّ ليس كل الناس يطبّلون معه، والحمد لله بعد كلّ هذا العُمر أنا راضٍ عن أنني لم أُجامل ولا مرّة. قد أُجامل في أشياء شكليّة بسيطة إنّما في العُمق لا، لا أُجامل </p>
<p>زاهي وهبي: إذا كانت هذه المهنة أكسبتك صداقة عدد كبير من الناس وعلى مرّ عقود من الزمن، نتحدّث عن أربعين سنة</p>
<p>جمال فيّاض: أكثر من أربعين سنة، منذ سنة 1979 أي حوالى 43 سنة </p>
<p>زاهي وهبي: بدأنا في العقد الخامس كما يقولون، هل خلقت لك خصومات وعداوات</p>
<p>جمال فيّاض: أجل </p>
<p>زاهي وهبي: بمعنى الرأي الصريح، الرأي الحقيقي ولّد عداوات أو خصومات استمرّت؟ </p>
<p>جمال فيّاض: نعم لكن ليس لفترةٍ طويلة. سأقول لك كيف أحدثت بعض العداوات عند الذين اعتقدوا في بداياتي، وأنت تعلم في مراحل تبدأ العداوات ونكون حديثي العهد في هذه المهنة، بالكاد ظهرت ذقنك، فلا يعتبرونك ناقداً بل صحافياً مبتدئاً، فإذا كتبت شيئاً عن فنّان مثل "ربيع الخولي" الله يوجّه له الخير، الآن صار "ألبير طوني خولي"، يعتقدون أنّ من حرّضه عليّ هو "راغب علامة"، يعتقدون أنّه تحريض، ربما مع الوقت والخبرة يكتشفون أنّ هذا الشخص لا يُحرَّض ولا أحد يستطيع التأثير على رأيه ويبدأون في الاقتناع بأن يحترموا لك رأيك، وهذا ما حدث. مع الوقت تكسب الثقة وليس من أوّل يوم. أحدَثَت القليل من العداوات والخلافات وزعل لكنّي ولا مرّة تدخّلت في خصوصيّات الفنان ولم أتدخّل في حياته الخاصة، من أجل هذا أدخل إلى المنازل وأسمع خلافات عائليّة تحدُث أمام عيني، ولا كأنّي سمعت ولا كأنّي رأيت. لا ذكرتها ولا أذكرها ولا أتحدّث عنها، كأنها شيئاً لم يكُن</p>
<p>زاهي وهبي: على مبدأ المجالِس بالأمانات </p>
<p>جمال فيّاض: بالأمانات بالتأكيد لأنّي لست صحافياً جاسوساً، أنا لستُ جاسوساً لأتجسّس على المنزل وأتلصّص وأقول قال لزوجته وقالت لزوجها، هذه أشياء تحدُث كثيراً لكنّني لست من هذا النوع. أنا من النوع أنّ عملك الفنّي أمامي للتقييم وفي حياتك الخاصة لا علاقة لي </p>
<p>زاهي وهبي: حسّك النقدي تجاه الآخر، هل هو نفسه تجاه نفسك؟ بمعنى، عندما تستعيد بعض مقالاتك أو بعض برامجك أو بعض الأشياء التي قدّمتها، حوارات وإلى آخره </p>
<p>جمال فيّاض: أنا أقسى ناقِد لنفسي، لدرجة أنني كنت في مرة في برنامج "صولا" مع "أصالة"، استضافتني وطلبت منّي أن أُغنّي، فغنّيت أُغنية لـ "عدويّة" على سبيل الفكاهة، "ستّو مبسبستله بسبوسة". ولاحقاً شاهدت الحلقة وأنا نادراً ما أشاهد حلقاتي لأنني أكون مرتبكاً كأنّني أصوِّر، في التصوير لا أرتبك بينما في مشاهدة نفسي أرتبك. شاهدت الحلقة بحذر وخفَر وكتبت عن نفسي مقالاً لو أحد آخر كتبه عنّي لكنت ضربته ربما </p>
<p>زاهي وهبي: نعم </p>
<p>جمال فيّاض: انتقدت نفسي في الطريقة التالية: "أخونا قالوا له غنِّ وغنّى وسررنا به، مهضوم برافو لكنه لم يعُد يسكت"، وجدت نفسي أُغنّي من دون انتباه في الحلقة </p>
<p>زاهي وهبي: صدّقَ نفسه </p>
<p>جمال فيّاض: فانتقدت نفسي بقسوة، "أن هذا الذي إسمه "جمال فيّاض" غالى وظنّ نفسه"، كتبت عادي بتجرُّد وعندي هذه القُدرة. أجل أنتقد نفسي </p>
<p>زاهي وهبي: مَن أكثر الناس الذين يُمكنك أن تقول لهم شكراً خلال هذا المشوار وتعتبر أنهم كانوا محطّات أو علامات في طريقك، علامات مُضيئة أعني في الطريق أمامك في عالم الصحافة والنقد؟</p>
<p>جمال فيّاض: في عالَم الصحافة، أوّل مرة دخلت إلى مكاتب مجلّة "الموقف" في البداية تلقّفني "صبحي غندور" المُفكِّر العربي الكبير، كان رئيس تحرير المجلّة وأعطاني الشجاعة لأكتُب ما أريده، فأقول لك شكراً وهو الآن في (أميركا) كما أعلم وأراه لكن هو لا يعرِف أين أنا. يمكنني أن أقول شكراً لـ "مرعي عبد الله" الذي أعطاني أيضاً حريّة التعبير في مجلّة "ألوان" </p>
<p>زاهي وهبي: نمسّيه بالخير، الله يُطيل في عُمرِه</p>
<p>جمال فيّاض: أستاذ كبير الله يُطيل في عُمرِه. ويمكنني أن أقول شكراً لـ "منصور الرحباني" الذي في أول مرة دخلت لعنده أشعرني وكأنّ أستاذاً في الصحافة أتى لعنده، كأنني "محمد حسنين هيكل" ولست "جمال فيّاض". يمكنني أن أقول شكراً لكل فنان كبير جالسته، لـ "أحمد الزين" الفنان الذي أيضاً </p>
<p>زاهي وهبي: "أبو حسن" </p>
<p>جمال فيّاض: "أبو حسن" حبيب الكل. يُمكنني أن أقول شكراً لـ "محمد سلمان" المُخرِج الله يرحمه</p>
<p>زاهي وهبي: الله يرحمه، تعيش </p>
<p>جمال فيّاض: الذي عرّفني على الموسيقار "محمد عبد الوهاب" وأجلسني معه، أجريت معه حواراً والتسجيل ما زال عندي. يُمكنني أن أقول شكراً لكثيرٍ من الناس الذين مرّوا في حياتي من فنانين وغير فنانين الذين أعطوني. يمكنني أن أقول شكراً للمنتج "محمد ياسين" الذي كان عنده شركة إنتاج وصار رئيس مجلس إدارة "آي آر تي"، أعطاني أيضاً فُرَصاً في الإعلام في بداياتي في التلفزيون. يمكنني أن أقول شكراً لأخي "سعد الله" الذي فتحَ لي مجلّة "الصدى" وأعطاني لقب رئيس تحرير لمدة إحدى عشرة أو إثنتي عشرة سنة وكانت المجلّة ناجحة. هؤلاء الناس الذين أثّروا في حياتي ووجّهوني، أكيد سأقول شكراً أولاً وأخيراً لوالدتي الله يطيل في عُمرها لأنّها أكبر ناقد لي </p>
<p>زاهي وهبي: الله يخلّيها فوق رأسِك </p>
<p>جمال فيّاض: لا زالت لغاية الآن في كلّ يوم تحضر مفكّرتها وتجلِس وتكتب مذكّراتها، ما زالت لغاية اليوم</p>
<p>زاهي وهبي: وتقول لك والدتك رأيها </p>
<p>جمال فيّاض: كلّ شي. تشاهِد المقابلة وتقول رأيها. مع أنّها تخطّت التسعين أطال الله في عُمرها ما زالت تكتب مذكّراتها كلّ يوم وتقول لي: "قلت هذا ولم يكن من اللازم أن تقول هذا، وهكذا معك حق وأحببت هذا، وليتك لا تبلى، هذه المرة تبدو حلواً"، عندها حسّ النقد أيضاً</p>
<p>زاهي وهبي: أرى أحياناً أنّك تُنزِل صوَراً قديمة على وسائِل التواصل مع فنّانين كِبار ومع ضيوف حاورتهم حضرتك، كنت مراهقاً وفتى في أوّل انطلاقتك. كيف كان هؤلاء الكبار يتعاملون معك؟ أنت ذكرت "منصور الرحباني" وقلت أنّه أشعِرك بقيمة كبيرة ولكن ماذا عن نجوم الفن والغناء الآخرين؟ </p>
<p>جمال فيّاض: كانت عندي قُدرة وربما شيء من الموهبة، لا أدري، أعتقد أنني لم أكن أجالِس أحداً منذ بداياتي ولا يستأنِس بمجالستي. أذهب عند "وليد غلميّة" على أساس أن أمكُث عنده نصف ساعة ويجعلني أمكُث ثلاث ساعات. أذهب عند "ناهدة فضل الدجاني" مثلاً، الله يرحمها والله يرحم "وليد غلميّة"، على أساس أن أحاورها حواراً عادياً وأمكث لساعتين أو ثلاث، عندي كلّ التسجيلات. هؤلاء الناس يجعلونك تحسّ أنّكَ معهم على الموجة ولست شخصاً أتى ليسأل أربعة أو خمسة أسئِلة ثم يمشي ويفرِّغ ما قالوه كما يفعل الصحافيون. هذا أكسبني صداقات عُمر، "روميو لحّود" مثلاً صديق عُمر </p>
<p>زاهي وهبي: تعيش، الله يرحمه، مؤخّراً خسِرناه </p>
<p>جمال فيّاض: كنت أمضي ساعات معه، و"إحسان المنذِر" الله يرحمه، مقابلتك معه من الحلقات التي شاهدتها في "بيت القصيد" التي كانت فعلاً مؤثّرة جداً </p>
<p>زاهي وهبي: للأسف كان آخِر حوار معه وآخر إطلالة إعلاميّة </p>
<p>جمال فيّاض: حينها أتذكّر أنه قال لي: شاهد الحلقة، حلوة، فتابعتها </p>
<p>زاهي وهبي: فعلاً استمتعنا في لقائه وحواره. نذكُر أسماء يمكننا أن نُسمِّيهم في راحة ضمير "الجيل الذهبي". نسمع كثيراً عبارة "الزمن الجميل" عندما نريد أن نتحدّث عن هذه القامات وتلك المرحلة. هل هناك زمن جميل وزمن غير جميل؟ </p>
<p>جمال فيّاض: في قناعتي الشخصيّة أنّ فترة الأربعينات والخمسينات والستّينات والقليل من السبعينات كانت زمناً جميلاً للكرة الأرضيّة بأكملها. في السياسة تقول "عبد الناصر" تقول "سوكارنو" تقول "شارل ديغول" تقول "باتريس لومومبا"، الآن لا أحد يعرف مَن الرئيس في (الكونغو) مثلاً، تقول "سنغور" في (السنغال)، تقول "إفوييت بونييه " في (الكوت دي فوار)، هذا في السياسة. تتحدّث في الفن وتقول "فرانك سيناترا"، تقول "ألفيس برسلي"، تقول "داليدا"، تقول "شارل أزنافور"، تقول أسماء لا تزال في الذاكرة. اليوم مَن هو نجم (فرنسا) في الغناء؟ مَن نجم (أميركا)؟ لا أسماء. مَن رئيس "(إندونيسيا) و(ماليزيا)؟ كنّا نعرِف "أحمد سوكارنو"، كنّا نعرِف "نهرو" في (يوغوسلافيا)، نعرفهم بالأسماء </p>
<p>زاهي وهبي: "نهرو" في (الهند)</p>
<p>جمال فيّاض: في (الهند) صحيح، أعني "تيتو" في (يوغوسلافيا)، هذه هي الأسماء التي كنّا نعايشها. بعد "نهرو" جاءت "أنديرا غاندي" في (الهند)، هذه أسماء لا تزال في ذاكرتنا. نحن الآن لا نعرِف، مَن رئيس (الهند) اليوم؟ مَن رئيس (إندونيسيا)؟ </p>
<p>زاهي وهبي: يمكننا أن نقول إنّ التراجع حدثَ على مُستوى الكوكب كله. الثقافة الاستهلاكيّة طغت بسبب العولمة </p>
<p>جمال فيّاض: مع أنّ الإعلام صار أكبر وأهمّ وأوسع. اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي إذا عطس "إيلون ماسك" نعرِف </p>
<p>زاهي وهبي: رأينا كميّة التعليقات التي صارت على الـ تي شيرت الذي كان يلبسه في المونديال</p>
<p>جمال فيّاض: وهنالك الكثير من الأسماء التي لا تُنشر، في الوقت الذي كان من زمان لكي تسمع خبراً عن "ألفيس برسلي" يجب أن تنتظر مدة شهر إلى أن يصل الخبر مع الصورة، ومع ذلك كان يصل الخبر. هذا العالم كلّه، وأيضاً "أمّ كلثوم" و"عبد الوهاب"، ابدأ من عند "منيرة المهديّة" إلى أن أصل إلى "هاني شاكر". بعد "هاني شاكر" صارت النجوميّة عملاً عابراً </p>
<p>زاهي وهبي: نعم، تنجح أُغنية للفنان وعشرة لا نسمع بها </p>
<p>جمال فيّاض: بينما أغاني "فيروز" ربما كلّ الناس تحفظ ما نسبته 90 %، و10 % من أغنياتها القديمة تحتاج إلى مُختصّين مثلنا ليعرفوها. أمّا اليوم فأغلب المُطربين والنجوم في الحد الأقصى يمكن أن تعرِف خمس أو ست أغنيات</p>
<p>زاهي وهبي: إذاً هناك زمن جميل أكيد </p>
<p>جمال فيّاض: حقبة من الزمن الجميل لم يأتِ مثلها قبلاً ولن يأتي مثلها بعدها. هذه هي، أربعون أو خمسون سنة في العالم تأسّست عليها الكرة الأرضيّة</p>
<p>زاهي وهبي: وهذا كلّه مرتبط بازدهار الأفكار والثقافات وأحلام النضال</p>
<p>جمال فيّاض: ربما أيضاً، أجل </p>
<p>زاهي وهبي: كلّه مرتبِط ببعضه </p>
<p>جمال فيّاض: اليوم عندما نقول "طه حسين" ونقول "إحسان عبد القدّوس"، مَن أدباء (مصر) اليوم؟ </p>
<p>زاهي وهبي: أيضاً تسأل نفسك، مع الاحترام للذين يصرّون على الإبداع </p>
<p>جمال فيّاض: موجودون أكيد، لكنهم لم يستطيعوا أن يحدِثوا هذه الـ Shock </p>
<p>زاهي وهبي: أُستاذ "جمال فيّاض"، سنتابع هذا الحوار الحيوي معاً ولكن إسمح لنا أن نتوقّف مع استراحة سريعة ثمّ نعود إلى "بيت القصيد" في حلقته الأخيرة </p>
<p>المحور الثاني</p>
<p>زاهي وهبي: مُشاهدينا الكرام، نتابع "بيت القصيد" في حلقته الأخيرة مع الناقد والصحافي الأُستاذ "جمال فيّاض". أُستاذ "جمال"، فعلاً الحوار حيوي ومُتشعِّب، نتحدّث في موضوعات لها علاقة بالمشهد الفنّي والدرامي الذي سنتحدّث بعد قليل عنه. لكن قبلاً في رأيك، هل توجد مواصفات للناقِد الناجح لكي ينجح؟ اليوم ربما أحدهم يسمعنا من الشباب الجُدُد ويريد أن يدخُل في هذا العالم سواء من خلال المواقع الإلكترونيّة أو الـ Social Media وما تبقّى من الصحافة الورقيّة، هل توجد وصفة ليتبعها؟ </p>
<p>جمال فيّاض: في البداية، لنعرِّف الناقد قبل الناجح لأن الناقد قد لا يكون ناجحاً لكنّه ناقِد. النقد في العالم العربي المفروض أنّه اختصاص لكن أغلب النُقّاد غير مُتخصّصين، أنا من غير المُختصّين ولا أدّعي الاختصاص. أنا درست الإعلام في كليّة الإعلام وتابعت دراساتي العليا في (فرنسا) في الإعلام والتواصل، Communication & Information، لكن النقد الفنّي ظهر عندي من أمرين، الهواية والخبرة والمُعايشة، مثل شخص في إمكانه أن يُصلِح أسناناً لكن اختصاصه ليس طبّ الأسنان، لكن لكثرة ممارستي الدخول إلى الاستديو الصوتي، الـ Audio والغنائي والسينمائي والدرامي وتجالسي مع مخرجين ومؤلّفين وكتّاب وفنّانين صارت عندي خبرة لمعرفة أماكن وجود الأخطاء وكيف تكون</p>
<p>زاهي وهبي: في هذا المعنى عفواً، ولو جملة معترِضة. العلاقة مع المبدعين والفنانين يستفيد المرء منها؟ </p>
<p>جمال فيّاض: مثل مدرسة، صحيح </p>
<p>زاهي وهبي: إلى جانب أنه ربما أحياناً يصير نقدهم صعباً مثلما حكينا </p>
<p>جمال فيّاض: أجل، لكن هؤلاء الأساتذة، عندما أدخُل إلى الاستديو وأجد فناناً يُسجِّل أُغنية وأنا أجالس مهندس الصوت، لا علاقة لي به كناقد ولا علاقة له بي، هو يشتغل وأنا أراقب ما يفعله، لماذا رفع الصوت؟ لماذا أخفضه؟ لماذا الإيقاع عالٍ؟ هو يعطي ملاحظات وأنا ألتقطها. أنا الرادار الذي يقول خفّض صوت "الرقّ" لأنه يبدو نافراً، أنا انتبهت أنّه يجب ألّا يكون نافراً، وهكذا، بالإضافة إلى هذا أنا نمّيت كـ "جمال"، مثلما يجب أن يفعل غيري، هواياتي الموسيقيّة. عزفت وتعلّمت المقامات ودرست موسيقى وصرت أعرِف كلّ الغناء</p>
<p>زاهي وهبي: تعلّمت العزف على العود في سنٍّ مُتأخِّرة</p>
<p>جمال فيّاض: أجل، كان عمري يفوق الثلاثين سنة </p>
<p>زاهي وهبي: لماذا؟ ما الذي دفعكَ لتعلُّم العزف على العود؟</p>
<p>جمال فيّاض: منذ صِغري كانت أرغب في تعلّم عزف العود وكلّما أتيت إلى والدي وقلت له أنني أُريد أن أتعلّم العود يقول لي: "أكمِل درسك ولاحقاً تتعلّم"، مع أنّه كان يغنّي وصوته حلو جداً. عندما كبِرت وأنهيت دراسة الدكتوراه أكملت دراستي في الموسيقى، أتيت بأُستاذ إلى البيت وعلّمني، علّمني المقام وعلّمني ما هو النهوَند وما هو الكورد والمقامات فصرت كلّما استمعت إلى أُغنية أعرف إن كان يغنّي على الكورد أو على الحجاز أو على البيّات، صرت أفهم وصرت عندما أُجالس فناناً يقول أنّ هذه الأُغنية بدأت هكذا وصارت هكذا وداخلة في مقامات أكون على الموجة معه وأفهم ما يقوله</p>
<p>زاهي وهبي: هل لديك فضول التعلّم لحدّ اليوم؟ </p>
<p>جمال فيّاض: كثيراً. أنت إعلامي والمفروض عندنا في إعداد البرامج، لأننا نشتغل في إعداد البرامج في "أوربت" أيضاً </p>
<p>زاهي وهبي: طبعاً </p>
<p>جمال فيّاض: فمن اللازم أن تعدّ برامجك ويكون ضيوفك أطبّاء ومهندسون وخبراء تغذية وفنانون، ولا يمكنك أن تقول للضيف أنّك تفهم في الفن فقط، عليك أن تفهم في كلّ شيء. ثمَّ على الإنسان أن يكون مكتبة أو إسفنجة تمتصّ المعلومات</p>
<p>زاهي وهبي: هنا أريد أن أسأل، حضرتك اليوم تستشهِد وتذكر أسماء سواء كُتّاب أو صحافيين كبار أو رؤساء دول أو زعماء إلى آخره، كم مهم أن يكون عند الصحافي، سواء كان ناقداً أم غير ناقِد، في شغله الفنّي خصوصاً والثقافي، شيء من المعرفة العامّة والاطّلاع ويعلم في أيّ كوكب يعيش وأيّ مُجتمع؟ </p>
<p>جمال فيّاض: طبعاً. هل يجوز مثلاً أن أذكُر اليوم " ليوبولد سنغور" رئيس (السنغال) وأنسى أنّه شاعر كبير بالفرنسيّة، وأنه عندما شعر أنّ بلاده بدأت تتضايق منه، كونه رئيساً طالت مدّة حكمه بعد الاستقلال، استقال واستثمر في معمل أجبان في (فرنسا)؟ هذا ليس شغلي، لكن لماذا لا يكون عندي اطّلاع اليوم </p>
<p>زاهي وهبي: هذه للأسف لم تعُد موجودة اليوم </p>
<p>جمال فيّاض: وأعرِف ماذا يحدُث؟ لماذا أجلس مثل الأهبل في كأس العالم ولا أرى شيئاً؟ لا، أريد أن أعرِف. لماذا يتحدّث الناس عن "ميسّي" و "كرستيانو رونالدو"؟ ومَن هو "بيليه"، ومَن هي تلك الأسماء مثل "زين الدين زيدان" و" ميشال بلاتيني"؟ كلّها يجب أن تعرِف عنها وتمتصّ المعلومات مثل الإسفنجة. هكذا يكون الصحافي </p>
<p>زاهي وهبي: اللغة أُستاذ "جمال"، اليوم اللغة العربيّة في شكلٍ خاصٍ نرى على وسائِل التواصل </p>
<p>جمال فيّاض: بارك لي، حصلت على الجائِزة الأولى في الإملاء العربي </p>
<p>زاهي وهبي: أجل رأيتها، مَن أجرى المسابقة؟</p>
<p>جمال فيّاض: جمعيّة السبيل" في مكتبة "بلدية بيروت" </p>
<p>زاهي وهبي: "مكتب "السبيل" طبعاً منبر ثقافي مهمّ في (بيروت). كنت الأوّل في الإملاء بين مجموعة من الأصدقاء </p>
<p>جمال فيّاض: واحتسبوا لي غلطة تبيّن لاحقاً أنّها ليست غلطة </p>
<p>زاهي وهبي: لها علاقة بالهمزة </p>
<p>جمال فيّاض: كلمة " مَوْءُودَة " قالوا لي أنّها تُكتب بثلاثة أحرف "واو"، فقل لهم أنني كتبتها بإثنتين، فقالوا لا هي ثلاثة، فذهبت ورأيتها مكتوبة في "القرآن الكريم" بإثنتين </p>
<p>زاهي وهبي: نعم، هذا هو المرجع اللغوي الأهم </p>
<p>جمال فيّاض: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، نعم </p>
<p>زاهي وهبي: لأننا اليوم نرى في اللغة العربية أحياناً بلاوي سوداء، عذراً على هذا التعبير</p>
<p>جمال فيّاض: ليست سوداء بل كما يقولون في المصري " بلاوي مُتنيِّلة" بمعنى كثيرة </p>
<p>زاهي وهبي: أشخاص يُقدِّمون أنفسهم بصفة كاتب، بصفة شاعِر</p>
<p>جمال فيّاض: ولا يميّزون التاء المربوطة من التاء الطويلة </p>
<p>زاهي وهبي: صحيح. كم نركِّز هنا على أنّ مَن يريد أن يشتغل في هذه المهنة، نعم </p>
<p>جمال فيّاض: أقل شيء أن يحكي لغته. جرّاح من دون مِشرط؟ كيف؟ </p>
<p>زاهي وهبي: منذ أقلّ من أُسبوعين كنّا في اليوم العالمي للغة العربيّة </p>
<p>جمال فيّاض: مثلاً اليوم جرّاح من دون مِشرط؟ كيف تُجري جراحة من دون مِشرَط؟ أساس الجراحة هي في المشرط أليس كذلك؟ </p>
<p>زاهي وهبي: نعم </p>
<p>جمال فيّاض: الأخ الذي يُريد أن يشتغل صحافياً، إذا كان لا يعلم كيف يستعمل القلم لكتابة لغة صحيحة، ماذا يشتغل؟ هل يكتب بالعاميّة في مجلّة أو جريدة؟ حتى لو في موقع إلكتروني عليك على الأقل أولاً أن تُجيد اللغة، وهذه مسؤوليّة الحكومات. الحكومات هي التي تفرِض على الدول أو على المدارِس والجامعات أنّه اللغة العربيّة هي مادّة أساسيّة في التعليم، لذلك نجد أنّ الطالب في (سوريا) في "كليّة الطب" يتفوّق في اللغة العربيّة، وإذا لم ينجح في امتحان اللغة العربيّة لا يُمكن أن يكون طبيباً</p>
<p>زاهي وهبي: حتى هذا الأمر يجب أن يُعتَمَد في التوظيف العام </p>
<p>جمال فيّاض: نصف مدارِس (لبنان) لا تعلِّم اللغة العربيّة </p>
<p>زاهي وهبي: للأسف</p>
<p>جمال فيّاض: لا تعلِّمها نهائيّاً، والتلامذة يكتبون بـ " العربيزي"، الحرف اللاتيني، هل يجوز ذلك؟ هذا أمر كأنّه مقصود لقتل اللغة العربيّة وهي أجمل لغة في العالم</p>
<p>زاهي وهبي: انت قارئ جيّد أُستاذ "جمال"؟ لقب أُستاذ أرفع من لقب دكتور، أنا أكلت عليك لقب دكتور منذ أوّل لقاء </p>
<p>جمال فيّاض: لا عادي عادي، أُفضِّل "جمال". لن أدّعي أنني ما زلت قارئاً جيّداً، أو بالأحرى كنتُ قارِئاً ممتازاً وصرتُ جيّداً، أعني الآن جيّد ولكن لست ممتازاً مثل زمن </p>
<p>زاهي وهبي: لأيّ نوعٍ من القراءات تميل؟ </p>
<p>جمال فيّاض: لكلّ شيء، لا أتخصّص بشيء، مهما كان في يدي أقرأه. مكتبتي ما زالت قائِمة وفيها ما يفوق الخمسة آلاف كتاب </p>
<p>زاهي وهبي: كُتب ورقيّة </p>
<p>جمال فيّاض: كتب ورقيّة. عندي غرفة بحجم هذه الغرفة كلّها </p>
<p>زاهي وهبي: هل ما زلت تُفضِّل القراءة في الكتاب الورَقي على القراءة في الكتاب الإلكتروني؟ </p>
<p>جمال فيّاض: أجل</p>
<p>زاهي وهبي: والكتابة؟ </p>
<p>جمال فيّاض: كلاّ. الكتابة تكون على الـ laptop لدرجة أنني وجدت يدي ثقيلة في الإملاء</p>
<p>زاهي وهبي: لأنك لا تستخدم القلم </p>
<p>جمال فيّاض: فترة عشر أو إثنتا عشرة سنة لا أكتُب في القلم، ففي الإملاء، أولاً خطّي لم يعُد جميلاً بعد أن كان مقبولاً إلى حدٍّ ما، يدي صارت قاسية. لكن في النهاية، المهمّ أنني أجيد القراءة والكتابة </p>
<p>زاهي وهبي: مثل قصّة علاقتنا بأرقام الهاتف إذا تتذكر، قبل الموبايل والـ Smart Phone كنّا نحفظ أرقام كلّ أصحابنا وأهلنا. اليوم مَن يحفظ رقماً؟ </p>
<p>جمال فيّاض: صح. كنّا نحفظ ما بين عشرة إلى عشرين رقماً، الآن هناك ألف رقم </p>
<p>زاهي وهبي: آلاف. قبل أن نتحدّث عن الدراما، الدراما العربيّة واللبنانيّة في شكلٍ عام بعد أن تحدّثنا عن الغناء والموسيقى، نُدرة أو قلّة البرامج الأدبيّة والثقافيّة والفنيّة العميقة في الفضائيّات العربيّة وفي وسائِل الإعلام، هل عندك تفسير لهذا؟ </p>
<p>جمال فيّاض: أجل عندي تفسير، هذه قلّة ذكاء من إدارة برامج بعض المحطّات، جيل اليوم ميّال إلى الترفيه أكثر. نحن اليوم نتحدّث، نأتي على ذِكر فنان مطرِب يهمّ الناس أن يسمعوا أخباره، معه أمرّر جملة ثقافة وعلم وإسم وخبريّة في خلطة الحديث. كيف ولد صغير عندما تريد أن تعطيه دواء طعمه مرّ تضعه في موزة فيستطيع أن يأكلها ويدخل الدواء، عليك في هكذا برامِج أن تُدخِل القليل من الترفيه الممزوج مع القليل من الثقافة </p>
<p>زاهي وهبي: يعني نحتاج إلى "تتبيلة" جديدة </p>
<p>جمال فيّاض: أصحّ تعبير هو "التتبيلة" أو الخلطة</p>
<p>زاهي وهبي: لأنّ أحياناً في السابق كانت بعض البرامج الثقافيّة قد نفّرَت إذا أردت المُشاهِد</p>
<p>جمال فيّاض: والله، "ليلى رستم" أطال الله في عُمرها </p>
<p>زاهي وهبي: نعم، الإعلامية </p>
<p>جمال فيّاض: عندما كانت نجمة التلفزيون اللبناني كانت تتحدّث مثلاً عن "الفرزدق" أو عن "السموأل" أو عن "المُتنبّي" أثناء محاورة ضيفها الذي يكون أديباً كبيراً، وتقدِّم مشهداً درامياً مع الخلطة، أعني يكون الحوار والدراما معاً، فيصير المشاهد يُحب أن يرى التمثيل وهو يسمع الأخبار في نفس الوقت. خلطة حلوة، "تتبيلة" كما تقول. يجب أن يُعاد إيجاد رؤية معيّنة لـ "تتبيلة" مناسِبة تجعل الجيل الجديد يقبل أن يسمع ويحب ويتعرّف على هذه الأسماء التي نحن حفِظناها في جيلنا. أسأل إبنتي في صفّ البريفيه أو التاسع، أتعلمين مَن هو "البُحتري"، لا تعرِف. مَن "السموأل"، مَن "أبو تمّام"، مَن "الجاحِظ" مَن "إبن المقفّع"؟ لم يسمعوا بهم، لماذا؟ لماذا أنا في مدرستي كنتُ أحفظهم وأعرِفهم، لماذا إبنتي لا تعرِفهم مع أنّها في نفس المدرسة تقريباً ونفس المنهج التعليمي؟ لماذا تُهمِل المدارِس؟ من هنا يبدأ الإهمال، من وزارة التربية ومدارسها</p>
<p>زاهي وهبي: صحيح. في المشهد الدرامي التلفزيوني كيف تجد المسلسلات التي شاهدناها مؤخّراً كنظرة عامّة، كتقييم؟ على الأقل خلال السنة التي نودِّعها؟ هل تنظر لها نظرة إيجابيّة؟ </p>
<p>جمال فيّاض: طبعاً</p>
<p>زاهي وهبي: لماذا؟ </p>
<p>جمال فيّاض: أولاً، (لبنان) كان مُتقدِّماً كثيراً في الدراما في السبعينات والستّينات </p>
<p>زاهي وهبي: طبعاً</p>
<p>جمال فيّاض: وكان يبيع مسلسلات إلى الخارِج، وكلّنا نشاهِد الدراما القديمة التي كانت مودرن لكنّها ناطقة باللغة العربيّة الفُصحى لكي يفهم المغاربة أو المشرقيون </p>
<p>زاهي وهبي: والمشاهدون العرب أينما كانوا </p>
<p>جمال فيّاض: الآن على الفضائيّات صار الجميع يفهم اللهجة اللبنانيّة والأغاني. اليوم أتت المحطّات الثريّة التي عندها تمويل وهي قادرة على شراء هذه الأعمال الدراميّة، وبما أنّ خلفيّة (لبنان) الدراميّة موجودة و أن الممثلين موجودون مع خبرة سوريّة كان عُمرها حينها عشرين أو ثلاثين سنة نتجت من تشجيع الدولة السوريّة </p>
<p>زاهي وهبي: صح</p>
<p>جمال فيّاض: الدولة السوريّة التي أسّست للدراما السوريّة وبدأت تُنشئ معاهد قاسية لتخرِّج كبار الفنانين، وبالتالي دعمت الدراما وسلكت الأمور، و(مصر) طبعاً تاريخ عظيم. فـ (مصر) مع (سوريا) أضعفتا (لبنان) وتراجعت الدراما في الحرب. ثمّ عادت وجاءت الفرصة مع المحطّة التي تريد أن تشتري القليل من السوري اللبناني في حرب (سوريا) فقاموا بأعمال ونشّطوا الدراما المُشتركة ما أدّى إلى إحياء الموضوع وصارت المحطّات تستوعِب. اليوم هذا القطاع كله فلوس وكله ثقافة، كله مهنة، أعني هناك أشخاص يشتغلون في مهن التصوير والإضاءة، عشرات ومئات العاِئلات تعيش من هذا القطاع، بالإضافة إلى الممثلين الفنانين واللغة أيضاً، لكن ما يُعيب الدراما اليوم وكأنّه متعمّد ألّا يكون هناك مسلسل تاريخي إلّا في ما ندر</p>
<p>زاهي وهبي: مع أنّ فترة مرّت، خصوصاً في الأعمال السوريّة التاريخية </p>
<p>جمال فيّاض: في التسعينات كانت الأعمال التاريخيّة مطلوبة وكان هناك مَن يطلبها، وكأنّ الذي كان يطلبها لم يعُد يريدها. أعني المُسلسلات العربيّة الفُصحى صار عددها قليلاً، وهذا ما يُضعِف إنتماءنا لتاريخنا وللغتنا العربيّة. يقولون إنّه من غير الصحيح أن يكون المرء سيّئ النيّة، أنا شخص دائِماً عندي حسّ المؤامرة. كلّ ما يحدُث في حياتنا أشعُر بأنّه مُخطَّط له أن يحدُث ولا يحدث بالصدفة </p>
<p>زاهي وهبي: ومنه ومن ضمنه إهمال اللغة العربيّة </p>
<p>جمال فيّاض: بالضبط، والطلب على الدراما الترفيهية أكثر، بيعونا من قصص الإسلام والتاريخ العربي وتاريخ العرب وتاريخ المسلمين، بيعونا من هذه الأعمال كلّها </p>
<p>زاهي وهبي: حتى من القضايا الحياتيّة، نادراً ما نشاهِد مُسلسلاً </p>
<p>جمال فيّاض: وتركوا لنا قضايا الخناق والقتل والمُخدّرات، لماذا؟</p>
<p>زاهي وهبي: هذا مأخذ على الدراما سواء اللبنانية أو غير اللبنانيّة </p>
<p>جمال فيّاض: لماذا نترك الجيل الجديد يعتاد على هذه الدراما في الوقت الذي جيلنا كان يُشاهد فيه "أبو بكر الرازي" و "المُتنبّي" </p>
<p>زاهي وهبي: أو أعمال مثل "ليالي الحلمية" و"خالة الصفيّة والدير" </p>
<p>جمال فيّاض: مسلسل " ليالي الحلمية" الذي هو عمليّة تأريخ تاريخ (مصر) على مدى عدّة سنوات من عصر الانفتاح، وحتّ أفلام السينما مثل "أهل القمّة" أو الأفلام التي قُدِّمت في مرحلة ما بعد "عبد الناصر" </p>
<p>زاهي وهبي: روايات "نجيب محفوظ" أو "إحسان عبد القدوس" التي صارت أفلاماً </p>
<p>جمال فيّاض: لماذا نهرب من هذه الأعمال؟ لماذا؟ كأنّ هذا متعمّد لكي نصل إلى هنا </p>
<p>زاهي وهبي: غابت كثيراً الأعمال الدراميّة، سواء في السينما أو في التلفزيون، التي تستلهِم أو تقتبس الروايات العظيمة الموجودة، نعم </p>
<p>جمال فيّاض: التي تستنهض الثقافة والحسّ الوطني والحب والتعلّق بتاريخنا وإرثنا الكبير </p>
<p>زاهي وهبي: سواء في (مصر) أو في (سوريا) أو في (لبنان) أو في الخليج) أو في المغرب العربي، هناك كُتّاب لروايات عظيمة ممكن أن تتحوّل </p>
<p>جمال فيّاض: من ضمن الإحساس بالمؤامرة، أجل عندي حسّ المؤامرة، عدم الطلب على هذه الأعمال كأنّه مُتعمّد</p>
<p>زاهي وهبي: فلنخفّف الوطأة قليلاً. مَن هي الوجوه الدراميّة اليوم التي تشدّك عندما ترى إسم هذا الوجه في الجنريك وتجلس لتُشاهد المسلسل؟</p>
<p>جمال فيّاض: طبعاً، هناك أسماء كثيرة </p>
<p>زاهي وهبي: بعض الأسماء، على سبيل المثال. اليوم أنا مثلاً أحب كاريزما "تيم حسن" الذي هو النجم الأول، وأيضاً "عبد المنعم عمايري" مثلاً، عندك فنانون كثيرون في (سوريا) مثلاً، ثمة أسماء في (لبنان) أيضاً مثل "يوسف الخال" الذي أُحبّه كثيراً، "يوسف" ممثل وأجمل ما فيه أنّه يُتقن العربيّة الفُصحى في شكلٍ سليم </p>
<p>زاهي وهبي: لكن صار له فترة </p>
<p>جمال فيّاض: كلّما أتحدّث عنه يقولون لي هذا، لا أدري لماذا، لا أستطيع أن أقول ما هو السبب. في "يوسف" كلّ مُقوِّمات النجم والمُحترِف، كشابٍ وسيم جداً، كلغةٍ عربيّة ممثل ممتاز، لغته العربية سليمة وممتازة </p>
<p>زاهي وهبي: والده ألله يرحمه شاعِر ووالدته أطال الله في عُمرها شاعرة ورسّامة، أعني خرج من بيتٍ مثقّف</p>
<p>جمال فيّاض: وكلّه شِعر. و"ورد" أيضاً ممثلة كبيرة، لكن لماذا لا يشتغل كثيراً؟ لا أعلم! لم أجد مبرّراً لهذا. وفي (مصر) أيضاً جيل جديد من الممثّلين الممتازين أيضاً </p>
<p>زاهي وهبي: مَن أبرز الأسماء من (مصر) بالنسبة لك؟ </p>
<p>جمال فيّاض: لا يُمكن أن تُحصى في (مصر). "خالد الصاوي" مثلاً أعتبره أحد كبار الممثلين في (مصر)، هذا الممثل الذي في رأيي لم ينل حقّه بالكامل كممثل </p>
<p>زاهي وهبي: وقام بأدوارٍ جريئة. قَبِلَ أدواراً في "عمارة يعقوبيان" مثلاً</p>
<p>جمال فيّاض: في "عمارة يعقوبيان" أدّى دوراً خطيراً وقبِلَ تأديته، أتقنه في شكلٍ غير طبيعي، أنظر إليه هكذا، غير معقول الإتقان. أعطاك شخصيّة نحن رأيناها في الحياة، الأداء الذي أدّاه نحن رأينا هذه الشخصيات ونعيش معها ولاحظنا كأنّه تقمّصهم مئة في المئة. هناك ممثلون كبار في بلدنا. "فايز قزق" في (سوريا) مثلاً، كم هو ممثل كبير. "سوالف فواخرجي" </p>
<p>زاهي وهبي: نحيّي الجميع. طبعاً نحن نذكُر أسماء</p>
<p>جمال فيّاض: أسماء كبيرة طبعاً. الدراما مُرشّحة أن تستنهِض مجتمعنا وجيلنا أكثر وتجد تسويقاً لها. على فكرة، وهذه مسألة ملحوظة، الدراما اللبنانيّة اليوم كشركات إنتاج، شركة "الصبّاح" مثلاً تُنتِج دراما في (المغرب)، خمسة أو ستّة مُسلسلات، وتعيد تنشيط الإنتاج الدرامي في (المملكة المغربيّة)، هذا يعني أننا بدأنا في نقل خبرتنا إلى دولٍ عربيّة أُخرى، وهذا شيء يُسعِدني أنا لأنني عربي، عربي، عربي من المُحيط إلى الخليج من دون استثناء وعندي وطني العربي الكبير. عندما ينجح شيء في (المغرب) أو في (الخليج) أو في (مصر)، بالنسبة لي كأنّه نجح في (لبنان) </p>
<p>زاهي وهبي: طبعاً، نحن نريد أن نقول، خصوصاً للمسؤولين عندنا أنّ الدراما صناعة، إذا كان هناك مسؤولون همّهم أي شيء في هذا البلد مع أننا نشكّ. الدراما التلفزيونية والسينما صناعة </p>
<p>جمال فيّاض: بالنسبة للدراما أكيد هم مهملون</p>
<p>زاهي وهبي: أعني في إمكانها أن تكون صناعة، ابتداءً من الثياب </p>
<p>جمال فيّاض: هي صناعة. أنا اليوم عضو في "اتّحاد المُنتجين العرب"، تمّ تأسيس فرعٍ في (لبنان) رئيسه المنتج "صادق أنور الصبّاح"، فأنا لي شرف أن كنت عضواً في هذا المجلس في (لبنان)، والآن نعمل مع وزير الإعلام "المكاري" ووزير الصناعة اللذين قرّرا أن يعطيا الاتّحاد قطعة أرض في (البقاع الغربي) وهي مِلك للوزارة لتكون استديو ومكاناً لمدينة إعلامية يصوّر فيها اللبنانيون دراما ومَن يأتون من الخارِج، ويتمّ العمل اليوم في (الدامور)</p>
<p>زاهي وهبي: الله يرحم الرئيس "رفيق الحريري"، كان عنده مشروع طويل عريض</p>
<p>جمال فيّاض: ولم يتركوه يقوم بهذا المشروع وأقاموا الدنيا عليه لأنه سيزيل مزروعات الموز </p>
<p>زاهي وهبي: أراد أن يُنشئ مدينة إعلاميّة، للأسف. بدأ الوقت يُداهمنا. مثلاً، أثر المنصّات الحديثة على الإنتاج الدرامي، مثل Net Flix و"شاهِد" </p>
<p>جمال فيّاض: هذا ما يُشجِّع أكثر لأنّ هذه المنصّات تحتاج إلى ساعات، التلفزيون هو عبارة عن مطحنة، يحتاج دائماً إلى مادّة </p>
<p>زاهي وهبي: وفُرَص عمل أكثر </p>
<p>جمال فيّاض: تعطيه برنامجاً ترفيهياً، تعطيه دراما، تعطيه أفلاماً سينمائيّة وتلفزيونية وما تريده، يأخذ، لكن ما يجعلك تتابع البرامج عليه هو جودة العمل. ينتِج أناساً مُحترفين أكثر </p>
<p>زاهي وهبي: الخطورة تكمُن في التحكّم في المضامين </p>
<p>جمال فيّاض: الذي حصلَ في (قطر) في كأس العام، هذه التقنيّات الكبيرة، كلهم شباب لبنانيون وعرب اشتغلوا فيها وليس أجانب فقط، ذهبوا واشتغلوا في الإضاءة والصوت والتنظيم، هذه خبرات تكبر مع هذه الصناعات. بالنسبة للمنصّات، هناك منصّات جديدة آتية وليس فقط Net Flix </p>
<p>زاهي وهبي: على Net Flix مئة مُلاحظة على توجّهاتها </p>
<p>جمال فيّاض: هنا عدنا إلى الموضوع الذي كنّا نتحدّث عنه قبل قليل، لكن ممكن أن تأتي منصّات </p>
<p>زاهي وهبي: وتصوِّب المسار </p>
<p>جمال فيّاض: لا يمنع، في النهاية ليست هذه المحطّة حكراً، هذا قمر صناعي مفتوح لكلّ شيء </p>
<p>زاهي وهبي: كلما كثُرت المنصّات كلما ازدادت فُرَص العمل </p>
<p>جمال فيّاض: والجودة تُصبِح أحسن ويكون التنافُس على الجودة أكثر. في شكلٍ عام، الدراما العربيّة صارت في مُستوى لائِق، تأخذها الـ Net Flix وهذا دليل، وتترجم وتُدبلَج إلى اللغات. هذا يعني أننا صرنا ننافِس على مُستوى عالمي</p>
<p>زاهي وهبي: تحدّثنا عن الغناء ولم أسألك، مَن أحبّ الأصوات إليك اليوم؟ لا تقل لي "عبد الحليم" و"فيروز" و"عبد الوهاب"، على رأسنا </p>
<p>جمال فيّاض: والله أنا أسمع الكثير من الأغاني القديمة، أُسَلْطِن لفترة. مثلاً أنا أُسَلِطن الآن على "عبد الوهاب" منذ حوالى الشهرين، دائماً أغاني "عبد الوهاب" التي ربما ليست شائِعة عند الناس، مثل أغاني قديمة كثيراً </p>
<p>زاهي وهبي: ألا تقول لك إبنتك "دانا" الله يخلِّيها، الصبيّة الحلوة، دقّة قديمة أنت يا "بابا"؟ </p>
<p>جمال فيّاض: بلى، طبعاً. أنا أجريت اتفاقاً معها، يوم الأحد عندما أذهب إلى (الجنوب) في الذهاب أسمع على ذوقها وفي الرجوع إلى (بيروت) تسمع على ذوقي </p>
<p>زاهي وهبي: حلو هذا الاتّفاق </p>
<p>جمال فيّاض: أـسمعتها "أمّ كلثوم" "ورَقّ الحبيب" كذا مرّة وحفِظتها وسمعتها مرة تغنّيها، صوتها حلو. هكذا تجعل الجيل الجديد رغماً عنه يطّلِع على الموسيقى. الآن تسألني من أصوات جيل اليوم، أكيد أُحب "شيرين" </p>
<p>زاهي وهبي: الله يلهمها وتتخلّص من هذه المشاكل وتركِّز على الغناء </p>
<p>جمال فيّاض: أحياناً يبالغون في الإعلام قليلاً لكي يتحدّث الإعلام عنها </p>
<p>زاهي وهبي: لكن ليتحدّثوا عن أعمالها وليس عن حياتها الشخصيّة </p>
<p>جمال فيّاض: أكيد في الفولكلور والتراث أُحب "عاصي الحلّاني" حبيبي وأخي، "راغب علامة" رفيق عُمري حتى قبل أن يُغنّي، أُحب "كاظم الساهر" طبعاً، فنان كبير. عندنا في (لبنان) أسماء، أنت تعلم، نصف العالم العربي نجومه لبنانيون </p>
<p>زاهي وهبي: صح، وهذه ظاهِرة ملفِتة </p>
<p>جمال فيّاض: السيّدة الكبيرة "ماجدة الرومي" مثلاً، هل يمكن أن نستثنيها من حياتنا وأيامنا؟ </p>
<p>زاهي وهبي: تفضّل أن تكون ضيفاً أم مُضيفاً على الشاشة؟ </p>
<p>جمال فيّاض: ضيفاً </p>
<p>زاهي وهبي: لماذا؟ </p>
<p>جمال فيّاض: لأنني أحكي أكثر وأستطيع أن أمرّر المعلومات التي أُريد أن يسمعها المشاهِد </p>
<p>زاهي وهبي: وأخفّ مسؤوليّة </p>
<p>جمال فيّاض: وأخفّ مسؤوليّة طبعاً. لكن المذيع أيضاً يظلّ يسأل ولا يمكنه أن يُعطي من مخزونه. أنا أعلم أنّ مخزونك الثقافي بقدر مخزوني مُضاعفاً عشر مرّات</p>
<p>زاهي وهبي: لا، العفو، العفو </p>
<p>جمال فيّاض: لن تأتي الآن وتقول مخزونك، أنت عليك أن تسألني. أنا أُفضِّل أن أسأل الضيف لكي يُخرِج مخزونه إذا كنت مضيفاً وأُفضِّل أن أكون أنا الضيف لكي أُخرِج مخزوني والمعلومة التي عندي</p>
<p>زاهي وهبي: أنا دائِماً أقول لأصحابي إنني أترُك الشاعِر أو المثقّف الموجود في دواخلي على باب الاستديو ثمّ أدخل وألعب دوري كمحاورٍ ليس فقط مع حضرتك، مع أيّ ضيف</p>
<p>جمال فيّاض: في هذه الحال ماذا استفاد الناس من مخزونك؟ ربما عشرة في المئة، بينما لو أنت الضيف ستقول المخزون الذي سيسمعه الناس ويستفيدون منه. من أجل هذا يجب أن نتعامل مرّة أنت ضيف ومرّة أنا ضيف </p>
<p>زاهي وهبي: فكرة. لاحقاً نقوم بشيء من هذا النوع. كلمة لـ "بيت القصيد" في ختام مسيرته </p>
<p>جمال فيّاض: أول شيء، في ختام مسيرته، هذه مسؤوليّة كبيرة إن شاء الله أكون على قدرها، آخر حلقة، هذا شيء يدلّ على أنني أحدثت إضافة، إن شاء الله </p>
<p>زاهي وهبي: ختامها مسك بإذن الله </p>
<p>جمال فيّاض: إن شاء الله ختامها مسك. لكن ما أُريد أن أقوله لك، منذ أيام "خلّيك بالبيت" أنت مخلّينا في البيت، صدّقني لا أُجاملك</p>
<p>زاهي وهبي: تسلم </p>
<p>جمال فيّاض: لأنك لا تتدخّل في فضيحة ولا تتدخّل في خصوصيات، دائماً في رُقيّ واحترام. يجلس المرء ويشاهد برنامجك لمدّة ساعة وكأنّه قرأ كُتُباً وليس كتاباً </p>
<p>زاهي وهبي: نُحضِّر لبرنامج جديد بعد أسابيع بإذن الله إن شاء الله، لا نريد أن نقول أشهُراً، أسابيع. هل عندك نصيحة أو اقتراحات معيّنة؟</p>
<p>جمال فيّاض: اقتراح وأنت لك أن تأخُذ به أو لا تأخذ. أنا أقترح أن تُنشئ صالوناً تستضيف فيه أربعة أو خمسة أشخاص وكل شخص في مجال، شخص في الفن وشخص في الشِعر وشخص في الأدب وعازف عود، فتكون تُدخِل "التتبيلة" التي تحدّثنا عنها ويصير يسمع المشاهِد بيت شِعر من دون أن ينتبه ورغماً عنه، ويسمع أُغنية هو يحبّها. هكذا تكون أرضيت جميع الأذواق وقدّمت المادّة التي هي مجلّة مرئيّة ومسموعة، هذا اقتراحي</p>
<p>زاهي وهبي: دكتور "جمال فيّاض" نورّت وشرّفت "بيت القصيد"، ويُعاد عليك هذا العيد إن شاء الله في سنة جديدة تكون سنة خير عليك وعلى عائِلتك وعلى مُحبّيك </p>
<p>جمال فيّاض: وعلى وطننا العربي الكبير </p>
<p>زاهي وهبي: طبعاً، وعلى مُشاهدينا في كلّ أنحاء العالم، على فريق العمل، على المخرج الأُستاذ "علي حيدر"، على رفيقة الدرب "غادة صالِح" وكل مَن ساهم وكان له فضل في استمرار "بيت القصيد" على مدار عشر سنوات ونصف السنة، على إدارة "الميادين" الأُستاذ "غسّان بن جدّو" وعلى كافة العاملين في هذه القناة التي أعطتنا هذا المنبر على مدى عشر سنوات ونصف السنة، ونلتقيكم بإذن الله قريباً في برنامج جديد. كلّ عام وأنتم بألف خير </p>
<p> </p>
<p> </p>