لطفي وقيس: العودة إلى الجذور في تونس

⚠️تم تصوير الحلقة قبل السابع من اكتوبر من عام 2023 التراب، والأرض، والأشجار والمخلوقات التي نحيا معها، كلها تكوّن عالمنا الرائع المبهج كيف تحافظ على الطبيعة وتستفيد من كرمها اللامحدود؟ لطفي وقيس، شابان تونسيان آمنا بخيرات بلادهما الواسعة. هل الايمان بالقطاع الزراعي يضعك خارج عصر التطور والتحديث، أم لا شيء مستحيل؟

نص الحلقة

<p>&nbsp;</p> <p>التراب، الأرض، الأشجار والمخلوقات التي نحيا معها كلها تكوّن عالمنا الرائع المُبْهج، كيف تحافظ على الطبيعة وتستفيد من كَرَمها غير المحدود؟ لطفي وقيس شابان تونسيان آمنا بخيرات بلادهما الواسعة، هل الإيمان بالقطاع الزراعي يضعك خارج عصر التطوّر والتحديث أم لا شيء مستحيل؟&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: ما هذا المكان الجميل!</p> <p>قيس بلحاج: مرحباً بكم.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: متى افتتحتَ هذه المزرعة؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: منذ العام 2018.</p> <p>لانا مدوّر: كيف بدأتَ؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: الإنسان بطبعه يحبّ الطبيعة، حين يولَد الإنسان يكون هناك شيء من الطبيعة في داخله، هناك مَن يُخرجها من داخله وهناك مَن تشغله أمور أخرى. &nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: أنتَ ممَّن أخرجوا هذه الحاجة. هل كنتَ تحبّ الزراعة منذ طفولتك؟ &nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: نعم.</p> <p>لانا مدوّر: وتحبّ السينما أيضاً.</p> <p>قيس بلحاج: نعم.</p> <p>لانا مدوّر: المشهد هنا سينمائي وبإمكاننا تصوير فيلم هنا. أنتَ أدخلتَ التطوّر إلى هذه المهنة، صحيح؟ &nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: رؤية جديدة. نفتح الستار على الزراعات المائية، هذه طريقة نزرع بها الخُضار والغِلال في الماء.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: ماذا زرعتَ اليوم؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: المعدنوس أو البقدونس، الخسّ، الكزبرة، النعناع.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: هل تنتج كميات منها؟</p> <p>قيس بلحاج: نعم، لنراها من الداخل. لدينا هنا مسبح صغير للأسماك.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: تعيش بهذه الطريقة؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: نعم، البقايا العضوية للأسماك أو النفايات العضوية الخاصة بها تجري في الماء ويتغذّى بها النبات. تونس من الأوائل في الإيمان بهذه الفكرة واستخدام طريقة الزراعات المائية. &nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: ما هي الأمور التي أنجزتها بعيداً عن الزراعة المائية؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: نقوم بتكثيف البذور المحلية التونسية للخضار، لدينا أنواع كثيرة من الخضروات التونسية، البذور الأصلية اندثرت عبر الوقت.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: من أين تأتون اليوم بالبذور الأصلية؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: لدينا جمعية تضمّ شبّاناً تونسيين قاموا بالبحث عنها ووجدوها.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: ما هي مُميزّات البذور التونسية؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: أنها مُتأقلمة مع المناخ التونسي، مع قلّة الأمطار والتربة والأملاح.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: تفيد المزارع وتضمن له موسماً جيّداً.&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: لها الكثير من الإيجابيات وبعض السلبيات.</p> <p>-------------------------------------------</p> <p>لانا مدوّر: سيّد لطفي أأنت مُتأكّد أنكم تستطيعون ذلك؟&nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: متأكّد تماماً.</p> <p>لانا مدوّر: لماذا؟&nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: لأنني أظنّ أن التحدّي الأبرز في تونس والعالم اليوم هو تحدٍّ مُتعلّق بالقناعة، صحيح أننا نواجه الكثير من المشاكل ونجد الحلول لها غير أنه في عصرنا هذا نفضّل إيجاد حلول بطريقةٍ تثقيفيةٍ بينما نرغب في إظهار أن الحلول يسيرة وعملية لإحداث تغيير وإظهار أنها عملية أيضاً. &nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: إذاً أنت رجل عملي.</p> <p>لطفي حمادي: لا شكّ في ذلك.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: إذاً أنت رجل أعمال في بداية الأمر أليس كذلك؟ &nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: رائد أعمال.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: لماذا انتقلتَ إلى العمل في المجال الإنساني والخيري؟</p> <p>لطفي حمادي: منذ بداية مسيرتي المهنية اندمجتُ في المجتمع المدني لأنني بدأتُ العمل في الأندية الليلية في باريس، إنه مكان احتفالي يفصلنا عن الحياة الواقعية. لقد بدأتُ في البداية الاندماج واتّخذتُ خطوة أنانية بَحْتة لأنني أردتُ البقاء على مَقربةٍ من الواقع لأن محيط الأندية الليلية في باريس أشبه بعالمٍ آخر، لم أرغب في الاندماج كثيراً لأن الناس هناك بعيدون كل البُعد عن الواقع.</p> <p>لانا مدوّر: هل كنتَ مُدْركاً للأمر منذ البداية؟ &nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: نعم منذ البدء ولكن ما أقصد قوله هو أنني اندمجتُ بدافع الأنانية فقط وأردتُ أن أبقى واقعياً. نشأتُ في وسطٍ مُتواضع جداً وعندما بدأتُ العمل تطوّرتُ اجتماعياً بسرعةٍ كبيرة، لذلك انتقلتُ من السكن الاجتماعي حيث كنتُ أعيش مع عائلتي إلى سكن مُريح جداً ولا أريد أن أفقد عقلي.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: كم كان عُمرك؟ &nbsp; &nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: كنتُ في العشرين من عُمري في ذلك الوقت.</p> <p>لانا مدوّر: كنتَ شاباً.</p> <p>لطفي حمادي: نعم. عندما بدأتُ العمل في الأندية الليلية لتمويل دراستي في كلية الحقوق، فكّرتُ بدراسة المجال القانوني. &nbsp;&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: أنت محامٍ الآن صحيح؟ &nbsp; &nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: لا، بالضبط لأن ما حدث هو أنني كنتُ شخصاً جادّاً جداً وبدأتُ دراستي في كلية الحقوق، ومن أجل تمويل دراستي وجدتُ فرصةً للعمل في الأندية الليلية التي لم أكن أعرفها فأنا لا أشرب ولا أدخّن، كنتُ شخصاً صريحاً ومُستقيماً. وبينما كنتُ لا أقوم إلا بعملي يتوجّه الأشخاص ليلاً في الغالب للاحتفال، لاحظتُ ذلك لأنني كنتُ أعمل بجهد، وبعد ستة أشهر أصبحتُ مدير نادٍ ليلي. رُسِمَت إذاً مسيرتي المهنية وتركتُ كلية الحقوق وبقيتُ في مجال عملي. &nbsp;&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: سعيتَ لكَسْبِ المال إذن. &nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: نعم المال والازدهار أيضاً.</p> <p>لانا مدوّر: حدِّثني عن جمعيّتك ورسالتك أيضاً.&nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: وُلِدتُ في تونس وترعرعتُ في فرنسا وعملتُ في كندا، وخلال الثورة قرّرتُ المجيء للمشاركة في هذا الموعد مع التاريخ، قلتُ في قرارة نفسي إن الوقت ملائمٌ لاختيار تونس حقّاً لكنني جئتُ بفكرة ولأنني ديمقراطي كنتٌ مُقتنعاً بأنه من الضروري أولاً العمل من أجل التنمية الاقتصادية لأننا نعتقد أنه يمكننا تجذير الديمقراطية في بلدٍ غير مستقرّ اقتصادياً.</p> <p>لانا مدوّر: ألم تزر البلد قبل الثورة؟ &nbsp;&nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: بلى كنتُ أزورها كل صيف في طفولتي، ثم عدتُ إلى تونس مع مشروعٍ سياحي لكن بمجرَّد وصولي بدأت التظاهرات ضدّ النظام في ذلك الوقت، النظام الإسلامي وتطلّب الأمر الكثير من وقتنا ثم اكتشفتُ مركزاً للشباب يضمّ شباباً نضجوا قبل أوانهم.</p> <p>لانا مدوّر: نضجوا قبل أوانهم؟</p> <p>لطفي حمادي: نعم أي أنهم شباب لكنهم مخضرمون، أزعجني ذلك لأنني قادم من كندا ولا يُعرف الإنكلوسكسونيون بالانفتاح، نحن الشعب المتوسّطي المعروف بالانفتاح. وصلتُ إلى تونس، وجدتُ أن الكنديين أكثر انفتاحاً من الشباب التونسيين وقد أزعجني ذلك في البدء وبعدما اندمجتُ بدأتُ أفهم، وفي النهاية اكتشفتُ تدريجاً نظاماً أو الأصحّ ثقافةً مبنيةً على العداوة منذ مرحلة الطفولة لأننا عندما نعيش في بلدٍ لا نتمتّع بالحقوق نفسها سواء أكنا ذكوراً أم إناثاً، لا نتمتّع بالحقوق نفسها في مرحلة الزواج ولا خارج نطاق الزواج، لا يمكننا الوصول إلى المدارس ولا إلى المراكز الصحية. في نهاية المطاف نصل فعلاً إلى مرحلة تحطيم شخصية الطفل، لا أعدّ الاندماج خلال الطفولة اندماجاً إنسانياً، إنه استثمار في شخص الإنسان أي أننا إذا أردنا حقاً أن نبني جيل شباب مقاوماً ومرناً ومنفتحاً على الآخرين وفيما بينهم يجب أن نمنحهم طريق الوصول إلى الصحة والتعليم والرفاهية في سنٍّ مبكرة مجاناً وبجودةٍ عالية. عملنا في مدرسة، إحدى أسوأ المدارس في تونس تضمّ 570 تلميذاً وهي مدرسة داخلية، نجد في تونس نحو 300 مدرسة داخلية، المدارس الداخلية مُصمّمة لمساعدة الآباء العاجزين عن توفير الاحتياجات اليومية للأطفال، وهكذا بدأنا تنفيذ مشروعنا التجريبي، إنها مدرسة داخلية تضمّ 570 تلميذاً يعيشون في شمال غربي البلاد، كانت في حالٍ كارثية وحوّلناها كلياً، وبمجرَّد أن عملنا لتحسين هيكل المباني عملنا لضمان جودة دراسة التلاميذ، لذلك كل يوم جمعة إضافةً إلى وجود مبانٍ آمنة وممتعة يمكن أن ينضمّ التلامذة إلى أنديةٍ غير منهجية بعد ظهر كل يوم جمعة. &nbsp; &nbsp; &nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: وكيف غيّرتَ شخصية هؤلاء الشباب والأطفال؟</p> <p>لطفي حمادي: بالنسبة إلينا كان من الضروري فعلاً البدء بتحسين المباني، لا نُفاجَأ اليوم إذا اتّسم الشباب البالغون بالعنف، يتمثّل العنف بالنسبة إليّ في ذهاب الطفل إلى مدرسة أو في دخول مبانٍ خَرِبة.</p> <p>لانا مدوّر: بيئته. &nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: بالطبع، لذلك علينا أن نعمل أولاً على تحسين البيئة بعد أن عملنا على الأندية غير المنهجية، نحن نعمل أيضاً للوصول إلى الطبيعة والرياضة وغير ذلك.</p> <p>لانا مدوّر: والفن. &nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: بالضبط، ونعمل هنا على عامل البيئة أي أننا نحسّن بيئة التلميذ المعيشية ومستواه الدراسي. نحن الآن هنا منذ عشر سنوات، تأثّر جيلان بمشروعنا، نذكر على سبيل المثال شيماء التي كانت ضمن الجيل الأول من "Wallah we can"، اتّصلتْ بنا منذ عامين وقالت أنا شيماء عندما بدأتَ بتنفيذ مشروعك كنتُ تلميذةً هناك، أعيش الآن في تونس وأنا طالبة في كلية الحقوق وأريد أن أعود إلى"Wallah we can" لأنني عندما كنتُ صغيرة أخبرتك بأنني أريد ذلك وقلتَ لي عندما تكبرين ستأتين معنا.</p> <p>-----------------------------------------------</p> <p>قيس بلحاج: أنا مُغْرَم بالطبيعة منذ الصِغَر، درستُ السينما وقرّرتُ لاحقاً توسعة مشاريعي، وضعتُ السينما جانباً وبدأتُ مشروعي الزراعي، هذا يكفي إلى حدّ الآن.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: إشرح لي كيف تترك مشروعك السينمائي الناجح إلى مجالٍ آخر مجهول النتائج؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: نعم، إنها مُغامرات، مررتُ بظروف صعبة جداً في حياتي.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: مثل ماذا؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: ظروف مادية صعبة.</p> <p>لانا مدوّر: متى كانت السنة الأصعب مادياً؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: منذ العام 2014 حتى العام 2019.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: كيف تخوض هذه المُغامرة بعد الثورة واضطراب الوضع الاقتصاد في البلاد؟</p> <p>قيس بلحاج: الوضع ليس سهلاً.</p> <p>لانا مدوّر: هل فقدتَ الثقة بنفسك خلال هذه السنوات الخمس؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: كلا، على العكس.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: كنتَ مديناً.</p> <p>قيس بلحاج: والدي لم يسمح لي بأن أفقد الثقة بنفسي.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: هل دعمك حتى في الزراعة؟ &nbsp; &nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: في كل شيء سواء خاطئ أم صحيح، يقول لي افعل ما تريد وأنا معك.</p> <p>لانا مدوّر: هل كنتَ تعلم خلال هذه السنوات الخمس بأن مشروعك سينج؟</p> <p>قيس بلحاج: كنتُ متأكّداً من ذلك بعكس أبي وبعكس الجميع.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: من أين أتيتَ بهذه الثقة؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: لا أعرف. ما يجعلك مُتأكّداً من النجاح هو أن الفشل ليس مشكلةً، إذا فشلتُ سأجرِّب طرقاً أخرى. &nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: لتأسيس عمل في تونس كمشروعك ماذا يتطلّب الأمر على مستوى الإجراءات والمعاملات اللوجستية؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: أي مشروع في تونس يواجه الكثير من الصعوبات.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: مثل ماذا؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: الأوراق والمطالب والتراخيص والمال اللازم لإنجازها، الأمور تتطلّب الكثير من الوقت والمال والصبر وطول البال.</p> <p>لانا مدوّر: شهر أو شهرين؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: أربع أو خمس سنوات، مشروعي استغرق أربع سنوات.</p> <p>لانا مدوّر: ألم تستسلم؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: نعود دائماً إلى الطبيعة البشرية، هناك الكثير ممّن يستسلمون.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: المستحيل يجعلك تبذل مجهوداً أكبر.&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: صحيح يعطيني الحافز، يقول باولو كويلو إنه إذا امتلك الإنسان العزم فالعالم يتسخّر له ويخدمه وتحالفه الصدف وحُسن الحظ، يجب أن تمتلك مقداراً من العزيمة، وعلى قَدْرِ أهل العزم تأتي العزائم. &nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: ماذا زرعتَ بدايةً في أرضك؟</p> <p>قيس بلحاج: الأرضي شوكي.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: لماذا زرعتها؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: بسبب طبيعة الأرض هنا، قالوا لي إن الأرض غير صالحة للزارعة.</p> <p>لانا مدوّر: وأنت أثبتَ العكس. &nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: صحيح.</p> <p>لانا مدوّر: ونجحتَ في المشروع.&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: الحمد لله.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: متى شعرتَ بالفخر بمشروعك؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: كثيراً، اتّصلوا بي هاتفياً من وزارة الزراعة التونسية وقالوا مبارك لقد وافقنا على القرض العقاري، والأرض أصبحت لك تعال وخُذ الأوراق اللازمة، بعد الكثير من التعب.</p> <p>لانا مدوّر: لو لم تتعب لما كنتَ لتفرح. &nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: تلك المرحلة كانت مهمّة جداً وهي التي ارتكز عليها مشروعي، من دون الأرض لم أكن لأفعل شيئاً.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: لنجلس إلى جانب الشيخ المكّي بن عزوز.&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: المكّي بن عزوز هو النهج الذي أمضيتُ فيه طفولتي. &nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: النهج هو الشارع.&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: الشارع في تونس كبير والنهج صغير.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: عُمرك الآن 35 عاماً، كيف تصف هذه السنوات الخمس والثلاثين؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: جميلة.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: حينما تنظر إلى مشروعك بماذا تحدِّث نفسك؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: الحمد لله، برافو لنفسي.</p> <p>لانا مدوّر: قيس أنت شاب تونسي تبلغ 35 عاماً ماذا تقول للشباب التونسي اليائس غير القادر على تحقيق أحلامه؟&nbsp;</p> <p>قيس بلحاج: أقول لهم إن الموضوع ليس مُتعلّقاً بالإمكانيات، صحيح أنها أمر ضروري ولكن عليك أن تمتلك العزيمة، العزيمة تخلق الإمكانيات، لا شيء مستحيل إذا كانت لدينا العزيمة الكافية، وكلّما كان الأمر صعباً كلما وَجَب أن تكون العزيمة أكبر.&nbsp;</p> <p>------------------------------------------</p> <p>لانا مدوّر: هل أنت سعيد في تونس؟&nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: لا يمكنني أن أقول إنني سعيد فعلاً لكنني أشعر بأنني متّزن لأنني مع الوقتُ اكتشفتُ أن لا حاجة ليكون الإنسان في حالٍ دائمة من السعادة، إن كان سعيداً فهذا جيّد لكن المهم. &nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: هو أن يكون راضياً.&nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: نعم.</p> <p>لانا مدوّر: برأيك إلامَ يحتاج المجتمع التونسي أكثر مما يحتاج إليه على مستوى التنمية حالياً؟ &nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: أعتقد أن المجتمع بحاجةٍ لأن يواجه الواقع فنحن نعيش في حالٍ من النُكران، هي ثقافة تدفع الناس إلى عدم معرفة طبيعة الواقع والأزمة.</p> <p>لانا مدوّر: الناس أو الحكومة؟&nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: الإثنان معاًـ &nbsp;&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: هل تشعرون بخيبة أمل؟ &nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: لا، نعتقد أن ما حصل كان متوقّعاً لكن ما يخيِّب أملي في المقابل هو أنني لا أرى مَن سيحمل الراية على مستوى الشباب، فنحن عيش في ظروفٍ أبوية ومَن هم في السلطة متشبّثون بها، وثمّة طبقة تتمتّع بامتيازات لا تتخلّى عن السلطة وقد كان ذلك موجوداً دوماً لكن لا وجود لبدائل.</p> <p>لانا مدوّر: هل نحن بحاجةٍ إلى ثورة ثانية؟&nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: نعم، نحن بحاجة إلى ثورة ضمائر. &nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: هل أدخل من هنا؟&nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: نعم لقد وصلنا.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: لطفي أين نحن؟</p> <p>لطفي حمادي: نحن في قلب مدينة تونس. &nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: أخبرنا عن طفولتك وأين ترعرعت وعن أسرتك.&nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: وُلِدتُ في تونس في قرية كسرة بشمال تونس في أعلى منطقة من تونس ولذلك أحبّ المناطق العالية، أحب أسقف تونس وأسقف المدينة. ذهبنا إلى فرنسا عندما كنتُ في الثانية من عُمري، كانت والدتي ربّة منزل في فترة مكوثنا في فرنسا ووالدي كان يعمل في مجال البناء، من ثم عشتُ طفولةً مُعقّدة بعض الشيء ومتواضعة قليلاً.</p> <p>لانا مدوّر: هل كانت طفولتك قاسية؟ &nbsp;&nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: أستطيع القول إنها كانت قاسية بالنسبة إلى أمّي التي ربّتنا لكنها سعت لأن تكون الطفولة ألطف علينا، لذلك أحمل ذكريات طيّبة عن طفولتي لكنني لا أنسى أنني عندما كنتُ طفلاً كنتُ أرى أمّي تعمل من المنزل عدا عن فكرة أنها خارج بلدها أيضاً، وكان والدي يتوجّه إلى العمل في الورشات الكبرى بالسعودية وكانت مضطرّة للبقاء في فرنسا وهي لا تتحدّث اللغة الفرنسية.&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: أكانت وحيدة؟ &nbsp;&nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: نعم كانت تتولّى وحدها تربية 7 أولاد، إنه أمر مُعقّد. &nbsp; &nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: ما كان حلمك عندما كنتَ طفلاً وخلال مراهقتك؟ &nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: عندما كنتُ طفلاً كنتُ أحلم دوماً بأن أصبح محامياً، في السابق لم أكن أفكّر من منطلق المجتمع المحلّي لكنني كنتُ أفهم قوّة الكلمة، والدتي كانت أمّية وكنتُ أعرف بأنَ مَن لا يسيطر على الكلمة ضعيف، لذلك عندما كنتُ أذهب إلى الكلية كنتُ أحمل كتاباً وأقرأ في طريقي لذلك كنتُ أصطدم بالأشجار، كذلك كنتُ أقرأ الكتب في سريري، لم نكن نمتلك الهواتف الذكية، كنتُ أقرأ كثيراً منذ الصِغَر لأنني عرفتُ أن اللغة هي سلاح.</p> <p>لانا مدوّر: ما هو المستحيل الذي حوّلتموه إلى واقع؟ &nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp;&nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: هذا سؤال ممتاز حقاً، ربّما أتحدَّث عن وضعي كمواطنٍ بدايةً حيث أمكنني تحويل إحدى أسوأ المؤسّسات المدرسية الفرنسية إلى مؤسّسةٍ نموذجية.</p> <p>لانا مدوّر: بناءً على تجربتك هل تعتقد بألا شيء مستحيل؟ &nbsp; &nbsp;&nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: أنا مقتنع فعلاً بألا شيء مستحيل على الإطلاق، يكفي أن يفهم الناس أنهم ليسوا هنا للعثور على حلولٍ عالمية وألا أحد هو المُنقذ، لكن في المقابل في حال قام كل شخص بإحداث تغييرٍ في محيطه فإنّ تراكُم هذه التغييرات الصغيرة هو ما يُحدِث الفرق، وكما قال الرومي...</p> <p>لانا مدوّر: بمعنى أنه أراد أن يُغيِّر العالم فبدأ بتغيير نفسه، أليس كذلك؟ &nbsp; &nbsp; &nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: ويقول شيئاً آخر جميلاً "لستَ قطرة ماء في محيط بل أنت محيط كامل في قطرة ماء واحدة".&nbsp;</p> <p>لانا مدوّر: أهذه هي رسالتك إلى الشباب في تونس؟&nbsp;</p> <p>لطفي حمادي: رسالتي إلى الشباب في تونس هي أن يفهموا بأنّ تونس بلد حافل بالفُرَص، وأنهم يمتلكون بين أيديهم قُدرة تغيير حياتهم، المهمّ أن يكونوا طموحين وأن يتمتّعوا بالصبر. لا شيء مستحيل، أوليس إسم جمعيّتنا "Wallah we can؟" &nbsp; &nbsp;</p> <p>حوِّل شغفك إلى مهنة، حوِّل أفكارك إلى واقع، مهما تربّصت بك العقبات لا تيأس، الأوقات الذهبية تفضّل الجاهزين، الحاضرين، المُثابرين، الأيام ستُثبت صحة رؤيتك، لا تتوقّف، تابِع، لا تتراجع، طوِّر، كُن صبوراً، ذكياً ومُتأكّداً ألا شيء مستحيل.</p> <p>&nbsp;</p>